سوق باب مراكش .. بين التبضع والاستمتاع بما يكتنزه تاريخ المدينة القديمة

“سوق باب مراكش” أحد أكبر الأسواق الشعبية بالعاصمة الاقتصادية يعد “مرجعا” لفئات عريضة من البيضاويين في تقييم مستوى معيشتهم اليومية وتحديدا أسعار الخضر والفواكه وباقي المواد الغذائية. في هذا السوق الكبير يبحث آلاف البيضاويين عن حاجياتهم الضرورية، كل شيء يباع في هذا السوق المنفتح على ساحة صغيرة تحيط بها مجموعة من الدروب تتسع حينا وتضيق أحيانا أخرى لتشكل أحياء هنا وأخرى هناك، متشابهة في الكثير من تفاصيلها العمرانية.شارع الطاهر العلوي، درب بوطويل، درب السبايس، ودرب الإنجليز، كل واحدة من هذه الدروب المتشعبة تشكل سوقا طويلا ومزدحما، بل وامتدادا لسوق باب مراكش الكبير.
وحدها الرغبة في التزود بالحاجيات الضرورية للعيش اليومي بأسعار مناسبة، يمكن أن تفسر الاقبال اليومي على هذا السوق الذي يزداد رواجه خلال المناسبات والأعياد، فكل شيء موجود بهذا السوق، انطلاقا من الخضر والفواكه واللحوم والأسماك إلى المجوهرات والحلي الذهبية والفضية، وملابس الأطفال من كل الأعمار، والأزياء العصرية التقليدية للرجال والنساء والأواني ومستلزمات المطبخ، والبهارات والتوابل والعطور والأعشاب.
بيان اليوم ارتأت القيام بجولة داخل هذا السوق الكبير واستمعت لآراء عدد من المتبضعين بخصوص بعض أثمان الخضر والفواكه خصوصا وأن هذه الأيام الأخيرة عرفت بعض المستجدات الاجتماعية وأبرزها الإضراب الوطني الذي شنته شاحنات نقل السلع لمدة يومين احتجاجا على ارتفاع ثمن المحروقات، والذي بلا شك كانت له تبعات اقتصادية تضررت منها الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة.
بيان اليوم رصدت حجم الرواج داخل هذا السوق العريق الذي يسمى “باب مراكش” وهو اسم أحد مداخل المدينة العتيقة.
خديجة أوالحاج، التقتها بيان اليوم عند مدخل السوق الذي يعج بباعة يتجولون بعربات خشبية محملة بشتى أنواع الخضر والفواكه، مثل الطماطم الفلفل والبطاطس، البرتقال والتفاح والموز والأفوكا، العنب والرمان.
أفادت بأن أسعار الفواكه والخضروات عرفت ارتفاعا ملحوظا خلال اليومين الماضيين اللذين تزامنا والاضراب الوطني الذي شنه أصحاب شاحنات النقل، مشيرة في هذا الصدد، إلى الطماطم التي قالت إن ثمنها ارتفع من 2 إلى 5 دراهم، مضيفة، أن غلاء هذه المادة التي تعتبر أساسية في كل بيت يؤثر على ميزانية الأسر التي تستهلكها بكثرة وطرق متنوعة، إذ يمكن استخدامها كثمرة خام دون إضافات، كما يمكن استعمالها في العديد من الأطباق والشربات.
وتابعت المتحدث كلامها، بخصوص ارتفاع ثمن بعض الخضر بالسوق الكبير خلال تلك الفترة، أن ثمن الكيلو الواحد من الجزر الذي لم يكن يتجاوز ثمنه 4 دراهم أصبح بـ 10 دراهم، وأن سعر الكيلو الواحد من اللفت الأبيض قفز إلى 12 درهما ولم يكن ثمنه يتعدى 6 دراهم، بينما، ارتفع ثمن “البطاطا” الذي كان يتراوح ما بين 2.50 و 3 دراهم إلى 8 دراهم.
غير أن خديجة، تقول بأنه بعد انصرام مدة الاضراب الوطني لأصحاب شاحنات نقل السلع
انخفضت أسعار الخضر والفواكه بعض الشيء، لكن من دون أن تعود لوضعيتها السابقة.
خديجة، لم تتحدث فقط عن أسعار الخضر والفواكه بسوق باب مراكش، بل خصصت جزءا من كلامها للحديث عن هذه المنطقة التي تنتمي إليها، حيث كل زائر لهذه الحاضرة الكبرى، لابد وأن تجتذبه زيارة سوق باب “مراكش” سواء للتبضع أو الرغبة في الاستمتاع بما يكتنزه تاريخ هذه المدينة القديمة من أصالة تعبر عنها أسوارها وأقواسها وأناسها القدامى الطيبون، تقول خديجة، إن “باب مراكش” من المأثر التي لا زالت صامدة بالعاصمة الاقتصادية، مشيرة إلى دوره في اجتذاب السياح. خديجة تقول إنها جد فخورة بالانتماء إلى المدينة القديمة، لكنها في نفس الوقت غير راضية على ما وصفته بالوضعية المتردية التي آلت إليها المنطقة في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت قبلة لكل من هب ودب من الباعة المتجولين واللصوص والمنحرفين وباعة المخدرات، ناهيك عما يعرفه سوق باب مراكش بالخصوص من انتشار للأزبال.
وبعد جولتها بمتاهات بعض الدروب والأزقة حيث يقبع الملاح كشاهد على فترة مزدهرة من تاريخ اليهود بالمنطقة والذين هجروه منذ حرب1967.
وقفت بيان اليوم عند محمد لكحل تاجر”دجاج” بسوق باب مراكش، وسألته عن وضعية أسعار الدواجن بهذا السوق، خلال هذه الأيام، فكان رده بأن الأثمان كانت مستقرة إلى حدود أمس الثلاثاء، حيث سجل ارتفاع كبير في أثمان الدواجن، لا سيما، الدجاج الأبيض الذي وصل سعره 25 درهما للكيلو، بعدما كان ثمنه يتراوح ما بين 14 و15 درهما، وذلك بسبب إضراب شاحنات نقل السلع، مسجلا أن ذلك له بالغ التأثير على القدرة الشرائية للمستهلكين وأضاف المتحدث أن هناك بعض الاختلاف في الأسعار يلاحظ من بائع إلى آخر، ولكنه بسيط، ومرد ذلك يقول، إلى كلفة الإنتاج وجودة السلع والمعروضات، مشيرا إلى أنه، باستثناء أسعار الفواكه والخضر التي ارتفع ثمنها خلال فترة الإضراب، فإن وضعية الأثمان بالسوق مستقرة نظرا للتنافسية الكبيرة بين التجار من جهة وبين هؤلاء والباعة المتجولين من جهة أخرى.
وفي سياق هذه الجولة برحاب باب مراكش، سجلت بيان اليوم، كيف يبحث آلاف البيضاويين عن حاجاتهم ومتطلباتهم في هذا السوق الكبير، ولاحظت كيف تعرض السلع فيه، مرتبة ومصفوفة في المحلات التجارية بل وحتى على الطاولات الخشبية في الأزقة الضيقة، واكتشفت كيف يتدبر الناس معيشتهم ويتحملون كل هذا الازدحام في هذا السوق الكبير.
زهرة أحرير، شابة في مقتبل العمر، قالت في حديثها لبيان اليوم، لا يوجد شبر في الأزقة الضيقة لسوق باب مراكش لم تعرض فيه بضائع، حتى عندما توجد مساحات صغيرة جدا بين الدكاكين، فإن هناك من يستغلها ولو لم يتجاوز عرضها المتر الواحد، لعرض بضائع صغيرة، مثل محافظ اليد والأحزمة الجلدية وغيرها…أما عندما يتسع الزقاق، فإنه يكون فضاء لعرض السلع والمعروضات فوق الطاولات الخشبية لا تترك إلا ممرات ضيقة لمرور المتسوقين.
وأضافت أن الكثير من البيضاويين يقصدون هذا السوق، لأنه يوفر كل الحاجيات بداية من الخضر والفواكه واللحوم والأسماك، وانتهاء بالمجوهرات وملابس الأطفال، والأزياء العصرية والتقليدية الخاصة بالرجال والنساء، والأواني ومستلزمات المطبخ، والبهارات والتوابل والعطور والأعشاب.

> سعيد أيت اومزيد

Related posts

Top