فرانس 24 والعشق المغربي الممنوع

وجدت قناة فرانس 24 ضالتها من جديد في تهمة التجسس المنسوبة للمغرب، بالرغم من أنها مبنية على افتراضات واحتمالات، بلا أدلة ولا قرائن. بعدما فشلت في استهداف المغرب عن طريق بعض الانفصاليين المغضوب عنهم من طرف الشعب المغربي. بات واضحا أن ألسنة صحافيي فرانس 24 تسترخي وتتمدد كلما تعلق الأمر بقضايا ومواضيع تهم الشأن المغربي. ألم يكن من الواجب والمهنية التي تقتضيها صاحبة الجلالة، أن تكون برامجها وأخبارها منصفة لكل الأطراف المعنية بالملفات والقضايا المراد مناقشتها، سواء من حيث الحضور اللازم والحصص الزمنية والأسئلة المراد طرحها. عوض التهليل والتهويل بتهم واهية. قريبا سيفرز القضاء حقيقتها. وعوض دعوة أشخاص لا شغل لهم سوى التسابق من أجل الظهور من خلف شاشات التلفزيون، يدعون المعرفة في كل شيء، ومنحهم سلطة الحديث الفضفاض واحتكار الوقت الزمني للبرامج والمداخلات. لمَ لا تبادر القناة ومن يدور في فلكها إلى الاهتمام بقضايا الدولة الفرنسية التي لا تعد ولا تحصى؟ وأن تعالجها بنفس الاسترخاء والتمدد. لم لا تبادر مثلا إلى تنظيم حلقة خاصة عن مسلسل الانتحارات الذي لا ينتهي داخل جهاز الأمن الفرنسي؟ والذي بات يؤرق راحة الأسر الفرنسية. عناصر من الشرطة وفي ظروف غامضة يطلقون النار على رؤوسهم، أو يستعملون وسائل انتحارية أخرى. لماذا لم يتم فتح المجال لألسنة صحافيي القناة من أجل الاسترخاء والتمدد بإسبانيا، حيث الشعب والبرلمان الكاتالوني أعلن الاستقلال، وحيث الانتخابات زكت طرحه. لكن الحكومة الإسبانية كان لها رأي آخر، بدأته بمقاضاة رئيس المنطقة وأعضاء حكومته وبرلمانيين محليين.
إنه إعلام الكمائن والمكائد ذاك الذي تسلكه القناة الفرنسية (فرانس 24)، عندما يتعلق الأمر بالشؤون الداخلية للمغرب، أصبح واضحا ومكشوفا للعيان. ولم تعد لبرامجها وأخبارها وتقاريرها المغربية أي صدى في الأوساط المغربية. قناة أحدثت أساسا لدعم أطروحة التبعية الفكرية والاستعمار الاقتصادي الذي قطع المغرب أشواطا كبيرة من أجل التخلص منه. قناة باتت تتسول المغاربة المعارضين للمغرب، وعندما لا تجدهم تقوم بصنع واستئجار بعضهم وتلقينهم، من أجل فرض معالجات لا أساس لها من الصحة لملفات مغربية (الوحدة الترابية، القضاء، الإعلام…).
لا هي تتناول المواضيع والملفات بمهنية الإعلام الجاد والمحايد، ولا هي تؤثث لتلك الجلسات المطبوخة، بكل الممثلين الحقيقيين عن الأطراف المعنية والمهتمة والعالمة، والتي بإمكانها طرح تفاصيل ما يجري ويدور بعيدا عن الكلام الفضفاض والاتهامات الباطلة. والتشكيك الدائم في الدولة والقضاء المغربي.
إن المتتبع لبرامج قناة فرانس24 يرى كيف تتناول مواضيع الدول الشقيقة والصديقة للخالة فرنسا. أو التي تسعى إلى اتقاء شرها.. وكيف تستهتر وتطبخ مواضيع الشعوب التي ترى في دولها مجرد مستعمرات أو مخازن للثروات. وتواظب من أجل النيل من أنظمتها وحكوماتها. ليس حبا في الشعوب ورأفة بهم. بل حبا في ثرواتهم ورغبة في استعبادهم وفرض تبعيتهم..
أحداث مهولة وكبيرة وواضحة، تضرب حقوق الشعوب وكرامتهم، تعالج داخل (بلاطوهات) فرانس 24 ببرودة وتهميش وتوجيه مسبق، لأنها وقعت بفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. أحداث تقع في المغرب، وتطرق أبواب القضاء. يتم تصويب كاميرات القناة نحوها. وتناقش بطرق لا علاقة لها بأي جنس من الأجناس الصحافية. طرق لا تفضي لشيء. ولن يستفيد منها أي طرف من الأطراف المعنية بتلك الأحداث. لأنها معالجة سطحية موجهة. ولأن هدف القناة بعيد عن إنصاف المتضررين.
عندما يتعلق الأمر بضرب المغرب وابتزاز حكامه ومؤسساته، فلا بأس لدى مسؤولي قناة الصرف الصحي ومن يقتاتون من فضلاتها، أن يغضوا الطرف عن حقوق النساء، واستقلالية القضاء. وأن يسعوا لعرقلة سير الملفات القضائية، ومحاولات التأثير على مسارها العادي.
قناة فرانس 24، باتت حائرة في كيفية تدبير خططها وبرامجها الكيدية اتجاه المغرب. فلا هي تتقن فن الترافع ولا هي استطاعت أن تخفي تواطؤها في العديد من الملفات الوطنية. تسعى جاهدة لتمرير فكرة أنها تدافع عن المغاربة وحقوقهم. والمغاربة يدركون أنها ضمن محور الشر الذي يخطط لضرب الوحدة الترابية المغربية وزعزعة استقرار وأمن البلاد. وأنها ماضية في التخطيط من أجل اختلاق أمور لا أساس لها من الصحة والواقع المغربي المعاش. تحاول زرع الفتنة بين المغاربة والأقليات، لكنها تجد صعوبة في سقيها داخل بلد يعيش الانفتاح والسلام. كما تفشل دائما في محاولاتها ضرب القضاء المغربي في عدة مناسبات.
قديما كان المغاربة ينتظرون بلهفة وشوق موعد برنامج أو حوار أو تقرير قناة دولية يثير موضوعا ما يتعلق بالمغرب. لأن الشعب المغربي الكادح كان غارقا في الأزمات والمشاكل، ومحروما من الحقائق وتفاصيل بعض الوقائع. كنا نفرح كثيرا عندما تبادر قناة أو إذاعة أو جريدة دولية للحديث عما نعانيه داخليا.. لكن مغاربة أمس رحلوا، وخلفوا وراءهم مغاربة اليوم الذين تمكنوا من الارتقاء بإعلامهم. وفطنوا إلى أن تلك المنابر الإعلامية الدولية تخفي حقيقة ما تسعى إليه من وراء تناول مواضيع مغربية. وأنها تظهر للمغاربة وجه التضامن والدعم والمساندة. وتخفي وجه التضييق والابتزاز الذي تخضع له الدولة المغربية. الوجه الحقيقي الذي تسعى من ورائه تلك المنابر الإعلامية الدولية إلى الاستثمار في الدول والشعوب.. والذي لا علاقة له بالمهنية الإعلامية الحقة.
إنها كمائن ومكائد القناة الناطقة رسميا باسم فرنسا التي تحن لإعادة احتلال المغرب واستنزاف ثرواته. لكنها لم تعد تجدي نفعا في مواجهة مغرب اليوم. لكن لا بأس بذلك فالقناة مهووسة بالمغرب على شاكلة “العشق الممنوع”.

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top