سياسات تخفيف أثر التغير المناخي على الهجرة والصحة.. موضوع ندوة دولية بمراكش

أكد المشاركون في ندوة، نظمت بمراكش يوم الخميس الماضي، حول تغير المناخ والهجرة والصحة، أن تعاونا دوليا معززا يبقى ضروريا من أجل إرساء سياسات تدمج تأثير تغير المناخ على الهجرة والصحة.
ودعا مختلف المتدخلين، خلال الجلسة الختامية لهذه الندوة، التي نظمتها المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب، بتنسيق، على الخصوص، مع وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية، إلى بلورة برامج واستراتيجيات لتقليص الهشاشة الناجمة عن آثار ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي جراء تغير المناخ، والتي تؤثر بشكل كبير على صحة الإنسان، والهجرة.
وأكدوا، في التوصيات الصادرة في ختام أشغال الندوة، أهمية تعزيز تطوير الصمود في مواجهة التأثيرات المناخية، التي تشكل مفتاح جعل المنظومات الصحية مستجيبة وصامدة إزاء آثار تغير المناخ، وتقديم أجوبة مناسبة وفي المتناول خلال تقديم خدمات صحية متكيفة مع المناخ، ومساعدات أخرى ذات الصلة (الولوج إلى الماء، وإلى الغذاء..).
وأجمع المشاركون على اعتبار أنه يمكن للهجرة أن تشكل استراتيجية تكيف فعالة عندما تكون آمنة ومنظمة وقانونية، داعين إلى تنويع طرق الهجرة القانونية تحسبا لارتفاع وتيرة تنقل البشر في سياق التغير المناخي.
كما أبرزوا، من جهة أخرى، أهمية تقوية قدرة الأفراد والمجتمعات الهشة على الصمود في مواجهة الكوارث التي يسببها المناخ، مشيرين إلى أنه يتعين أن تشمل الأعمال تقييم المخاطر وأعمالا استباقية، وتقوية القدرات في مجال الاستعداد والاستجابة بعد الكوارث.
واعتبروا أنه “من الضروري وضع أنظمة إنذار مبكر ترتكز على معطيات الرصد الجوي والوبائي، وكذا مباشرة أعمال استباقية للكشف عن ظهور أمراض مرتبطة بتغير المناخ”، داعين إلى تطوير منظومات مندمجة للمراقبة والاستجابة للأمراض وطوارئ الصحة العمومية.
وأكدوا أنه طبقا لروح المسؤوليات المشتركة ولكن المتباينة، يعد توفير وتكثيف التمويل المناخي من قبل البلدان الصناعية، أمرين أساسيين لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمعالجة الروابط بين تغير المناخ والصحة والهجرة، فضلا عن أولويات أخرى من حيث التكيف والتخفيف من آثار تغير المناخ، مشيرين إلى أنه يتعين تكثيف تعزيز القدرات من قبل البلدان الصناعية لصالح البلدان النامية لدعم الانتقال، خصوصا عبر تحويل المنظومات الصحية الصامدة إزاء تغير المناخ.
وقال الناطق باسم المنظمة الدولية للهجرة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، محمد علي أبو نجيلة، في تصريح لقناة (إم 24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه “من الضروري توحيد جهود المجتمع الدولي لوضع استراتيجيات وسياسات لمواجهة ظاهرة تغير المناخ” مضيفا أنه “لا يمكن لأي بلد أن يواجه آثار تغير المناخ بمفرده”.

وكشف أبو نجيلة أن المنظمة الدولية للهجرة تعمل مع الحكومات الوطنية على وضع استراتيجيات وسياسات لمواجهة هذه الظاهرة المتنامية والخطيرة على حياة ملايين الأشخاص، مبرزا أن الأمم المتحدة تتوقع 250 مليون لاجئ مناخي في العالم سنة 2050، أي عشرة أضعاف العدد الإجمالي الحالي للاجئين والنازحين الداخليين.
من جهته، أشار المكلف بمشروع في برنامج الأمم المتحدة الانمائي، جلال المعطى، إلى أن هذه الندوة سلطت الضوء على أهمية إطلاق دراسة لتقييم الهشاشة أمام التغيرات المناخية، وبلورة مخططات للتكيف والتخفيف من آثارها على المستوى الوطني وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ودعا، في هذا الاتجاه، البلدان المتقدمة إلى تحمل مسؤوليتها وزيادة تكثيف جهودها لمواكبة البلدان النامية في التكيف مع عواقب تغير المناخ.

وقالت رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة بالمغرب، لورا بالاتيني، في تصريح لقناة (إم 24)، بالمناسبة، إن “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يطالها، على الخصوص، التغير المناخي. ومن ضمن 17 بلدا يعاني من ندرة الماء، 11 منها بهذه المنطقة. لذلك يتعين بشكل مستعجل إجراء نقاشات من هذا القبيل”. وأوضحت أن اللقاء يروم “بلورة توصيات يتم اعتمادها من قبل الحكومات والمنظمات الدولية، من أجل إرساء سياسات عمومية تتناغم مع احتياجات المهاجرين في وضعية حركية ناجمة عن التغير المناخي”، مشيدة بانعقاد اللقاء بمراكش، المدينة التي احتضنت قمة المناخ (كوب 22) سنة 2016 وشهدت على توقيع الميثاق العالمي للهجرة سنة 2018.

وأكد ممثل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنسق المقيم بالنيابة بالمغرب، فرانسوا ريبيت-ديغات، في تصريح مماثل، أن هذه الندوة تكتسي أهمية بالغة بشأن تقاسم المعطيات والتحليلات حول الترابطات المعقدة بين التغير المناخي والهجرة والصحة، و”الذي يعد سبب الحركية المختارة أو القسرية، ويؤثر بدوره على الصحة”.
وكشف أن اللقاء يتوخى “تدارس العلاقات المعقدة بين هاته العناصر الثلاثة، ولاسيما تقاسم التجارب بغرض استيعاب هذه الترابطات والإجابة عنها سويا”.
من جانبه، أبدى سفير فنلندا بالمغرب، بيكا هيفونين، ارتياحه للاختيار الصائب لهذا الموضوع، الذي يكتسي أهمية بالغة في إثراء النقاش بخصوص إرساء وتطوير منظومات هجرة وصحة صامدة في البلدان المعنية.
وأعرب عن اعتزازه لكون وزارة الخارجية الفنلندية هي التي تمول المشروع الإقليمي “تعزيز صحة وحماية المهاجرين في أوضاع هشة في المغرب وتونس وليبيا ومصر والسودان واليمن”، والذي أطلق سنة 2015 ويوجد قيد التنفيذ في مرحلته الثالثة (2020-2023).
أما رشيد الطاهري رئيس قسم التغيرات المناخية والاقتصاد الأخضر بمديرية التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي والاقتصاد الأخضر بوزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، فكشف أن اللقاء يعكس الرغبة المشتركة لـ”وصف حالة الآثار المترتبة عن الاضطراب المناخي على الصحة والهجرات الداخلية والعابرة للحدود والروابط بين هاته التحديات الثلاث”. وقال “نحن مقتنعون بأنه يتوجب علينا توطيد عملنا وتعزيز التعاون بين بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في إطار تضامن إقليمي من أجل تطوير سياسات للهجرة تدمج وقع التغير المناخي على الهجرة والصحة”.
من جهتها، أكدت أسماء الشاوي رئيسة وحدة الصحة والهجرة بمديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، أن الوزارة أرست مخطط عمل وطني لتكييف قطاع الصحة مع التغيرات المناخية بغرض “التوقي” ورصد واستباق والتصدي للتهديدات الصحية ذات المنشأ المناخي.
وأشارت إلى انخراط الوزارة في تحسين ولوج المهاجرين، لاسيما الذين يوجدون في وضعية هشاشة، للخدمات الصحية في إطار احترام الحقوق الأساسية، مذكرة بمختلف المبادرات التي أرساها القطاع في هذا المجال.
ويندرج هذا اللقاء، الذي نظم، على مدى يومين، في إطار المشروع الإقليمي “تعزيز صحة وحماية المهاجرين في أوضاع هشة في المغرب وتونس وليبيا ومصر والسودان واليمن”، الذي يحظى بتمويل من وزارة الخارجية الفنلندية.
ومن شأن التوصيات الصادرة عن الندوة، التي تتماشى مع الهدف 13 من خطة التنمية المستدامة لسنة 2030 والهدف 2 من الميثاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، دعم “مساهمات مؤتمر الأطراف الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 27) الذي سيعقد بمصر في نونبر 2022، وكذا المبادرة الرئاسية المصرية حول المرأة والصحة، التي تم إطلاقها في يوليوز 2020”.

Related posts

Top