ذكرى عزيز بلال.. دروس وعبر

عزيز بلال.. رصيد فكري لا تنتهي صلاحيته

في مثل هذا اليوم، من سنة 1982، نعى حزب التقدم والاشتراكية إلى الشعب المغربي رحيل أحد قيادييه من العيار الثقيل، إنه المناضل التقدمي والمثقف العضوي والأستاذ الجامعي، عزيز بلال. فمن الولايات المتحدة الأمريكية، شاع النبأ الفاجعة عبر قصاصة تعلن وفاة عزيز بلال في حريق بأحد فنادق شيكاغو، حيث كان يقيم، وحيث كان يقوم بواجبه كنائب لرئيس جماعة سيدي بليوط عين الذئاب، في إطار مهمة إنجاز عملية توأمة بين مدينتي الدار البيضاء وشيكاغو.
ماي 1982 – ماي 2021… تمضي إذن تسعة وثلاثون سنة، دون أن يطال النسيان ولا التهميش هذا الجامعي الألمعي. تحل ذكرى وفاته لترغمنا جميعا على الانحناء إجلالا لمفكر وقائد سياسي حمل على عاتقه عبء ما تعانيه بلاده وبلدان العالم الثالث من بؤس واستغلال… حمل هذا الهم بحساسية تؤكد مشاعر إنسان شهد فظاعة تدهور الأوضاع، وقدم مقاييس دقيقة لحجم تهميش الجماهير وتفقيرها النسبي والمطلق، مقابل تبذير العديد من الموارد والثروات والحط من قيمة “الرأسمال البشري”.
عزيز بلال المفكر والمناضل السياسي الصلب والنقابي الفذ، آمن بما سمي بـ “المسلسل الديمقراطي”. فقد دعا إلى الانخراط في التجربة من أجل تعميقها، بدليل أنه تقدم للانتخابات البلدية لاقتراع 12 نونبر 1976، كمرشح عن حزبه، حزب التقدم والاشتراكية لنيل مقعد ببلدية عين الدياب، ونزل، وفق ما استقيته من عملية نبش في ذاكرة العديد من الرفاق، مع شبيبة الحزب للقيام بحملة انتخابية جابت كل عتبات البيوت والمقاهي ولقيت ترحيبا قويا من المواطنات والمواطنين.
أربعة عقود إلا سنة واحدة تمضي على رحيل معلمة المغرب الاقتصادية التي لم يجد التاريخ بعد بنظير لها. شهادات من جايلوه تظل، برغم قوتها، قليلة متناثرة لا تفي الرجل حقه، ولا تقدمه لشباب اليوم الذي لم يعايش هذا الإنسان المناضل، المثقف، والعالم الاقتصادي الذي “يصرخ” بخيبة أمل شعوب العالم الثالث.
كل هذه السنوات تمضي والحاجة لازالت ماسة لعزيز بلال. فالمغرب وشعوب العالم الثالث التي عاشت وهم الازدهار ما بعد التحرر، وجدت نفسها، بعد مرور عشرات السنين من الاستقلال السياسي، في حيرة وارتباك أمام تيار التبعيات الاقتصادية والتكنولوجية والمالية الجارف، لازالت تعاني الاستغلال ذاته رغم تلونه بتلون مخارج الأمبريالية الجديدة التي تبحث باستمرار عن مخارج لأزمات نظام رأسمالي أنهكته صعقات المضاربات العقارية والمالية التي أنتجت أزمات حادة باتت تداعياتها تطول أكثر من السابق.
للشباب الجامعي، في مختلف تفرعات تخصص العلوم الاقتصادية، لقاءات تكاد تكون يومية، في المدرجات وبين المراجع، مع نظريات عزيز بلال ورؤاه لما كان يسميه “الجبال الجليدية” التي تحجبها العوامل الاقتصادية للتنمية، وتقدم لنا عالما من العوامل غير الاقتصادية، أو ما يطلق عليه اليوم العوامل الغير مادية، مع كل المنعرجات التي تحتوي عليها البنيات العليا والإيديولوجيات.
لكن. ماذا عن شرائح واسعة من الشباب، وبصفة خاصة المناضلين في صفوف اليسار والأحزاب التقدمية والوطنية الذين يقفون مشدوهين حين الحديث أمامهم عن عزيز بلال، الشخصية العملاقة التي أنجبها حزب التقدم والاشتراكية والمغرب، وذاع صيتها عبر العالم، وضاهى بها المغرب هامات الغرب والشرق.
في عيون هؤلاء الشباب حيرة، وفي كلماتهم نهم واضح لمزيد من المعلومات، ولوم واضح لمن جايلوا بلال وصاموا عن الكلام وعن حمل مشعل رفيق بحث دوما عن حلول للمعضلات الاقتصادية انطلاقا من عمق تحليل واقع المحرومين والمحبطين والعاطلين والأطفال المستغلين والفئات المهمشة والمستضعفة، والطبقة الكادحة التي يمتص الرأسمال الجشع زهرة شبابها داخل سراديب المعامل.
كان الأمل بأن يحظى عزيز بلال، وغيره من الشخصيات الكبيرة التي غادرتنا، بما يليق بمكانتهم، أن تصدر عنهم كتب وتعد أفلام وثائقية، تتناول سيرتهم النضالية، والجوانب المتعددة من شخصياتهم الاستثنائية ومزاياهم الإنسانية والعملية ومنهج تفكيرهم، وإسهاماتهم الوطنية والكفاحية والنقابية والفكرية، والآمال التي حملوها خلال حياتهم.
شباب اليوم، سواء داخل حزب التقدم والاشتراكية، أو في الهيئات والمنظمات الأخرى، يقدر بلال حق تقديره، لكنه بحاجة اليوم لمن يستحضر دروس الرجل حول سؤال الاقتصاد كعلم، والسياسة كفن، والثقافة كهوية ونمط حياة. شباب اليوم يرغب في من يثير راهنية فكر عزيز بلال الذي لم يتصور التنمية دون اعتزاز الناس بأنفسهم ككائنات بشرية تعيش بكرامة.
شباب حزب التقدم والاشتراكية ومناضلوه، كما هو الشأن بالنسبة لشباب مغرب يتحول ويسعى لتحقيق مشروع مجتمعي ولاستكمال مسلسله الديمقراطي، ومباشرة أوراشه الكبرى، في حاجة اليوم لتقليب صفحات مفكر كان دوما يقول لرفاقه: “إنني أتحدث عن مصير بلدي وشعبي، لي كفاءتي، أستفيد من تجارب الآخرين، وأحاور”.
فلنجعل عطاءات عزيز بلال وقادة حزب التقدم والاشتراكية دليلا ينير الدرب على مدار أيام السنة عوض الاكتفاء بالاحتفال في محطة سنوية، خلال يوم واحد، تمضي فيه الذكرى بمضي أشعة شمس اليوم ذاته.

< مصطفى السالكي

***

القوة الهادئة لمثقف ثوري

< بقلم: لطفي لمريني

بالنسبة لجيل طلبة العلوم الاقتصادية، في بداية سنوات السبعينات من القرن الماضي، كان عزيز بلال الذي تبدو على رأسه هالة التاج الرمزي كأول مغربي حاصل على الدكتوراه في اقتصاد التنمية، يعكس مسارا أكاديميا مثاليا.
فشهرته ملأت الحرم الجامعي كأستاذ، بل كمفكر ومثقف ضليع في مجاله، وكسياسي قيادي في حزب يساري. كان يبدو ثوريا من النظرة الأولى إلى مظهره الذي يوحي بذلك، حيث كان معروفا بتحرر ياقة قميصه من ربطة العنق، فقد كان لا يرتديها مطلقا، كما كانت ملامح وجهه الدائري الذي كانت تعلوه ابتسامة تشع ذكاء، تنبعث منه طاقة وقوة هادئة تمنح الكثير من الاطمئنان.
كان الرجل يملك كل المقومات التي تثير الإعجاب، حيث يتصف بالكاريزما، والصرامة والانضباط، والتواضع، وله نوع من الحضور المميز، خاصة أنه كان ضليعا وذا إلمام كبير باقتصاد التنمية المنغمس في الإيديولوجية الماركسية، والذي تم رفعه إلى جانبها، خاصة من طرف مدرسة نظرية التبعية ومنظريها، أساسا فرناندو هونريك كاردوسو، الذي انتهى به الأمر رئيسا للبرازيل، والمفكر المصري سمير أمين الغزير التأليف، والذي اختار الاستقرار بالسينغال والذي كان عزيز بلال يدعوه بشكل متكرر لزيارته بالرباط ، فضلا عن سيلصوفورطادو ، وآخرون.
خلال هذه السنوات التي طبعها نوع من التدبدب على المستوى السياسي، حيث شهدت حدوث قمع جماعي وأوضاع سيئة عاشها النظام بسبب محاولتي انقلاب، كانت جامعة محمد الخامس، الجامعة الوحيدة الموجودة إلى جانب جامعة القرويين، تعرف حالة من الغليان.
فالالتزام السياسي ممثلا في التوجه اليساري لهيئة التدريس المغربية، كان القاعدة.
والطلبة الذين كانوا نهمين على قراءة كتب الماركسية التي كانت تنتشر بشكل واسع بفضل الناشر ماسبيرو، ومجلة الإنسان والمجتمع والمنشورات السوفياتية التي تهدف إلى تعميم نشر الماركسية اللينينية، تطرفوا.
دروس البروفيسور عزيز بلال حول اقتصاد التنمية كانت تقدم عناصر الفهم والنقاش المتعدد الأبعاد، فتتمحور حول قضايا وإشكالات تهم علاقة الهيمنة على البلدان الأقل نموا من طرف الامبريالية، وكان ذلك يتم بشكل دقيق مسنود بمعطيات رقمية، وكان في هذا الصدد يثير سؤال حول كيف يمكن لنمط الإنتاج الرأسمالي أن يحول البنيات الاجتماعية داخل المجتمعات الإفريقية، والأمريكية اللاتينية، والأسيوية، من أجل استغلالها بشكل أفضل .
كان يضع مفاتيح المفاهيم التي تتيح صياغة منطقية للفكرة التي تحوز كل عناصر الجذب، فكانت دروس عزيز بلال تتناول بالتحليل العميق إشكاليات ومفاهيم تتناول تكوين المجتمعات، نمط الإنتاج، النظام العالمي ، الطبقات الاجتماعية ، بورجوازية كومبرادو، تكثل البروليتاريا ، التبعية ، الاستغلال ، البنيات التحتية ، البنيات الفوقية، الإمبريالية ، التغيير الثوري، التطوير الذاتي. وغيره .
وبما أن البروفيسور عزيز بلال كان نفسه قياديا داخل الحزب الشيوعي المغربي ويحمل مشروعا مجتمعيا ثوريا فقد كان لهذا المعطى تأثيرا قويا على الشباب القادم من مختلف مناطق المغرب للدراسة و الحصول على الإجازة من الكلية الوحيدة للقانون والعلوم الاقتصادية بالمغرب
كان قرب عزيز بلال من طلبته يتيح لهم إمكانية تمديد النقاش معه خارج فضاء المدرجات وقد تصل إلى المطعم الذي كان يتناول به وجبته” مطعم شاطو بريان” بالنسبة للعديد من خريجي الكلية شكل عزيز بلال مصدر إلهام ونموذجا للالتزام السياسي، إذ بفضله وبفضل باقي المثقفين الكبار الثوريين داخل الحزب، والذين كانوا روادا في مجالات خبرتهم، كالمناضل عبد الهادي مسواك، وأحمد الغرباوي ، والطيب الشكيلي، والتهامي الخياري، وإسماعيل العلوي ، وسيمون ليفي وغيرهم، تمكن حزب التقدم والاشتراكية من إغناء صفوفه بعشرات المثقفين والأطر التي ساهمت لسنوات طويلة في تقوية حضوره وإشعاعه.
فاجعة الموت المفاجئ لعزيز بلال بشيكاغو، في عز نضجه الثقافي والتزامه السياسي، وضعت بشكل مبكر حدا لإشعاع مسار سياسي وأكاديمي فريد ومتفرد بل استثنائي، ففي آـخر كتاب له” العوامل غير الاقتصادية للتنمية”، والذي يمكن اعتباره منظومة فكرية طلائعية، أثار المثقف المتيقظ أسئلة جد مهمة حول التنمية في المغرب، أساسا أهمية بناء المغرب الكبير وعناصر التقدم التي تمثلها الثروة الوطنية، حيث كان، في هذا الصدد، يعد رائدا وضليعا في تحليل الحل الثوري للإرث الثقافي والحضاري للمغرب، ومتطلبات الحفاظ عليه وتثمين نواته الصالحة.
هذا الاهتمام بالعناصر الأنتروبولوجية، والتي كان عموما يتم تجاهلها من طرف الاقتصاديين، دليل على فكره المتقد الذي يأخذ بعين الاعتبار واقع البلد وتشهد على أنه من الضروري انغماس المثقف الثوري في المحيط المجتمعي الذي يعيش فيه.
فكر عزيز بلال، دروسه ،والتزامه السياسي تعد إرثا هائلا بالنسبة للأجيال الجديدة التي هي في حاجة لنماذج ولمصادر الإلهام، سواء في التفكير أو العمل السياسي.
عزيز بلال سيبقى مثال المثقف الثوري المسلح بالعلم والقناعات خدمة للقضايا العادلة من أجل الخير والأفضل لبلده وشعبه.

فلترقد روح عزيز بلال، الأبية، بسلام….

عن جريدة البيان
ترجمة فنن العفاني

***

عزيز بلال الرجل العملي

< بقلم: محمد الشيكر

نحتفل في 23 مايو 2021 الذكرى 39 للوفاة المأساوية للأستاذ والمناضل عبد العزيز بلال. وبهذه المناسبة، نشر مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث (CERAB) ترجمة لواحد من كتابيه الرائدين إلى اللغة العربية. يتعلق الأمر بكتاب “التنمية والعوامل غير الاقتصادية”. وينوي مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث جمع كتاباته، وخاصة مقالاته، ونشرها في شكل مجموعة لجعلها في متناول الباحثين.
على الرغم من أنه لم يحظ بكل الاهتمام الذي يستحقه، إلا أن بلال يعتبر شخصية بارزة طبعت تاريخ الفكر المغربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. ولا تزال منهجيته تكتسي راهنيتها أكثر من أي وقت مضى.
لم يكن بلال براغماتيا. فهو لم يربط قط الإجراء المتخذ بما يمكن أن نجنيه منه، ولا تصرف من منطلق مصلحته أو مصلحة حزبه “حزب التقدم والاشتراكية”. بل كان لدى سي عزيز، كما يسميه رفاقه وزملاؤه، حس التضحية. ما كان يهمه هو المصلحة العامة التي تخدم تطلعات الجماهير الشعبية في استكمال استقلال البلاد واستكمال وحدتها الترابية.
كان حلمه جزءا من الحلم الجماعي الذي يجد تعبيره في تعبئته كمفكر ملتزم في خدمة المواطنة الفاعلة على جميع المستويات. فقد كان مناضلا مبكرا، سلاحه الكلمة الهادفة؛ وكان كذلك خبيرا اقتصاديا بارزا يطمح إلى تحرير المجتمع من نير التخلف.
بلال لم يكن أيضا واقعيا. لقد دحض، بسلوكه، المقولة الديكارتيت التي تشجع على “تغيير الرغبات (أو الأفكار) بدلا من تغيير نظام العالم”. لم يكن يسعى لفهم الواقع فقط، بل كان يسعى أيضا إلى تغييره. باختصار، حصن سي عزيز نفسه ضد الانتهازية. وبالتالي أعطى لنفسه مهمة تتمثل في خدمة الإنسان.
والواقع أن عزيز بلال صمد في مواجهة منتقديه الذين اعتبروا علم الاقتصاد نوعا من “الفيزياء الاجتماعية”، في محاولة لاختزال الإنسان في الإنسان الاقتصادي، وجعله بالتالي مجرد وسيلة. لقد استخدم معرفته وقدرته التربوية لتكريس الوضع الأساسي للاقتصاد باعتباره علما اجتماعيا، بل أيضا علما أخلاقيا.
ولهذه الغاية، التزم سياسيا بإدانة جشع رأس المال واستغلال العمل من خلال نهج عملي يقوم على ربط النظرية بالممارسة وتأكيد الجانب الديالكتيكي للعلاقة بين الفعل والتفكير.
في الواقع، كان بلال، مثله مثل أي شخص عملي يعتمد التشاؤمً عند التفكير، ويتبنى التفاؤل عند العمل.
علما منه بأنه، كما قال فيكتور هيغو، “ليس هناك ما هو أقوى من فكرة حان وقتها”، كان سي عزيز يناضل على جميع الجبهات للفوز بمعركة الأفكار. لقد استخدم الأبحاث للترويج للأفكار التي تعيد تأهيل الإنسان وتعيد تموقعه كغاية؛ واستخدم مكانته الفكرية لنشرها وجعلها في متناول المواطنين العاديين؛ حيث استخدم نضالاته لوضعها موضع التنفيذ.
في هذا السياق، كان بلال مهتما بعدة مجالات، لكنه لم كن يشتت جهده وأفكاره. لم يكن يرتدي عدة قبعات، لكنه كان يرتدي قبعة واحدة متعددة الأوجه. لقد تجنب البرج العاجي للأكاديمي، واهتم بالعمل الميداني على أرض الواقع. وبهذه الصفة، أشرف ككاتب عام لوزارة الشغل (1959)، على تطوير مشروع الضمان الاجتماعي وتولى، في نهاية حياته، مسؤولياته كنائب لرئيس جماعة المعاريف بالدار البيضاء.
كان بلال مثقفا يرفض ترف الصالونات المريحة والتزلف السياسي، ويفضل بدلا عنه العمل النضالي الذي دفعه ليجوب المغرب العميق من أجل مواساة البؤساء وإعادة شحن بطارياته.
باختصار، حيث كان بلال يمر، كان يترك آثارا ايجابية من خلال تفكيره وأفعاله وسلوكه أيضا. كان بلال مفكرا خاصا. وما “خلفه وراءه” يذل على ذلك.

* رئيس مركز عزيز بلال للدراسات والأبحاث
ترجمة عن جريدة البيان مصطفى السالكي

***

3 أسئلة لعبد الواحد سهيل*

عزيز بلال كان رجلا يخجلك تواضعه

قال عبد الواحد سهيل، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إن وفاة المفكر الاقتصادي والباحث الأكاديمي المغربي والمنظر الإيديولوجي لحزب التقدم والاشتراكية عزيز بلال، كان صدمة لا تتصور.
وتابع سهيل أن عزيز بلال، عندما توفي، كان في قمة عطائه، وكان أستاذا جامعيا مرموقا ورئيسا لمنظمة الاقتصاديين المغاربة، وصيته كان يتجاوز المغرب إلى العالم.
وأضاف سهيل، في حوار أجرته معه بيان اليوم، بمناسبة حلول الذكرى الثالثة والعشرين للرحيل المفاجئ والمحزن لعزيز بلال، أن عددا كبيرا من بين الناس الذين ساهموا في تسيير المغرب خلال الستينات والسبعينات تتلمذوا على يده، مشددا على أنه كان مناضلا في الحزب، وكان قياديا ممارسا ومساهما في التفكير الجماعي، منضبطا بشكل غريب.

< تحل الذكرى الثالثة والعشرون للرحيل المفاجئ والمحزن لعزيز بلال إثر حريق بغرفته بفندق بالولايات المتحدة الأمريكية. أولا كيف تقبلتم النبأ الفاجعة في حينه ؟
> في ليلة سفر عزيز بلال، رحمه الله، كنت معه نلبي دعوة وجهت لنا إحدى السفارات بالرباط. ثم عدنا في سيارة سي علي رحمه الله، وكان برفقتنا سي عبدالسلام بورقية.
من أعجب الأشياء التي لا تزال تشكل لغزا بالنسبة لي، هو عندما وصلنا لمقبرة الشهداء تعطلت السيارة. كانت سيارة قديمة حاولنا إصلاحها، قمنا بدفعها في منحدر إلى حدود مطبعة البيان.
كان على الرفيق عزيز رحمه الله أن يسافر عبر الطائرة في اليوم الموالي. ودعنا بجوار مطبعة البيان. وكانت آخر كلماته لنا، قوله: “أودعكم أيها الرفاق.. نتوما قادين بشغالكم”.
كلمة “قادين بشغالكم” قاله من حيث لا يعلم، وكأنه يقول قوموا بحل مشكلتكم، ثم مضى على قدميه منصرفا في منحدر زنقة لاجيروند، يبحث عن سيارة أجرة يستقلها إلى منزله.
طبعا اتجه كل واحد منا فيما بعد إلى منزله. لم نر بعدها عزيز بلال. فقد بلغنا الخبر الفاجعة ليلة الأحد. طبعا كانت صدمة لا تصدق. احترق الفندق ولم يصب أحد فيه سوى عزيز الذي قضى نحبه. هي صدمة لا تتصور. بداية لم نصدق، لكن فيما بعد تم تأكيد الخبر/الفاجعة من كل الجهات الرسمية، كما تم تبليغ الحزب عبر الأمين العام للحزب بملابسات الواقعة…
بعد وصوله إلى شيكاغو، كان عزيز بلال يشعر بالتعب، فكان طبيعيا أن يستسلم للنوم. وهو في سريره، شب الحريق، ومات مختنقا. حاول الخروج من غرفته. بحث عن منفذ، لكنه سقط بضعة أمتار دون أن يصل إليه.
عندما توفي عزيز كان في قمة عطائه، كان أستاذا جامعيا مرموقا ورئيسا لمنظمة الاقتصاديين المغاربة وصيته كان يتجاوز المغرب إلى العالم.
كان مفكرا من الطراز الرفيع وكان من أحد مجددي الفكر الماركسي، ولازالت أطروحته لازال الآن مرجعا لكل دارسي علم الاقتصاد.
قدم تصورات للمغرب أثناء فترة الاستعمار، من خلال تحليل للظاهرة الاستعمارية في المجال الاقتصادي. ثم كتب كتابا مهم جدا هو: “العوامل غير الاقتصادية للتنمية”، وفيه يطرح أسئلة مرتبطة بتصور المجتمع والحرية وعدة أسئلة لا يطرحها في العادة الاقتصاديين الكلاسيكيين، لكن كان يطرحها اقتصاديين من طينة ماركس وانجلز وآدم سميت..، أي مفكرين كبار جمعوا بين الاقتصاد والفلسفة، ومفكرين اجتماعيين وبعضهم ناشطين اجتماعيين، فعزيز مضى في هذا الاتجاه، ثم يمكن أن نقول إنه مؤسس للمدرسة الاقتصادية المغربية، حيث لم يكن هناك أستاذ آخر في الاقتصاد غيره، ثم فيما بعد التحق عدة أساتذة مغاربة درسوا سواء في المغرب أو الخارج والكثير منهم تتلمذ على يده، والكثير منهم تأثروا بفكره.

< ماذا كان يمثل عزيز بلال للحزب ؟
> بالنسبة للحزب فعزيز كان قدوة بالنسبة لنا وبالنسبة لعدد من الشباب بتواضعه الكبير الذي لا يمكن أن يتصور، كان رجلا محبا للحياة ومحبا للفن والموسيقى، وكان يمتلك طاقة إصغاء لا تتصور، يجلس ويستمع للناس أكثر مما يتكلم.
أتشرف أنه كان أستاذي وصديقي كذلك، نعم الصديق رجل كريم وإنساني، رجل يأخذ الأمور بجدية كبيرة، وكان سعيدا بأبنائه، كانت له حياة زوجية في بداياتها، رحل من الرباط إلى الدار البيضاء، وكان محبوبا وسط الحزب والحركة التقدمية، كان أستاذا محبوبا أيضا بين الطلبة…
يمكن أن نقول إن من بين الناس الذين ساهموا في تسيير المغرب خلال الستينات والسبعينات عدد كبير منهم كانوا تلاميذه و تتلمذوا على يده. كان مناضلا في الحزب، وكان قياديا ممارسا ومساهما في التفكير الجماعي، منضبطا بشكل غريب، كان رجلا يخجلك تواضعه ولباقته، وفاته كانت خسارة كبيرة للحزب وللبلد بأكمله، فهو مفكر كبير ومناضل كبير.
عزيز، في بداياته قبل أن يصير مفكرا جامعيا، كان من الرفاق ومناضلي اليسار المغربي الذين كانوا موظفين سامين اشتغلوا في حكومات الاستقلال، خصوصا حكومة عبد الله إبراهيم، نذكر منهم أبرهام السرفاتي ومحمد الحبابي والطاهري.. كلهم كانوا يشتغلون كأقرب مساعدين لعبد الرحيم بوعبيد، وكان لهم الفضل في الكثير من الإجراءات الاقتصادية التي اتبعها المغرب آن ذاك.
كان عزيز كاتبا عاما لوزارة الشغل والشؤون الاجتماعية واشتغل على التخطيط الاقتصادي وقانون الشغل وعلى مجموعة من الأشياء التي كانت مهمة في التوجه الأول، والذي كان توجها تقدميا، توجها وطنيا للحكومات المغربية الأولى والتي للأسف تم التراجع عليه بعد حكومة عبد الله إبراهيم ووفاة محمد الخامس، حيث مضت البلاد في اتجاه آخر غير الاتجاه الذي كان يفكر فيه الرواد الأولون غداة الاستقلال.

< ماذا لو ظل الفقيد حيا؟ ما هي الإضافات التي كان سيقدمها لحزب التقدم والاشتراكية ولبلده بصفته اقتصاديا مرموقا؟
> لو عاش أكثر مما كتب له أن يعيش لزاد نضجا وإنتاجا وزاد اجتهادا… حقا ضعنا فيه وضاع فيه المغرب وأسرته الصغيرة والكبيرة، فقد كان بارا بأمه وبجدته التي عاشت معه في فترة معينة وعائلته الصغيرة، ثم أبناءه والذي كان يعود معهم لجو الطفولة.
مع الأسف لم يتمتعوا بالعيش معه خاصة يوسف، فقد ترك عبد الكريم الذي كان أكبر من يوسف قليلا.. زوجته هي أيضا رفيقتنا وكان رحيله كارثة لها ولأسرته.

< حاوره: عبد الصمد ادنيدن

*عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية

****

عزيز بلال، رجل يجب ألا يطويه النسيان

<بقلم: فتح الله ولعلو

في هذه الشهادة، أود أن أعود إلى سياق السنوات الأولى عندما تعرفت، في سنة 1961، على المرحوم سي عزيز بلال، “الله يرحمو”. كان أستاذا في كليتي الحقوق في الرباط والدار البيضاء. كان يدرس مادة التخطيط الاقتصادي، وفي الوقت ذاته، كان نائب العميد. كنت أحد طلابه. لقد كان أستاذا محبوبا و لطيفا و دمث الأخلاق، وصلبا. كنا ندرك ذلك منذ البداية.
كان قد غادر لتوه إدارة التخطيط. كان من بين الذين صاغوا المخطط الخماسي 1960-1964 عندما كان المرحوم عبد الرحيم بوعبيد وزيرا للاقتصاد والمالية ” في حكومة عبد الله إبراهيم”.
في ذلك الوقت ، وبشكل مرح، كان عزيز بلال يسمي هذا المخطط الخماسي، ، بـ “الأزرق” ، في إحالة على اللون الأزرق لغلاف هذه الوثيقة …
على الصعيد السياسي ، كان عزيز بلال قياديا في الحزب الشيوعي المغربي. يمثل اليسار الشيوعي في المغرب.
في ذلك الوقت، حضرت إحدى أولى محاضراته في قاعة وزارة الثقافة الحالية التي كانت في ذلك الوقت تابعة لغرفة التجارة. ركزت المحاضرة على موضوع المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي. كان الاتحاد السوفياتي، في ذلك الوقت، يفرض نفسه عالميا بعد إرسال سبوتنيك و “دخول مرحلة ما بعد السطالينية” … حضرت هذه المحاضرة، وكنت، حينذاك، مناضلا بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، اليسار الآخر ، حركة التحرير الوطني.
كانت لدي تحفظات على النظام السوفيتي.
كان سي عزيز، في ذلك الوقت، يناضل على جبهتين:
• الجبهة الأكاديمية والجامعية والمتعلقة بالأبحاث
• جبهة النضال داخل الحزب ولكن أيضا في النقابة الوطنية للتعليم العالي.
كان مقربا جدًا منا، ورفيق الدرب في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب . كان يُطلب منه دائما حضور ندواتنا الخاصة بتدريب الأطر والتي كانت تعقد خلال الصيف أو خلال العطل.
كان يفرض نفسه على الجميع بتواضعه وبعلمه الغزير أساسا.
في سنة 1963، كنت عضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي اقترحت علي تمثيلها في اجتماع لنادي عمر بن الخطاب. كان هذا النادي يضم أعضاء لا يتجاوز عددهم العشرة أعضاء، منهم أطر وخبراء من اليسار المغربي يعقدون اجتماعاتهم عند سي محمد لحبابي.
كان هناك سي محمد لحبابي ، وسي عزيز بلال ، … وأبراهام السرفاتي ، وسي محمد طاهري ، وبن عبد الرازق … كنت أصغر سنا . وبالتالي، لم لم أمن أجرؤ على التدخل ، لأنني كنت أتعلم منهم من خلال متابعة النقاش داخل هذا النادي.
كنا نلتقي مرة واحدة في الأسبوع. وكانت الاجتماعات تخصص الاجتماعات تخصص لدراسة الدعم التقني داخل الإدارة المغربية. في تلك المرحلة، كانت مغربة الإدارة على رأس جدول الأعمال. كنا نبحث عن كيفية تعويض الأطر الفرنسية بنظيراتها المغربية.
كانت المغربة، إلى جانب التنمية الاقتصادية، من الأسئلة المطروحة في مرحلة ما بعد استقلال المغرب.
كان هؤلاء الخبراء يفكرون في هذا السؤال. في هذه اللقاءات اكتشفت شخصية سي عزيز وعمق نهجه ورباطة جأشه ووطنيته بطبيعة الحال.
في سنة1965 كنت طالبا في باريس. جاء عزيز بلال إلى غرونوبل لمناقشة أطروحة دكتوراه حول الاستثمار في المغرب من سنة 1912 إلى سنة 1964. وهو عنوان رصين لكن الأطروحة كانت جد غنية، لدرجة أنها ستصبح مرجعا لكل دارس لتاريخ السياسة الاقتصادية المغربية في فترة الحماية وبداية استقلال المغرب.
سي عزيز بلال كان أول مغربي يحصل على شهادة الدكتوراة في الاقتصاد. وكان ذلك بالنسبة لنا، نحن ، طلابه ، مصدر فخر واعتزاز.
في سنة 1965، ظل متواجدا في الساحة السياسية، ملتزما بالمشاركة الفاعلة، وحاضرا بقوة على الساحة الجامعة والبحث العلمي .
وفي سنة 1968، سأتعرف عليه كأحد مؤسسي” النشرة الاقتصادية والاجتماعية”، وهي مجلة خاصة بالأبحاث،أنشأها أطر فرنسيون في عشرينيات القرن الماضي. وستتم “مغربتها ” في سنتي 1967-1968. كنت عضوا في هيئة تحرير هذه المجلة ، ما سمح لي بفرص لقاء السرفاتي والخطيبي وآخرين.
في هذه المجلة، يمكن العثور على الكثير من أبحاث وكتابات عزيز بلال.
كنت مدرسًا شابًا في الكلية سنة 1968 ، وكانت محاضرات بلال حول المشكلات الهيكلية الكثير من الطلبة.
من خلال مقاربته التقدمية ، وخاصة عبر دروسه الغنية والمتميزة ، يمكنك أن تدرك أن عزيز بلال كان لامعًا.
وخلال سنتي 1968و1969 سنصبح أصدقاء
إلى جانب التزامه السياسي وبموازاة مع واجباته تجاه حزبه ، كان لسي عزيز بلال عالمه الخاص ، عالم أصدقائه.
كنا فخورين بأن نكون ضمن هذا العالم الخاص به. فهو أولا أستاذنا، وثانيا يتمتع بحس رفيع وبواجبات تجاه أصدقائه، منها احترام الصديق والولاء ومقاسمة بهجة الحياة.
على المستوى الأيديولوجي، ناقشنا العديد من الأسئلة بعد تدخل الاتحاد السوفياتي في تشيكوسلوفاكيا، والثورة الثقافية، والصراع الصيني السوفياتي … كانت هذه النقاشات مفيدة جدا لنا.
بالإضافة إلى ذلك ، تابعت بتعاطف واهتمام كبيرين ما أسميه “الانتقال الفكري لعزيز بلال” ، والذي تميز بشكل أساسي بظهور كتابه الصغير ولكنه كتاب مهم ، عن العوامل غير الاقتصادية للتنمية ، والتي لا تقتصر على التطوير الوحيد للبنية التحتية والمادية والاقتصاد ولكنه أيضًا مرتبط بالثقافة والبنية الفوقية.
لم يكن سي عزيز متعصبا. كان منفتحًا جدًا. كان يناضل من أجل اتحاد التقدميين والوطنيين.
في هذا الوقت، كان من المقرر أن يلعب حدثان دورا مهما في تطوره السياسي والفكري.
الحدث الأول يتعلق باستعادة الصحراء بعد المسيرة الخضراء. كان متحمسا جدا. في هذا السياق، كان من دواعي سروري أن أرافقه في رحلة إلى بودابست لحضور المؤتمر العالمي للاقتصاديين. انتهزنا الفرصة للدفاع عن مغربية الصحراء.
الحدث الثاني كان انفتاح المغرب على مزيد من التعددية والديمقراطية.
وفي هذا الإطار، انتخب عام 1976 عضوا في مجلس سيدي بلوط الذي كان يرأسه المرحوم مصطفى القرشاوي. تم انتخابه نائبا أول لرئيس هذا المجلس، وذلك في إطار العمل المشترك بين الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب التقدم والاشتراكية.
وفي هذا السياق أيضا، ذهب بلال في هذه الرحلة إلى شيكاغو مع وفد مغربي منتخب لتوقيع اتفاقية توأمة بين الدار البيضاء و شيكاغو. حصل على التأشيرة على الرغم من منع الولايات المتحدة الأمريكية الشيوعيين دخول ترابها.
لسوء الحظ، حدثت هذه الوفاة المأساوية.
لقد كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي شخصيا ولجميع أصدقائه وطلابه وخسارة كبيرة لبلدنا.
كان سي عزيز يتمتع بصفات أهل الشرق، صفات الصرامة، واللطف، والكرم، والوطنية. كان يترجم كل هذه الصفات بشكل صريح.
كل هذه الاعتبارات تجعلني أداوم سنويا على التفكير فيه. ومرة أخرى، أقول إن عزيز بلال رجل يجب ألا يطويه النسيان .

*أستاذ الاقتصاد ووزير سابق
ترجمة عن جريدة البيان
مصطفى السالكي

***

عزيز بلال والنموذج التنموي الجديد

ها قد حل تاريخ 23 مايو، لتمضي بذلك ثلاثون سنة على رحيل عزيز بلال عن عالمنا. 39 عاما لم يعد معنا جسديا، ولكنه حاضر معنا بفضل فكره وأفكاره التي تركها لنا.
لكن الذكرى السنوية لهذا العام (2021) تظل استثنائية على أكثر من صعيد. فبالإضافة إلى التأمل وإحياء ذكراه، فإن هذا الحدث يعتبر فرصة للانكباب على أفكار الراحل من أجل مواجهتها بمتطلبات نموذج التنمية الجديد الذي يوجد في طور الإعداد.
يتفق جميع أتباعه وأصدقائه على أن بلال قد قدم تفكيرا شاملا حول التنمية من خلال إعادة صياغة العديد من الأفكار، وهي بالتأكيد ملتزمة للغاية، ولكنها ذات صلة بالموضوع والتي لا تزال لها راهينيتها اليوم.
ذلك أن بلال كرس معظم حياته الأكاديمية والنضالية للتفكير في قضية التنمية. فعلى الرغم من قصر حياته نسبيا، فقد كان قادرا على إنتاج مجموعة من الكتابات (كتب ، مقالات ، اتصالات ، مؤتمرات ، إلخ) تعكس اهتمامه الثابت بهذا السؤال، وهو أمر معقد للغاية.
فالتنمية، بعيدا عن كونها مجرد مسألة نمو الاقتصادي، تمثل، حسب تصور بلال، كلا مندمجا يضم العوامل الاقتصادية والأيديولوجية والثقافية…
لذلك، فهو يعتبر التنمية “عملية تراكمية ومسيطر عليها اجتماعيا ومستمرة لنمو القوى المنتجة، تشمل الاقتصاد بأكمله والسكان نتيجة التغيرات الهيكلية العميقة التي تسمح بتحديث القوى والآليات الداخلية للتراكم والتقدم”.
يمكن لنموذج التنمية الجديد أن يستفيد الكثير من خلال تبني هذا الإطار المفاهيمي في إطار استراتيجية تنموية جديدة شاملة ومركزة تدعو إلى “استثمار فعال له آثار مضاعفة عالية ؛ ودور مهيمن للقطاع العام ؛ ومؤسسات ديمقراطية لامركزية تتمتع بسلطات اقتصادية واجتماعية واسعة ؛ والتوفيق بين ضرورات الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية … “
ومن أجل القيام بهذه المهمة ، لا يمكن أن يكون القائد إلا الدولة ، التي عليها تحمل المسؤولية الرئيسية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. لكن الدولة لا يمكنها أن تتحمل بشكل كامل وفعال هذه المسؤولية إلا إذا كانت تمثل حقًا مصالح غالبية السكان، ولا سيما الفئات الأكثر حرمانا ، وليس مصالح الأقلية ذات الامتيازات. “
بعد 65 عاما من الاستقلال، لم ينجح المغرب في بلوغ التنمية. فالنمو الاقتصادي لازال ضعيفا يعتمد على التقلبات المناخية، ولا يخلق إلا القليل من الثروة، والقليل من الوظائف سنويا، بينما يدخل كل عام أكثر من 300 ألف شاب إلى سوق العمل؛ والفجوات بين المناطق آخذة في الاتساع؛ كما تتسع الفجوات بين الأغنياء والفقراء من عام إلى آخر لدرجة أننا نشهد الآن انقساما اجتماعيا متسعا (أحداث سبتة هي خير مثال على هذا الوضع …)
لقد حان الوقت لتغيير المسار، والقيام باختيارات جديدة، واعتماد نموذج جديد للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، يكون الهدف النهائي منه خلق المزيد من الثروة، وتوزيعها بشكل عادل من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية، وضمان رفاهية جميع السكان دون استبعاد أو تمييز.

<بقلم: محمد الرهج

***

بعد أربعين سنة.. صدور النسخة العربية لكتاب الاقتصادي المغربي عزيز بلال «العوامل غير الاقتصادية للتنمية»

<عبد الصمد دنيدين

على مدى أربعين سنة من المحاولات المتواضعة لترجمة بعض من فصول كتاب الاقتصادي المغربي الراحل عبد العزيز بْلال «التنمية والعوامل غير الاقتصادية»إلى اللغة العربية، تم تأثيث مكتبات الرباط بأولى ترجمات الكتاب الكامل إلى اللغة العربية.
وأشرف على هذه الترجمة مركز الدراسات والأبحاث عبد العزيز بلال، ونقله إلى العربية من اللغة الفرنسية نور الدين سعودي، وراجعه محمد شيكر، بتنسيق من أحمد أوبلة، وقد ةصل هذا المنشور الجديد إلى باقي المكتبات بالبلاد..
وعزا مركز الدراسات والأبحاث عبد العزيز بلال ترجمة كتاب «التنمية والعوامل غير الاقتصادية «، عقب أربع عقود على نشره، لما أثاره من ردود فعل، خاصة وأن مؤلفه كان يحسب على التيار الذي كان يركز على العوامل الاقتصادية بالأساس، وبالتالي على الجانب المادي، في إحداث الوعي وتكوين الشخصية من خلال التفسير الذي كان يعطى لمقولة ماركس الشهيرة: «ليس وعي الناس هو الذي يحدد وجودهم، إنما وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم».
واعتبر المركز في مقدمة الكتاب، أن مثل هذا العمل كان من المفروض ترجمته في حينه، بالنظر إلى ما تم الإشارة إليه من أسباب الترجمة، مبرزا أنه في ظل غياب مؤسسة للترجمة على شاكلة تلك التي توجد بمصر، وبالنظر للحالة التي توجد عليها دور النشر المغربية، ولمحدودية انتشار كل ما ينشر في المغرب، كان ولا يزال من الصعب نقل الأعمال الجادة والمبدعة من لغة إلى أخرى.
وأضاف المركز في المقدمة ذاتها، أن كل ما يترجم في المغرب هو نتيجة مبادرات شخصية تتحكم فيها في الغالب عوامل ذاتية، مؤكدا على أن الكتاب المترجم لعبد العزيز بلال، يظل كتابا مرجعيا في تاريخ الفكر المغربي ومعلمة فكرية لم يعط لها ما تستحقه من أهمية.
وتابع أن ذلك قد يعود إلى كون الكتاب كتب باللغة الفرنسية، مردفا “لهذا أردنا في المركز تدارك الأمر وأملنا كبير في أن الكتاب هذا سيكون له وقع إيجابي على القارئ العربي في مرحلة تاريخية فاصلة تتسم ببروز لافت لكل ما هو لا مادي وبالانتقال من مجتمع صناعي إلى مجتمع ما بعد الصناعي وبتعميق مقلق للفوارق الاجتماعية والمجالية وتكريس للتخلف على مستوى القارة الافريقية والمنطقة العربية”.
وفي سياق متصل، قال محمد شيكر، رئيس مركز الدراسات والأبحاث “عبد العزيز بلال”، في تصريح خص به بيان اليوم، إن الكتاب في الوقت الذي كان صدر فيه أواخر السبعينيات، كان له وقع كبير على مستوى الأطروحة التي جاء بها.
وأوضح شيكر، في التصريح ذاته، أنه في ذلك الوقت كان الاقتصاديون يربطون الاقتصاد بما هو مادي، والكتاب كسر هذه النظرة السائدة التي تعتبر أن “التطور والتنمية لا يمكن أن يكونا إلا على أساس توفير ما هو مادي”.
وأضاف شيكر أنه شيء طبيعي أن المادي ضروري للتنمية، إلا أن هناك عوامل أخرى غير اقتصادية أي غير مادية –حيث أن المفهوم كان غائبا في تلك الفترة وبالتالي قال غير اقتصادية بدل مادية-.
وأشار شيكر إلى أن كتاب عبد العزيز بلال “العوامل غير الاقتصادية للتنمية”، هو امتداد لأطروحته عن الاستثمار في المغرب من سنة 1912 إلى سنة 1964، التي كان أشار فيها لما يعرف حاليا برأس المال اللامادي، وسماه في تلك الفترة “الرأسمال الثقافي”، يضيف شيكر.
وشدد شيكر على أن الكتاب له قيمة مضافة كبيرة لأنه خرج عن التوجه العام الذي كان آنذاك والذي كان يعتبر أن الاقتصاد أو الجانب المادي وحده الذي يمكنه تنمية البلاد، مشيرا إلى أن بلال في كتابه أوضح أن العوامل غير الاقتصادية تلعب دورا كبيرا في التنمية.
واعتبر شيكر أن المشكل الذي كان مطروحا أن بلال كتب الكتاب بالفرنسية، وبقي محصورا بين القراء بالفرنسية، بالخصوص الاقتصاديين، مستطردا “ومع الأسف الشديد كانت هناك محاولات لترجمة بعض فصوله، وشخصيا كنت ترجمت بعضها ونشرتها، في هذه الأربعين سنة القارئ بالعربية لم تكن له الإمكانية للوصول إلى فكر عبد العزيز بلال لهذا في المركز قررنا نترجم الكتاب”.
وأكد شيكر على أن الكتاب لا زالت له راهنيته، لأنه ركز على دراسة الهياكل المجتمعية، ليس في المغرب فقط بل على مستوى المغرب العربي، مشددا على أن غير موجه للاقتصادين فقط، لأن بالنسبة لهم (الاقتصاديين) اطلعوا على الكتاب في نسخته الفرنسية، ويعرفون فكر بلال وأطروحته، بل موجه لكافة القراء والباحثين.
وأضاف شيكر أن هدفهم من الترجمة هو تقريب الفكر البلالي للقراء بالعربية، باعتبار أنه “كتاب موجه لكافة الشرائح المتقفة سواء في علم الاجتماع أو العلوم الإنسانية أو التاريخ وغير ذلك، لأن الكتاب اهتم بتحليل الهياكل المجتمعية للمغرب والجزائر وتونس، وهذا له راهنية في معرفة الفوارق بين المجتمعات الثلاث”.

***

عزيز بلال.. رمز وطني وثوري في ذاكرة الأجيال

عندما ودع الأستاذ عزيز بلال أسرته الصغيرة المكونة من زوجته عفيفة وابنه الصغير يوسف، لم تكن الزوجة الشابة تظن أنها ستستقبله عائدا من آخر رحلاته خارج المغرب في كفن، وأنه لن يكتب لها مرة أخرى معانقته، إذ عاد الرجل جثمانا في تابوت مشمع، عاد من الولايات المتحدة الأمريكية، التي أصيب بها في حريق، وشمل الحريق فقط جناحا من طابق فندق “هيلتون” بشيكاغو، الفندق الذي كان ينزل به عزيز بلال. 
لقد أرخ يوم 23 ماي من عام 1982 لموت سيظل غامضا رغم مرور 39 سنة من وقوعه، خصوصا أن من سافروا معه ورافقوه ونزلوا معه في نفس الفندق، من أعضاء الوفد المغربي، عادوا جميعا إلى وطنهم وأهلهم سالمين.

********

بعد أيام من الحادث المميت، ستصل طائرة الخطوط الجوية الملكية المغربية القادمة من مطار أوهير الدولي المصنف في المرتبة الثانية عالميا من ناحية حركة النقل الجوي، إلى المطار الأول في المغرب، مطار محمد الخامس – الدار البيضاء، ومن ضمن منقولاتها تابوت به رجل ميت، لا نقدر درجة تشويه جثمان صاحبه المحروق، إذ لم يتم فتح الصندوق. 
تم تشييع جنازة المفكر اقتصادي والباحث الأكاديمي المغربي الكبير من منزله في شارع الجيش الملكي بالدار البيضاء، كان الأستاذ عزيز بلال يقطن بشقة متواضعة تقع بالطابق الثامن من عمارة عالية، توجد تحتها مكاتب شركة الخطوط الجوية الفرنسية “إير فرانس”.
وأغلقت حركة السير والمرور بالشارع، في المقطع الرابط ما بين شركة “إير فرانس” وسينما الريف وفندق روايال المنصور.
 وبما أن مكتب الجريدة المحلية “الدار البيضاء” كان على مسافة خطوات وقريبا بنفس الشارع، فقد تابعت مراسيم تشييع الزعيم اليساري، برفقة الزميل عبد الله العمراني (مدير الجريدة)، والزميل حسن العلوي (فريموس). قمنا بتغطية الحدث الجلل، وخصصنا له مساحة مهمة تليق به، تضمنت صفحة كاملة بروبورتاج مصور لمراسيم التشييع والدفن، بعدسة المصور المرحوم عبد السلام الزهوي. 
ما أتذكره أننا نشرنا نبذة مختصرة عن الفقيد الوطني الكبير، جاء فيها أن الدكتور عزيز بلال شارك في إصدار مؤلف صدر بفرنسا مع الشهيد المهدي بنبركة وآخرين، وجاء من يرهبنا بكوننا ربما نكون بصدد ارتكاب خطأ سياسي جسيم، حين وصفنا المهدي بنبركة بـ “الشهيد”. لم يكن النظام قد طبع بعد مع صاحب “الاختيار الثوري”، وكان التلفزيون يعمد إلى قص المشاهد التي يظهر فيها بنبركة لما كان إلى جانب محمد الخامس والحسن الثاني. ولم يتم هذا التطبيع إلا سنة 1995، عندما أمر الحسن الثاني وزيره القوي إدريس البصري بترؤس تدشين شارع المهدي بنبركة في الرباط، بحضور عبد الرحمان اليوسفي وعلي يعته ومحمد بنسعيد أيت يدر…
********

ببوابة مقبرة الشهداء تقدمت موكب التشييع امرأة تحاول التماسك والتغلب على حزنها، كانت هي الطبيبة عفيفة الهلالي، أرملة الفقيد، ولم تكن مرتدية اللباس التقليدي الأبيض الذي تلبسه الأرامل في مثل هذه المناسبة، مشت السيدة بين قادة الأحزاب الوطنية وممثلي السلطات الرسمية، تحضن بين يديها صورة كبيرة مؤطرة بالزجاج للراحل عزيز بلال. وهو أمر غير مألوف وغير مسبوق، إذ وفق التقاليد الدينية عندنا يمنع أن تتبع النساء الجنائز، بالأحرى ترؤسها.
 قام بالتأبين الأمين العام للحزب وألقى كلمة مؤثرة، كان علي يعته في حالة تأثر شديدة، لم أشاهده عليها إلا يوم تشييع ابنه نادر. لقد غاب فجأة المنظر الإيديولوجي للحزب، واختفى إلى الأبد واحد من أهم دعامات وقادة حزب التقدم والاشتراكية، مفكر عضوي ربط بين النضال الفكري والممارسة الميدانية، مناضل تميز بالتواضع فأحبه الناس، وكان قدوة  للشباب، خاصة من  طلابه بالجامعة.
لا يختلف أحد أن وفاة الدكتور عزيز بلال أتت مفاجئة واكتنفها غموض كبير، إذ في يوم صادف 23 ماي 1982 توفي بشيكاغو في حريق بفندق “هيلتون”، عندما كان يحضر لتوقيع اتفاقية توأمة بين المدينة الأمريكية وبلدية عين الدياب بالدار البيضاء، التي كان مستشارا بها ونائبا لرئيسها الاتحادي الراحل مصطفى القرشاوي. 
عندما تقررت مشاركة مسؤول من بلدية عين الدياب، تم تعيين الاتحادي صالح سعد الله، وهو أيضا من نواب الرئيس، لكن الملك الحسن الثاني اختار أن يذهب بدله الدكتور عزيز بلال. لما تم إخبار المفكر اعتذر بسبب ارتباطاته الحزبية والعائلية، وأيضا العملية، فامتحانات نهاية العام الدراسي الجامعي لم تبق أمامها سوى أسابيع قليلة. لكن اقتراح الملك كان أمرا وقرارا…
كانت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكة والاتحاد السوفييتي لا زالت مشتعلة، وكانت السفارات الأمريكية لا تمنح بسهولة تأشيرات سفر لبلاد العم سام للشيوعيين ولمن يتعاطفون مع الشيوعية، كان ملف الحصول على التأشيرة يتضمن سؤالا حول صلة الراغب فيها، بالشيوعية. لكن تأشيرة عزيز بلال القائد الشيوعي كانت جاهزة تنتظره من غير طلب، وتنتظر جواز سفره الأخضر.

********

حظيت بالاستماع إلى الدكتور عزيز بلال مرات وهو يحاضر في الدار البيضاء، لوحده أو في ندوات، مثل التي جمعته بالاتحادي فتح الله ولعلو والاستقلالي عبد الحميد عواد في قاعة عبد الصمد الكنفاوي بحديقة الجامعة العربية بالدار البيضاء في السبعينيات. 
ولأن عزيز بلال المفكر والمناضل السياسي الصلب والنقابي الفذ، آمن مع حزبه بما سمي بـ “المسلسل الديمقراطي”، فقد دعا إلى الانخراط في التجربة من أجل تعميقها، هكذا في الانتخابات البلدية لاقتراع 12 نوفمبر 1976، تقدم مرشحا عن حزب التقدم والاشتراكية لنيل مقعد ببلدية عين الدياب، ونزل مع الشبيبة للقيام بالحملة الانتخابية، ولما وصل إلى ساحة مرس السلطان، التي كانت جزءا من الدائرة التي ترشح بها، لم يتردد في دخول مقاهي وحانات الساحة، “لاكونكورد” و”مدام غيران” و”مون مارتر”، لمحاورة الزبائن، كنت بحانة “مرس السلطان” لما دخل عزيز بلال، فأشاع فرحة كبرى عبر عنها رواد المقهى، وتم تبادل الأنخاب بين الجميع. وفاز عزيز بلال بمقعد خوله منصب نيابة الرئاسة، إذ حصل اليسار على أغلبية لقيادة البلدية.

********

عندما بلغ الراحل عزيز بلال الثامنة عشرة من عمره وجد نفسه عضوا بالحزب الشيوعي المغربي، وبعد منع الحزب ظل ملتزما بالسرية، وتولى قيادة فرع الرباط لما اتخذ الحزب تسمية “حزب التحرر والاشتراكية” قبل أن يمنع، وبعد رفع الحظر كان ضمن قيادة “حزب التقدم والاشتراكية” عضوا فعالا بالمكتب السياسي. ورحل في عنفوان شبابه دون العقد الخمسين.

********

فقد المغرب وحزب التقدم والاشتراكية والنقابة الوطنية للتعليم العالي والجمعية المغربية للاقتصاديين، برحيل عزيز بلال، رمزا وطنيا، ومناضلا ثوريا، وقائدا عماليا، وباحثا مفكرا لا يضاهى، صعب تعويضه، لا زالت أصداء نضاله وفكره تتردد بين المناضلين ولدى الطلبة الذين عاشوا زمنه في الجامعة.
 كان الأمل بأن يحظى عزيز بلال، وغيره من الشخصيات الكبيرة التي غادرتنا، بما يليق بمكانتهم، أن تصدر عنهم كتب وتعد أفلام وثائقية، تتناول سيرتهم النضالية، والجوانب المتعددة من شخصياتهم الاستثنائية ومزاياهم الإنسانية والعملية ومنهج تفكيرهم، وإسهاماتهم الوطنية والكفاحية والنقابية والفكرية، والآمال التي حملوها خلال حياتهم.
********

تحضرني الآن بالمناسبة أسماء أصدقاء وزملاء ورفاق أعزاء عاشرتهم ورافقتهم وجالستهم وحاورتهم من مناضلي حزب التقدم والاشتراكية، مثل عبد المجيد الدويب وعمر محيي الدين ومصطفى اليزناسني ومحمد أنيق وسيمون ليفي وميمون حبريش وشعيب الريفي وعبد الله العياشي ومحمد الغربي ومحمد فرحات، ولطيفة مكرامي.. السلام الأبدي لأرواحهم العالية.

***

إصدار بمناسبة الذكرى 39 لوفاة عزيز بلال

” عزيز بلال من الألف  إلى الياء”


بمناسبة الذكرى 39 لوفاة المرحوم عزيز بلال” 23 مايو 1982″التي تمت في ظروف أليمة وهو يقوم بواجبه الحزبي والوطني بمدينة شيكاغو الأمريكية، تم طبع كتاب حول هذه الشخصية العظيمة. كتاب باللغة الفرنسية يحمل عنوان “عزيز بلال من الألف إلى الياء ” من الحجم المتوسط 271 صفحة بقلم الرفيق الحسين اللياوي بمباركة من نجلي المرحوم البروفسور يوسف وعبد الكريم بلال وبتأطير وتوجيه من عفيفة الهلالي أرملة الفقيد .

Related posts

Top