عودة التنقيل بدون طلب “وسط اعتراضات قضائية في المغرب”

بعد طول انتظار، كشف المجلس الأعلى للسلطة القضائية عن نتائج أشغال دورة شتنمبر والتي شملت تعيين ملحقين قضائيين والبتّ في طلبات انتقال القضاة وتعيين بعض المسؤولين القضائيين الى جانب قضايا مختلفة، وكان لافتا في نتائج أشغال هذه الدورة عودة التنقيلات من دون طلب تحت مسمى المصلحة القضائية.

تعيين الملحقين القضائيين مراعاة الترتيب ومعايير أخرى

شملت نتائج أشغال هذه الدورة تعيين الفوج 44 من الملحقين القضائيين في السلك القضائي، الذي اجتاز بنجاح امتحان نهاية التكوين بالمعهد العالي للقضاء خلال شهر أكتوبر 2022. ويتكون هذا الفوج من 150 ملحقا قضائيا من بينهم 39 نساء و111 رجالا. وبخصوص نوعية التكوين، يلاحظ أن 90 منهم تلقوا تكويناً عاماً، و40 منهم تلقوا تكوينا في القضاء التجاري، و20 منهم تلقوا تكوينا في القضاء الإداري وذلك في إطار تدعيم تجربة التخصص القضائي. وقد قرر المجلس بعد دراسة ملفاتهم تعيين 56 قاضيا للحكم بالمحاكم الابتدائية والمراكز القضائية، و36 نائبا لوكيل الملك لدى هذه المحاكم، وكذا تعيين 35 منهم كقضاة للحكم بالمحاكم الابتدائية التجارية و03 آخرين نواباً لوكيل الملك لدى هذه المحاكم، الى جانب تعيين 20 قاضيا بالمحاكم الابتدائية الإدارية.

ومن خلال الاطلاع على نتائج أشغال المجلس، يتبين تعيين عدد من القضاة الجدد في محاكم بمدن كبرى وعدم الاستجابة لطلبات قضاة ممارسين يرغبون في الانتقال إليها رغم ما يفرضه القانون من ضرورة البتّ في طلبات الانتقال قبل البتّ في تعيينات القضاة الجدد، كما يلاحظ أن المجلس كرس ما أقرّه في دورات سابقة من استثناء الملحقات القضائيات من التعيين في المناطق النائية. وهو ما أسهم في الإبقاء على خريطة قضائية لاتراعي بعد النوع الإجتماعي من خلال وجود عدد من المحاكم لا تعين فيها قاضيات.

انتقالات وتنقيلات القضاة وسؤال المصلحة القضائية

نظم القانون حصانة القضاة من النقل، كضمانة من ضمانات استقلالية السلطة القضائية، فنصت المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة على حالات هذا النقل، وهي إمّا: استجابة لطلباتهم، أو على إثر ترقيتهم، أو بسبب إحداث محكمة أو حذفها، أو لشغور منصب قضائي، أو لسدّ الخصاص بمحكمة من محاكم المغرب. وبالرجوع إلى نتائج أشغال المجلس، يلاحظ أن تنقيلات القضاة من دون طلب فاقت عدد حالات الاستجابة لطلبات الانتقال. وفي هذا السياق، تمّ تسجيل 106 حالة نقل لسد خصاص في نتائج أشغال المجلس برسم دورة شتنبر 2022، مقابل 115 حالة بناء على طلب، من دون احتساب حالات النقل إثر الترقية التي هي في عمقها تُصَرف لسد الخصاص، علما بأن المحكمة الدستورية، كرست مبدأ عدم نقل قضاة الأحكام، من دون طلب منهم، إلا بصفة استثنائية يبررها ضمان حق التقاضي المكفول دستوريا للمواطنين

من أجل تفعيل آلية تظلم القضاة

تعليقا على هذه النتائج، أكد المستشارياسين مخلي، الرئيس المؤسس لنادي قضاة المغرب والعضو السابق في المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن عمل المجلس ” تواجهه عدة صعوبات عند تدبير الوضعيات الفردية من الناحية الواقعية والمرتبطة أساسا بتدبير الخصاص و إقرار التوازن والتكافؤ بين مناطق المغرب للاستفادة من الكفاءات  القضائية الجيدة من جهة،  و رغبات القضاة من جهة أخرى” . وأضاف أن “إقرار هذا التوازن قد يترتب عليه عدم الاستجابة لبعض الطلبات التي قد تبدو من ظاهرها مبررة”، مؤكّدا على أهمية خلق قنوات للتّواصل المباشر مع المجلس عبر تشجيع القضاة للتواصل مع مؤسستهم وعرض تظلماتهم وهو ما سيؤدي إلى” تقوية الثقة في عمل هذه المؤسسة التي يجب ان تتعاطى مع التظلمات بمنطق و فلسفة تروم تصحيح بعض التقديرات الخاطئة او الإغفالات أو الأخطاء المادية التي يمكن أن تحدث عند البتّ في كمّ هائل من الطلبات والوضعيات”.

نادي قضاة المغرب يواصل رصد نتائج أشغال المجلس

في تعليقه على نتائج أشغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية برسم دورة شتنبر 2022، أكد نادي قضاة المغرب، على ضرورة انفتاح مؤسسة المجلس وتواصلها وذلك بنشر توضيحات وبيانات مفصلة تخص مؤشرات نقل القضاة، وكذلك معايير تعيين الفوج 44، وإشعار القضاة بالتوصل بطلبات انتقالهم ومآلها، دعما لقيم الشفافية وحسن  التواصل.

وبخصوص التعيين في مراكز المسؤولية القضائية، أوصى نادي القضاة بضرورة احترام مسطرة الاقتراح للتعيين في مهام المسؤولية القضائية عن طريق  التباري، والمنصوص عليها في المادة 71 من القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بدءا من الإعلان عن المناصب الشاغرة، ومرورا بتلقّي طلبات الترشّح من طرف القضاة، وانتهاء بالنظر في هذه الطلبات بعد إجراء مقابلة مع المعنيين بها. وسُجّل في هذا الصدد عدم إعمال المجلس لمسطرة التباري إذ تمّ اقتراح التعيين في بعض مهام المسؤولية القضائية من دون الإعلان عن شغورها ومن دون فتح المجال لتقديم طلبات الترشيح.

وبخصوص تنقيلات القضاة من دون طلب لسدّ  الخصاص أكد النادي على أهمية احترام مبدأ عدم قابلية نقل القضاة، من دون طلب كما هو منصوص عليه في المادة 72 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وأقرته اجتهادات المحكمة الدستورية، مع مراعاة الضرورة والتناسب في حالات النقل لسد الخصاص وربطها بمعايير موضوعية من قبيل الوضعية الاجتماعية والقرب الجغرافي وحق القضاة في الرجوع إلى محاكمهم الأصلية عند البت في تعيين الملحقين القضائيين الجدد والاحتفاظ لهم بنقطهم السابقة في احتساب الأقدمية المطلوبة للاستجابة لطلبات الانتقال .

Related posts

Top