فرح الكرة وصورة الوطن

نجح المنتخب الوطني لكرة القدم في تحقيق انتصار تاريخي مبهر بمونديال الدوحة ضد نظيره الإسباني، وأهدى، بذلك، فرحا غامرا للشعب المغربي، ولكل الشعوب العربية والإفريقية التي كانت تسانده وتتطلع إلى توالي انتصاراته.
لقد تجاوز الإبهار بعده الكروي والرياضي، وجسد لحظة اعتزاز وطني لدى شعبنا، وعبرت أفراح المغاربة بالانتصار عن دروس أبعد من الكرة، وأبعد من معادلاتها وبديهياتها الرياضية.
وسط شوارع الرباط خرج عاهل البلاد يحتفل إلى جانب شعبه، الجميع توحد في ارتداء قميص المنتخب وحمل العلم الوطني، وفي إعلاء الألوان الوطنية، وفي… الفرح التلقائي.
الصورة تعبر عن معناها، وعن بعدها ودلالاتها، وعن الدرس…
هنا استقرار الوطن، هنا التضامن الوطني، هنا الوحدة والإجماع حول انتصار الوطن وإشعاعه وتقدمه، والإخلاص من أجله.
أسود الأطلس منحوا كذلك فرحة الانتصار لكل الشعوب العربية، وهي التي افتقدت الأفراح وانتشاءات الفوز منذ عقود، وفي كل المجالات، وشاهدنا أفراح بسطاء الناس في فلسطين والعراق ولبنان وسوريا ومصر وكل بلدان الخليج والشرق الأوسط، وفي الدول المغاربية، وكان التأييد للفريق الوطني المغربي والهتاف باسمه وحمل العلم المغربي في كل المدن العربية، بمثابة اجماع شعبي ورسمي عربي على ريادة منتخب المملكة، وفرح الناس بانتصاراته.
من جهة أخرى، أشاد متابعو مباريات المونديال ومحللو الكرة بقتالية لاعبي المنتخب الوطني وإرادتهم القوية من أجل الإنتصار وثقتهم في أنفسهم وفي قدرتهم على الفوز، وبفضل ذلك، نجحوا في تغيير كل المعادلات، وعكس كل التوقعات المسبقة، وهذا أيضا درس مغربي قوي، أي أن الثقة في النفس، وإرادة النجاح، والعمل الجدي من أجل ذلك، والإخلاص في العمل، وحسن التخطيط، كل هذا يفضي، طبيعيا، إلى النجاح.
درس من لاعبي الكرة لنا جميعا من أجل بناء المجتمعات والدول والارتقاء بها لتحقق النجاح والفوز ضد كل المعضلات.
المنتخب الوطني يواصل اليوم صنع تاريخه في مونديال قطر، وقد نجح في توحيد العرب والأفارقة وراءه، والملايين تهتف اليوم بأسماء لاعبيه، والشعب المغربي في كل زوايا وجهات الوطن وعبر العالم ينتشي بالإنتصار، ويمسك بفرح غامر يسع الوطن برمته.
الفرح، شعورا ومعنى ودلالة وامتدادا، مستحق لشعبنا، وصورة الرباط تمتلك قوة التعبير الرياضي والسياسي، ذلك أن الملك يشترك مع شعبه في لحظة فرح إنساني وتلقائي وسط الشارع، وهي صورة يقل العثور عليها على طول وعرض الخريطة العربية أو الأفريقية وربما حتى في جغرافيات سياسية أخرى سواهما.
شعبنا يستحق الفرح، ومنتخبنا الوطني يستحق أن نعتز به ونشيد بانتصاراته، ووطننا يستحق الوحدة والإلتفاف حوله، والعمل من أجل تقدمه، ومن أجل توالي انتصاراته في كل المجالات.
برافو أسود الأطلس على الفرح، وعلى دروس ودلالات الفرح…

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top