شرود محلل

تحظى تغطية قناة أبوظبي الرياضية لمسابقة كأس محمد السادس للأندية الأبطال في كرة القدم، بنوع من القبول والإعجاب داخل الأوساط الرياضية الوطنية، مقارنة مع ما يقدم بالقنوات الوطنية التابعة للقطب العمومي.
إلا أن أي مقارنة في هذا الإطار يقتضي استحضار الفارق الشاسع في الإمكانيات وهوامش العمل، تجنبنا للسقوط في مقارنة ظالمة تحبط عزائم كوكبة كبيرة من الصحفيين والتقنيين والإداريين العاملين بقنواتنا الوطنية.
هذا الصيت الإيجابي للقناة الإماراتية، تخدشه للأسف بين الفينة والأخرى تحاليل وأحكام وتعاليق مجانبة للصواب، صادرة عن محللين متعاقدين مع القناة التي تسعى جاهدة إلى التميز، في محاولة لكسب مساحة أكبر داخل وسط منافسة شرسة.
محللون لا يكتفون بالتحليل وإبداء الرأي، وإعطاء وجهة نظر على اعتبار أنهم يخاطبون عامة الناس، إذ نجدهم لا يترددون في الخروج عن الإطار، في محاولة للاستفادة من “البوز” الذي تمنحه وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك باللعب على الصراعات والسعي لاستمالة المزيد من المتتبعين، أو بالأحرى المروجين لتصريحات ومواقف شخصية، هدفها الاستهلاك الإعلامي الذي يفتقد كليا للموضوعية.
آخر هذه الخرجات ما جاء على لسان المصري خالد بيومي الذي يسمح لنفسه كلما رأى الفرصة مواتية، التدخل في الشؤون الداخلية لكرة القدم الوطنية، تدخلات فجة غير منطقية، المهم بالنسبة لصاحبها هو كسب مؤدين بغض النظر عن المسؤولية الأخلاقية والمهنية.
صاحبنا هذا، وخلال الأستوديو التحليلي لمساء يوم الجمعة الماضي قبل مباراة الإياب بين فريق الرجاء البيضاوي ضد نادي مولودية الجزائر، ألمح إلى أن هناك تعاملا تفضيليا من طرف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في علاقتها مع الوداد والرجاء، وأن هناك ميزا في منح راحة لهذا الفريق دون آخر، كما أعطى لنفسه حق تذكير المسؤولين عن كرة القدم الوطنية، بطريقة غير بريئة، بأن منافسة البطولة العربية تحمل هذه السنة اسم جلالة الملك محمد السادس.
فلماذا تدخل هذا السيد في أمور بعيدة كل البعد عن الدور المطلوب منه كمحلل مطوق بمجموعة من الضوابط المتعارف عليها في مهمة التحليل والتعاطي التقني، وقراءة مجريات المباريات وطرق اللعب والتكتيكات، ولماذا لم ينتقد عدم مشاركة الناديين المصريين الكبيرين الأهلي والزمالك، إذ كانت لديه كل هذه الغيرة التي نزلت عليه فجأ.
ليست المرة الأولى التي يخرج فيها صاحبنا بيومي عن السياق، فقد سبق أن هاجم الموسم الماضي، ممثل الوداد أثناء القرعة، كما شن هجوما على جامعة كرة القدم، مباشرة بعد برمجة مباراة الرجاء ضد فريق الدفاع الجديدي بملعب العبدي، إذ ثارت ثائرته فجأة، وقال كلاما غير لائق به كمحلل من المفروض عليه التزام الحياد، والابتعاد عن إثارة النعرات والدخول في الصراعات الهامشية والحروب الصغيرة، والتحول إلى طرف وسط نزاع مطبوع باختلافات عميقة لا يدري أبعادها وانعكاساتها.
لن نسمح لأنفسنا بمخاطبة إدارة القناة الإماراتية مباشرة بخصوص تجاوزات محللها المصري، نكتفي بتذكير الشخص المعني بالأمر بأن الحياد ضروري في عمله، وأن المغاربة قادرون على حل مشاكلهم الداخلية بأنفسهم، دون تدخلات أو حتى نصائح خارجية، أو تلقي دروس من أي جهة كانت، خصوصا إذا كان القصد من ورائها طموحات فردية بئيسة تفتقد الرزانة والحكمة، والترفع عن الخوض في صغائر الأمور.

محمد الروحلي

الوسوم ,

Related posts

Top