رحيل الفنانة الفلسطينية ريم بنا..

كتبت ريم البنّا العام الماضي: “جئت إلى هذه الدنيا عنوةً… لا البلاد احتضتني ولا أحد.. أنتمي إلى قلب طاف في الهوى.. وإلى الحرية في ثلاث حروف هي اسمي.. حُلمي لا يساوم.. وغزالي في الريح سارحة…”.
فجر يوم السبت غيب الموت الفنانة الفلسطينية ريم جميل بنّا (51 عاماً) في أحد مشافي مدينة الناصرة بأراضي العام 48، بعد تدهور مفاجئ طرأ على صحتها قبل أيام قليلة.
شقيقها فراس نعاها لجمهورها ومحبيها بالقول: “عائلة ريم بنا، والدتها زهيرة وأخوها فراس وأبناؤها بيلسان وأورسالم وقمران، وأصدقاؤها وأحباؤها والشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، ينعون إليكم ببالغ الحزن والأسى رحيل ابنتهم البارة ومغنية فلسطين الأولى ريم بنا، متممةً واجباتها الوطنية والإنسانية تجاه شعبها وكل مظلومي العالم.”
بنّا التي أصيبت بمرض سرطان الثدي قبل تسع سنوات وهزمته قبل عامين، قبل أن تتوقف عن الغناء بعد أن عجز الأطباء عن معرفة السبب وراء ذلك، وكتبت يومها: “صوتي الذي كنتم تعرفونه.. توقّف عن الغناء الآن أحبتي.. وربّما سيكون هذا إلى الأبد”.
عرفت ريم المولودة في مدينة الناصرة عام 1966، بأغانيها الوطنية، والتراثية الفلسطينية، وهي ابنة الشاعرة الفلسطينية المعروفة زهيرة الصباغ.
تزوجت ريم عام 1991 من الموسيقي الأوكراني “ليونيد أليكسيانكو”، الذي درس الموسيقى والغناء معها في المعهد العالي للموسيقي بموسكو، وكانا يعملان معاً في مجال الموسيقى والتأليف، وأنجبا ثلاثة أطفال، لكنهما انفصلا عام 2010.
معظم أغاني ريم من تأليفها، كما أن لديها طريقة موسيقية مختلفة في التأليف والغناء، فكلمات أغانيها مستوحاة من وجدان الشعب الفلسطيني وتراثه وتاريخه وثقافته، حيث تعبر أغانيها عن معاناة الشعب الفلسطيني كما تعبر عن أفراحه وأحزانه وآماله.
تتميز أنماطها الغنائية بالانفراد في التقديم، وهي تهاليل تراثيّة فلسطينيّة، أبدعت في أدائها والتصقت باسمها.
من أبرز ألبوماتها: جفرا 1985، دموعك يا أمي 1986، مرايا الروح، ألبوم مرفوع إلى الأسرى في سجون الاحتلال 2005، مواسم البنفسج، أغاني حب من فلسطين 2007، نوّار نيسان، أغاني أطفال، مُهداة إلى الأطفال الفلسطينيين اللاّجئ 2009، صرخة من القدس: بمشاركة فنانين فلسطينيين 2010، أوبريت بكرا 2011، تجلّيات الوَجْد والثورة 2013.
فازت ريم بنّا بجائرة ابن رشد للفكر الحر عام 2013، وعام 1994 حصلت على لقب سفيرة السلام في ايطاليا، كذلك شخصية العام في 1997، و1998 في تونس، وفي عام 2000 فازت بجائزة فلسطين للغناء.
واختيرت عام 2016 شخصية العام الثقافية الفلسطينية، ولما اعتلت منصة التتويج قالت: صوتي كان سلاحي الوحيد ضد الاحتلال، ضد إرهاب إسرائيل التي قتلت وشردت وذبحت وحاصرت ونفت، وما زالت تمارس أبشع جرائمها ضد الشعب الفلسطيني”.
النجاح بالنسبة للفنانة الفلسطينية الراحلة، كان في الوقت الذي ترى فيه الطفل والكبير يردد أغانيها، ووقت ترى فيه الحب الكبير من الناس ومتابعتهم لكل تفصيله تشاركهم فيها، تشعر بهذا الحب وهو الثمرة التي تقطفها، وهو الذي يعطيها شعورا بجدوى كل الأمور التي حاولت أن تقدمها بصدق وحب وشجاعة.
ذات مرة قالت: يجب ألا نستسلم، لا يجب أن نيأس فهناك فرصة أخرى قادمة، فالمهم أن نكون جاهزين أكثر ومتجاوزين الأخطاء التي كانت السبب في عدم نجاحنا أول مرة”.
لم تعرف بنّا معنى أن تكون في بلد بدون حرب بدون قمع بدون حصار بدون قتل بدون قلق، ولا تعرف معنى أن تعيش في بلد مسالم فيه طمأنينة واكتفاء وراحة بال وأن يكون كل شيء مؤمن لك، “يومك يبدأ برواق وينتهي تمام”.
بداية الشهر الجاري أبرقت البّنا إلى محبيها: “أنا بخير… لكن كل ما حولي ليس بخير”، وأيضاً: “مع كل نَفَس وجع.. فكيف لن تخرج الأغاني ثائرة”.
آخر ما كتبته: “وحدهم أحبتي من حولي لا يتذمرون، وحدهم أحبتي لا يفقدون الأمل ولا يكلّون.. وأنا بين حد سيفين.. في غيبوبة التأمل أتدرب على نهاية ساخرة”.
رحيل ريم بنّا “خسارة كبيرة للثقافة الفلسطينية، فهي الفنانة التي قدمت لفلسطين أجمل الأغنيات حتى كبر جيل فلسطيني وهو يستمع لأغنياتها التي جابت الأرض، تحمل في كلماتها ألوان علم استشهد من أجله الكثيرون، وكوفية ثوار، وأحلام آلاف الأسرى وشعب بأكمله بالتحرر والدولة” بحسب بيان نعي وزارة الثقافة للراحلة.

> فلسطين – بيان اليوم: أسمى جابر

Related posts

Top