فيلم وليلي: شخصيات متهالكة تحمل شروخاتها ضمن واقع ضبابي

ينبني فيلم ( وليلي) لفوزي بن السعيدي على إيقاعات درامية دالة يتداخل فيها النفسي بالاجتماعي من خلال حكاية ترصد امتدادات لعلاقة حب بين عبد القادر ومليكة كشخصيات فائضة عن القيمة تنتمي الى فئات هشة بمدينة مكناس التي تحضر كرمز لإحدى مدن الهامش بسبب البطالة والإجرام، اختارها المخرج كخلفية لأحداث تتوارى من اجل السير بالبطلين الى نهاية دراماتيكية تعلن انهزامهما امام واقع لا يرحم ابدا ..
قصة الحب المستحيل المغلف بالفقر تبدأ من اول لقطة على ايقاع دلالة مسح زجاج احدى العمارات كإشارة على ضبابية الواقع في مدينة مكناس وعلى الواقع المغربي الهش مع استحضار ذهني لشخصية عبد القادر حارس الامن بنفسيته التي لا تختلف عن نفسية اية فئة اجتماعية هشة بإحساسها المرهف التي يتأجج ايروتيكا في اي لقاء بزوجته مليكة التي تشتغل خادمة في احدى الفيلات وخصوصا عند الهروب من مكناس الى وليلي لسرقة لحظات تاريخية ورومانسية من المتعة التي شكل اللجوء اليها متنفسا لنسيان اكراهات العمل اليومي واحتقار المسؤول عن العمال والبيت الضيق ومشاكل الاسرة مع عدد افرادها من خلال ام لا حول لها ولا قوة تسعى لجبل ما يسد رمقهم كل يوم واب سكير يبدد ذلك من خلال شغفه بالخمر جعلته يحتقر كل شيء بما في ذلك نفسه .
شخصيات متهالكة تحمل شروخاتها، تعاني من تعب المعيش اليومي، بسبب انكساراتها المتتالية ستكبر معاناتها من خلال عبد القادر وهو يتعرض لموقف محرج اثناء قيامه بعمله مع سيدة من طبقة ثرية بالمدينة بعد مطالبتها بالتزام القانون، يتم بعدها اختطافه والاعتداء عليه وتصويره في شريط سيتم عرضه في حفلة ليست إلا دليلا على محطة من محطات العبث والمتعة اللحظية بالفيلا التي تشتغل فيها زوجته خادمة، سنكتشف من خلالها عدوانية مجتمع وهو يتلذذ بتعذيب شاب ذنبه ان كان يؤدي مهامه بكل تلقائية .
عبد القادر سيقرر الانتقام كمطهر وخلاص لعذاباته الصارخة ليس لنفسه فقط ولكن للفئة الفقيرة التي ينتمي اليها في مدينة مكناس، المدينة التي يريد الكل الهروب منها، فصاحبة الفيلا تريد بيعها والرحيل الى الدار البيضاء وهو القرار الذي سيتخذه عبد القادر بالرحيل الى نفس المدينة بعد دخول فيلا رجل الاعمال الذي تسبب له في ازمة نفسية صعبة، لسرقته .
زخم ديناميكي لشخصيات تائهة في عوالمها، فالفقراء يبحثون عن لقمة عيش كريم والأثرياء يبحثون عما يزيد في ثرواتهم التي تشكل رمزية استمرارهم في ممارسة السلطة والنفوذ والاستقواء هي اشبه بمطاردة يومية بين الجانبين، يكتشف معها المتلقي ان المجتمع هو من يتحمل اسباب تحول عبد القادر من شاب وديع محب لزوجته الى وحش يفكر في الانتقام وخصوصا اثناء عملية تنفيذه حيث يعيش المتفرج لحظة التوهان والشوق في انسجام مع البطل قبل ان يقوم على حقيقة فشله في الحصول على الوثائق التي ستكون سببا في ادانة خصمه خرج معها خاوي الوفاض وهو مشهد النهاية حيث تفوق المخرج في تصوير حالة اقتحام الفيلا ليلة الاحتفال براس السنة، مابين فرقعات الشهب التي يزيد ذعرها من تخوف المتلقي على عبد القادر وهو في مهمة مستحيلة، جلس من خلالها ينتشي بالمكان من خلال ما ينقصه في معيشه اليومي من اكلات فاخرة وملابس غالية الثمن كإحالة على ان ذلك هو اكبر ما يتمناه الفقراء قبل ان يجد نفسه غارقا في دمائه خالي الوفاض …..

> محمد دخاي

Related posts

Top