د. حسن المنيعي أستاذ الأجيال ومؤسس الدرس المسرحي

عندما صدر لعميد النقد المسرحي بالمغرب د. حسن المنيعي كتاب “أبحاث في المسرح المغربي” سنة 1974 – وهو في الأصل رسالة دكتوراه أنجزها تحت إشراف المستشرق شارل بيلا بجامعة السوربون سنة 1970 – استُقبل باهتمام وحفاوة كبيرين من المثقفين والمهتمين بالشأن المسرحي والفني عامة داخل المغرب وخارجه، ذلك أنه كان لحظة تاريخية بحثية فارقة في مسار الكشف عن آثار الأشكال الدرامية التقليدية وبذور فن الفرجة المؤصّلة للفعل المسرحي بالمغرب، وكذا في مسار مساءلة الجمالية المسرحية والرصد النقدي لإبداعات الهواة والمحترفين الذين عملوا – كما يعبر حسن المنيعي نفسه – حسب إمكانياتهم، على إثراء حركتنا المسرحية التي كانت تعيش طورا في ظروف قاسية عقيمة، لتنفتح طورا آخر على عوالم ابتكارية تجديدية.
ليفتح بذلك فتحا مبينا يتجاوز عبره ما كان سائدا من دراسات مختزلة منزورة ذات طابع فوضوي، ومقالات لم تكن تتجاوز حدود الانطباعات والتغطيات الساذجة للعروض الفرجوية. أما للمنقب عن الدراسة المسرحية الأكاديمية الرصينة قبل هذا الفتح فدونها خرط القتاد، كما يقال. حتى أن د. علي الراعي عندما عرج على المسرح المغربي ليرصد مساراته وتجلياته الأولية في كتابه المعروف “المسرح في الوطن العربي” ما كان منه إلا أن لخص فصول كتاب د. حسن المنيعي “أبحاث في المسرح المغربي”.
بحوث ودراسات د. حسن المنيعي مرآة نقدية صقيلة تنعكس عليها مسارات المسرح المغربي منذ شكله الفرجوي البدائي وحتى مسرح “ما بعد الدراما” مرورا بتأثر البرابرة بطقوس الرومان في التسلية ومنها التمثيل الدرامي والإيمائي، فابتكار فعل مسرحي في عهد الحماية، ثم تمثل رجالات مسرح زمن ما بعد الاستقلال للفرجات الشعبية واقتباساتهم للمسرحيات الغربية ومحاولاتهم لاستنبات ممارسة مسرحية مغربية أصيلة، إلى أن نصل إلى اجتهادات الحساسية المسرحية الجديدة مع أفواج (الإزَداكيين): خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي ومن سار في ركبهم.
كل ذلك وغيره يجعل من د. حسن المنيعي (بّا حسن) كما يناديه أصدقاؤه.. رائدا من رواد المسرح المغربي والعربي، وباحثا مسرحيا فذا مواكبا لما يدبّ على أرضية المشهد الثقافي، وناقدا موسوعيا له اهتمام بالنقد الأدبي والروائي وبالمقاربة الجمالية للفن التشكيلي، بالإضافة إلى إسهاماته في مجال الترجمة، مما يتعذر معه أن نحيط في حيز ضيق بكتابات وآثار هذا الباحث الذي دفعه شغفه بالفن الدرامي ورغبته في تحقيق عمل نافع لبلده أن يقتحم في بداية السبعينات “آفاقا قدسية لأرض بكر لم يجرؤ أي أحد قبله على اكتشاف مكوناتها” فهو بحق أستاذ الأجيال ومؤسس الدرس المسرحي برحاب الجامعة المغربية، كما وُصف في تقديم المصنف الجماعي “حسن المنيعي ومسارات النقد المغربي والعربي” الصادر ضمن منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة.
د. حسن المنيعي رمز من رموز الثقافة المغربية المعاصرة. ناقد شامل ومتمرس في شتى دروب العلوم الإنسانية. تكون على يديه – كواحد من جيل الرواد المؤسسين – رعيل من الأساتذة الباحثين.
زمن إصدارات د. حسن المنيعي تخللته وسبقته (منذ سنة 1964) عدة دراسات نقدية ومقالات مسرحية لهذا الباحث المسكون بالهم المسرحي، وقد نشرت في مجلات ودوريات ومصنفات وكتب جماعية عديدة. هذا عدا ترجمته للعديد من الدراسات المسرحية لكتاب عالميين يرمي من ورائها إلى المساهمة في التعريف بالنقد الأدبي والفني كفعالية إبداعية متجددة. وقد نُشر عن التجربة المسرحية النقدية “المنيعية” (نسبة إلى المنيعي) الرائدة العديد من الكتب والمقالات. كما لا يجب أن ننسى حضور هذا الباحث المغربي الفعال في العديد من لجن تحكيم المهرجانات المسرحية المغربية والعربية وكذا مشاركته في ندواتها وورشاتها الفكرية.
من إصدارات د. حسن المنيعي: ـ “أبحاث في المسرح المغربي” عن صوت مكناس 1974/ طبعة ثانية عن منشورات الزمن 2000 ـ “التراجيديا كنموذج” عن دار الثقافة 1975 ـ “آفاق مغربية” عن المطبعة الوطنية 1981 ـ “نفحات عن الأدب والفن” عن دار الآفاق الجديدة/ بيروت 1981 ـ “هنا المسرح العربي.. هنا بعض تجلياته” عن منشورات السفير 1990 ـ “المسرح والارتجال” عن عيون المقالات 1992 ـ “المسرح المغربي من التأسيس إلى صناعة الفرجة” عن كلية الآداب بفاس 1994/ طبعة ثانية عن درا الضمان 2002 ـ “المسرح والسيمولوجيا” عن سليكي إخوان 1995 ـ “دراسات في النقد الحديث” عن سندي 1995 ـ “الجسد في المسرح” عن سندي 1996 ـ “قراءة في الراوية” عن سندي 1996 ـ “عن الفن التشكيلي” عن سندي 1998 ـ “المسرح مرة أخرى” عن سلسلة شراع 1999 ـ “عن النقد العربي الحديث ومقالات أخرى” عن سندي 2000 ـ “المسرح فن خالد” عن أمنية للإبداع والتواصل 2003 ـ “قراءة في مسارات المسرح المغربي” عن سندي 2003 ـ “ويبقى الإبداع” عن المركز الدولي لدراسة الفرجة 2008 ـ “المسرح الحديث.. إشراقات واختيارات” عن المركز الدولي الفرجة 2009 – “الجسد في المسرح” عن منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة، 2010. – “النقد المسرحي العربي.. إطلالة على بدايته وتطوره” عن المركز الدولي لدراسات الفرجة 2012. – “عن المسرح المغربي.. المسار والهوية” عن إصدارات امنية 2015. – “شعرية الدراما المعاصرة” الصادر ضمن منشورات المركز الدولي لدراسات الفرجة 2017.

 بقلم: عبد الجبار خمران

من مقدمة حوار مع د. حسن المنيعي “كتاب: حوارات في المسرح المغربي”

***

حسن المنيعي: أبجديات متخفية، مثل شبح شكسبيري…

حسن المنيعي، ذلك المتماهي المطلق مع المسرح حد الانمحاء في لوحته، مثل أشباح شيكسبير الطرية دائما والقصية باستمرار..

أبجدية الإنسان:
لحسن المنيعي هالة ضوء هارب في لوحة الزمان.
هو ذا يخطو خفيفا مثل حفيف النسائم على أوراق الخريف.. مبتسما يوزع التحيات، يتذكر كل الوجوه وكل الوقائع بدقة متناهية؛ حاملا جديد النكتة وجديد المسرح وجديد المشهد الثقافي الذي لا حدود له عنده. هكذا تلتقي بحسن المنيعي في كل مرة…
لا خانة تسعه إلا خانة المحبة الصافية. ليس بوسع أحد أن يتخيله عدوا أو خصما أو منافسا في جبهات الدنيا واليومي والرهانات التي تحرك، في العادة، نوازعنا… لذلك يصعب أن تجد من ينعته بسوء…
في كل منا شيء من المنيعي: نكتة، ابتسامة، قبلة، وعد، حلم.. هكذا كان المنيعي يجدد رسم أخلاطه باستمرار.

أبجدية الأستاذ:
لحسن المنيعي هالة العالم الواسع المدارك، الذي يزين علمه بالتواضع الصادق..
احتل المنيعي بشكل مفعم كلمة الأستاذ منذ أقدم معانيها إلى اليوم. كان المعلم المربي الملقن القدوة الحامي لتلاميذه من مخاطر الانزلاق في متاهات التعلم الخرافية. لكنه أيضا كان رجلا دائم التعلم.. لم يكن يخجل أبدا من الإقرار بأنه لا يعرف كل شيء. كنت ترى في عينيه ألق الطفولة حين يسمع معلومة أو اقتراحا فكريا جديدين من أحد تلاميذه.

أبجدية المؤسس:
كان لحسن المنيعي وميض الشاب الثمانيني المقبل دوما على الحياة..
انتمى إلى جيل ورثة المغرب المستقل.. كان محكوما عليه بأن يكون من المؤسسين؛ فقام بالمهمة على وجهها الأكمل، في سياق لا يحتفي إلا على سبيل البهرجة والتقليد الأعمى للمستعمر القديم، بالثقافة وتجلياتها الفعلية (من مسرح وموسيقى وفن تشكيلي..). وحيث انكب مجايلوه على ترميم المعمار الأدبي التقليدي، بالانفتاح على جديد التجربة الشعرية المشرقية، اتجه المنيعي عكس التيار، وشرع في ارتياد باب أكاديمي عصي على الانفتاح في وجه المسرح والرواية والفن التشكيلي. فكان مؤسسا مناضلا ضد التقليدانية في كل أبعادها ووجوهها، بما فيها ذلك الوجه المتقنع بقناع التجديد.
كان مشاركا في الحركية الثقافية بفعالية منذ بداية الستينيات، وانخرط في كل جبهات التحديث الثقافي، عبر المشاركة في تحرير وإصدار المجلات، وتنظيم المهرجانات والتظاهرات الثقافية، والانخراط في حركية هيكلة المشهد الثقافي من خلال الانضمام إلى اتحاد كتاب المغرب، وجمعية البعث الثقافي بمكناس، حتى قبل انضمامه إلى هيأة التدريس الجامعية..
وحين التحق بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس في بداية السبعينيات، قيض له مرة أخرى أن يكون من بين مؤسسي أحد صروح التعليم العالي والبحث العلمي بالمغرب، ثاني أقدم جامعة مغربية حديثة، بعد جامعة محمد الخامس. فكان من أعمدتها المؤسسة. تخرج على يديه عدد من الأساتذة الباحثين المبرزين في مختلف مناحي البحث في مجالات

الثقافة المختلفة.
يمكن ان يقال عنه بحق إنه مؤسس الدراسات المسرحية في الجامعة المغربية. صحيح أن شعب اللغات والآداب الأجنبية كانت منذ تأسيسها تدرس لطلبتها دروسا في الأدب المسرحي، لكن شعبة اللغة والآداب العربية، التي تشكل الخلفية الفعلية للحياة الثقافية الوطنية خارج الجامعة، لم تعرف الدرس المسرحي إلا مع المنيعي. ولم تكن دروسه تقتصر على تدريس الأدب المسرحي الأجنبي أو العربي الذي لم يكن قد تكرس بعد بشكل حاسم، بل كان ينفتح على القضايا الثقافية الكبرى التي تحبل بها الساحة المسرحية المغربية ونظيرتها العربية. وقد كان من الناحية الأكاديمية سباقا إلى طرح قضية التأصيل في المسرح المغربي، عندما كرس رسالته الجامعية الأولى للأشكال ما قبل المسرحية في الثقافة المغربية.

أبجدية المثقف:
كانت لحسن المنيعي سطوة الرائد في مناحي النقد الثقافي المختلفة…
صحيح أن اسمه مرتبط بالبحث والدرس والنقد في مجال المسرح، لكن المنيعي أيضا ناقد تشكيلي وروائي مكرس، بل إنه كان من المؤسسين للنقد التشكيلي والروائي المغربيين. هو متابع يقظ لمجريات الحركة التشكيلية المغربية، وصديق لعدد كبير من التشكيليين، وعارف بالاتجاهات الإبداعية لأهم المدارس التشكيلية المغربية.
وهو مؤسس درس النقد الروائي في جامعة فاس. ودروسه في النقد الروائي كانت وما تزال تشكل مرجعا لعدد من الباحثين والطلبة في هذا المجال.

أبجدية المتفرج العاشق للمسرح:
كانت لحسن المنيعي قوة القابض على الوقت الممعن في الحضور..
فكنت لا تراه إلا محاطا بشباب من محبي المسرح ومبدعيه. وهو متفرج ذواق؛ مثال المتفرج الأول. يشاهد المسرح بهمة واجتهاد ونهم. تخاله يؤدي واجبا يوميا من واجباته المدرسية. لا يفتر حيث تفتر الهمم، ولا يعطيك أدنى انطباع بأنه يشاهد المسرح من باب الواجب أو المسؤولية. بل كان دائما مستمتعا متذوقا لجمال الفعل المسرحي ومغامرته، قادرا على أن يلتفت إلى أعمق القيم الفنية والجمالية التي يحبل بها. خبرناه طوال مهرجانات وملتقيات مسرحية كثيرة، لا يفوته عرض مسرحي واحد. وجيرانه المكناسيون يشهدون أنه لا يكاد يضيع عرضا مسرحيا واحدا يعرض في مكناس. كان يحضر ويعلق على العرض من منطلقات تاريخه وخبرته الغنيين في المشاهدة والتتبع النقدي. وحيث لم يكن الآخرون يرون سوى أعمال غير جديرة بالثناء، كان المنيعي يحملنا من خلال تعليقاته على اكتشاف مواطن للجهد الجمالي جديرة بالتقدير. كان ذاكرة حية للمشاهدة المسرحية المغربية.
كثيرون منا لا يعرفون أن حسن المنيعي، لا يضيع عرضا مسرحيا واحدا في متناوله، سواء حين يكون في مكناس، أو حين كان يشارك في مهرجانات وملتقيات داخل المغرب وخارجه. لم يتخلف أبدا عن أي عرض مسرحي مبرمج، ولم يتقاعس عن إكمال كل العروض مهما كان مستواها. لا يمكنه أن ينهي أمسيته، بعد العرض، دون أن يفتح نقاشا مطولا حوله، إما مع الفريق الذي أنجزه، وإما مع طلبته من الباحثين أو الجمهور الذي يكون قد شاهد العرض. وشخصيا، لم يسبق لي أن سمعت منه حكما مبرما حول عرض ما دون أن يسبقه نقاش. ولم يسبق أن سمعت منه تحقيرا لعرض مسرحي، أو تسرعا في الحكم، كما يميل إليه أغلبنا. كان بحق المتفرج المغربي الأول. لا يستطيع أحد أن ينافسه على هذا اللقب لا في المغرب ولا خارجه. كان صوت كل مسرح لم يكن له صوت.

نشيد الأناشيد:
يا حسن.. في أن تكون جسرا، نقول: الجسر: رجل قُدَّ عالمه من الكلمات والظلال والرؤى والمشاهدات والشهادة.
يا حسن.. في أن تكون عمود الملكوت، نقول: كنت الطريق وكنت الخطى، يتكئ عليها تلاميذك ومحبوك حين تعوزهم الأعمدة والمتكآت… من لها اليوم دونك.
يا حسن.. في أن تكون سحر الخفوت والهمس، ضاحكا مجلجلا، نافذا إلى العتمة في يسر من لا ظل له. كأني بالشاعر عبد الكريم الطبال يقصدك وهو يكتب:

مدمنٌ عشقاً
«يكسرُ الكأسَ
 قبل الشرابِ»
راحلٌ مدلجٌ بليلٍ
«يدقٌّ على البابِ 
بعد الدخول»ِ
مغرمٌ مولهٌ بليلى
«يخط رسالةَ حبٍّ 
على ورقٍ من دخان»
شاعرٌ ظلَّ يكتب
 في الصفحة الأولى
« في كتاب الرمادِ»
يا حسن.. في أن تكون الشاهد الذي لا يناء به، نقول:
حفروا في الصخر
وجدوا أفكارا
لحنا جوفيا منسربا في أعماق البحر،
حفروا في الصخر
وجدوا رجلا يحفر في الصخر.
حسن المنيعي… يا أبانا الذي في سماء العنفوان.

****

فطور فردوسي

   في العام 1983 قمت بزيارة الفقيد حسن المنيعي في مغارته العلوية بمكناس، وتسامرنا حتى الثالثة صباحا، نتحادث حول أرطو وغروتوفسكي وستانيسلافسكي وبريخت وبيتر بروك وأرابال وجان جونيه وتوفيق الحكيم ويوسف إدريس وألفريد فرج وجورج عساف والطيب الصديقي ونضال الأشقر وسميحة أيوب وثريا جبران وفريد بنمبارك وعبد الله شقرون ومحمد الكغاط ومحمد تيمد ونبيل لحلو وهارولد بينتر وإدوارد ألبي، وأشباههم.
   كان من حين لآخر ينهض ويدخل إلى غرفة النوم أو الحمام أو المطبخ ثم يأتيني بمجموعة من الكتب والمجلات التي وصلته للتو من بعض أصدقائه العالميين، ويوصيني بقراءة البحوث والدراسات التي استمالته، أو يقرأ علي ما هو بصدد ترجمة بعض منها، وحين نال منا التعب نهض وجلب مئزرا وغطاء وضعهما علي مثل أب حريص على راحة ابنه، ثم استلقى على أريكته ونام كطفل بوذي هده التعب، فيما رقدت أنا الآخر فوق الأريكة المقابلة له في الصالون. كانت غرفة نومه مملوءة عن آخرها بالكتب واللوحات. وفي الصباح لما فتحت عيني بعد الظهر وجدت أمامي صينية عليها جعة باردة وقطعة جبن بلدي وتفاحة حمراء كبيرة وحبات من العنب، فتهيأ لي أني في حلم وأن ما أراه إنما هو تفصيل من إحدى لوحات بول سيزان، وبجوار ذلك مفتاح فوق بطاقة صغيرة كتب عليها “التحق بي في مقهى التيفولي”.. 
    كان لجوده طعم الإحراج وللمحبة لديه أكثر من مفتاح. عاش حياة النساك المرحين ولم يقترف ذنب الإنجاب، مصداقا لقولة أبي العلاء المعري الشهيرة “….وما جنيت على أحد”  لكنه خلف ذرية كافية موزعة على امتداد الخريطة الجامعية المغربية ..
عم خلودا يا أبانا في العيش الكريم والمعارف البهيجة …

بقلم: عزيز الحاكم

***

المركز الدولي لدراسات الفرجة ينعي رائد البحث المسرحي بالمغرب د. حسن المنيعي

(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) صدق الله العظيم

بعد مسار بحثي حافل ووازن غادرنا إلى دار البقاء أستاذ الأجيال وعميد النقد المسرحي المغربي الدكتور حسن المنيعي. وبهذه المناسبة الأليمة يقدم المركز الدولي لدراسات الفرجة تعازيه إلى أسرته الصغيرة والكبيرة وإلى كافة المسرحيين وأصدقاء الفقيد.
كان الفقيد مهووسا بالمسرح ومحبا للجميع يؤمن بالاختلاف لا الخلاف. فهو فنان المحبة بامتياز وصانعها. واسمه دال على سلوكه بمدلول: الحُسْن والبهاء في الخَلق والخُلق.
فحسن المنيعي عَلـَم من أعلام المسرح والمحبة، حيث العطاء المسرحي الثريُّ، والتجسيد السلوكيُّ لما يحمل من فكر… فقد واكب أبرز منعطفات المسرح المغربي منذ ستينات القرن الماضي إلى اليوم.. وكان للمركز الدولي لدراسات الفرجة شرف المواكبة النقدية لمؤلفاته من جهة وإصدار العديد منها من جهة ثانية . فآخر إصداراته «مقاربات مسرحية» (2019) الذي سعى فيه إلى فك شفرات نقاش ساخن وملتبس في غالب الأحيان بخصوص شعرية مسرح ما بعد الدراما ومسرح ما بعد الهجرة… كان من إصدار المركز. إنه مفكر حداثي هادئ وباحث شغوف وإنسان نبيل ومتواضع. وصاحب تفكير رحب ورؤية موسوعية ومنهج منسجم. وامتدت عطاءاته على عدة مستويات؛ كما أن كتابته لا يمكنها أن تكون إلا تأسيسية ورائدة ومستفزة للأنساق النقدية السائدة.
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وتقبله في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

Related posts

Top