رحيل منظر المسرح الثالث عبد القادر عبابو

عن سن يناهز السبعين، غادر دنيانا صباح أمس الفنان المسرحي المغربي عبد القادر عبابو، بعد معاناة طويلة من المرض العضال، ويعد الراحل من بين أبرز الفاعلين في الحقل المسرحي المغربي إبداعا وتنظيرا على حد سواء، كما تميز رحمة الله عليه بالتزامه السياسي ونضاله دفاعا عن حرية الإبداع.
ولد سنة 1950 بني ملال، حصل على دبلوم معهد الدراسات التقنية، اشتغل في أواخر حياته موظفا بالمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بأكادير.
كان يدير محترف أونامير للفن المسرح، وكان كذلك عضوا في اتحاد كتاب المغرب منذ سنة 1985.
بدأ الكتابة سنة 1969 ونشر أول نص شعري له سنة 1982.
اهتم عبد القادر عبابو بالمجال المسرحي وبالكتابة الشعرية والنقدية. نشر أعماله بمجموعة من الصحف والمجلات، من بينها جريدة بيان اليوم.
أصدر مجموعة من الأعمال الإبداعية والتظيرية، نذكر من بينها:

“الإخراج الجدلي والمسرح الثالث / سلطة الحركة، سلطة الجدل”، “حمامة القرن” نص مسرحي، “أخضر أخضر هذا الأحمر” ديوان شعر، “الكبل” نص مسرحي غنائي، “ايت الكل” نص مسرحي، “سلام أحمر” نص مسرحي، “نوادر العبور من الزبالة إلى الطيفور”، “عوا الأصلـع”، “رسالة شاعلة إلى معشوقة قاتلة”.
بمناسبة رحيل هذا الفنان المسرحي الشامخ، كان لبيان اليوم اتصال برئيس النقابة الوطنية لمهنيي الفنون الدرامية مسعود بوحسين، حيث صرح لنا بأن فقيد المسرح المغربي عبد القادر عبابو يعد من بين “العلامات الفارقة في المسرح المغربي وفي المشهد الثقافي بصفة عامة، وأنه خلف لنا أعمالا إبداعية ذات طابع تجريبي بالخصوص..”.
وأضاف بوحسين، أن الراحل كان له “ارتباط وطيد بالمسرح العربي، من حيث الإبداع والتنظير، وأن منتوجه كان مواكبا للابتكار في الأساليب الفنية. وأنه كان يولي عناية كبيرة لتجديد التجربة المسرحية المغربية، من خلال تجريبه لقوالب فنية، دون إغفال كونه كان ملتزما في المجال السياسي، حيث كان مناضلا سياسيا يساريا ضمن صفوف حزب التقدم والاشتراكية لمدة طويلة، يمكن القول باختصار إنه استطاع أن يوفق في الجمع بين الإبداع الخالص والالتزام السياسي..”.
وبدوره، صرح الكاتب المسرحي المسكيني الصغير لبيان اليوم، على إثر الفقدان الأليم لعبد القادر عبابو، أن الراحل “يعد من الرواد الأوائل للتجربة المسرحية على المستوى الوطني والمحلي، وأنه كان مهموما بالمسرح من رأسه إلى أخمص قدميه. لا يترك لنفسه فرصة للراحة، إذ استطاع أن يخلف لنا العديد من الأعمال المسرحية. لقد تشاركنا تجربة المسرح الثالث وأثمرنا من خلالها أعمالا كثيرة..”.
وأضاف المسكيني الصغير كذلك في هذا التصريح، أن “المرحوم عبد القادر عبابو كان يجتهد في الكتابة المسرحية، حيث قدم ورقة تتمحور حول المسرح الجدلي الذي يقوم على أساس تطبيق النظرية التي أتى بها المسرح الثالث، وأنه منذ أسبوعين كان قد سلمني نسخة من مخطوط حول تجربته المسرحية لأجل أن أضع له تقديما، لكن شاءت الأقدار أن يرحل قبل أن يخرج هذا الكتاب إلى الوجود، وعلى أي لا بد لهذا الكتاب أن يصدر في القريب العاجل. إن الراحل عبابو يعد من الفنانين الذين يؤمنون ويصرون على أن يكون الإخلاص للمبدأ هو أساس التعامل في المسرح، لقد كان مناضلا نقابيا، يناضل من الجهة الأخرى في العمل الفني، كان لا يهدأ، كان يحرص على الحضور إلى المهرجانات والندوات واللقاءات المسرحية، كان يتحمل المرض والتعب، تجده متفائلا بمسرح مغربي ينتمي للإنسان المغربي، لقد ترك بصمة خاص في ما قدمه من أعمال مسرحية. أعماله تختلف عما يقدم من إنتاجات مسرحية في ساحتنا الوطنية، وهذا ليس طعنا في هذه الإنتاجات ولكنه كان متميزا في مجال الإخراج والتشخيص من خلال اعتماد دراما غرائبية عجائبية. للأسف عانى من التهميش من طرف الجهات المسؤولة، حيث كان يجب أن يتاح له المجال لتقديم إنتاجاته في المهرجانات التي تقام خارج المغرب، ولا تظل محصورة في نطاق محلي..”.

رحم الله الفقيد وإنا لله وإنا إليه راجعون.

< عبد العالي بركات

Related posts

Top