عيد الأضحى في الأدب المغربي

بعض الوقائع والأحداث لا نكاد نجد لها حضورا في الإنتاجات الأدبية المغربية، خاصة منها السردية، مع أن أصحاب هذه الإنتاجات يدعون أنها تعكس واقعهم الاجتماعي.
لنأخذ على سبيل المثال العيد الذي نحن مقبلون على الاحتفال به، عيد الأضحى، إن أغلب الإصدارات القصصية والروائية المغربية، لم تتطرق إلى هذا الموضوع، مع أنه يشكل جزءا من معيشنا.
اللافت للانتباه أنه حتى أولئك الذين ألفوا سيرهم الذاتية -معظهم على الأقل- لم يشيروا إلى العيد المذكور، ولو إشارة عابرة، مع أنهم حرصوا على التحدث عن حياتهم بشكل تسلسلي، بمعنى أنهم توقفوا عند محطات متعددة من طفولتهم ومراهقتهم وشبابهم، بأفراحها وأتراحها، ولم يحضر ببالهم أن محطة من هذه المحطات جديرة بأن تحكى، بالنظر لما تحمله من دلالات، فلا شك أن لكل واحد منا ذكرى، لا بل ذكريات مع العيد الكبير، بالنظر إلى أنه يتكرر كل سنة.
لا شك أن كل واحد منا كانت له علاقة خاصة مع الكبش والعيد وطقوس، خاصة في أيام الصبا والطفولة، تستحق أن تروى سواء بأسلوب قصصي أو روائي أو غيره من الأساليب الإبداعية، لكن ما الذي يجعل أدباءنا يصرفون النظر عن هذه المناسبة، بالرغم من تجدرها في معتقداتنا وفي حياتنا منذ الأزل؟
إن عدم تناول موضوع من هذا القبيل، ينم عن الإحساس بأنه مجرد حدث مبتذل لا يستحق الكتابة عنه إبداعيا، سيما وأن طقوسه معروفة وتكاد تتشابه لدى جميع المحتفلين بهذه الشعيرة الدينية.
الأديب عادة ما يفضل الحديث عن الأشياء ذات الخصوصية، سيما عندما يتحدث عن حياته الشخصية، لا يرغب في أن يتقاسم شيئا مشاعا بين الناس. همه الأساسي في مجال الكتابة الإبداعية، هو أن يروي شيئا جديدا، وأن يبتكر – إذا اقتضى الحال- عالمه الخاص، يجعله ينفرد عن غيره من الأشخاص العاديين وعن غيره من الأدباء كذلك.
لكن بالرغم من كل ذلك، ليس هناك ما يسوغ تغييب أحداث معينة، تشكل جزءا من معيشنا. كل الأحداث والوقائع قابلة لأن تروى وتحكى، سواء كانت ذات طبيعة مبتذلة أو مشاعة أو ما إلى ذلك.
وكما قال أحد البلاغيين القدماء: “المعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي والبدوي والقروي، وإنما الشأن في إقامة الوزن وتخير اللفظ وسهولة المخرج وكثرة الماء وفي صحة الطبع وجودة السبك..”.
في مقابل تغييب الحديث عن العيد المشار إليه آنفا، في نصوصنا الإبداعية وفي سيرنا الذاتية، نجد بعض الباحثين في مجال الأنتربولوجيا بالخصوص قد توقفوا عند هذا العيد، كما هو الحال بالنسبة لكتاب “الضحية وأقتعتها” وغيره من الكتب والدراسات، كما أن الصحافة بمختلف أنواعها لا تبخل في كل سنة بإنجاز استطلاعات وتحقيقات، تستحق أن تحول في حد ذاتها إلى نصوص إبداعية.
ولا نغفل بهذا الصدد الإشارة إلى رسامي الكاريكاتير الذين ينشطون ويبدعون بشكل لافت في هذه المناسبة بالذات، بالنظر لما تتيحه من إمكانيات لإثارة السخرية الشديدة الارتباط بهذا الفن.
عيد الأضحى إذن هو كغيره من الأحداث التي تشكل جزءا من معيشنا، تستحق أن يكون لها حضور في سرودنا وفي غير ذلك من نصوصنا الإبداعية.

عبد العالي بركات

[email protected]

Related posts

Top