صفحات من تاريخ مشاركات المغرب بالألعاب الأولمبية الصيفية

لا شك أن دورة الألعاب الأولمبية الصيفية تظل أهم حدث رياضي على مستوى العالم ما دامت مسرحا للتنافس على المعدن الأولمبي من ذهب وفضة وبرونز بين أبطال وبطلات في رياضات عريقة ومتنوعة جماعية وفردية. تظاهرة كونية تطورت مع مرور السنوات منذ أول دورة أولمبية بأثينا سنة 1896، انتهاء بأولمبياد طوكيو 2020 التي كانت مقررة الصيف الماضي لكنها تأجلت إلى العام الجاري بسبب جائحة كورونا. وبالنسبة للرياضة المغربية، فقد تأخر ظهورها في هذا المحفل الكوني إلى سنة 1960 عندما شاركت أولمبياد روما في 10 أنواع رياضية، إلا أنها كانت مشاركة مميزة بظفر العداء عبد السلام الراضي بفضية سباق الماراطون. في المجمل شارك المغرب بالأولمبياد في 14 دورة منذ 1960 ولم يغب سوى عن نسخة 1980 بموسكو احتجاجا على غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، وحصد ما مجموعه 22 ميدالية (6 ذهبيات و5 فضيات و11 برونزية). ومع تبقي قرابة 100 يوم على انطلاقة الأولمبياد الياباني، ارتأت بيان اليوم أن تنبش في تاريخ المشاركة المغربية بالألعاب الأولمبية، وأن تعرض معطيات وأرقاما حول الحضور المغربي في 14 دورة أولمبية بما عرفتها من نجاح وتوهج وإخفاق وانكسار.

الحلقة16

أثينا 2004 .. الكروج يولد من جديد بثنائية ذهبية تاريخية في سباقي 1500م و5000م 1/2

شارك المغرب في أولمبياد أثينا بين 13 و29 غشت 2004 بوفد كبير يضم 58 رياضي ورياضية (49 ذكرا و9 إناث) في 9 ألعاب هي ألعاب القوى وكرة القدم والملاكمة والتايكواندو والجيدو ورفع الأثقال والسباحة والتنس والمسايفة، وتمكن من إنهاء المنافسات في الرتبة الـ34 في سبورة الترتيب العام برصيد ميداليتين ذهبيتين وأخرى فضية.
وفي هذه الدورة، بصم العداء هشام الكروج على إنجاز تاريخي بفوزه بثنائية ذهبية في سباقي 1500 متر و5000 متر، ليصبح أول عداء يحقق هذا الإنجاز منذ أولمبياد 1924 بباريس عندما فاز الطائر الفنلندي بآفو نورمي بذهبيتي السباقين معا، ويعوض خيبة الأمل في دورتي أطلانطا 1996 عندما تعثر في نهائي 1500 متر وحل أخيرا، وسيدني 2000 التي اكتفى فيها بميدالية فضية.
لكن “المشاركة الثالثة كانت ثابتة” للكروج الذي دخل الأولمبياد اليوناني، وهو متحمس لانتزاع الثنائية رغم أن مدربه عارض مشاركته في سباق 5000 متر، ومتسلحا بإنجازاته المتعددة، وعلى رأسها لقب عالمي رابع على التوالي (أثينا 1997 وإشبيلية 1999 وإدمنتون 2001 وباريس 2003) إضافة إلى 3 ألقاب ببطولة العالم داخل القاعة (برشلونة 1995 وباريس 1997 ولشبونة 2001)، ناهيك عن فوزه بالدوري الذهبي 4 مرات (1998 و2000 و2001 و2002) والجائزة الكبرى (ميلان 1996 ووموسكو 1998 وملبورن 2001 وباريس 2002).
في نهائي 1500 متر، انطلق السباق ببطء قبل أن يقرر الكروج رفع وتيرته بعد 800 متر الأولى، في وقت نجح العداء الكيني برنارد لاغاث في تجاوز العداء المغربي في الـ50 متر الأخيرة، لكن إصرار الكروج مكنه من العودة إلى الطليعة، ليحسم السباق لصالحه بتوقيت 3 دقائق و34 ثانية و18/100، بينما حل لاغارث ثانيا بزمن قدره 3 دقائق و30 ثانية و30/100، يليهما البرتغالي روي سيلفا في المركز الثالث بتوقيت 3 دقائق و34 ثانية و68/100.
بعد هذا اللقب أربعة أيام، حول الكروج أطماعه صوب سباق 5000 متر، وهي المسافة التي لم يتعود عليها البطل المغربي رغم أن أول مشاركة له ببطولة العالم للفتيان كانت فيها، ودخل السباق وهو حائز فقط على الميدالية الفضية لسباق 5000 متر ببطولة العالم الأخيرة، لكنه كان يدرك أيضا أن المنافسة ستكون شرسة للغاية على المعدن النفيس مع العداءين الكيني إليود كيبشوج والإثيوبي كينينيسا بيكيلي، والذين أحرزا ذهبية وبرونزية بطولة العالم.
السباق كان بطيئا ما صب في مصلحة الكروج الذي متربصا ببيكيلي الذي انطلق بسرعة في الأمتار الـ200 الأخيرة، لكن الكروج انتفض قبل نحو 50 مترا، ليدخل خط النهاية بتوقيت 13 دقيقة و14 ثانية و39/100، بفارق 20 جزء من الثانية عن بيكيلي، بينما حل كيبشوج في المركز الثالث بتوقيت 3 دقائق و15 ثانية و10/100.
ويتحدث الكروج عن هذا الإنجاز قائلا “صراحة، لست قادرا عن التعبير على الفرحة والسعادة التي تغمرني بعد إحراز هذا اللقب الذي كنت أستحقه في أطلانطا وسيدني، وأحرزته في أثينا التي تعني الشيء الكثير لي لأنها مهد الألعاب الاولمبية الحديثة ومسرح أول لقب عالمي لي”.
ويضيف البطل العالمي والأولمبي “أنا سعيد جدا بهذا الانجاز، كنت دائما متفائلا ولم أفقد في يوم من الأيام الأمل في إمكانية حصولي على لقب أولمبي، وكانت ثنائية الذهب الخالدة ثمرة العمل المتواصل والتدريبات الشاقة”.
وكما قال الكروج “أريد أن يذكرني التاريخ بأني أفضل عداء في تاريخ للسباقات المتوسطة”، فقد نجح فعلا في أن يصبح أفضل عداء في التاريخ، وتحديدا في سباق 1500 متر.

<إعداد: صلاح الدين برباش

Related posts

Top