شراء الأضحية هذه السنة

مع اقتراب عيد الأضحى، تتفاقم هواجس فئات واسعة وسط شعبنا جراء تضرر وضعها المادي بسبب ظروف الجائحة، ويعم الانشغال باقتناء الأضحية، وخصوصا بتوفير كلفة ذلك.
من المؤكد أن تعاليم الدين تنص على أنه (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها)، لكن عادات الأسر، والتقاليد لديها، تجعل الحرمان من خروف العيد أمرًا صعب التحمل، خصوصا بالنسبة للأسر التي لديها أطفال، ولذلك يصير الأمر إكراها حقيقيا، خصوصا في هذه السنة الاستثنائية والصعبة.
لقد أعلنت السلطات العمومية عن فتح أسواق بيع المواشي، وكشفت عن التدابير والإجراءات الوقائية والاحترازية ذات الصِّلة بالمناسبة، وأوردت الأخبار والإحصائيات معطيات مطمئنة عن واقع القطيع وتوفر العرض الكاف، ولكن، رغم ذلك، لا يتعلق الأمر فقط بالجوانب الللوجيستيكية والتنظيمية، وإنما أساسا بالقدرة المالية لآلاف الأسر، ومدى استطاعتها شراء الأضحية.
هنا السؤال الجوهري.
أمامنا واقع استئناف الحركة الاقتصادية، ويجري ذلك بشكل بطيء، علاوة على أن فئات عديدة يرتبط قوتها بقطاعات غير مهيكلة، وبمهن عشوائية يومية، وفئات أخرى تعيش أصلا بلا أي دخل، وكل هذا، كشفت ظروف “كوفيد – 19” تفاصيله، وأبرزت أن شعبنا يعاني فعلا من العوز والفقر والحاجة والهشاشة، وحتى القانون المالي التعديلي جاء مخيبا ولم ينجح في تقديم إشارات ورسائل مطمئنة حول احتضانه للسؤال الاجتماعي، ومن ثم تواصل القلق، على هذا المستوى، وسط شعبنا، وتحل مناسبة عيد الأضحى لتزيد من هذا الإحساس بالخيبة والحرمان.
لا شك أن الدعم الاجتماعي الموجه للأسر الفقيرة جسد مجهودا كبيرا ومقدرا بذلته الدولة، ونأمل، مع ذلك، تصحيح مختلف اختلالاته ونقائصه الميدانية، وأيضا تسريع صرف دفعته الحالية، وأن تساهم في التخفيف، ولو نسبيا، من ضغط إكراه العيد، لكن كان يجب أن تفكر الحكومة ولجنة اليقظة في مدخل إضافي يستحضر الظرفية الحالية، ويأخذ بعين الاعتبار مصاريف عيد الأضحى، وذلك بما يحقق ولو بعض الاستقرار النفسي وتخفيف شعور الغبن لدى أسر فقيرة عديدة.
من جهة ثانية، وفضلا عن دور الحكومة ولجنة اليقظة، يجب تقوية التحسيس والتعبئة وسط المجتمع، عبر مختلف وسائل التواصل الممكنة، وذلك لتحفيز التضامن الشعبي والوطني وتمتين التعاون بين الناس، من أجل المساعدة في التخفيف من حدة الحاجة والخصاص.
أيضا يمكن الانتباه إلى أن تخفيف الوصاية عن عمل الجماعات المحلية، والتعاون مع مجالسها بهذا الخصوص، من شأنه ربما توفير مداخل إضافية أخرى لتفعيل هذه المساعدة الاجتماعية بشكل ميداني…
كل هذا يروم جعل بلادنا وشعبنا يعبران هذه المحطة بسلام، ويحقق التقليل من الفوارق، وأيضا تمكين أغلب الأسر من اقتسام فرحة العيد، وعدم الإحساس بالحرمان والخيبة.
نأمل لكل شعبنا عيدا طيبا مباركا، ونتطلع أن تكرس  المناسبة استقرار مجتمعنا، وأن تواصل بلادنا استعادة حركيتها الاقتصادية والتنموية، وأن تربح كل التحديات.

< محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top