فريق طبي مغربي ينجح في إجراء أول عملية بأفريقيا لاستئصال الغدة الدرقية عبر الفم وبدون ندوب

الدكتور محمد أمين علوان: التقنية الجديدة تمنح فرصا مهمة لإنجاح العمليات الجراحية الدقيقة

في سابقة من نوعها، نجح فريق مغربي بقيادة الدكتور محمد أمين علوان، مؤخرا، في إجراء أول عملية لاستئصال الغدة الدرقية بالمنظار وعبر الفم، وهي أول عملية من نوعها تجرى في المغرب وعلى صعيد إفريقيا كذلك.

وأوضح الدكتور محمد أمين علوان، اختصاصي أمراض الأنف والحلق والحنجرة، في اتصال هاتفي أجرته معه بيان اليوم، أن العملية التي تم إجراؤها في إحدى مصحات الدار البيضاء، على سيدة شابة تبلغ من العمر 30 سنة، تعد من بين العمليات القليلة التي تم القيام بها عبر العالم لحد الآن، والتي لا يتجاوز عددها 40 حالة. كما يعد المغرب رابع الدول العربية السباقة إلى إجراء هذه العملية بعد العراق والأردن والإمارات. بينما لا تزال هذه العملية غير معروفة حتى في بعض الدول المتقدمة مثل بلجيكا، هولاندا، كندا واليابان.

  

 

وأضاف د. علوان أن المريضة التي أجريت لها العملية سبق أن خضعت لعملية إزالة الغدة الدرقية ولكن ليس بشكل كامل، مما حتم القيام بتدخل جراحي جديد من أجل إزالة الجزء المتبقي من الغدة. وهكذا تمكن الفريق الطبي من إجراء هذه العملية بدون جراحة خارجية، بدون ندوب، وبأقل إحساس بالألم بعد الاستئصال، وذلك بفضل اقتصار الجراحة على منطقة الأغشية المخاطية داخل الفم والتي تتميز بكونها أقل تأثرا بالألم. ولم تتطلب العملية من المريضة أكثر من ليلة نقاهة داخل المستشفى حيث أجريت لها العملية، قبل أن تغادر لمتابعة العلاج في البيت عن طريق تناول عدد من المضادات الحيوية ومضادات التعفن والانتفاخ، وبعض المطهرات الفموية، لتفادي أي مضاعفات.

وعن شروط إجراء هذه العملية، قال د. علوان إنها تخص الأشخاص الذين يعانون من عقيدات درقية (nodules thyroïdiens) صغيرة لا يتجاوز حجمها 4 سنتمترات، على أن تكون الحالة الصحية للمريض جيدة نسبيا بحيث لا يعاني من مشاكل في القلب أو أي أمراض مزمنة أخرى يمكن أن تحد من تحمل الجسم أثناء العملية التي قد تصل مدتها إلى ساعتين ونصف حسب الحالات. لكن مع ذلك تبقى هذه المدة أقل نسبيا من تلك التي تتطلبها الجراحة العادية للغدة الدرقية داخل غرفة العمليات.

التقنية الجديدة لجراحة الغدة الدرقية بالمنظار، وكما يشرحها د. علوان، تم تطويرها لأول مرة في ألمانيا، وشهدت توسعا ملحوظا في آسيا، وخاصة بفضل الأبحاث التي أجراها البروفيسور التايلاندي انغكون انوونغ (Angkoon ANUWONG).

وفي هذا الصدد يقول الدكتور علوان: “كنت فخورا جدا بحضوري خلال إطلاق هذه التقنية شهر يناير الماضي في شرق آسيا من قبل العالم المشهور في هذا المجال، البروفيسور انوونغ. ومن الضروري أن أشير إلى أن هذه التقنية الطبية الحديثة لا يتطلب إجراؤها وقتا طويلا داخل غرفة العمليات مقارنة بالطريقة المعهودة، حيث تتمثل أهم مميزاتها في عدم ترك ندوب ظاهرة وعدم تعريض المريض لأثار ومخاطر إضافية غير مرغوب فيها”.

وتعتمد هذه التقنية على الجراحة بالمنظار التي تمكن من تحسين الرؤية لفائدة الطبيب الجراح. إضافة إلى ذلك، فإن هذه التقنية لا تستدعي إجراء فحص إضافي لما قبل الجراحة.

قبل اعتماد هذه التقنية الحديثة، كانت عملية استئصال الغدة الدرقية بالعملية الجراحية المعهودة تخلف ظاهرة مستوى العنق وقد تستمر مدى الحياة. وبفضل عملية استئصال الغدة الدرقية عبر الفم، فإن الندبة صغيرة وتتواجد داخل الفم وهي عبارة عن ثلاثة جروح صغيرة و مرئية، مما يحسن ظروف العملية على جميع المستويات مقارنة بالجراحة المعهودة.

ويشير الدكتور علوان “إن هذه التقنية موجهة بالأساس للعمليات الجراحية الأحادية كعملية استئصال بعض أجزاء الغدة الدرقية (lobectomies lobo-isthmectomies)، ومعايير أهلية هذه العملية متفاوتة نذكر منها مبدئيا حجم عقيدات الغدة وسمك الجلد”.

تجدر الإشارة إلى أن استئصال الغدة الدرقية يجري أساسا في حالة وجود عقيدات مفردة مشكوك فيها، أو في حالة تضخم الغدة الدرقية Goître)) وفي حالات أخرى مثل فرط نشاط الغدة الدرقية  (Hyperthyroïdie).

وكما يقول الدكتور علوان، فإن هذا النوع من العمليات بالمنظار، يمنح فرصا كبيرة لنجاح العمليات الدقيقة حتى في حالات أمراض السرطان واستئصال الغدد اللمفاوية(curage ganglionnaire) .

وبالنسبة لتكاليف العملية، يشير الدكتور علوان أن أول عملية تمت ضمن مسطرة تحمل مصاريف العلاجات بما أن المريضة تستفيد من التغطية الصحية. وتشمل التسعيرة التقديرية تكاليف إجراء العملية التي تحتاج إلى أجهزة نوعا ما متطورة، لكنها تأخذ بعين الاعتبار في نفس الوقت الأسعار المرجعية المعتمدة ضمن نظام التغطية الصحية الشاملة والذي يصنف هذا النوع من العمليات على أنها تجميلية.

يذكر أن الدكتور علوان الذي خضع لتدريب خاص بهذا النوع من العمليات في كل من هونغ كونغ وتايلاند، وبعد عودته لاحقا إلى المغرب، التحق بمصحة “المدينة الخضراء” بالدار البيضاء حيث يمارس حاليا اختصاصه في جراحات الأنف والأذن والحنجرة. وتعتبر هذه المصحة متعددة التخصصات واحدة من فروع مجموعة (ELSAN) الفرنسية. وهي تقع بمنطقة بوسكورة وتشغل ما يناهز 150 موظفا و265 طبيبا. وتوفر هذه المؤسسة الاستشفائية 123 سريرا مما يمكنها من استقبال 10000 مريض وأكثر من 2500 حالة في قسم المستعجلات سنويا.

سميرة الشناوي

 

Top