فاعلون اقتصاديون وجامعيون يشخصون العلاقة بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية

في إطار سلسلة اللقاءات والاجتماعات المتعلقة بالتحضير للبرنامج الانتخابي لحزب التقدم والاشتراكية في أفق انتخابات 7 أكتوبر المقبل، تم تنظيم ندوة بالدار البيضاء حول موضوع “النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية” شارك فيها فاعلون اقتصاديون وسياسيون وأساتذة باحثين قدموا عروضا قيمة في الموضوع.
في هذا الإطار اعتبر عبد الأحد الفاسي، عضو الديوان السياسي للحزب، في تقديمه للندوة أن النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية أمران متلازمان في الفكر التقدمي واليساري. فمعالجة الاختلالات المالية لا تتعارض، في نظره، مع توخي العدالة الاجتماعية والاستجابة للانتظارت الشعبية. فهذه الفكرة ، يقول عبد الأحد الفاسي، نواجه بها بعض السياسيين الذين لهم اتجاه نحو الإفراط في معالجة قضايا اقتصادية في إغفال تام للمسألة الاجتماعية. وتساءل المتحدث بما يعني النفي : هل المنافسة تعني الضغط على الأجور والتخلي عن مقومات كرامة الشغيل مثلا؟
وتطرق أحمد رحو، مدير عام القرض السياحي والعقاري، لصعوبات الاقتصاد الوطني في علاقته بالنمو وخلق فرص الشغل. فمعدل النمو في السنوات الأخيرة لا يتعدى 3 إلى 4 بالمائة، وهو معدل غير كاف، هذا فضلا عن أن هذا النمو لا يخلق فرصا كثيرة للشغل رغم الاستثمارات القوية التي تقوم بها الدولة، يقول أحمد رحو.
على أن هذه الاستثمارات لم تتمكن بدورها من تحقيق النجاعة الاقتصادية، حسب رحو، وذكر في تشخيصه عددا من المعضلات كتعميق العجز التجاري، رغم بعض التحسن الذي طرأ خلال السنة الحالية، والمديونية العالية التي تجاوزت 70 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وأيضا كون العقار مازال هو القطاع الخالق للثروة، وصعوبة الولوج للتمويلات دون أن يغفل بعض الإيجابيات كانخفاض نسبة التضخم والانفتاح على الأسواق الخارجية، والتوسع الاقتصادي في افريقيا.
ومن أجل تجاوز هذه المعيقات، اعتبر أحمد رحو أن من الضروري رفع معدل النمو إلى 6 في المائة كمعدل سنوي على مدى عشر سنوات، وتمتين العلاقات مع افريقيا وآسيا، فضلا عن الارتكاز على الاقتصاد الرقمي وسياسة صناعية متينة.
وفي تطرقه لموضوع الندوة أشار عبد العالي الدومو، وكيل حزب التقدم والاشتراكية في دائرة قلعة سراغنة، وأستاذ باحث في علم الاقتصاد، إلى أن النمو والتشغيل بالمغرب مرتبط بغياب منهجية للإصلاحات التي يتم إنجازها. ودعا الدومو في هذا الإطار إلى ضرورة ترتيب وتزامن الإصلاح. فتوخي المنهجية تعني، بالنسبة للمتحدث، دراسة جدوى الإصلاح في مجال التشغيل وأيضا في مجال ما يقدمه كخدمات اجتماعية. وفيما يعتبر تحيينا لأطروحة الراحل عزيز بلال حول الاستثمار العمومي والنمو، أشار الدومو إلى أن هناك معضلة تتمثل في العلاقة الضعيفة بين معدلات الاستثمار والنمو والتشغيل.
 وأوضح بالأرقام والإحصائيات أن المجهود الكبير الذي تبذله الدولة في الاستثمار لا ينعكس على مستوى ولوج الخدمات العمومية.  
وأشار إلى أن المغرب مازال في خانة الدول التي تقوم باستثمار ضخم من أجل رفع الناتج الداخلي الخام بنقطة واحدة.
واعتبر المتحدث أن الحل سياسي بالدرجة الأولى. إذ أن المطلوب هو جودة الحكامة والتدبير أي،  إصلاح الدولة، في نظره. فالسياسات العمومية مازالت تشجع هيمنة الرأسمال العقاري. كما أن مشكل العلاقة بين البرمجة والتنفيذ مازال قائما، ففي أحسن الأحوال نجد معدل تنفيذ برامج الوزارات لا يتجاوز 47 في المائة. كما دعا الدومو إلى مراقبة مالية المقاولات العمومية وتنمية شفافية المراقبة المالية بشكل عام. وتطرق الدومو إلى مشكل إصلاح الجهات و الجهوية الموسعة وما يلفه من غموض وعدم الدقة.
ولا يعرف الإصلاح الضريبي واقعا أحسن مما ينتظر إصلاح الجهات.
فبالنسبة لأحمد الرهج، أستاذ جامعي بالمعهد العالي لتدبير المقاولات، لم يرق هذا الإصلاح إلى ما كانت تطمح إليه كل المكونات المجتمع. ويبدو أن الإصلاح أفرغ من محتواه، حسب الرهج، الذي أشار إلى بعض المؤشرات كهيمنة النفقات الجبائية، وهي اسم تنطوي تحته الامتيازات والهدايا والإعفاءات الضريبية والتي غالبا ما يستفيد منها القطاع العقار أكثر من غيره من القطاعات.
كما أشار إلى ارتفاع معدلات الضريبة على القيمة المضافة التي تساهم في ضرب الطبقة الوسطى باعتبارها الفئة الأكثر استهلاكا.
 وأوضح المتحدث عدم عدالة النظام الجبائي من خلال عدم توازن الضغط الضريبي والذي يقع بشكل أقوى على المأجورين مقارنة مع باقي الخاضعين للضريبة على الدخل، وأيضا على بضعة شركات حيث أن 3 في المائة من المقاولات تدفع 93 في المائة من الضريبة على الشركات، يقول المتحدث.

عبدالحق ديلالي

Related posts

Top