علاقة الجامعي بأيت منا

يتابع الرأي العام الرياضي الوطني بكثير من الانشغال فصول حروب مندلعة هناك وهناك، مع ما يخلف ذلك من تداعيات وتطورات وتفاعلات تزيغ في الكثير من الأحيان عن الإطار الرياضي الصرف، لتصل إلى متاهات وصراعات تسيء إلى الكثير من الرموز.
من بين هذه النماذج المؤسفة، هناك ما يمكن تسميته بالخلاف الحاصل بين مسؤولي فريقي المغرب الفاسي وشباب المحمدية، والذي تطور إلى حدود التراشق بالكلمات بين الرئيسين إسماعيل الجامعي وهشام أيت منا، وما ترتب عن ذلك من تشنج وردود فعل غاضبة من الطرفين.
المؤكد أن هناك جهات من مصلحتها الدفع في اتجاه تعميق الخلاف لخدمة أجندة خاصة، وهناك من تعود الاصطياد بالماء العكر، والاستفادة من الأجواء غير الصحية، وهذا ما انتبه له رئيس “الماص” الذي بادر إلى إصدار بلاغ توضيحي يشرح فيه أسباب النزول، وما ترتب عن ذلك من سوء فهم، وتأويلات غير صحيحة.
مضامين البلاغ الذي لم يتردد خلاله الرئيس الفاسي في تقديم اعتذار علني في حالة ما إذا أسيء فهم تصريحاته السابقة، وهو سلوك يحمل من نبل الأخلاق ما يحسب له في هذا الظرف الدقيق، حيث يحتدم الصراع لتحقيق الصعود لقسم الكبار.
ركز البلاغ على عمق العلاقات التاريخية بين الناديين المرجعيين اللذان اعتبرا على مر التاريخ من الركائز الأساسية لكرة القدم الوطنية، وارتباطهما بعائلتين كبيرتين هما عائلتي الجامعي وأيت منا، والدور الذي لعباه تاريخيا في ضمان دعم مستمر للفريقين معا في كل الأحوال، وكيفما كانت الظروف.
وهذه القيمة هي ما يسعى إلى تكريسها الابنان إسماعيل وهشام، واللذان يحملان على عاتقهما استعادة أمجاد الماضي واستشراف المستقبل بعيون أكثر تفاؤلا وثقة، وما المشاريع المبرمجة خلال السنوات القادمة، إلا دليل قاطع على التفكير المقاولاتي والبعد الاستثماري الذي يهدف إليه رجلان قادمان من عالم المال والأعمال.
وكما يقال فالاعتذار من شيم الكبار، وعلامة من علامات الثقة بالنفس وقيمة التربية التي تلقاها، وإسماعيل الجامعي بادر بكثير من الجرأة ونكران الذات إلى تقديم اعتذار علني وصريح، الهدف الوحيد منه إصلاح ذات البين، ووضع حد لتفاعلات خلاف تحول بفعل سوء فهم أو تأويل خاطئ، إلى حاجز نفسي كبير يخيم على العلاقة بين ناديي العاصمة العلمية ومدينة الزهور، والتي من المفروض أن يطبعها روح التعاون والتفكير الجماعي، لما فيه خير كرة القدم الوطنية.
بعد هذا البلاغ التوضيحي الموقع من طرف إسماعيل الجامعي، فمن المفروض أن يوضع حد نهائي لكل هذا اللغط الذي يسيطر على محيط الناديين معا، وأن يركز كل طرف على ما ينتظره من تحديات خلال الجولات الأخيرة من البطولة، من أجل تحقيق آمال جمهورهما التواق إلى العودة لقسم الأضواء وهو مكانهما الطبيعي والعادي.
والمباراة التي تنتظرهما هذا الأسبوع بالملعب الكبير بفاس، فرصة مهمة لتأكيد هذا المنحى الإيجابي، وذلك بسيطرة الروح الرياضية العالية وتقديم مستوى تقني لافت يليق بتاريخهما الكبير، وقيمة النجوم الكبار الذين دافعوا بسخاء عن قميصهما.

>محمد الروحلي

Related posts

Top