على سبيل التوضيح…

حثتني بعض ردود الفعل التي أعقبت نشر عمودي في عدد أمس الأربعاء على التفاعل معها، والمساهمة مع أصحابها في إغناء قراءتنا معا للأوضاع في بلدنا.

بداية، لم أكن في هذا العمود، أو في غيره كذلك، بصدد محاكمة أشخاص أو أن أسمح لنفسي بشتم زملاء أو سبهم، وإنما أنا أحاول أن أقرأ وقائع ومواقف وسلوكات في مشهدنا السياسي الوطني، وهذا مطلوب منا كلنا بلا حسابات شخصية أو أي سعي للشخصنة أو للتدني.

ومن هنا، استوقفتني بالذات تدوينة نشرها زميلي الصحفي والمحلل السياسي يونس دافقير على مواقع التواصل الاجتماعي إثر قراءته للعمود الذي كتبته.

ولهذا أدقق منذ البداية أن عبارة: [قد تكون الأوساط الإعلامية مجرد ناقل “ميساج” أو ساعي بريد…]، التي استند إليها الزميل يونس للتعبير عن انتقاده وغضبه، تندرج هي أيضا ضمن محاولة قراءة وقائع سياسية موجودة على أرض الواقع وضمن حكايات المهنيين والعارفين، وهو يدرك ذلك جيدا، كما أنني لم أذكر لا اسم الزميل ولا حتى الصحف ولا أي كان على سبيل التحديد أو القصد، ورغم كل هذا أبادر للتأكيد على أنه إذا كانت العبارة المشار إليها تبعث على الإحساس باستهداف أي كان من الصحفيين، أو تحمل غبنا أو شبهة مسبة، فأنا أعلن جهارا هنا سحبها والاعتذار عن استعمالها لكل من اعتبر نفسه مقصودا بها.

أما بعد؛

إن القصد من النص ليس هذه العبارة، التي يمكن أن نقرأه من دونها، ولهذا يجب تركيز النقاش على المضمون السياسي للقضايا المطروحة، وليس على جملة واحدة لا تعني ما فهم منها، وليس وراءها قصد استهداف لأشخاص محددين، فبالأحرى أن يكونوا من ضمن الزملاء والأصدقاء.

إن القضية المطروحة أمامنا اليوم هي التلويح بتشكيل حكومة تيقنوقراط لإدارة البلاد، واعتبار أن الدولة يمكن أن تكون قوية وفعالة وناجعة من دون مشروعية ديمقراطية، والاتكاء على الأزمة الحالية وتداعياتها لتكريس التراجع الديمقراطي في البلاد.

هذا هو موضوعنا الجوهري، وواضح أن الدفاع عن هذه الاختيارات المبدئية هو من صميم القناعات الديمقراطية والحقوقية، وهو ما أعتقد أنني أشترك فيه مع الرفيق يونس دافقير كذلك، ولا أشك في حرصه الديمقراطي ودفاعه عن دولة المؤسسات والمصداقية.

من المؤكد أن وضعنا الوطني الحالي يعج باختلالات الأداء، وخصوصا ضعف انسجام مكونات الحكومة، وضعف تواصلها وحضورها السياسي، وضعف مبادراتها الميدانية، وحتى في عمود أمس أشرت إلى ذلك، وقد نجد كثير نقاط الاتفاق حول هذا التشخيص، لكن مع ذلك تبقى القناعات الديمقراطية والمبدئية تجبرنا على احترام عمل المؤسسات وما تفرزه الإرادة الشعبية، وأن ندع المسار الديمقراطي في بلادنا يمشي بشكل طبيعي دون السعي إلى إعادة تسخين طبخات باردة، وجر البلاد إلى مآلات لا تفيد مصداقيتها الديمقراطية.

هذا هو جوهر ما عبرت عنه، وينسجم مع القناعة الديمقراطية والحقوقية، وهو ما أعتقد أنه يجب أن يكون موضوع نقاشنا السياسي العمومي دفاعا عن وطننا ومستقبله الديمقراطي، أما الاعتقاد بأنني أسب زملاء لي، فيمكن للزميل يونس دافقير نفسه أن يكون أكبر شاهد على أن ذلك ليس معروفا عني، ولديه ما يكفيه من أدلة على ذلك.

وفِي كل الأحوال، وعلى سبيل التوضيح، أجدد الإعلان هنا عن سحب العبارة التي أحس يونس أنها ربما تعنيه في المقال، وإن لم أذكر لا اسمه ولا اسم أحد آخر، وأعتذر عن استعمالها، وأترك باقي النص كما هو، وهو المتضمن للفكرة المطلوب مناقشتها.

ليس من العادة رصد التعليقات والعمل على الرد عليها هنا في هذا العمود، ولكن التفاعل الذي كتبه الزميل يونس دافقير جرني إلى ذلك، استثناء، تقديرا له واحتراما للصحيفة التي يعمل بها ويكتب فيها، ورفعا كذلك لكل الالتباسات غير الحقيقية، وتفاديا لأن يذهب الكلام بعيدا عن المعنى، وأيضا إصرارا وحرصا على شطب كل الحسابات الصغيرة أو المتخيلة، واصطفافا في… العمق، أي في مستقبل وطننا.

محتات الرقاص

[email protected]

الوسوم , , ,

Related posts

Top