عائشة البلق*: محمد السادس.. أسلوب خاص في الحكم وتدبير شؤون الدولة

قالت عائشة البلق، رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية: “نستحضر ونحن نحتفل بذكرى عيد الشباب، القرار الملكي السامي، القاضي بإلغاء مظاهر الاحتفالات الرسمية بهذه الذكرى، لكن من وجهة نظري المتواضعة الأمر لا يعني المبادرات الشعبية التي قد تتخذ للاحتفاء بهذه المناسبة، لأنها في حقيقتها هي تعبير شعبي وعفوي عن التشبث بالملكية وحب الملك”.
وأكدت عائشة البلق، في تصريحها لجريدة بيان اليوم، أنها لا تتفق “مع قراءات بعض المحللين، التي تذهب إلى القول بأن إلغاء هذه الاحتفالات ناتج عن تزامنها مع الاحتفال بعيد العرش، وعيد الأضحى، وعيد الشباب، وثورة الملك والشعب، إذ أرى بأن المسألة أعمق، وبأن القرار الملكي يحمل في طياته، رسائل ودلالات مهمة، ولعل أهمها الإرادة في تحديث المؤسسة الملكية، استجابة لتحديات ورهانات ومطالب المرحلة”.
وأضافت البلق أنه “لا يمكن أن نتحدث عن هذا القرار، دون أن نتحدث عن أسلوب حكم جلالة الملك محمد السادس، والذي يصبو إلى تحديث الدولة والمجتمع ككل، ولنا مؤشرات متعددة في هذا المجال، من خلال مبادرات مهمة تم الإقدام عليها من طرف جلالته، ونستحضر هنا، تلك التي تزامنت أساسا مع بداية حكمه، وهي تحكيمه الملكي في قضية من القضايا المجتمعية الشائكة والمفصلية، وهي قضية وضعية المرأة في المغرب، وإشكالية المساواة بين الجنسين، وذلك من خلال مراجعة مدونة الأسرة آنذاك”.
وأردفت رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية، أن “هذا الملف الذي كان وقتها “طابو”، وانقسم المجتمع حوله بين تيار محافظ وتيار حداثي، بحيث لا بد من أن نرجع بالذاكرة إلى الوراء، إذ تم تنظيم مسيرتين بكل من مدينة الرباط والدار البيضاء، انتصر في الأخير التحكيم الملكي إلى الطرح الحداثي، وهو انتصار إلى تحديث المجتمع، لاعتبار قضية النساء والمساواة هي محورية ومفصلية في هذا المشروع الحداثي”.
وأكدت المناضلة بحزب التقدم والاشتراكية، أن “الدستور الجديد جاء ليؤكد هذا المسار التحديثي للمجتمع، ولإقرار مبدأي المساواة والمناصفة، والقضاء على كل أشكال التمييز، والمغرب بالفعل حقق كثيرا من المكتسبات إلا أن مظاهر التمييز وعدم التكافئ واللا مساولاة لا زالت حاضرة، الشيء الذي يستلزم وضع سياسات عمومية لتمكين النساء من حقوقهن الإنسانية في كل المجالات”.
وأفادت المتحدثة، بأن “الرجل هو الأسلوب أيضا، وجلالة الملك شكل أسلوبه الخاص في الحكم وتدبير شؤون البلاد، وإن الاحتفال بذكرى عيد الميلاد هي محطة للتأمل والوقوف على ما تحقق واستشراف المستقبل، والأمر هنا يتعلق بالوطن”.
وشددت عائشة البلق، بـ”أن جلالة الملك هو الضامن وبشكل دستوري لاستقرار البلاد، فنحن إننا نجزم بأن المغرب نجح بشكل كبير في ضمان استقراره وأمنه، ومن وجهة نظري، فإن الاستقرار وأمن البلاد هو أولى الأولويات، لأنه لا يمكن الحديث عن أي إصلاحات وحقوق في غياب الأمن والاستقرار والطمأنينة”.
وتعتبر البلق أن “الاستقرار والأمن، أب وأم الحقوق؛ الحق في الأمن، الحق في الحياة، ومنه تتأسس كل الحقوق..”.
وأكدت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية أن “المغرب نجح في ضمان استقراره تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، في سياق إقليمي يتسم بالتوتر، وفي ظرفية جد دقيقة، لا زلنا نعيش فيها إرهاصات ومخرجات ما سمي بالربيع العربي، بحيث تم تدبير المرحلة بحكمة وتبصر ونجاعة، خرج منها المغرب بتجربة وصفت بالاستثنائية والمتفردة، وهذا شيء نستحضره بشكل قوي في مدرسة حزب التقدم والاشتراكية، المدرسة التي تؤمن بأن الإصلاحات يجب أن تتم في ظل الاستقرار، إصلاح من داخل المؤسسات”.
وأوضحت النائبة التقدمية، أن “هذا الاستقرار الذي ينعم به المغرب لم يأت من عدم، بل هو نتيجة الإصلاحات العميقة، إصلاحات جوهرية ومهيكلة باشرها المغرب منذ سنوات، ولعل أبرزها نهج سياسية الأوراش الكبرى، التي انخرط فيها المغرب منذ عهد المرحوم الحسن الثاني، وعلى سبيل المثال لا الحصر، سياسة بناء السدود..”.
وترى عائشة البلق، بأن “الأوراش الجديدة هي استمرارية لهذه المشاريع الكبرى، التي أخذت أبعادا مهمة، مثل بناء أقطاب مينائية؛ ميناء طنجة المتوسط الذي يعتبر الأول إفريقيا، والأكبر على مستوى منطقة البحر الأبيض المتوسط، والذي سيتعزز بميناء الناظور، بالإضافة إلى ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيشكل محطة تتوجه نحو القارة الإفريقية”.
وذكرت البلق، أنه من بين “هذه الأوراش كذلك، نجد بناء المناطق الصناعية، بكل من مدينة طنجة والقنيطرة، إلى جانب توسيع شبكة الطرق السيارة، والسكك الحديدية التي تعززت بالخط السريع “تي جي في”، والنقل الحضري الترامواي، ومحطة نور للطاقة الشمسية”، مشددة بأن هذه الأخيرة “تؤكد وترسخ مسألة التوجه الاستراتيجي للمغرب، خصوصا وأن كل ما هو استراتيجي يدخل في اختصاصات المؤسسة الملكية بحكم الدستور، وهذا يعكس التوجه نحو الطاقات المتجددة والنظيفة، واستقلالية البلاد فيما يخص احتياجاتها من الطاقة”.
وسجلت المتحدثة، بأن المغرب يواجه مجموعة من الإكراهات سنويا “أثناء مناقشة كل قانون مالية جديد، بخصوص تحولات أثمنة البترول عالميا وتأثيرها على الاقتصاد الوطني، وهذا التوجه بالتأكيد، سيعزز استقلالية المغرب في هذا المجال”.
وأكدت النائبة البرلمانية عن حزب التقدم والاشتراكية، “أنه ورغم ما تعرفه الوضعية الاقتصادية لبلادنا من تحسن، فإن التباينات والتفاوتات الاجتماعية والمجالية تبقى صارخة، إلى جانب مشكل التشغيل والتعليم والصحة، والتي شكلت موضوع حراكات اجتماعية وحركات احتجاجية في مجموعة من المناطق ببلادنا في السنوات الأخيرة”.
وقالت عائشة البلق، إن موضوع “تحقيق العدالة الاجتماعية ومعالجة هذه التفاوتات، هي التحدي والرهان القوي على النموذج التنموي الجديد، على اعتبار النموذج القديم وصل إلى مداه”، مؤكدة أنها “لا تتفق مع الآراء التي تقول إنه فشل بل أعتبره وصل إلى حده الأقصى، لأنه بفضل هذا النموذج استطاع المغرب أن يخطو هذه الخطوات، والآن يجب استشراف نموذج تنموي جديد، لتحقيق نسب نمو هامة وضمان استدامتها، ولكن أساسا الحرص على التوزيع العادل والمنصف لثمار هذا النمو، ليشمل كل أبناء وبنات هذا الوطن”.
وأكدت في ختام تصريحها لبيان اليوم، بما أسمته بـ”المسألة المهمة، و التي قد أكد جلالة الملك محمد السادس عليها، في خطابه الأخير، بمناسبة عيد العرش، والمتعلقة بضرورة ضخ نفس جديد، لتدشين مرحلة جديدة، والمغرب بالفعل في حاجة إلى نفس ديمقراطي وحقوقي جديد، كفيل بخلق الأجواء السياسية والتعبئة المجتمعية الضرورية، من أجل بث الأمل وإرجاع الثقة للمواطنين والمواطنات في وطنهم، وفي مؤسسات بلادهم”.

* رئيسة المجموعة النيابية لحزب التقدم والاشتراكية

> إعداد: يوسف الخيدر

Related posts

Top