ذات عشق خسف فيه الألم

اشتقت لظلي، ذاك البعث المدهش، الذي يسترق النظر إلي كل يوم من رخم الروح، وأنا وحدي أغير رداء ذاتي وأحب ما لا يرى فيني، فأقرأ على ذاتي السلام، تارة أكون فراشة تهاب وحوش الظلام والتيه في فلاة الكلام، تحترق أجنحتي وتهفو ألواني إلى جذوة دياجير الليل مسرعة كترنيمة وجد أبدأ بها يومي وأخبره أن يلهمني حرفا وبوحا، أتعهد به لأبرح هذا المكان أمضي مسرعة في طريقي إليَّ وأشرق في عتمة جاهليتي، وحده المنفى البعيد عن أكاذيب الشيطان يلملم شتاتي.. وتارة أتذكر أنني مجرد حرف في خاطرة ولولا الخواطر لما كانت الشمس بلا كف، والقمر بلا وعي وقت الظلام، فأرسمني نيرانا تحت المطر لأكون بردا وسلاما على روحي الثائرة.
امم، تذكرت مرة حين قال :
أحبك ملهمتي، هلمي إلى قلبي نتقاسم شرود العشق المشروع، والممنوع، والمؤجل، فأبوء بودك لا بسخطك، أمتطي وإياك جواد العشق الجموح .
فقلت :
على رسلك يا هذا ويكأنك مندفع، تحث خطاك لتسرع نحوي، عساني أرمي بين راحتيك كل يوم قبلة قد ضلت طريقها إليك لتنام على عطف قافيتي كلماتك، أو يستلف أرقك من أحداقي النوم. 
قال :
وحدك حبيبتي القوة التي تنتشلني من سكري إلى طهري، أكتب الشعر كلمات فتغرد بحضورك المشاعر، يا امرأة من نور وضياء تغيبين فأنغمس في أحزاني، أكتب مذكراتي ورحلة التمزق والضنى. 
قلت :
كل نظرة كنت تلقي بها نحوي، كنت أشعرها كدفء يدثرني من غربتي، وأنا طريدة الضياع في صحاري همسي، حنيني وألمي أكتبه ببحة صوتي على رداء الدمع دهرا طويلا، حتى صرت نزفي الأعظم.
قال:
أكتب الآن سطور خيبتي والشجن، من ملذات الأحلام إلى ذات، تؤمن بأنه لا شركَ في هواك، أهيم في السطور، وحين يهل وجهك متدثرا بالضوء أبعث فيه من جديد، فأخبر التاريخ أن تلك الجميلة نبية عشقي وقرآن غرامي. 
فقلت له :
يا حلما لم يكتمل.. ويا نغما مكسور الوثر…. ويا عطرا ثائرا كلما اشتد عبقه في روحي غرس توليبا وزنبقا، يسقيه ودقا في ليالي الشتاء الموحشة حتى انكسر، ألم أمنحك السلام حين قلت لك اقبلني.. وقبلني.. وانفخ في روحي من روحك حياة فوق الحياة. 
قال :
ماذا عساي أقول حوريتي، أشتاقك كعمر الفقد حين يضيع في المسافات.. كصدفة حدثت عمداً وراحت سهوا.. كغيث تأخر موعده يا نافلة هيامي وفرض هواي.
خبريني ماذا عساي أقول الآن؟ 
قلت :
يا عابر الحنين، كنت يوما قبلة شوقي المقدس، لكن بعد غيابك، أطلقت سراح الشكوك في محرابي، وفي رحل الحنين دسست صواع النقاء من عبائتي، أقد منه قرطاسا لصبري، فصارت أحلامي كقبلة مجنونة أرمي بها نحر الأوقات كلما اشتد الشوق. 
قال :
ويحك من قاسية، لطالما شعرت بوجودك في الأيام الخوالي، فكنت أدير خد أحلامي للألم، وأسند الروح على حسرتي، فصرت أراك كشهقة سرور ناءت غريبة الدار تحمل الحسرات.
قالها ذاك العابر من بين الحروف والكلمات دون النظر إلى ذاته في المرآة وهب مسرعا يطرق أبواب القلب.
 قال، وقال، وقلت… ويحك لم أعد أبالي وما كان في جيب الزمن رسمه بمداد نبضي وبوح روحي على لوحة سريالية، آتية من عالم السكون، كلغز عتيد يرسل ألوان طيفه والصرخات، أما أخبرناك أنا قاتلك هاهنا سعير غضبك وكبريائي. 
هه، حسنا… فذاك شأنك أيها العنيد… أقسمت أن أطهر روحي من كل رجمة شوق تصيبني.. فتبلل سهوب ضياعي كل مساء، تبا عشقت واشتقت، غفوت فصحوت وقد أصابني رذاذ الحنين على حين غفلة وليكن ما شاء الله، فعزمك حديد فيه بأس شديد ولا منافع في روحي تذكر، سأقول تبا وكفى .

بقلم: هند بومديان

الوسوم , , , ,

Related posts

Top