ضعف الثقافة القانونية

تستأنف الاثنين القادم مباريات البطولة الوطنية الاحترافية لكرة القدم في قسمها الأول، بإجراء المباريات المؤجلة، تتقدمها المباراة المثيرة للجدل بين فريقي الدفاع الحسني الجديدي والرجاء البيضاوي عن الدورة التاسعة، والتي تقرر إعادة برمجتها من طرف اللجنة التأديبية التابعة للجامعة، وهو القرار الذي استأنفته إدارة الفريق الجديدي بداية الأسبوع.
وفي انتظار جديد هذه النازلة التي شغلت بال الرأي العام الوطني طيلة سبعة أشهر كاملة، قرر الدفاع الجديدي، رغم عدم قبول الحكم ابتدائيا، لعب المباراة المبرمجة من طرف العصبة، ووافقت عليها الجامعة كبداية للقاءات المؤجلة وما أكثرها، قبل أن يتقرر توقيف المنافسات بسبب وباء “كوفيد 19”.
قرار إدارة فريق الجديدة، بخوض المباراة، نابع كما جاء في بلاغ لإدارته في الموضوع، من احترام تام للمؤسسات، ودون انتظار ما ستسفر عنه مراحل التقاضي التي سلكها، على أمل أن ينصف بملف لا ذنب له في حيثياته ومختلف تفاصيله ومراحله.
إلا أن “فارس دكالة” وجد نفسه فجأة مجبرا على الدفاع عن مصالحه بالطرق القانونية المحددة من طرف المشرع، وبكثير من الروح الرياضية العالية وضبط النفس.
إلا أن هذا الموضوع لابد وأن يفتح عيوننا عن إشكال حقيقي تعاني منه المنظومة الرياضية عموما، ويتجلى في ضعف الثقافة القانونية لدى جل المتدخلين، وما اللغط الذي عرفه ملف مباراة ملعب العبدي، إلا مثال صارخ على افتقاد أغلب المؤسسات الرياضية لخبراء ومختصين متمرسين في الجانب القانوني. 
فكثرة التفسيرات والتأويلات والقراءات المتناقضة، والسعي اليائس لتطويع الفصول، للوصول إلى أهداف معينة، لا يساهم أبدا في إغناء الحقل القانوني في جانبه الرياضي، بقدر ما يزيد من تعقيد الأمور، ويدفع بها نحو متاهات واتجاهات غير صحيحة تماما، تظهر  إلى حد كبير الجهل الخطير الذي يسيطر على الوسط الرياضي، فيما يخص الجانب القانوني والتشريع الرياضي. 
وهنا يمكن أن نستحضر الصعوبة التي وجدها فريق الوداد البيضاوي والأخطاء التي ارتكبت في إعداد ملف الدفاع،  في نزاعه مع الترجي التونسي، بسبب فضيحة ملعب رادس، قبل أن يتم تدارك الموقف بالتعاقد مع مكتب سويسري مختص، وتدارك الهفوات التي وقع فيها في البداية التقاضي، سواء أمام لجان الكاف، أو بعد اللجوء لمحكمة التحكيم الدولية بلوزان “الطاس”.
هفوات دفاع الوداد والفتاوي الخاطئة لبعض ما يسمون أنفسهم ظلما ب “الخبراء”، استغلت بذكاء من طرف المديرية القانونية لدى الفريق التونسي، رغم أن الكل يقر بتعرض بطل المغرب لظلم وتحايل فادحين. 
وعليه، فإن الضرورة تفرض الاهتمام بالجانب القانوني، وتعميق الثقافة المرتبطة بهذا الجانب، ومعالجة النقص الحاصل على مختلف المستويات، وذلك بالاستعانة بخبراء قانونيين حقيقيين، وأساتذة مختصين في المادة، وهذا من شأنه مساعدة الجامعات والأندية على هيكلة مديريات خاصة وقطع الطريق أمام جهلة ومرتزقة يدعون المعرفة دون وجه حق، وهم في الواقع جهلة يساهمون في نشر التغليط، بتقديم تفسيرات غير صحيحة لا سند قانوني لها.

Related posts

Top