شعيب حليفي يسلط الضوء على سيرة الرحالة المغربي إستيبانيكو الأزموري

حاول الدكتور شعيب حليفي في محاضرة ألقاها، مؤخرا، بمدينة أزمور تحت عنوان “الرحلة والتشكيل في حضرة ذاكرة أزمور” تسليط الضوء على سيرة الرحالة المغربي “سعيد بن حدو أو مصطفى أو إستيبانيكو الأزموري”، معتبرا إياه “واحدا من المجتمع السفلي الناهض من القرن السادس عشر المثقل بالعطب والمحن، والذي تحول من فاقد للحرية إلى صانع لها وللمجد في سيرورته الرائعة”.
وللنبش في أسرار هذه الرحلة الاستكشافية وخباياها، أجرت وكالة المغرب العربي للأنباء حوارا مع الكاتب والروائي والناقد الأدبي والأكاديمي المغربي حليفي أجاب فيه عن أسئلة
الوكالة بهذا الخصوص.

> كيف راودتكم فكرة الغوص والبحث في الرحلة الاستكشافية للرحالة سعيد بنحدو؟
< يعود الاهتمام برحلة ومصير مصطفى الأزموي / استيبانيكو إلى رؤية عامة للثقافة والمجتمع من منظور البحث في ما يشكل ملامح هويتنا على المستوى الحضاري والثقافي، كما أن هذا الاهتمام هو جزء من اشتغالنا الأكاديمي الجامعي حول السرديات الصغرى والكبرى التي أهملها التاريخ والمدونات الرسمية.

> هناك آراء متضاربة حول دوافع هجرة أو رحلة بنحدو، كباحث متخصص في مجال الرحلة، ماذا ترجحون؟
< لا يوجد تضارب علمي مبني على أسس ووثائق، وإنما هي افتراضات. ولعل الفرضية الأقرب إلى التصديق هي التي ترتبط بالسياق التاريخي والاجتماعي، الذي يجمع الكل على وجوده، بالإضافة إلى ما توفر من وثائق برتغالية ومغربية، تشير إلى وجود البرتغال وحالة الضعف المغربي ثم سنوات المجاعة، وجميعها مؤشرات أو احتمالات لحدث كان في ما قبل نتيجة معلومة، وهو تواجد مصطفى الأزموري بالديار الإسبانية.
أحيانا لا تكون بعض الأحداث حاسمة في بناء فكرة أو صورة، لأن الأزموري سواء هاجر برغبته أو عن طريق مقايضة أو احتمال ثالث لا علم لنا به.. هي أمور كانت ضمن سياق واحد بصور متعددة.

>كما تفضلتم في عرضكم القيم، بدأت الرحلة من إسبانيا، هل من تفاصيل أكثر؟
< تفاصيل الرحلة التي كان الأزموري جزء منها تتأتى من المعلومات التي وفرتها الوثائق حول شكل الرحلات الاستكشافية، أو الاستعمارية، التي سادت بعد 1492م واستمرت بطموحات وخيالات وعجائب ومآسي كثيرة، ثم أيضا ما تركه مسؤول كبير في الرحلة وهو كابزا دي فكّا الذي دوّن الرحلة في شكل تقرير، قال فيه جزءا من الحقائق العامة والأساسية، ونحن في استقرائنا ومقابلة الوثائق والسياق وما جاء لاحقا مع الراهب ماركوس في الجزء الثاني من الرحلة وجدنا ما يمكنه أن يمنحنا إمكانية بناء الرحلة، وهو ما قام به عدد من الباحثين الأمريكيين وكذلك المغاربة.
الآن، لا أحد يجادل أن مصطفى الأزموري / إستيبانيكو هو واحد من أهم المستكشفين في أمريكا بشهادة كافة المؤرخين، فهو مكتشف ما يُعرف اليوم بولايتيْ أريزونا ونيو ميكسيكو، وأحد المكتشفين الأوائل لولايتيْ فلوريدا وتكساس، وما زال اسمه في أناشيد قبيلة زوني، مثلما هناك أماكن باسمه بتكساس وأريزونا، وتماثيل واحتفالات تستعيد صوته وخطواته الواثقة والمسالمة.

> لقي استيبانيكو متاعب وأهوال كثيرة قبل اكتشافه لعدد من الولايات الأمريكية، هل من توضيحات إضافية؟
< ولعله أهمهم وأنبلهم لكونه، أولا، قرر لوحده مواصلة الرحلة في الوقت الذي تخلى من بقي معه وعادوا مرتعبين مما رأوا من أهوال. وثانيا كل الوقائع تُجمع أنه كان مختلفا عن باقي المستكشفين الذين مارسوا القتل والتعذيب والسرقة، بينما كان الأزموري مسالما ومساعدا وحاملا للأمل لهم، لأنه مثلهم عانى من ويلات الاستعمار والاستعباد. لذلك لا نستغرب أن يبقى ذكره والاحتفال به، حتى الآن، دون غيره، في تقدير لسلوكه وشجاعته.

> هناك فرضيات كثيرة ومتضاربة حول وفاته، في نظركم ما هي الفرضية الأقرب إلى الحقيقة؟
< الفرضية الأقرب إلى المنطق (والمنطق ليس هو الحقيقة المطلقة بل هو النسبي الذي يتوافق مع المعطيات) أنه لم يُقتل أبدا، ولكن الشعوب دائما كانت لها حيلها في التعامل مع الوقائع واختلاق الروايات من أجل إخفاء أمر ما.
الحقيقة الغائبة في كل الروايات أن احتمال بقاء الأزموري حيا وارد ضمن سيناريو بينه وبين قبائل زوني الذين أوهموا الراهب ماركوس ومن خلاله الحاكم مندوزا بموت الأزموري الذي بقي معهم وصار واحدا منهم، وما يؤكد هذا أن قبائل زوني / سيبولا تجسد مصطفى الأزموري في واحد من طقوسها الدينية، منذ خمسة قرون خلت، فقد تحول من ابن الشمس المشع إلى سر مقدس عاش بينهم ومات بعدما شاخ.

Related posts

Top