علي أعمامو دكتور باحث في التحسين الوراثي للحبوب بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بسطات

> ما هو دور مختبر التحسين الوراثي للحبوب في تطوير هذه الزراعة بالمغرب؟

< يعتبر مختبر التحسين الوراثي للحبوب بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بسطات نتاج اتفاقية التعاون المغربية الأمريكية (MIAC) في سنوات التسعينات الذي تمخض عنها إحداث مركز «Centre Aridoculture» قبل أن يتحول إلى المركز الجهوي للبحث الزراعي بسطات الذي يحوي عدة برامج بحثية من بينها برامج التحسين الوراثي للحبوب.

والهدف من هذا المختبر هو تطوير أصناف جديدة من الحبوب التي تتكيف مع الظروف المناخية و تربة المناطق الجافة وشبه الجافة، وذات إنتاجية عالية، نظرا لمقاومتها للأمراض والحشرات، وكذا تحملها للجفاف.

وتمكن هذا المختبر من استنبات عدة أصناف من القمح الصلب (أزيد من 30 صنفا)، وكذا القمح الطري (أزيد من 20 صنفا)، من بينها؛ كريم (1985)، ومرزاق (1984) في القمح الصلب، ثم الريهان (1996)، وأشطار (1988)، وأمال (1993) في القمح الطري، والتي بالمناسبة تحتكر النسبة الأكبر في المبيعات من طرف الشركات المكثرة لهذه الأصناف. 

وفي القمح الصلب، واستنادا إلى معدلات الأربع سنوات التالية من سنة 2011 إلى 2015، الخاصة بالمبيعات، تحتكر كريم (%38.5)، ومرزاق (%18.3)، وذلك بنسبة %54 من المبيعات، رغم أن %60 من الأصناف مستنبتة من طرف الخواص وقادمة من الخارج، أما فيما يخص القمح الطري فتحتكر آمال (%18.4)، وأشطار (%12)، والريهان (%11.2) بنسبة %41.7 من المبيعات.

> ما هي المراحل التي يمر منها خلق صنف جديد من الحبوب؟

< يعد اختيار الصنف من طرف الفلاح مرحلة أساسية وحاسمة في زراعة أرضه، لكن خلق صنف واحد وجديد من القمح يدوم سنوات طويلة (على الأقل 10 سنوات) في البحث الزراعي والانتقاء. 

والمراحل الأساسية هي؛ التهجين، ثم الانتقاء لعدة مواسم (7 سنوات على الأقل)، بالإضافة إلى ثلاثة مواسم في تجارب الإنتاج، وذلك في عدة مناطق مناخية مختلفة، تليها سنتين بعد التسجيل في السجل الرسمي للأصناف (بعدة مناطق)، وفي الأخير خمس سنوات (R1) أو ست سنوات (R2) عند شركات الإكثار لبيعها للفلاحين. 

ومن هنا، نجد أن خلق صنف واحد يحتاج إلى ما يقارب 18 سنة ليصل إلى الفلاح كبذور مختارة، على اعتباره يمر من مجموعة من المراحل وهي كالآتي؛ البحث الزراعي (10 سنوات)، ثم تجارب السجل الرسمي (سنتان)، وأخيرا مرحلة الإكثار من طرف شركات الإكثار (6 سنوات).

> ما هي الأصناف الجديدة التي أحدثها المختبر خلال السنوات الأخيرة؟

< منذ سنة 2007 تمكن مختبر التحسين الوراثي للحبوب من تسجيل أربعة أصناف من القمح الصلب وصنف واحد من القمح الطري. وفي القمح الصلب نخص بالذكر؛ لويزة (2007)، فراج (2011)، إتري (2016)، وحمادي (2017)، أما في القمح الطري فهناك سنينة (2017)، خروبة (2010)، خديجة (2010)، ومليكة (2010).

كل هذه الأصناف ذات مردودية عالية نسبيا، كما تقاوم أو تتحمل الآفات التي تصيب الأوراق، علاوة على أن جودة حبوبها جيدة، بل وأحسن من جميع الأصناف الأخرى.

> ما هي خصائص أصناف الحبوب التي تكون لها مردودية مهمة وفي نفس الوقت ذات جودة؟

< فيما يخص الأصناف ومردوديتها، فالأصناف القديمة ملائمة لمناطق مختلفة في آن واحد لكن مردوديتها متوسطة حتى في المناطق الملائمة، لكن الأصناف الجديدة فهي موجهة لمناطق بعينها وتعطي إنتاجا أفضلا بكثير في هذه المناطق، في حين تعطي مردودية أقل خارج المناطق الموصى بالزراعة فيها.

أما فيما يتعلق بالجودة، فهي مرتبطة أساسا بالمسار التقني لزراعتها، ويعتبر الآزوت مثلا مكونا أساسيا في تركيبة البروتينات ونسبتها في الحبوب المتعلقة أساسا بكمية الأسمدة، والمسار التقني الجيد المتبع من طرف الفلاح. لكن هذا لا يمنع أن نمن سبة من جودة الحبوب تأتي من الجينات المكونة للصنف. 

ويجب الإشارة كذلك هنا، إلى أن البروتينات في حبوب القمح تنقسم إلى قسمين: Gliadines وGlutenines فنسبة الواحدة على الأخرى تؤدي إلى تغير استعمال هذه الحبوب (الخبز، البسكويت…). لذا بدأ المختبر يعتني بالجودة منذ سنة 2005 بالانتقاء، والمعتمد أساس على الجودة، وذلك من خلال الاشتغال مع مختبر الجودة بالمركز الجهوي للبحث الزراعي بالرباط، والمتخصص في جودة الحبوب.

> كيف يواكب المختبر الفلاحين في تطوير زراعة الحبوب بالمغرب؟

< يشتغل مختبر التحسين الوراثي للنباتات مع فريق من المختصين في ميادين مختلفة، فهناك مختصين في الموارد الجينية، في الزراعات الكبرى، وفي محاربة الأعشاب الضارة في محاربة الأمراض، وفي محاربة الحشرات… كل حسب تخصصه.

وبالرغم من أن مهمة المعهد الوطني للبحث الزراعي بسطات هي البحث والابتكار خصوصا الأصناف والتقنيات الجديدة في تحسين مردودية المحاصيل، فهو يعمل جنبا إلى جنب مع المؤسسات الفلاحية والجهوية الأخرى كالجامعات وONCA CHAMBRE و ONSSA … من أجل الرفع من المردودية. 

فباحثو المعهد يساهمون في نشر الأصناف والتقنيات الجديدة وتوصيلها إلى الفلاحين، كما يعملون كذلك في فريق واحد مع الفلاحين من أجل تجريب وانتقاء الأصناف والتقنيات الجديدة، من هنا فإن التجارب الميدانية عند الفلاح تكون أكثر فاعلية وذات جدوى.

> هل هناك مشاريع أصناف جديدة يشتغل عليها المختبر؟ 

< بالفعل، كل سنة هناك مشاريع جديدة تدفع إلى السجل الرسمي لتسجيلها كأصناف جديدة، والانتقاء دائم لأن هناك كذلك بعض الآفات والأمراض الجديدة التي تظهر كل سنة، ويجب واكبتها لإيجاد أصناف جديدة مقاومة لهذه الآفات.

وبرنامج التحسين الوراثي متواصل وكل سنة هناك أصناف أفضل في التجارب الإنتاجية تحتاج إلى تسجيلها في السجل الرسمي الوطني، والمختبر يشتغل خصوصا على مقاومة الجفاف والأمراض والحشرات، كما يهتم بتحسين المردودية، وكذلك الجودة التي أصبحت من بين الأهداف الأساسية، خصوصا حجم حبة القمح، واللون، ونسبة البروتينات، ناهيك عن الجودة.

> إنجاز: يوسف الخيدر – حسن أنفلوس

Related posts

Top