رحيل الزجال والمسرحي عبد المجيد بنخالي

نعى الوسط الشعري والثقافي والفني في مدينة آسفي، وعموم البلاد، الشاعر والمسرحي الفذ عبد المجيد بنخالي الملقب بـ «إبن الأثير عبده»، الذي رحل بعد معاناة طويلة مع المرض، دخل على إثرها المستشفى ورقد فيه أيام عدة… إلى أن وافته المنية صبيحة أول أمس السبت 8 يونيو الجاري..
نزل الخبر كالصاعقة على محبيه وأصدقائه ورفاقه، من المناضلين والشعراء الزجالين والفنانين المسرحيين، وألهبت وفاته الفضاء الأزرق حيث غرد العديد من مستعملي الفايس بوك موجهين تعازيهم ومعبرين عن أسفهم وأساهم جراء هذا المصاب الجلل..
يعد الراحل عبد المجيد بنخالي أحد قيدومي حركة مسرح الهواة بمدينة أسفي، كتابة وإخراجا وتنظيرا، وأحد رواد شعر الزجل الذين أبدعوا وأضفوا على القصيدة العامية رونق وبهاء الدارجة المغربية.. وأحد مناضلي اليسار الذي التحق مبكرا بصفوف حزب التقدم والاشتراكية ومنظمته الشبيبية منذ سبعينيات القرن الماضي..
وبفقدانه تفقد الساحة الثقافية الوطنية مبدعا ملتزما بصفاء الكلمة وعمق الدلالة، ملتصقا بهموم الناس معانقا قضايا شعبه في كل كتاباته ونصوصه الشعرية والمسرحية… ترك الراحل عددا هائلا من النصوص التي لم تعرف طريقها للطبع والنشر ما عدا ما تم نشره على صفحات الجرائد الوطنية ومنها بيان اليوم التي كان من أنشط مراسليها.. ترك ديوانين شعريين أحدهما بالشعر الفصيح والآخر بالعامية، كما ترك عددا لا يستهان به من المقالات والكتابات في النقد والتنظير ناهيك عن النصوص المسرحية التي ألفها وشخصتها فرق مسرحية من أسفي..

ووري الزجال المغربي عبد المجيد بن خالي الملقب بـ “ابن الأثير عبده”، الثرى أول أمس السبت بمسقط رأسه بآسفي..
بعد صراع مع المرض، وبعد معاناة وصبر طويل، وبعد مسيرة طويلة امتزج فيها الفرح بالعطاء بالمرارة بالإبداع الصادق، وبعد مقاومة طويلة لمرض لم يقعده عن حضور احتفاليات ولقاءات ثقافية، بحيث كان يصر على أن يحضر لقاءات ثقافية في شهر رمضان الأخير، رغم شدة التعب والمرض، وحصص التطبيب الكيميائي الشاقة.. ورغم علامات العياء، كان دائم الحضور والابتسامة، التميز والصفاء والتألم في صمت، بعد كل ذلك، ستنطفئ شمعة إبداعية وأيقونة مسرحية وزجلية، سيرحل من كان لقبه الأوسع انتشارا “ابن الأثير عبده”، سيرحل عبد المجيد بن خالي، ذلك الهرم الذي ظلت ابتساماته عونا له حتى وهو يعيش أشد اللحظات ألما رفقة المرض اللعين، رحل عنا ذلك الفتى القادم من شارع الرباط ثم من التراب الصيني فدار الشباب علال بن عبد الله، ثم الهداية الإسلامية، ثم مدينة بغداد بدولة العراق، لتكون العودة لآسفي، بعد حلم بدراسة الصحافة بعاصمة الثقافة العربية آنذاك، ومن يومها، منذ عودته من هناك، ظل حب آسفي يسكنه ويتساكن معه في كل مراحل حياته، ليمتزج حبه لمدينته ولدروبها وأحيائها بإبداعات مسرحية وزجلية لا تشبه إلا لابن الأثير، ذلك الفتى الذي تشرب الوطنية ببيت الوالد وبيوت الوطنيين الشرفاء، كتب الكثير من النصوص المسرحية والمؤلفات الإبداعية والقصائد الرائعة، كلها عنوان لقلبه الكبير، ولوفائه الصادق لأصحابه ورفاقه ومعارفه، وبين الإبداع كان هناك نضال حقيقي لم تبدله سنوات الاغتراب ولا سنوات المرارات التي يرويها بهمس، فكان الوفاء لحزب التقدم والاشتراكية، وهو وفاء لا يشبهه إلا وفاؤه للكلمة والإبداع، عايش الرعيل الأول بالحزب وعمل لسنوات طويلة مراسلا لجريدة بيان اليوم، وظل حبه معلقا بالحزب إلى أن ودع الحياة.
فكان الوداع متميزا لرجل بقامة عبد المجيد بنخالي، كان الكل في الموعد وهو محمول كعريس تلفه محبة المئات من أحبائه وأصدقائه ورفاقه ومعارفه وكل من عرف عبد المجيد قيد حياته، حضرت الفعاليات المنتخبة وجمعيات المجتمع المدني والهيئات الحزبية يتقدمهم رفاق من الكتابة الإقليمية للحزب، وكانت هناك فعاليات نقابية ورياضية وثقافية وجامعية، كان هناك ممثلون عن هيئات المحامين، والوداديات وكان هناك الجيران والأحبة والخلان، جاء رفاق الدرب من المدن القريبة، فيما كان من بعدت عليه الطريق يتصل ليقدم تعازيه في شامة جميلة على خد هذه المدينة التي بكته بحرقة وهو مسجى بمسجد الشيخ أبي محمد صالح، ثم وهو يحلق عاليا بين دروب السقالة والتراب الصيني واهرايات البيض، وشارع كينيدي ثم الجريفات واعزيب الدرعي، ثم ليحمل مرة أخرى بمقبرة أبوديس، باتجاه مثواه الأخير.
وجوه ووجوه، منها من غابت لسنوات طويلة عن معترك الحياة، جاءت يوم السبت الماضي لتودع عبد المجيد، ولِتَسِير باكية وراء جثمانِ من أطربنا وأمتعنا ورفع اسم آسفي عاليا في المسرح، مسرح الهواة والمسرح المدرسي والمسرح الهادف الذي يعانق قضايا الوطن والمواطنين، أسماء كبيرة حضرت ذلك الزوال لتقديم تحية امتنان وتقدير لرجل ناضل منذ نعومة أظافره من أجل آسفي وفن آسفي وثقافة آسفي وكرامة أهل آسفي، وهناك حول قبره تحلق الجميع ليودع رجلا ما عرف المهادنة، ولا عرف شيئا اسمه استراحة محارب، ووسط دعوات الرحمة والمغفرة والثواب، كان زملاؤه ورفاقه يرددون كلمات كان ابن الأثير يرددها بصبر وأناة وافتخار، في الوقت الذي كان جسمه الذي أنهكته جلسات التطبيب الكيميائي، ملفوفا في ثوبه الأبيض، ومن ورائه كانت ابتساماته تحية لكل من جاء لوداعه الأخير.
عزاؤنا الكبير لزوجته، لابنته وأبنائه، لأخواته وإخوانه، لكل عائلة بن خالي، لكل رفاق طفولته ودربه الطويل، لكل زملائه الفنانين الذين جاء بهم حبه من بعيد ليكونوا هناك ساعة الفراق، لعائلته الصغيرة والكبيرة بحزب التقدم والاشتراكية محليا ووطنيا، لكل من أحب عبد المجيد ورافق عبد المجيد في محنته ومرضه، لكل الأسماء والفعاليات والشخصيات التي ظلت وفية لعبد المجيد بن خالي من بداية مرضه إلى ليلة رجوع روحه راضية مرضية إلى بارئها لتدخل في جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون.

  • شهادات شعراء ومسرحيين وأدباء في حق الراحل عبد المجيد بنخالي

الزجال ادريس بلعطار: يجب أن تتضافر الجهود لإخراج أعماله المتعددة للوجود

بداية أود وباسمي الخاص ونيابة عن كل المبدعين الزجالين محليا وجهويا ووطنيا، أن أتقدم بأحر التعازي القلبية الخالصة في وفاة أخينا وصديقنا عبد المجيد بنخالي، فاللحظة ليست عادية، والكلمات لن تسعفني لأتحدث عن فقد كبير، فبموت عبد المجيد، ضاع منا وفقدنا رجلا طيبا، متفانيا في عمله كرجل تربية وتعليم، ورجل جمعي صاحب الركح المسرحي لعقود، دون إغفال الرجل الشاعر الزجال المتألق، وأحد فطاحلة الزجل المغربي الذي ترك بصمته خالدة في عالم الزجل وستبقى شاهدة على ما أقول، مرة أخرى أتقدم بتعازي الحارة لكل أصدقائه ورفاقه ومن عمل إلى جانبه وكل من عايش عبد المجيد بنخالي سواء بآسفي أو مختلف المدن المغربية التي احتضنته كزجال وشاعر ومسرحي كبير، وحتى خارج المغرب هناك محبون ومتيمون بإبداعاته، وقبل الختم، أود أن أوجه ملتمسا عبر جريدتكم بيان اليوم التي لم تكن تفارق عبد المجيد بنخالي في كل لحظات لقاءاتنا، ملتمس أوجهه للمسؤولين على الشأن الثقافي محليا ووطنيا، لكل محبيه وأصدقائه، مفاده العمل على جمع إبداعات وكتابات بنخالي، التي هي عبارة عن عشرات بل مئات المخطوطات في الشعر والمسرح والنقد، وطبعها ونشرها كتكريم لرجل أعطى وأبدع بدمه وقلبه، من أجل رد الاعتبار للراحل ولمدينته آسفي، يجب أن تتظافر الجهود لإخراج أعماله المتعددة للوجود، رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان.

*المسرحي والزجال عبد الرحيم موحداد: غيابه اليوم وإلى الأبد شيء مؤلم لدرجة لا يمكن وصفها

أستطيع التأكيد وأنا واحد ممن عرفوا المرحوم منذ بداية طفولتنا بنفس الحي ونفس الهوايات ونفس المرجعية ونفس العائلة ونفس الفضاءات التي صارعنا فيها الحياة على مستوى المدرسة ودار الشباب والكشفية ومهنة التدريس والنضال الجمعوي والنقابي وحب آسفي، ذلك ما جمعنا ولم نفترق عليه إلى أن فرقنا الموت، غيابه اليوم وإلى الأبد شيء مؤلم لدرجة لا يمكن وصفها، لأننا وبكل صراحة لازلنا في حاجة لعبد المجيد بنخالي كصديق وكفنان مبدع، وما أحوجنا اليوم إليه كفنان مسرحي وشاعر متميز، لذلك كانت الصدمة كبيرة بالنسبة لي ولكل معارفه وأصدقائه ومعارفه الذين حجوا اليوم من مختلف المدن المغربية لوداعه، رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه، هذا ما يمكن قوله بعد أن عجز اللسان على قول الكثير في حق صديق سنفتقده في اليوم ألف مرة، إنا لله وإنا إليه راجعون.

*المسرحي يوسف فرديوي: أتمنى أن يتم إنصافه بنشر إبداعاته وهو الذي لم يُنصف قيد حياته

أعتبر نفسي من تلامذة الأستاذ عبد المجيد بنخالي، هذا الهرم الذي واريناه الثرى قبل لحظات، ومعه وارينا التراب على عمر طويل من العطاء والإبداع في الكثير من الفنون، شيخ من شيوخ الزجل، تلقيت ومعي العشرات والمئات، تلقينا على يديه دروسا في فن الإلقاء والمسرح والزجل، قيدوم مسرحيي مدينة آسفي، وقيدوم حركة مسرح الهواة، بل هو من مؤسسي الحياة المسرحية بآسفي رفقة الكثير من الأسماء، مناضل وفي لمبادئه من خلال انتمائه ووفائه لحزب التقدم والاشتراكية منذ أيام الزعيم الوطني سي علي يعته، مناضل حقوقي ونقابي، تأسست على يديه الكثير من الجمعيات وفروعها محليا ووطنيا، أتمنى أن يتم إنصافه بنشر إبداعاته وهو الذي لم يُنصف قيد حياته بما يستحقه من تكريم في مستوى تاريخه وعطاءاته، رحمة الله عليه وهو معنا ورحمة الله عليه ونحن نودعه بكل حب ووفاء على مواصلة الطريق، إنا لله وإنا إليه راجعون.

*الزجال والشاعر أمين زكنون: كان يتنفس الزجل.. غذاؤه وحياته وعيشه الزجل

ماذا عساي أن أقول، بنخالي لم يمت، ولن يموت، سيظل حيا فينا وبيننا إلى الأبد، كلما نطق زجال حرفا، وكلما نظم قصيدة إلا وسيكون فيها بنخالي حاضرا في القول والنطق والكلام الموزون، لديه الآن وهو يوارى التراب ديوانان، واحد للزجل وآخر للشعر الفصيح، حاول كثيرا في آخر أيامه أن يخرجاهما للوجود، لكن ظروفه الصحية والمادية كانت تحول دون تحقيق أمنيته، لذلك أعيد وأكرر، ابن الأثير لم يمت، سيظل خالدا بأشعاره، بمسيرة حياته، بنصوصه المسرحية، وطريقته المنفردة والمتميزة في الزجل، له بصمته الخاصة ونعتبره مدرسة خاصة في الإبداع والكتابة والإلقاء، لدرجة أنه كان أيقونة تعرف بآسفي في مختلف الملتقيات الإبداعية هنا وهناك بمختلف ربوع الوطن، لدرجة أن الكثير من المبدعين والمتتبعين عرفوا آسفي عن طريق بنخالي، وفي المقابل كان بنخالي سفيرا لآسفي بأخلاقه وطيبوبته ونضاله، أتمنى أن يتم تكريمه وتأكيد أستاذيته، لتكون لمسة وفاء للراحل من خلال تكفل وزارة الثقافة بطبع ديوانيه وإخراج باقي مخطوطاته للوجود، فالرجل كان يتنفس الزجل، غذاؤه وحياته وعيشه الزجل، عزاؤنا واحد.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

*المسرحي كبور فرتال :عرفته كاتبا مسرحيا فذا وشاعرا كبيرا وإعلاميا متميزا

علاقتي بالمرحوم بنخالي تعود إلى سنوات الستينيات من القرن الماضي، كان اللقاء بدار الشباب علال بن عبد الله، حين كانت تلك الدار عبارة عن جامعة لكل مثقفي ومبدعي مدينة آسفي الأصيلة، عرفته كاتبا مسرحيا فذا، وعرفته إعلاميا متميزا من خلال إبداعاته على صفحات جريدة بيان اليوم لسان حزب التقدم والاشتراكية، ويقدم إبداعاته بإذاعة طنجة، ثم عرفته بعد دخوله عالم الزجل، واهتماماته بفن وتراث العيطة، حتى صار واحدا من الباحثين المعروفين على الصعيد المحلي والوطني في فن العيطة، وجاءت مرحلة امتهنت فيها التجارة رفقة بنخالي بمدينة الدار البيضاء، وهناك عرفت هوسه وحبه للكتابة، إذ كثيرا ما كان يغيب عن ناظري، وحين أبحث عنه أجده منزويا وبيده قلم وورقة يكتب عليها خواطره وإبداعاته، وحين كنت أسأله عن سبب كثرة تغيبه، كان يجيبني، حين تحضر خاطرة أو فكرة في ذهنك لا تنتظر طويلا إذا لم تترجمها إلى كتابة، بل كان يستشهد بمقولة للمفكر نيتشه: “الأفكار الجيدة تأتي في الطريق”، وهناك عايشنا جيلا من مثقفيها وأدبائها ومبدعيها، لكن ضوضاء وضجيج الدار البيضاء أعاد عبد المجيد لآسفي، عزاؤنا واحد في فقدان ابن الأثير الرجل الطيب الصبور الذي كان يتحمل الألم والمرارة في صمت.

*الشاعر والمسرحي عبد السلام بنفينة: عاش كبيرا ومات كبيرا وظل طيلة حياته متفائلا رغم الألم

إبن الأثير، أو كما كان يُلقب بـ “الكبير”، عاش كبيرا ومات كبيرا، ظل طيلة حياته متفائلا، يعشق الحياة بفرحتها وآلامها، يترجم معاناته ومعاناة من يعيش حوله إلى زجل ينساب كأنه الحياة، خصوصا حين كان يقول:
“لا بُدْ فْيُومْ يَطَلْ الرْبيعْ
يَكْسيِنا باتْوَابُو
يْمُوتْ الشُّوكْ
يْغردْ الطٍّيرْ يَعْطيِناَ اجْوابُو “.
لذلك استطاع أن يهزم المرض، أن يتغلب على المعاناة بالتفاؤل وحب الناس، هكذا عاش كبيرا ومات كبيرا، إنا لله وإنا إليه راجعون.

*الشاعر عبد المجيد البهيلي: برحيل بنخالي نفقد رائدا من رواد القصيدة الزجلية القادمة من أعماق المغرب الحقيقي

ماذا عساي أقول في حق صديقي ورفيق دربي الفقيد عبد المجيد بنخالي، صديقي وصديق الجميع، صديق القصيدة الزجلية، لقد افتقدنا وفقدنا رائدا من رواد القصيدة الزجلية القادمة من أعماق المغرب الحقيقي، أتمنى على وزارة الثقافة والمسؤولين محليا ووطنيا العمل على طباعة إنتاجات وكتابات وإبداعات الراحل عبد المجيد بن خالي، لتكن هذه اللحظة مناسبة لبادرة إنسانية تقوم على جمع وحصر إبداعاته وطباعتها ، تكريما للراحل، وتتويجا لمسار طويل من الإبداع والعطاء، في المسرح والشعر والزجل، تكريما له على إخلاصه في عمله وفي نضالاته الحزبية والنقابية والجمعوية، عبدة اليوم وكل الوطن يفقد قامة من الرواد الذين لم يأخذوا حقهم في الحياة، وهاهي فرصة اليوم لتكريمه وتخليد اسمه بأعمال تكون نبراسا للباحثين والدارسين لفنون الشعر والزجل والكتابة المسرحية، رحمة الله عليه والصبر والسلوان لكل أسرته وعائلته ورفاقه.

*الاديب ادريس بوطور: فقدان رجل من طينة سي عبد المجيد بنخالي خسارة فادحة لا تعوض

الأخ العزيز عبد المجيد بن خالي، المعلم الأريب والشاعر الأديب، كان حضوره في سائر اللقاءات التربوية والفنية والاحتفالية قيمة رفيعة مضافة، تيمته أسفي بحبها وتاريخها وحضارتها فانساب ذكرها من وجدانه وذاكرته أزجالا وأشعارا أثثت المكان ورصعته بقلائد العقيان وبديع اللؤلؤ والمرجان، بهذه المناسبة الأليمة والتي نخضع فيها بإيمان قوي صادق لإرادة الله الخالق، لا يسعنا إلا أن نترحم على روحه الطاهرة راجين من العلي القدير أن يسكنه فسيح جنانه ويلهمنا جميعا جميل الصبر والسلوان..
تربطني بالفقيد سي عبد المجيد أواصر عريقة ومتشعبة، كان مهدها الطفولي حي تراب الصيني وجامعة دار الشباب علال بن عبدالله، عندما بدأت حياتي المهنية كأستاذ للاجتماعيات جمعتني بالراحل بعض الأعمال المسرحية التاريخية الخاصة بالأطفال رواد دار الشباب والتي كان يضع لها السناريو اعتمادا على ما أزوده به من سرد للأحداث والوقائع حول شخصيات تاريخية إسلامية، حيث كانت تنعقد بناء على هذه الأعمال صبيحات مسرحية للطفولة، وتوطدت علاقتي بالراحل عندما سلكت مجال التفتيش، فكان المجال خصبا في مجموعة مدارس رباط الشيخ حيث شكل الراحل بالنسبة لي منشطا تربويا وديداكتيكيا خلال اللقاءات البيداغوجية التي كنت أعقدها بالمقاطعة التي أشرف عليها. كان سي عبد المجيد لا يعرف الكلل ولا الملل، ناكرا لذاته، صبورا، يتحمل كل المشاق بابتسامة دائمة لا تفارق محياه، لكن أجمل ما طبعته في وجداني هو عندما غادرت الميدان وأقيمت لي عدة حفلات تكريمية كان الراحل هو منشطها والباعث فيها روحا من عبق التاريخ والزمن البسيط ممزوجة بروائع الزجل التي كانت تنساب خلال الحفل رقراقة بحب أسفي وحضارتها العريقة. إن فقدان رجل من طينة سي عبد المجيد بنخالي خسارة فادحة لا تعوض وما أعتقد أن الزمان سيجود بنظيره في مصداقيته وتحمله وصبره، تغمده الله بواسع رحمته وشامل مغفرته، إنه سميع مجيب.

 آسفي: عبد الغني دهنون

Related posts

Top