غادرنا، خلال الساعات الأولى من صباح يوم السبت الماضي، المدرب والإطار الوطني عبد الخالق اللوزاني.
اللوزاني بصفته واحدا من الأطر المرجعية، ترك بصمات واضحة على مهنة التأطير، والتدريب بكرة القدم المغربية، سواء على مستوى الأندية أو المنتخبات، كانت له إسهامات جليلة في تطوير الممارسة على الصعيد الوطني.
مباشرة بعد عودته للمغرب خلال بداية الثمانينات، قادما من الديار البلجيكية، حيث مارس بالدوري الاحترافي، وانضم للعديد من الأندية القوية كنادي أندرلخت، عاد لأرض الوطن بعد أن خضع لتكوين كمدرب على أعلى مستوى، وكسب العديد من المدارك على مستوى الخطط ونظريات التدريب، والتأطير التطبيقي والنظري.
الراحل اللوزاني سبق زمانه، وكانت له نظريات جد متقدمة، لم يستوعبها حينها العديد من المتدخلين، بمن فيهم الصحفيون، ما عرضه للكثير من الانتقادات المجانبة للصواب، لكن الأيام أنصفته، حيث كسب بعد ذلك تقدير واحترام الجميع.
عرف عن فقيد كرة القدم الوطنية، الجرأة في التعبير عن آرائه، وعدم التردد في الإدلاء بوجهة نظره، والتشبث بمواقفه، وعدم السماح بالتدخل في عمله، حتى لو أحرج محيطه، بما في ذلك بعض المسؤولين عن الشأن الرياضي آنذاك، وما إقصاؤه من مسؤولية الإشراف التقني على المنتخب المغربي الأول، عن طريق بلاغ وزاري شهير ، حدث ذلك أشهرا فقط قبل المشاركة بمونديال الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1994، إلا دليل على الضريبة التي كان يؤديها رحمه الله، بسبب تشبته بآرائه، وعدم تخوفه من تبعات قول الحقيقة.
رجل بهذه الكاريزما، وبهذا الثقل والوزن، كان من الممكن أن يشكل مرجعا يحتذى بفضل نظرياته، وأفكاره وتجربته الغنية، وثقافته المتنورة، للأجيال الحالية، لكن للأسف تم التعامل معه، ومنذ اعتزاله التدريب، بكثير من الجحود والتهميش ونكران الجميل، وهو سلوك غير مفهوم وغير مبرر تماما، يكرس للأسف غياب ثقافة الاعتراف، وضيق أفق أغلب المسؤولين الذين تعاقبوا عن تسيير الشأن الرياضي.
فضل اللوزاني الابتعاد وأخذ مسافة، حفاظا على أنفته، تفرغ للاهتمام بعائلته الصغيرة، مكتفيا بظهور متقطع ببن الفينة والأخرى، إلى أن جاء الوباء اللعين ليخطفه من بين أيدينا، وإلى الأبد…
رحم الله عبد الخالق اللوزاني، ولنجعل عطاءاته وإسهاماته التي لا تعد ولا تحصى حاضرة بيننا على الدوام، وذلك عن طريق تخليد ذكراه بما يليق من قيمة ونبل الاعتراف وإنصاف، ولو بعد الرحيل الأبدي.

>محمد الروحلي