سابقة في تاريخ المسرح المغربي..

اختتمت الأحد الماضي (16 يونيو) بالعصمة التشيكية فعاليات “كوادرينالي براغ” الذي يعد أكبر معرض عالمي مخصص للسينوغرافيا وتقنيات تصميم الفضاء المسرحي، والمنظم من قبل وزارة الثقافة التشيكية، بمدينة براغ التي تعتبر من أجمل مدن العالم وأكثرها اهتماما بالفن والإبداع. واحتفل الكوادرينالي هذه السنة، في دورته الرابعة عشر، بمرور نصف قرن على تأسيسه، وبلغ عدد الدول الممثلة رسميا في هذه الدورة أكثر من ثمانين دولة، من بينها المغرب الذي يشارك لأول مرة في هذا الكوادرينالي العالمي الشهير، بحيث شارك برواقين، أحدهما يعرف بالإبداع السينوغرافي المغربي في مجال الاحتراف، والثاني يعرف بالتكوين الأكاديمي السينوغرافي بالمغرب بحضور نخبة من السينوغرافيات والسينوغرافيين المغاربة وثلة من فنانات وفناني الأداء المرموقين في المشهد المسرحي الوطني.. 
وجدير بالذكر أن جمعية “كورسين” هي حاملة مشروع المشاركة المغربية، بدعم من وزارة الثقافة والاتصال، وبتعاون مع كل من سفارة الجمهورية التشيكية بالمغرب، وإدارة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، وبمساعدة السيدة يسرا البدوي، مديرة شركة “ريفلكس آرت” التي تكلفت بالوساطة الإدارية. 
 أشرف على إنجاز الرواق المغربي الخاص بالسينوغرافيين المحترفين، السينوغراف أمين بودريقة، وهو نفسه من قام بتوقيع التصميم الفني للرواق، وكان في إدارته التقنية السيد ياسين الحور، في حين أشرف على رواق المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، الأستاذ والسينوغراف عبد الحي السغروشني بتكليف من إدارة المعهد، باعتباره رئيسا لشعبة السينوغرافيا بذات المعهد.
لقد قدم الرواقان المغربيان مادة سينوغرافية غنية وقيمة، تعكس سمة وقيمة التنوع الذي يتميز به الاشتغال السينوغرافي المغربي، وتقرب زوار الكوادرينالي الوافدين من مختلف الآفاق الثقافية من خصوصية المنجز السينوغرافي المغربي للسنوات الخمس الأخيرة. وعرف الرواق المغربي للسينوغرافيين المحترفين بكوادرينالي براغ مشاركة وازنة لثلة من المبدعين المكرسين، والذين حرصوا على تقديم مادة منتقاة بعناية، تليق بقيمة المسرح المغربي، وقد تنوعت المعروضات ما بين رسومات للتصوارت الفنية، وصور فوتوغرافية للسينوغرافيات المنجزة أخدت بعدسة خيرة فوتوغرافيي الفنون الحية بالمغرب، بالإضافة لمجسمات ثلاثية الأبعاد لأهم التصورات المشاركة، وكذلك باقة من الأزياء المسرحية المميزة. ومن بين المشاركات  التي برزت في الرواق المغربي:
> السينوغراف أمين بودريقة، بسينوغرافيا مسرحية “يموتون ولا يسقطون، لفرقة “كورسين”.
> السينوغراف سارة الرغاي، بسينوغرافيا مسرحية “نايضا”، لفرقة ستيلكوم.
> السينورغراف عبد الحي السغروشني، بسينوغرافيا مسرحية “نزف”، لفرقة مسرح لأجل سكان الجبال. 
> السينوغراف بدرية الحساني، بتصور ملابس “تورمالين” لفرقة “كورسين”.
> السينوغراف طارق الربح، بسينوغرافيا للمسرحية الأمازيغية “بريكولا”، لفرقة تيفسوين.
> السينوغراف أمال بنعياد، بتصور ملابس مسرحية “أماكن”، للمدرسة الوطنية لفنون السيرك “شمسي”.
> السينوغراف رشيد الخطابي، بسينوغرافيا للمسرحية الأمازيغية “إتصود عاود”، لفرقة تيفسوين.
> السينوغراف هدى زبيد، بتصور ملابس “إتصود عارد” لفرقة تيفسوين.
ولقد تم انتقاء الأسماء المشاركة بناء على كفاءتها في المجال المسرحي المغربي، واعتمادا على جودة مقترحها ومنجزها السينوغرافي الذي اختاره العارض بنفسه دون أي تدخل أو توجيه من المشرفين على ترتيب هذه المشاركة. 
وافتتح الرواقان المغربيان  يوم 06 يونيو 2019، ليستمرا إلى يوم اختتام الكوادرينالي، بتاريخ 16 يونيو 2019. وقد عرف الرواق المغربي الخاص بالسينوغرافيين المحترفين تقديم عروض كوريغرافية وغنائية حية، من إبداع كل من الفنانة هاجر الشركي والفنان عثمان السلامي.
  كما تشرف الرواق المغربي الخاص بالسينوغرافيين المحترفين، بزيارات رسمية وازنة، نذكر منها زيارة السفير المصري على هامش حضوره لافتتاح رواق جمهورية مصر العربية، وزيارة السفيرة اللبنانية بالتشيك، وممثل وزارة الثقافة التشيكية، بالإضافة لمجموعة من الشخصيات المسرحية المرموقة، منها الرئيس التنفيذي لمعهد الولايات المتحدة للمسرح والتيكنولوجيا مرفوقا بوفد من المبدعين الأمريكيين.
هذا وعلى هامش الدورة الرابعة عشرة لـ “كوادرينالي براغ”، شارك الوفد المغربي في الاجتماع التحضيري لتأسيس بينالي سينوغرافيي حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو ملتقى عالمي جديد للسينوغرافيا من المزمع تنظيمه في الفترة من 9 إلى 13 أكتوبر 2020 في القاهرة بجمهورية مصر بإشراف من الهيئة العالمية للسينوغرافيا، وباحتضان من جمهورية مصر العربية، وانعقد هذا اللقاء التحضيري بحضور رئيس الهيئة العالمية للسينوغرافيا وأعضاء من مجلس الإدارة ومنسقين من إسبانيا وإيطاليا والمغرب واليونان ومصر. وخلص اللقاء إلى تبني ووضع البرنامج الأساسي للبينالي..
ومما لا شك فيه أن هذه المشاركة المغربية التي تسجل لأول مرة في كوادرينالي براغ، تعد مبادرة تستحق التشجيع والثناء، وتعد بحضور أقوى في الدورات القادمة. ولا يسعنا إلا أن نشد على أيدي كل من ساهم، من قريب أو بعيد، في إنجاح هذه المبادرة الإشعاعية اللائقة بطموحات السينوغرافيين المغاربة، وطموحهم الكبير نحو المزيد من تألق وتوهج مسرحنا وفنوننا الوطنية.

> بقلم: د.  طارق الربح سينوغراف باحث

Related posts

Top