عطلة عيد الفطر.. لنعبر عن مسؤوليتنا كلنا

تمثل أيام عيد الفطر امتحانا آخر لنا جميعا، وذلك لاختبار التزامنا المواطن بحالة الحجر الصحي، والتقيد بالبقاء في المنازل وعدم مغادرتها إلا للضرورة القصوى…

لا شك أن السلطات ستتخذ هذه الأيام إجراءات استثنائية بغاية منع تنقلات المواطنين ومغادرتهم مقرات سكناهم إما لتبادل الزيارات داخل المدينة أو للتنقل بين المدن أو من البوادي نحو المدن، ومن ثم ستكون قوات الأمن والدرك أكثر صرامة بهذا الخصوص، ولكي لا تتحول أفراح العيد إلى أتراح وأحزان مع تفشي الوباء وحصده أرواح جديدة.

إن الحالة الوبائية عندنا تجاوزت السبعة آلاف إصابة، وبلغ عدد الوفيات حوالي المائتين، كما أن مدنا بدأت تسجل تنامي بؤر وبائية داخلها، سواء عائلية أو مهنية، وكل هذا يفرض علينا تقوية مسؤوليتنا المواطنة والتفكير في صحتنا وصحة ذوينا، وفِي مستقبل بلادنا، وتبعا لذلك الحرص على ألا تتفاقم هذه الأوضاع، أي أن لا نخرج من منازلنا خلال أيام العيد هذه، وأن نتفادى تبادل الزيارات أو الخروج المبالغ فيه وغير المبرر للشارع، وذلك لمنع الاختلاط بين الناس، والذي ينقل العدوى بينهم، ويزيد من تفشي فيروس “كوفيد – 19”.

إن غالبية شعبنا تتطلع، بالفعل، إلى رفع حالة الحجر الصحي، وإلى أن تستعيد الحياة إيقاعها الطبيعي، وأن يستطيع الجميع الخروج من هذه العزلة الذاتية، ولن يتحقق ذلك إلا بتحسن مؤشرات وضعنا الوبائي الوطني، واستقرار مؤشر تكاثر الفيروس وانتقال العدوى في أقل من واحد في المائة، ولهذا يجب أن نستمر كلنا، وخصوصا خلال أيام العيد هذه، في البقاء ببيوتنا، والامتناع عن سلوكات الاستهتار واللامبالاة.

ومقابل هذا النداء الذي نوجهه من جديد لشعبنا، فإننا أيضا نحث الحكومة والسلطات العمومية على تكثيف الجهد لإيصال الدعم المادي إلى كل المستحقين، وخصوصا في البوادي والمناطق الجبلية والنائية، وأيضا تصحيح بعض اختلالات التنفيذ في أسرع وقت، وذلك حتى يستطيع المحتاجون والفقراء من شعبنا البقاء في المنازل وعدم الخروج للبحث عن القوت اليومي لهم ولأسرهم.

وكما أن شهر رمضان هذه السنة غابت عنه الطقوس الجماعية التي عرفت بها أماسيه، وغابت صلاة التراويح في المساجد، فإن عيد الفطر كذلك ستغيب عنه صلاة العيد، والتي دعا المجلس العلمي الأعلى إلى القيام بها في المنازل، بالنظر للظروف الراهنة الصعبة التي يجتازها وطننا وغيره من الدول، وبالتالي سيكرس ذلك تعبدا فرديا لدى الناس، وتوجههم نحو التمعن الذاتي واستخراج الدروس والعبر من القيم الروحية السمحة، كما أن زكاة الفطر لهذه السنة بإمكانها أيضا أن تساعد عددا من الأسر الفقيرة والمعوزة، وأن تندرج، بدورها، ضمن تعدد مبادرات التضامن الاجتماعي والإنساني بين الأقارب والجيران، وتجاه كل الفئات الهشة والمحتاجة.

المعركة التي يخوضها بلدنا اليوم تهدف إلى حفظ الحياة وحماية صحة مواطناتنا ومواطنينا، وهذا يستحق أن نساهم فيه كلنا، أي أن نسعى للانتصار على الوباء في أقرب وقت.

ولتحقيق ذلك، ليس أمامنا خيار  آخر سوى أن نبقى في منازلنا وألا نخرج بدون سبب للشارع.

لنجعل إذن أيام عطلة عيد الفطر مناسبة لتقوية هذا السلوك المواطن وتمتينه، ولكي تبدأ مؤشرات تفشي الوباء في الانخفاظ والتراجع.

وفِي كل الأحوال، عيد مبارك سعيد لشعبنا.

محتات الرقاص

Related posts

Top