زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لبيان اليوم:

أجرى الحوار: وليد أبو سرحان

أكد صالح زيدان عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين لـ”بيان اليوم”  بأن قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير واللجنة التنفيذية لم تعد أكثر من حبر على ورق، في حين تتحول المؤسسات الفلسطينية الوطنية إلى قيادات استشارية غير ملزمة قراراتها، بل يتم تجاهلها في العديد من القضايا، مما أدى لاستفحال سياسة التفرد بصناعة القرار الفلسطيني.
وجاءت أقوال زيدان في حوار مطول أجرته معه « بيان اليوم » للوقوف على مواقف الجبهة الديمقراطية مما يجري على الساحة الفلسطينية، وفيما يلي نص الحوار:

> كيف ترى دور الفصائل الفلسطينية في صناعة القرار الفلسطيني؟
< ما زالت سياسة السلطتين في الضفة كما في قطاع غزة، تتصرف كما الأنظمة العربية التي انهارت وتعملان على إضعاف وتهميش مشاركة الفصائل وخاصة القوى الديمقراطية في صناعة القرار الوطني الفلسطيني، شأنهما شأن الأنظمة السياسية العربية، التي تعمل على تهميش الحياة السياسة وإضعاف قوى المعارضة، ووضعها أمام خيارين، إما معي أو مع الشيطان.

> وهل ساهم الانقسام في تعزيز ذلك؟
< واقع الانقسام الذي دخل عامه التاسع وطال أكثر من اللازم، شكل عناصر كبح وشد عكسي عطلت نمو الحركة الشعبية لتشق الطريق نحو سياسات جديدة، وعطل كذلك جميع أنواع الانتخابات بما فيها الانتخابات النقابية والعمالية والمهنية والطلابية. وهذه السياسات تؤدي إلى تهميش دور المؤسسات الفلسطينية، فالمجلس التشريعي وحتى الكتل البرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني لا تشرف في الرقابة على الموازنات وأداء الحكومة، والإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير لم يجتمع منذ أكثر من سنتين، وقرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية تبقى حبراً على ورق وتتحول المؤسسات الفلسطينية إلى قيادات استشارية غير ملزمة قراراتها ويتم تجاهل حتى استشاراتها في العديد من القضايا، وهو ما أدى لاستفحال سياسة التفرد في ممارسات السلطتين.

> وماذا عملتم لمواجهة ذلك؟
< هناك دور لعبته الجبهة الديمقراطية وصف واسع من القوى الديمقراطية والوطنية في مواجهة هذه السياسات والأوضاع سواء بما يتعلق بالتحركات السياسية الجماهيرية لإنهاء الانقسام والمواجهات مع الاحتلال والاستيطان وتزخيم نضالات الحركة الأسيرة، وكذلك دور قوى المقاومة والفصائل في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة وفي النضال مع الحركة الجماهيرية لتوفير مقومات الصمود.

> وهل نجح هذا؟
< نستطيع أن نقول بأن هذا الدور نجح في بعض الأمور كما برز في القرارات المهمة التي اتخذها المجلس المركزي في دورته الـ27 في آذار 2015 التي نادت بتبني إستراتيجية جديدة تتجاوز أوسلو مثل وقف التنسيق الأمني ووقف العمل باتفاق باريس الاقتصادي وسوى ذلك مع أنها ما زالت بحاجة إلى جولات ضغط سياسي جديدة لتطبيقها، وفي معارك أخرى منها تلك التي أدت إلى عدم عقد دورة عادية للمجلس الوطني الفلسطيني قبل استكمال تحضيراته الوطنية الشاملة وبتمثيل لجميع المكونات الفلسطينية في المجلس الوطني انتخاباً أو توافقاً وفي تشكيل الهيئات.

> لا تزال الهبة الجماهيرية تراوح مكانها، لماذا لا تقوم الفصائل بتطويرها لانتفاضة شاملة؟
< أود التأكيد بأن ما يحصل تجاوز تسمية الهبة إلى انتفاضة شبابية، فالهبة تكون لعدة أيام أو أسابيع، بينما هذه الانتفاضة تمضي وتتواصل في شهرها الرابع عصية على الكسر. ولكنها انتفاضة شبابية من نمط خاص وسمات خاصة تميز شبابها بروح كفاحية عالية واستعداد للتضحية وإصرار على مواصلة المواجهات اليومية مع المستوطنين واستخدام المتاح من الوسائل النضالية للرد على جرائم القتل والإعدام الميداني لقوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، واستمرارها يظهر أن هذه الانتفاضة لم تكن رداً على حدث عابر وإنما هي رداً على مجموع الأزمات التي يعاني منها الوضع الفلسطيني من تصاعد العدوان والاستيطان والحصار الإسرائيلي إلى انسداد أفق الحل السياسي وأزمات الانقسام وتردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية.
إن الاحتضان والتعاطف الذي تحظى به من أغلبية المجتمع لا يغني عن تحويل الكلام إلى أفعال بانخراط جميع القوى في إطار الانتفاضة وخاصة زج طاقات جميع الفصائل في خضمها وتشكيل قيادتها الوطنية الموحدة بتمثيل القوى والشباب عبر مجالس الطلبة والاتحادات والنقابات وسائر فئات الشعب وامتداد هيكليتها للمحافظات والمدن والمخيمات والقرى وتسليحها ببرنامج سياسي وهدف واضح بإنهاء الاحتلال والحرية حتى لو وضع لها أهداف مرحلية.

>  ولكن أين الفصائل؟
< على الفصائل مسؤولية رئيسية بتطوير الانتفاضة وتوفير عناصر تحقيق أهدافها بإنهاء الانقسام المدمر وتحرير السلطة من قيود أوسلو ووضع برنامج اقتصادي واجتماعي يوفر مقومات الصمود. وقرار الجبهة الديمقراطية والقوى الديمقراطية هو حماية الانتفاضة واستمرارها وتطويرها نحو انتفاضة تشارك فيها كل فئات الشعب وتحقق أهدافها. والقوى الوطنية وخاصة الجبهة الديمقراطية والقوى الديمقراطية تحاول العمل على تطوير الانتفاضة ولكن الأجهزة الأمنية للسلطة منعت العديد من مظاهرات القوى الديمقراطية في مسارها لمجابهة الاحتلال وحصلت احتكاكات ومواجهات وصدامات بين هذه الفعاليات وهذا تناقض ينبغي حله، بالتوحد على دعم الانتفاضة. وكذلك كانت محاولات حكم حماس في البداية لمنع الشباب المتظاهرين من الوصول إلى خطوط التماس. والذي تم تجاوزه وإلغاؤه وهو قرار كان قد منع قبل ذلك فعاليات المقاومة الشعبية لهيئة العمل الوطني وعلى امتداد سنوات.

> هل تعتقد بان هناك قرارا فلسطينيا بعدم تأجيج الأوضاع؟
< ليس هناك قرارات فلسطينية بل سلطوية بعدم تأجيج الأوضاع. وعلينا أن نلاحظ بأن هناك أكثر من اتجاه وسياسة فلسطينية في التعامل مع الانتفاضة الشبابية. ولكن القيادة الرسمية الفلسطينية ما زالت تماطل في تعاملها مع الانتفاضة، وتسلك سلوكاً مزدوجاً، تحاول من خلاله أن تظهر بأنها تتناغم مع الانتفاضة من خلال الحديث المكرر عن الحماية الدولية والمؤتمر الدولي واللجوء لمحكمة الجنايات الدولية ووقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي… الخ، ولكن دون خطوات عملية وملموسة. ومن جهة أخرى تواصل القيادة الرسمية محاولات الاستثمار السياسي قصير النفس للانتفاضة، بهدف تحريك الجهود الأمريكية لاستئناف المفاوضات وفق شروط لا ترتقي لمستوى قرارات المجلس المركزي بتدويل قضيتنا الوطنية.  وبالمحصلة القيادة الرسمية تساير الانتفاضة على مضض مع المحاولات المتواصلة لاحتوائها وعدم تصاعدها لأن هذا يضع هذه القيادة أمام خيارات صعبة تتعارض مع رؤيتها السياسية ومصالحها البيروقراطية الضيقة وتحالفاتها مع رجال المال والأعمال وتحالفاتها العربية.

> وهل نجحت الانتفاضة في وضع حد لذلك؟
< زخم الانتفاضة نجح حتى الآن في شل محاولات احتوائها، ولكنها وجهت رسائل إلى قيادات الفصائل بتوحيد الصف للانخراط في الانتفاضة الشبابية وتطويرها ووضع أطراف الانقسام في قيادتي فتح وحماس أمام خطورة الانقسام وتكريسه ودعتهم للخروج من المساومات المعيبة على تقاسم السلطة والنفوذ، وضرورة استعادة الوحدة الوطنية لتوفير متطلبات نجاح وتطوير الانتفاضة الشبابية إلى انتفاضة شعبية شاملة.

> كيف تقيم أداء الفصائل الفلسطينية على المستوى السياسي والتحرك على مستوى الشارع، والأسباب التي قادت إلى ضعف شعبيتها؟
< أداء الفصائل في نقاط ضعفها وقوتها نستطيع تقييمه على أكثر من وجه وذلك نتيجة عوامل موضوعية وذاتية، فهناك الحالة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية البائسة التي يعيشها شعبنا نتيجة التصعيد العدواني للاحتلال وسياساته والانقسام المدمر الذي بدأ في 2007 وما زال مستمراً والذي يتحول إلى انفصال قطاع غزة عن الضفة الفلسطينية والذي ولد اقتصادين استهلاكيين مكشوفين على ضغوط آليات السوق والتجارة الحرة، والتي لا توفر فرصا لتطور ونمو القطاعات الإنتاجية. وكذلك التفرد الذي يولد إمعان السلطتين في انتهاك الحريات العامة وممارسة التضييق والقيود على القوى الديمقراطية وتجفيف مواردها وتقييد حقوقها وحقوق الشعب في الوظيفة العامة.
وقد وصلت الأمور بالسلطة إلى حد منع وقمع فعاليات القوى الديمقراطية في الانتفاضة وبعضها بمشاركة قوى وطنية وتفريقها بالقوة من خلال استخدام أجهزة أمن السلطة. ورغم ذلك وعلى امتداد مسيرة طويلة وبتضحيات كبيرة من القوى الديمقراطية تم انتزاع وتثبيت الحق في التعددية السياسية. وهناك وجه آخر يبرز ضعف القوى الديمقراطية في عدم تقديم الأجوبة اللازمة على الأسئلة والأزمات العميقة، وضعف تعبئة الطاقات ووحدتها لتطبيق برامجها خاصة في الجانب الديمقراطي الاجتماعي المتوافق عليه إضافة للجانب الوطني والسياسي. إن مسؤولية كبرى تقع على عاتق القوى الديمقراطية في توحيد صفوفها لتصعيد الضغوطات الشعبية من أجل تحقيق مصالح الفئات والشرائح والطبقات الاجتماعية الفقيرة والمهمشة والتي تدعو لها، وكذلك الأمر على صعيد تبني إستراتيجية وطنية ونضالية بديلة لإستراتيجية أوسلو وما بعده على الصعيد الوطني الفلسطيني.

>  أين المجلس الوطني الفلسطيني؟ وأين المجلس المركزي في قيادة الشعب الفلسطيني؟ وما هي طبيعة العلاقة القائمة حاليا ما بين الفصائل والسلطة الوطنية بقيادة الرئيس محمود عباس؟
< بكل أسف لا انتظام في اجتماعات العديد من المؤسسات والهيئات الوطنية الفلسطينية، وبأسف أكبر لا احترام لتلك القرارات من خلال عدم تنفيذها، فمثلاً عندما يتخذ المجلس المركزي في آذار 2015 قرارات بإعادة صياغة علاقات السلطة مع الاحتلال بوقف التنسيق الأمني الذي ما زال قائماً حتى اللحظة ووقف العمل باتفاق باريس الاقتصادي وغيره، ولا ينفذ شيء من ذلك رغم دراساتها المتواصلة في اللجنة السياسية ثم يتم أخذ قرارات في اللجنة التنفيذية في 4/11/2015 بتنفيذ خطة اللجنة السياسية لتطبيق قرارات المجلس المركزي وبالتصويت بالأغلبية الساحقة بما فيها موافقة من الرئيس أبو مازن وتبقى القرارات حبراً على ورق وهو ما يبرز الانتظار والتردد والمماطلة في تطبيقها ويؤكد أن تطبيقها بحاجة لخوض مزيد من المعارك السياسية التي لا تقل في صعوبتها عن المعارك التي تمت للتوافق المبدئي على هذه السياسات. إن سياسة تهميش المؤسسات ومقرراتها تتزامن مع تعطل عمليات الانتخابات العامة والشاملة منذ الانقسام في 2007. إن سياسة التفرد والاستفراد والاستهتار بدور الهيئات الرسمية الفلسطينية وقراراتها، تضعف علاقة المنظمة والسلطة مع الشعب وتزيد المسافة فيما بينها وهو ما يضعف المشروع الوطني الفلسطيني.

> هل لديك قناعة بإمكانية التوصل لحل سياسي مع إسرائيل، وهل تعتقد بأن حل الدولتين ما زال ممكنا على ارض الواقع؟
< بالتأكيد لا يمكن التوصل إلى حل سياسي مع إسرائيل في ظل وجود حكومة نتنياهو، وحكومة المستوطنين والمتطرفين اليمينيين وفي مثل هذه السياسة العدوانية التوسعية الإسرائيلية. ولكن حل إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران بعاصمتها القدس الشرقية إلى جانب دولة إسرائيل مع صيانة حق اللاجئين في العودة طبقاً للقرار 194 ، ما زال هو الهدف الواقعي والممكن على الأرض، فهو الهدف الذي تكون حوله إجماع عربي ودولي ورسم بالعديد من قرارات الشرعية الدولية، ولكن تحقيق هذا الهدف يتطلب بناء معادلة جديدة لتوازن القوى بين شعبنا والاحتلال الإسرائيلي يفتح الآفاق لإنهاء الاحتلال عبر عملية سياسية تستند لمرجعية قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها وقف الاستيطان وفي إطار مؤتمر دولي برعاية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ويهدف لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية التي تضمن الحقوق المشروعة لشعبنا وفي المقدمة منها دولة فلسطينية مستقلة بحدود الـ67 بعاصمتها القدس الشرقية .

> ما دور الجبهة الديمقراطية والفصائل في إنهاء الانقسام الداخلي؟ ومن الذي يتحمل مسؤولية استمراره؟
< لعبت الجبهة الديمقراطية دوراً نشطاً في التحركات السياسية الجماهيرية لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، كما وشاركت الجبهة الديمقراطية في إنجاز جميع برامج إنهاء الانقسام منذ 2009 وحتى الآن. وفي وقت مبكر ومع بداية الانقسام تقدمت الجبهة بمبادرة منفردة لإنهاء الانقسام في تموز 2007 ثم مبادرة ثنائية بين الجبهتين الديمقراطية والشعبية ثم مع الجهاد الإسلامي ثم مبادرة الاثني عشر فصيلا لكنها لم تر طريقها للتنفيذ. كما اتخذت مواقف متوازنة أدانت فيه طرفي الانقسام فتح وحماس وحملتهما المسؤولية معاً ودون أن تتحامل، وحملتهما مسؤولية تعطيل المبادرات والاتفاقات الهادفة لإنهاء الانقسام .

> ما سبب تعطيل تنفيذ الاتفاقات؟
< تعطيل تنفيذ اتفاقات المصالحة يعود إلى المصالح الفئوية للطرفين والرهانات الإقليمية الضارة والخاطئة. إن تصعيد الضغط الشعبي هو الأساس في إنهاء الانقسام. وفي هذا السياق وضعت الانتفاضة أطراف الانقسام في قيادتي فتح وحماس أمام استحقاق الخروج من دائرة المساومات المعيبة على تقاسم السلطة والموقع القيادي. وفي ذات الوقت ضرورة توحيد الجهد لاحتضان الانتفاضة وتوفير متطلبات تطويرها ونجاحها من خلال إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.
فضلاُ عن ذلك فإن أسلوب الاتفاقات الثنائية الفاشلة بين فتح وحماس، يتطلب إتباع الأسلوب الأنجع من خلال الشراكة والحلول الوطنية وخاصة الدعوة العاجلة للجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير لإزالة العقبات أمام عملية المصالحة وإجراء المشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية توحد المؤسسات وتهيئ الأجواء لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وللمجلس الوطني وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل، وبما يجدد مؤسسات النظام السياسي بشقيه : المنظمة والسلطة ويعزز شرعيته. وإلى جانب العمل والمبادرات لإنهاء الانقسام، فقد تقدمت الفصائل بالعديد من المبادرات لحل أزمات جزئية هامة مثل مبادرات حل أزمات الكهرباء وانتخابات مجالس طلبة الجامعات والخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والإعمار ومساعدة حكومة التوافق لأداء دورها وفتح معبر رفح… الخ، وهي محاولات تحييد الخدمات والمرافق عن التجاذبات السياسية إلا أنها كانت تصطدم دائماً بعراقيل من هنا وهناك.

> ما هي العراقيل التي تحول دون حل مشاكل قطاع غزة؟
< المشكلة الأساسية التي تعرقل حل مشكلات غزة وأساسها الانقسام والحصار والعدوان الإسرائيلي هو أن قطاع غزة ضحية سياستين خاطئتين تتعامل إحداهما معه كعبء ولا ترغب في تحمل مسؤولية تصدر غزة للمشهد الفلسطيني والإقليمي في العديد من محطات المقاومة والمواجهة مع الاعتداءات المتكررة. هذه السياسة تتهرب من تحمل المسؤوليات العامة ومتطلباتها في إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني والتحرري. والسياسة الأخرى هي في التعامل مع قطاع غزة كجغرافيا للسيطرة والحكم دون معالجة مشكلات أهله مما كرس واقع الانقسام دون إغفال التقدير للدور الميداني والسياسي للقوى والفصائل في غزة والتي استطاعت في محطات أن تفرض الشراكة. ولذلك تحول اتفاق الشاطئ إلى موضوع للسجال بين حركتي فتح وحماس على خلفية كيفية حل موظفي حركة حماس من قبل حكومة التوافق.

> وما السبيل للخروج من تلك التعقيدات؟
< للخروج من هذه التعقيدات قدمت مؤخراً المبادرة الفصائلية لفتح معبر رفح والتي وافقت عليها حكومة التوافق الوطني والرئيس أبو مازن وحركة فتح. وما زالت الفصائل بانتظار موافقة حركة حماس، التي طرحت استفسارات يمكن معالجتها من خلال اجتماع ثلاثي يضم الحكومة وحماس والفصائل. وقدمت اقتراحا غير مقبول بإشراف الفصائل على المعبر والتي لا تملك الفصائل وسائله الإدارية والفنية ولا يمكن فتحه بهذه الطريقة. فقوة المبادرة الفصائلية تتمثل أولاً بالإجماع الوطني الفلسطيني وثانياً باستلام المعبر من قبل حكومة التوافق الوطني المقبولة من الجانب المصري. لذلك نطالب حركة حماس بالموافقة على المبادرة الفصائلية والترحيب بقدوم الوفد الوزاري إلى غزة للبدء بتنفيذ المبادرة وفتح معبر رفح لحل أزمة تعتبر عنواناً من عناوين المعاناة الهائلة لسكان قطاع غزة وحل مشكلة المرضى والطلاب العالقين وذوي الحاجات للسفر، وكمنطلق لإنهاء الانقسام الكارثي وتطبيق كل بنود اتفاقات المصالحة. وهذا يعني سيطرة أقل لحماس على غزة مقابل دور اكبر في العملية الوطنية والسياسية، وكذلك سيطرة أقل لفتح على الضفة مقابل دور قيادي أكبر في المعادلة الوطنية.

> لماذا برأيك لم تجتمع القيادة المؤقتة حتى الآن رغم أن هناك اتفاقا على عقدها؟
< ليس هناك أي مبرر جدي أو أي مانع لعدم اجتماع القيادة المؤقتة (هيئة تفعيل وتطوير منظمة التحرير). فمكان الاجتماع يمكن توفيره ونحن نفضل عقده في إحدى دول الجوار لفلسطين وخاصة القاهرة بحكم ثقلها ودورها وباعتبارها مخولة من القمة العربية برعاية المصالحة الفلسطينية. ولكن إذا تعذر ذلك فهناك أكثر من عاصمة عربية جاهزة لاستضافة اجتماعات الإطار القيادي المؤقت للمنظمة. فضلاً عن ذلك فإن صيغة القيادة الفلسطينية هي صيغة طالما عملت بها الثورة الفلسطينية والقيادة الرسمية الحالية والتي تضم فصائل منظمة التحرير أو قيادات أعضاء في مؤسسات المنظمة، وقيادات أخرى من خارج تلك المؤسسات سواء أعضاء في المنظمة أم لا. والعمل بهذه الصيغة ضرورة لتوحيد الموقف الفلسطيني في إطار الشرعية الفلسطينية .

> وماذا عن موقفكم انتم؟
< نحن في الجبهة الديمقراطية نرى ضرورة لعقد اجتماع هيئة تفعيل وتطوير منظمة التحرير ومن أجل طي صفحة الانقسام الأسود واستعادة الوحدة الوطنية ورسم برنامج سياسي موحد للانتفاضة والتشاور والشروع بتشكيل حكومة وحدة وطنية.

> ما هو الحل للخروج من مأزقي حماس وفتح ممثلة بالسلطة الوطنية؟
< تتميز الحالة الفلسطينية بأزمتين خانقتين تمر بهما السلطة وحماس بمرور السلطة الفلسطينية والقيادة الرسمية بأزمة خانقة من خلال الاعتراف بالفشل الذريع لإستراتيجية أوسلو وما بعدها، ومعها فشل الالتزام بخيار المفاوضات الثنائية مع الاحتلال الإسرائيلي وتحت الرعاية الأمريكية المنفردة، بعيداً عن اعتماد قرارات الشرعية الدولية كمرجعية سياسية وقانونية لهذه المفاوضات، مما حولها إلى عملية عقيمة، وغطاء لاستمرار وتسريع وتائر الاستيطان والتهويد والحصار والقمع والاعتقال. ورغم قرارات المجلس المركزي واللجنة التنفيذية في 2015 والتي تفتح الباب لإستراتيجية جديدة وخروج من المأزق إلا أن تلك القرارات لم توضع موضع التنفيذ، بتحرير السلطة من قيود أوسلو وتبني المقاومة الشعبية والانتفاضة بالعمل وليس بالقول، وكذلك بتبني إستراتيجية اقتصادية واجتماعية بديلة توفر مقومات الصمود وقبل كل شيء وضع انجاز المصالحة من ضمن أولى الأولويات. كما شكلت هذه العملية غطاء لسياسة اقتصادية إسرائيلية عمقت تبعية الاقتصاد الفلسطيني الذي يزداد تردياً، وأضعفت الموقف التمثيلي لمنظمة التحرير وعناصر وحدة الشعب الفلسطيني. وبالمقابل تواجه حركة حماس مأزقاً خانقاً نتيجته سياسة الحفاظ على تعميق سيطرتها على قطاع غزة وتكريس انفرادها بالسلطة والقرار وتغليبها مصالحها الفئوية وهو ما يعمق انفصالها عن الضفة ويعرض غزة لتشديد الحصار وتردي خدمات الوزارات، وتفاقم معاناة 2 مليون نسمة في قطاع غزة بشكل لا يوصف. فضلاً عن اتباع سياسة إقليمية محورية وتغليب انتمائها الإخواني وبما لا يخدم مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.

> وماذا عن السلطة؟
< لقد فشل مشروع السلطة في رام الله في كسب المعركة الوطنية وأفرغت شعاراتها من مضمونها بالمقاطعة الاقتصادية والمقاومة الشعبية وإسقاط الانقسام .. الخ. كما فشل مشروع حركة حماس الفئوي في تأكيد صلاحيته كحل للقضية الوطنية الفلسطينية أو كسلطة بديلة ووصلت إلى طريق مسدود في إدارة الشأن العام في قطاع غزة. ولذلك المخرج بالمشروع السياسي الوطني الفلسطيني الموحد المستند لوثيقة الوفاق الوطني وقرارات المجلس المركزي في 5/3/2015 واللجنة التنفيذية في 4/11/2015 ببناء دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة بحدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وصون حق العودة للاجئين طبقاً للقرار 194 واعتماد قرارات الشرعية الدولية التي تضمن الحقوق الوطنية المشروعة وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني عبر الانتخاب بالتمثيل النسبي الكامل، وتبني إستراتيجية فلسطينية تجمع بين الانتفاضة وقرارات الشرعية الدولية واستخدام أسلحة القانون الدولي وتعزيز الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، وإعادة صياغة العلاقة مع الاحتلال بوقف التنسيق الأمني واتفاق باريس الاقتصادي وتطوير مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وتبني سياسة اقتصادية جديدة.

Related posts

Top