غوغل وفيسبوك وآبل وأمازون.. عمالقة يستميلون الكونغرس الأمريكي

توحّدت خطابات عمالقة التكنولوجيا في الولايات المتحدة غوغل وفيسبوك وآبل وأمازون، لإقناع المشرعين الأميركيين بأنها شركات تحترم لعبة المنافسة وبأنها تظل الدعامة الأولى لسيطرة بلادها على مجال حيوي تنافسها عليه قوى عظمى أخرى كالصين.
واستمع الكونغرس الأميركي الأربعاء لرؤساء هذه الشركات التي باتت تمثل إمبراطوريات مالية واقتصادية وذلك في جلسة خصصت لعرض الاتهامات الموجهة لهذه الشركات في ما يتعلق باقتراف ممارسات منافية للمنافسة الاقتصادية النزيهة.
خطاب قومي

وانتهج رؤساء هذه الشركات خطابا قوميا قام على استمالة نواب الكونغرس وركز على رفع شعارات تستنهض الغيرة الوطنية الاقتصادية لدى المشرعين ومحاولة البرهنة على أن الهدف الحقيقي لهذه الشركات هو العمل قبل كل شيء من “أجل أميركا” وذلك في تناسق تام مع ما رفعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ 2016 “أميركا أولا”.
واستبق مؤسس فيسبوك مارك زوكربيرغ هذه الجلسة، بقوله إن شركة فيسبوك هي “شركة أميركية باعتزاز” وبأنها لم تكن لتنجح لولا “قوانين تشجع المنافسة والابتكار”، وفق خطابه الذي سلمه الثلاثاء للجنة القضائية.
ودافع القادة الأربعة عن إمبراطورياتهم المتهمة من أنصار اليسار أو اليمين على حد سواء بأنها تهيمن إلى حد كبير على السوق. وأكد جميعهم أنهم ما كانوا سيحققون النجاح في أي مكان آخر غير الولايات المتحدة.
واستخدم مارك زوكربيرغ إحدى الحجج المفضلة لديه لتبرير حجم شبكته، وهي ضرورة عدم ترك الصين تتفوق عليها.
ويقول خبراء إن مؤسس فيسبوك أدار القضية بإضفاء جرعة سياسية على خطابه كونه يدرك أن المشرعين مهما كانت انتماءاتهم إلى المعسكر الديمقراطي أو الجمهوري يعارضون بالنهاية منافسة بكين لواشنطن في قطاع حيوي بات يدير منذ سنوات شكل المعارك والحروب.
ولم يستغرب الخبراء والمراقبون من خطاب زوكربيرغ بتأكيدهم حتى قبل الجلسة أنه سيكرر ما كان يقوله منذ سنوات “نحن نؤمن بقيم معينة، هي الديمقراطية والمنافسة والشمول وحرية التعبير التي بُني عليها الاقتصاد الأميركي. ولا توجد ضمانات بأن قيمنا ستنتصر. فالصين، على سبيل المثال، تبني نسختها الخاصة من الإنترنت على أفكار مختلفة للغاية، وتصدر هذه الرؤية إلى بلدان أخرى”.
ومنذ ظهور فايروس كورونا في موفى عام 2019، تتهم الشركات الأميركية الرائدة في عالم التكنولوجيا بأنها الطرف الوحيد الذي سيخرج بعد نهاية أزمة كورونا بفضل عدم احترام قيم المنافسة، بوضع اقتصادي أكثر رخاء من ذي قبل.
وفي مطلع يوليو، بلغت القيمة السوقية لأربع شركات رئيسية في هذا المجال وهي آبل ومايكروسوفت وأمازون والفابت (الشركة الأم لغوغل) 6500 مليار دولار أي ربع قيمة أكبر 500 شركة مدرجة في قائمة “ستاندرد آند بورز”.
وقبل جلسة الاستماع، أفاد عالم الاقتصاد إد يارديين بأن الأرقام المسجلة تشكل مستوى قياسيا. وكتب في تقرير أن هذه الشركات “هي من بين أكبر المستفيدين من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة. وهي ستستمر على الأرجح في الاستفادة من الاضطرابات حتى بعد حل الأزمة”.
ومن خارج دوائر العمالقة الأربعة، استقطبت نتفليكس 26 مليون مستخدم جديد يدفعون اشتراكات منذ مطلع السنة. وشهدت شبكات التواصل الاجتماعي ارتفاعا كبيرا جدا في نشاطها لاسيما على صعيد الفيديو.
ويتوقع أن تعكس النتائج الربعية التي تستعد الشركات الرقمية العملاقة لنشرها الزيادة الكبيرة في اعتماد خدماتها بسبب الإغلاق الطويل للمدارس والمكاتب وقاعات الحفلات والملاعب وغيرها.
وأشاد سوندار بيشاي بدوره باستثمارات غوغل الكبيرة التي تجعل من الممكن “تعزيز مكانة أميركا” في التقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي أو السيارات المستقلة أو الحوسبة الكمومية.
وحذر قائلا “مثلما أن الهيمنة الأميركية في هذه المجالات ليست حتمية، فإننا نعلم أن نجاح غوغل المستمر ليس مضمونا”.
ورقة الصين

أسهب مؤسس شركة أمازون جيف بيزوس مستخدما عبارات حماسية في الحديث عن حلمه الأميركي، من والده المهاجر إلى بدايات أمازون في مرآب إلى المجموعة الحالية “التي خلقت عددا من الوظائف في الولايات المتحدة على مدى العقد الماضي أكثر من أي شركة أخرى”.
وأثنى على ثقة المستهلكين، والبلد بشكل عام، مشيرا إلى “استطلاعات رأي مستقلة” مفادها أن “80 في المئة من الأميركيين لديهم انطباع إيجابي بشكل عام عن أمازون”.
وقال القادة الأربعة إنهم يواجهون منافسة شرسة. ويشير تيم كوك، رئيس آبل، إلى أن الشركة المصنعة لهاتف آيفون “لا تهيمن على أي من الأسواق التي نزاول فيها أعمالنا”.
وتُتهم آبل وأمازون بأنهما تؤديان دور الخصم والحَكم على منصتي آبستور للأولى وإي – كومرس للثانية، لأن منتجاتهما تتنافس مع منتجات منافسيهما.
استبق جيف بيزوس جلسة الكونغرس بقوله إن “أمازون لا تمثل سوى 1 في المئة من 25 ألف مليار دولار في سوق التوزيع العالمي و4 في المئة في الولايات المتحدة”.
ويضيف أغنى رجل في العالم أيضا أنه بعيدا عن سحق المنافسة، يرتبط نجاحه ارتباطا وثيقا بنجاح الشركات الصغيرة والمتوسطة الموجودة على منصته ويشرح جزئيا انتشار مواقع التجارة الإلكترونية المنافسة، من “وولمارت” إلى “إتسي”.
ويجادل تيم كوك من جانبه بأن العمولات التي تتلقاها آبل من محرري التطبيقات “مساوية أو أقل” من تلك التي يجنيها منافسوها، و”أقل بكثير” من تكاليف التوزيع التي كان يدفعها هؤلاء المحررون قبل آبستور.
ويدرك جميع رؤساء الشركات العملاقة أهمية مراجعة أنشطتهم من قبل المشرعين. وذهب مارك زوكربيرغ إلى حد التذكير بأن على الحكومات والهيئات التنظيمية في رأيه أن “تؤدي دورا أنشط” في “تحديث قواعد عمل الإنترنت” من حيث الإشراف على المحتوى.
لكن جيف بيزوس الذي يشارك لأول مرة في جلسة استماع له في الكونغرس، عرض أمام البرلمانيين فلسفته بقوله “إذا نظرت في المرآة، وقيمت الانتقادات، وبقيت تعتقد أنك اتخذت القرارات الصحيحة، فلا ينبغي أن تكون أي قوة في العالم قادرة على جعلك تتغير”.
ولا ينظر الكثير من البرلمانيين ومنظمات المجتمع المدني بعين الرضا إلى تزايد سيطرة هذه الشركات على كل جوانب الحياة اليومية. وقد كان من المقرر عقد الجلسة الاثنين الماضي، لكن تأجيلها إلى الأربعاء لم يمنع المشرعين من طرح التحقيقات المتعلقة بالأربع شركات في ما يتعلق  بالمنافسة وحماية البيانات الشخصية على المستوى الفيدرالي والولايات.
ويقول المحلل دانييل إيف من “ويدبوش سكيورتيز”، “الطريق كله عقبات أمام هذه الشركات التي تثير محاولات تنظيم القطاع قلقها”.
وهذه الشركات مستهدفة من قبل اليمين والرئيس الأميركي وإدارته في سعيهم إلى تسهيل وصول القوى الأمنية إلى أجهزة المستخدمين وبياناتهم المشفرة. ويرى مسؤولون كبار في ذلك وسيلة أفضل لمكافحة الجريمة (ولاسيما الاعتداءات الجنسية على أطفال). وترد المجموعات بأن إجراءات كهذه ستضعف الأمن الإلكتروني للجميع.
ويرى دونالد ترامب والجمهوريون من جهة أخرى أن شبكات التواصل الاجتماعي منحازة ضد المحافظين رغم شعبيتهم على المنصات ذاتها.

Related posts

Top