في أفق بعث حلم اتحاد مغاربي قوي؟

الهدف من هذه المداخلة هو تحيين بحث حول الوضع الجيوسياسي واقتصادي بجهة الشرق على الحدود المغربية الجزائرية أمام التوتر القائم بين المغرب والجزائر (حادث الكركرات 2020) الذي بلغ أوجه بقطع العلاقات مع المغرب من جانب واحد (2021)، وتجاوز حده لدى حكام الجيران بافتعال أحداث تهدد باندلاع حرب بين البلدين خلال احتفال الشعب المغربي باسترجاع أقاليمه الجنوبية (ذكرى مرور 46 سنة على المسيرة الخضراء 6 نونبر2021).
في هذه المقال نقترح بديلا سلميا وتنمويا بين البلدين الجارين بعد تغير الوضع لصالح المقاربة السلمية التنموية المغربية التي تبناها المنتظم الدولي، وتوالي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وبتبني قرار مجلس الأمن حول الحكم الذاتي لهذه الأقاليم الجنوبية تحت السيادة المغربية كحل وحيد، واعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء (10 دجنبر 2020) والاعتراف بالسيادة المغربية على كامل ترابه (خريطة المغرب كاملة لدى الجامعة العربية، والاتحاد الإفريقي،…). لكون المغرب يعتمد مقاربة التعاون والتكامل بينه وبين الجزائر، تحل محل علاقة المواجهة والتوتر بين جارين تربط بين شعوبهما أخوة وتاريخ ومصير مشترك. لكن لن يتحقق هذا المسلسل السلمي التعاوني إلا عبر زرع الثقة والتوافق الإيجابي الذي يفضي إلى عودة المياه إلى مجاريها، عبر فتح الحدود واستئناف العلاقات الطبيعية ديبلوماسيا وثقافيا واقتصاديا. فعند اشتغالنا على الموضوع، لاحظنا مفارقة عجيبة بجهة الشرق المغربي والغرب الجزائري، تتلخص في المعطى الجيوسياسي الذي ظل جامدا أو شبه جامد، منذ ما يزيد عن أربعة عقود، دون التأثر بالتحولات العالمية الكبرى، وخاصة انتهاء الحرب الباردة بين الشرق والغرب.
تتلخص الإشكالية المعالجة في أن سياسة المواجهة وحرب الاستنزاف بين المغرب والجزائر، ومحاولة حكام الجزائر إلقاء مشاكله الداخلية نحو الساحة المغربية (الحراك بالمدن الجزائرية، وحركة القبائل..) قد تبين فشلها بعد مرور أزيد من أربعة عقود. ولذا يطرح التساؤل الإشكالي التالي: كيف يمكن الخروج من هذا الوضع المتوتر والمتأزم باستمرار، الذي قد يتحول إلى حرب ضروس ولا يخدم الشعبين والبلدين؟ وما السبيل لبعث وتحقيق حلم بناء اتحاد مغاربي قوي، عبر مقاربة التحاور والتعاون والتكامل لتعويض مقاربة المواجهة التي لا تجدي نفعا للبلدين الجارين وللشعوب المغاربية؟
نفترض في هذا الصدد، بناء على تحليل الأوضاع في البلدين الجارين والتوترات المستمرة بينهما، بأن الوضع على التخوم المغربية-الجزائرية سيظل على ما هو عليه على الأمد القصير والمتوسط، وقد ينزع نحو حرب خطيرة، إلى حين تغيير بعض ذهنيات وعقليات الحكام المهيمنة في المنطقة، المتجلية في تسابقها على موقع الريادة المغاربية، بإخضاع وإضعاف الشركاء الآخرين في الاتحاد. إلا أننا نتفاءل على الأمد البعيد بمستقبل أفضل، لأن الشعوب المغاربية قادرة على تجاوز الوضع، بتهيئ نخبة مغاربية واعية بأهمية التكتل الإقليمي اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، لمواجهة التكتلات الأخرى “الند للند”، مع الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال. ويتطلب الأمر إرادة سياسية مغاربية، يسبقها تهيئ بيئة سليمة في مناخ الثقة بين البلدين الجارين على أساس مقاربة رابح-رابح.
الكلمات المفتاحية: الوضع الجيوسياسي-اقتصادي؛ التخوم المغربية الجزائرية؛ سياسة المواجهة؛ المقاربة البديلة (سياسة التعاون والتكامل)؛ نخبة مغاربية واعية؛ تحقيق حلم اتحاد مغاربي قوي.

الوضع الجيوسياسي-اقتصادي الجهوي “المغاربي” في علاقته بالسياق الجيوسياسي -اقتصادي الدولي

تتلخص دواعي البحث في المعطى الجيوسياسي والجيواقتصادي بالشمال الشرقي المغربي، وأساسا على التخوم المغربية الجزائرية، الذي أصبح ينذر بحرب ضروس بين البلدين (2020 واقعة الكركرات – استفزازات ومناورات حكام الجزائر في المحافل الدولية – قطع العلاقات الديبلوماسية من جانب واحد 2021)، رغم أن الوضع قد ظل جامدا أو شبه جامد، منذ ما يزيد عن أربعة عقود،  دون التأثر بالتحولات العالمية الكبرى، وخاصة انتهاء الحرب الباردة بين الشرق والغرب. فقد حدثت “زلازل” سياسية وأيديولوجية واقتصادية على الصعيد الدولي، كانت آثارها عميقة في كل أصقاع المعمور، وخاصة بعد سقوط “جدار برلين” سنة 1989. ونقدم على سبيل المثال، أمثلة ملموسة من هذه الزلازل الجيوسياسية: منها انهيار ما كان يدعى بـ”الاتحاد السوفياتي” الذي كان يشكل قارة ترابية، قسم منها في أوربا، وقسم ثاني أوسع وأكبر في القارة الآسيوية، ويقود حلفا عسكريا قويا “حلف وارسو”. وانهيار ما كان يطلق عليه “أوربا الشرقية” ذات النظام الاشتراكي أو “الشيوعي” التي كانت بلدانها متحالفة عسكريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا مع الاتحاد السوفياتي في كتلة واحدة؛ مقابل أوربا الغربية التي تعيش نظاما رأسماليا وليبراليا مخالفا، في تحالف عسكري واقتصادي وسياسي وثقافي مع المعسكر الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، ويضم أيضا اليابان وأستراليا.
هذا الوضع تغير بشكل جذري في نهاية القرن 20، فانهار “جدار برلين” رمز الانقسام الإيديولوجي والثقافي والاقتصادي والعسكري، ورمز “الحرب الباردة” بين الشرق والغرب. وربطت علاقات جديدة بين دول من أوربا الشرقية والمعسكر الغربي. بل انخرط قسم كبير منها في “الاتحاد الأوروبي”، وحتى في “الحلف الأطلسي”، بعد حل “حلف وراسو”. وبذلك، اختفت إلى حد كبير ملامح الحرب الباردة. وتم اختفاء دول كان لها وزنها السياسي والقاري في دول عدم الانحياز كيوغزلافيا في عهد الرئيس بروز تيتو. وبزوغ دول أخرى بعد انقسام البلد الأصلي “تشيكوسلوفاكيا إلى بلدين: “التشيك” و”السلوفاك”. وبذلك طويت صفحة من التاريخ المعاصر، وفتحت أخرى. ووقع تغيير جذري في العلاقات الدولية، لم يكن أي محلل سياسي، بل حتى الخبراء الاستراتيجيين في الميدان يتوقعها. منها ربط علاقات ديبلوماسية بين كوبا، مع من كانت تعتبره ويعتبرها بدوره، “العدو اللدود”، جارتها “الولايات المتحدة الأمريكية”، التي ظلت تحاصرها أزيد من نصف قرن من الزمن. وتوحدت دول كانت متنافرة إلى عهد قريب، وحلت محلها دول وطنية جمعت بين شطريها المنقسمين اللذين كانا متصارعين ومتعادين، يحكمهما نظامان متباينان: منها قيام دولة موحدة بالفتنام جمعت بين الفتنام الشمالي والجنوبي؛ واليمين التي وحدت الجزء الشمالي والجنوبي، وألمانيا الموحدة لقسميها الغربي والشرقي. وها هو العالم يراقب عن قرب التقارب والتعاون الكوري بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، في ظل الانفراج النسبي مع أمريكا في عهد الرئيس ترامب (2019) وفي عهد الرئيس بايدن (2020-2021…).
وعرف العالم ثورة في المعلوميات ووسائل ووسائط الاتصال والتواصل والمواصلات في مقدمتها الشبكة العنكبوتية، وهي مظاهر للعولمة بإيجابياتها وسلبياتها.
وبكلمة واحدة، فقد تغيرت ملامح العالم، إيجابا وسلبا. ولكن الوضع في شرق المغرب وشماله وخاصة على الحدود المغربية الجزائرية لم يشهد أي تزحزح في العلاقات المغربية الجزائرية ولا في ملف مدينتي سبتة ومليلية والجزر التابعة لها، المحتلة من قبل إسبانيا. وهاهي بريطانيا تخرج من الاتحاد الأوربي، وفي هذه الحالة ستطالب إسبانيا، بدون شك، من بريطانيا، باسترجاع سيادتها الترابية والسياسية على جبل طارق. ومع ذلك، لم يفتح بعد، ملف المستعمرات الإسبانية في المغرب رغم العلاقات الجيدة بين البلدين والتي يجسدها مستوى العلاقات الاقتصادية بين البلدين كأول زبون للمغرب وأول مورد له، والتعاون المتين على ملفات حارقة واستراتيجية؛ ومنها مسألة الهجرة السرية والأمن وتهريب المخدرات؛ رغم بروز أزمات ظرفية بين الحين والآخر. فهل، سيظل المغرب صامتا على الوضع الجيوسياسي واقتصادي الحالي؟

كتل متجددة وميزان قوى عالمي جديد

عند تفحص الخريطة الجيوسياسية واقتصادية العالمية، يبرز بشكل واضح تأسيس تكتلات جهوية وإقليمية، وهي كتل متجددة، ولكنها متباينة في حيويتها وثقلها الاقتصادي وتأثيرها السياسي والجيواستراتيجي والاقتصادي: منها “الاتحاد الإفريقي” الذي شغل مكان ما كان يسمى بـ”منظمة الوحدة الإفريقية”. كما حل “الاتحاد الأوروبي” مكان ما كان يدعى بـ”السوق الأوربية المشتركة”. إلا أنه في المقابل، يلاحظ جمود أو أفول كتل أخرى في مقدمتها “اتحاد المغرب العربي” الذي علقت عليه شعوب المغرب الكبير آمالا عريضة عند تأسيسه قبل 30 سنة بمراكش (فبراير 1989)، و”الجامعة العربية” التي لم تعد لاجتماعاتها ومواقفها أي أهمية، في ظل الانقسامات العربية عربية. ومع هذا الأفول والضعف والانقسام والحروب الدموية بين البلدان العربية، يظهر تحرك اللوبي الصهيوني الذي اخترق دولا عربية وإفريقية، بعدما هندس تمزقها، بغرض خنق قيام “الدولة الفلسطينية” حتى لا تنال اعترافا عالميا، مع طمس معالم أرض فلسطين وخاصة الأثرية وفي مقدمتها القدس، ومحاولة تغيير معالمها، بل يضم بالتدريج ما بقي من أراضي الضفة الغربية وغزة إلى إسرائيل، وحتى أراضي عربية كهضاب الجولان السورية، بدعم مالي وعسكري ولوجستيكي وديبلوماسي أمريكي في عهد الرئيس ترامب الذي ساهم في عملية التطبيع بين عدة دول عربية مع إسرائيل، بدون شروط؛ وخاصة إيقاف الاستيطان بالصفة الغربية وخلق الدولتين والعودة إلى حدود 1967 واتخاذ القدس الشرقية عاصمة لفلسطين. ويبدو أن الإدارة الأميركية الحالية (إدارة بايدن، 2021-2022)، تحاول العودة إلى المواقف السابقة لحل الدولتين، مع إيقاف الاستيطان.
ولكن، رغم هذا الضغط الأمريكي البارز على الساحة الدولية بعد سقوط جدار برلين وضعف المعسكر الشرقي، تبرز بلدان بازغة تأخذ مكانها في المنظومة الأممية بفضل الطفح الاقتصادي والتقدم التكنولوجي وفي مقدمتها العملاق الصيني، والروسي والهندي… ودول بازغة أخرى أقل ديمغرافية ومساحة، ولكنها سجلت طفرة نوعية على المستوى الدولي فاقت مستوى عدة دول كانت تحتل نفس الرتب على سلم النمو والتنمية الاقتصادية والاجتماعية كالمغرب، مثل كوريا الجنوبية، البرازيل، وسنغفورة وتركيا. بل إن دولا إفريقية هي الأخرى التي خرجت من حروب إتنية قاسية، ومع ذلك، بفضل بروز نخبة وطنية واعية تحملت مسؤوليتها لتقود الإصلاح وبناء الدولة الوطنية المستقلة، تسجل اليوم تقدما متصاعدا على المستوى الديموقراطي والحكامة الجيدة والتقدم الاجتماعي والعلمي التنموي، وكمثال دولة رواندا.
هذه التطورات الواعدة بالدول المذكورة القريبة والبعيدة عن الجغرافية المغاربية، شبه منعدمة على المستوى المغاربي. ففي هذا الفضاء الشمال إفريقي، المجاور والمتقابل والمحتك مع أوروبا بفعل الجغرافيا والتاريخ والاستعمار، يغيب الوعي، وتغيب النخبة القادرة على خلخلة الوضع في الاتجاه الإيجابي، رغم الأخطار المحيطة، بل والمحدقة بدول شمال إفريقيا (الجزائر، تونس، ليبيا، موريطانيا والمغرب) والمتمثلة في ظاهرة الإرهاب التي تجتاح بلدان العالم العربي والمغاربي وأساسا دول الساحل (مالي، نيجيريا، الصومال…،) وتضرب في كل مكان من العالم رغم أفولها في مواطنها التي احتلتها في العقد الأخير، كالقاعدة وداعش وبوكوحرام. والمخاطر البيئية كالجفاف والقحط الذي يضرب دول الساحل مع صعوبة تفعيل توصيات “كوب 21″، واليوم “كوب 26” المنعقدة بكلاسكاو الذي تغيب عنه دول فاعلة كالصين وروسيا (نونبر 2021)، وكذا مواجهة الجراد الذي يغزو من حين لآخر جنوب بلدان المغرب الكبير، وإشكالية الهجرة السرية وما يصاحبها من تهريب للبشر والاتجار فيه، والأسلحة والمخدرات من قبل مافيات خطيرة.
رغم هذه الأخطار الواضحة فإن بلدان “اتحاد المغرب الكبير” لم تستخلص العبرة بعد. وخالفت مواعيد التاريخ في أكثر من مرة لترسم طريقها نحو التقدم الاقتصادي لبلدانها والرفاه الاجتماعي والوعي الثقافي لشعوبها، ولتبلغ مستوى اقتصاد المعرفة. وهذا ما يفسر خريطة عالم عربي ومغاربي ممزق، انقسامات وتناحر بين الدول، والمذاهب، بل وغياب مفهوم الدولة في بعض الدول كليبيا، نتيجة الانقسامات السياسية والتعصب القبلي والتطرف الديني، والتطاحنات بين أبناء البلد الواحد، بعد سقوط الأنظمة الدكتاتورية التي كانت تحكمها في السابق (ليبيا، تونس، مصر..).
ويسجل جمود سياسي قاتل في الجزائر، التي لم تستطع معه حتى تجديد رئيسها رغم ظروفه الصحية القاسية التي تعوق حكمه، إلا بعد الحراك الشعبي الذي هز النظام الجزائري في كل المدن الجزائرية مطالبا بتغيير كل رموز النظام، مما اضطرت معه المؤسسة العسكرية إلى إقالة الرئيس بوتفليقة، وتقديم عدد من رموز النظام للمحاكمة للتخفيف من الضغط الجماهيري؛ ورغم مرور أزيد من سنة لخروج حشود الجماهير الشعبية كل جمعة إلى الشوارع رافعة نفس الشعارات المناهضة للنظام القائم، فإن المؤسسة العسكرية مترددة، وغير جادة في تسليم السلطة للمدنيين، وانتخاب رئيس خارج المؤسسة العسكرية، وإجراء انتخابات لإرساء مؤسسات دستورية قوية، وهو ما عبر عنه بوضوح الرئيس الفرنسي مؤخرا (أكتوبر 2021) عندما أشار علانية إلى جمود وضعف وعجز النظام العسكري الجزائري المتكلس في تغيير أوضاع البلاد إلى أحسن.
يضاف إلى ذلك، القلاقل المستمرة في تونس رغم كفاحية قواه الحية لبناء الدولة الديمقراطية ودولة الحق والقانون، وتجميد الرئيس لكل مؤسسات الدولة بعد حله البرلمان وإقالة الحكومة السابقة، قبل أن يعين مؤخرا (2021) حكومة برآسة أستاذة جامعية.
وبالنسبة للمغرب، فقد تم تسجيل تعطل الانتقال الديمقراطي الذي لا زال يراوح مكانه، باعتبار تصنيف حكم البلد كنظام “هجين” لا هو بالمستبد ولا بالديموقراطي. ورغم أن وضع المغرب السياسي والاقتصادي والاجتماعي أخف حدة من حيث الأزمات، مقارنة بالبلدان المغاربية والعربية الأخرى، واستطاع اجتياز مرحلة كوفيد 19 العصيبة بأقل الأضرار (2020-2022)، وإجراء انتخابات جماعية وتشريعية في فترة وجيزة، انبثقت عنها حكومة لها أغلبية مريحة تساعدها على تنفيذ برامجها وخاصة الحماية الاجتماعية وتطبيق النموذج التنموي وتفعيل بنود الجهوية المتقدمة، فإنه لا زال يتعثر ولم يخرج بعد من النفق (نونبر 2021). ويتطلب منه بذل مجهودات كبرى لتحقيق مشاريع التنمية بالأقاليم الجنوبية وباقي الجهات، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء الغربية (10 دجنبر 2020)، واستقطاب استثمارات عربية وإفريقية مهمة فتحت بلدانها 24 قنصلية لها بالأقاليم الجنوبية (تتقاسهما جهتا العيون والداخلة)…
العيش في هذه الأوضاع هو ما فوت ويفوت على الشعوب المغاربية فرص التقدم والابتكار والاختراع كبلدان عصرية مواكبة للألفية الثالثة.
هذا تشخيص مبسط للأوضاع في بلدان الاتحاد المغاربي والبلدان العربية التي دخلت مسلسل التطاحنات السياسية وحتى العسكرية (انقلاب العسكر بالسودان نونبر2021 والضغط عليه لإعادة السلطة للمدنيين؛ معارك اليمن الدموية…عدم الاستقرار بالعراق)، والتي لا تبقي ولا تذر إذا لم يحدث وعي يخرجها من هذه المآزق، في وقت تتقدم فيه شعوب وأمم أخرى بوتيرة سريعة.

1 – الإشكالية تهم بناء اتحاد مغاربي كبير وقوي

على الرغم من “اختفاء” الحرب الباردة بين الشرق والغرب، ورغم التطورات والتحولات العميقة التي عرفها العالم، ومنها العولمة والتقدم التكنولوجي والعلمي النوعي، فإنها لم تؤثر بصفة إيجابية على الوضع بـ”المغرب الكبير”، وظل “زوج بغال” الذي يرمز إلى نقطة على الحدود المغربية الجزائرية، “صامدا” على التخوم المغربية الجزائرية، رغم انهيار جدار برلين الذي كان يقسم المدينة وألمانيا وأوربا إلى شطرين متعادين ومتصارعين؛ وهو الذي كان يمثل رمز الحرب الباردة بين معسكرين قويين ومتنافرين إيديولوجيا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا!!!؟؟
ومن هنا يمكننا تلخيص الإشكالية المعالجة في أن سياسة المواجهة وحرب الاستنزاف بين المغرب والجزائر على مدى يقترب من نصف قرن (1975-2022)، قد تبين فشلها بعد مرور 46 سنة على المسيرة الخضراء لاسترجاع الأقاليم الجنوبية المغربية التي يعترف حكام الجزائر بأنها غير معنية بها، منذ تصريحات الرئيس بومدين المسجلة حتى قبل المسيرة. ولذا يطرح التساؤل الإشكالي التالي: كيف يمكن الخروج من هذا الوضع المتوتر الذي لا يخدم الشعبين والبلدين؟ وبارتباط مع هذا التساؤل العميق المغزى، يطرح السؤال الجوهري التالي: ما السبيل لبعث وتحقيق حلم بناء اتحاد مغاربي قوي وتفادي حماقة قيام حرب ضروس لا تبقي ولا تذر؟
وإجابتنا المؤقتة نعبر بها عبر فرضيتنا المتفائلة والمستشرفة للمستقبل رغم التوتر الحالي (نونبر 2021- يناير 2022) بين حكام الجزائر الذين يحاولون تصريف أزماتهم الداخلية إلى الساحة المغربية، بافتعال أحداث وهمية، للهروب إلى الأمام، عوض مواجهة الحراك الشعبي الداخلي المستمر بمدنهم وقراهم على مدى أزيد من سنتين.
رغم هذه الأوضاع القاتمة في العلاقات المغربية الجزائرية فإن الحل “ممكن”، ويتم عبر تنفيذ مقاربة التحاور والتعاون والتكامل، لتعويض مقاربة المواجهة التي لا تجدي نفعا للبلدين الجارين وللشعوب المغاربية، لبلوغ هدف استراتيجي تحلم به كل شعوب المنطقة: بناء اتحاد مغاربي ديموقراطي واقتصادي قوي.
إن معالجة الإشكالية تستند على مقاربة جيوسياسية-اقتصادية، موضوعية في الجغرافية السياسية وعلى نظرية اقتصاد الحدود بين الدول المتجاورة. فنظرا لكون الأوضاع القائمة جامدة ومتوترة في غالب الأحيان، بين دول المغرب الكبير، خاصة بين الجزائر والمغرب، بل مقلقة ومنذرة بخطر داهم لا تحمد عقباه على استقرار المنطقة بأكملها، فإن النتيجة الحتمية هو تسجيل ضعف الاندماج الجهوي بينهما، نظرا لسياسة المواجهة والتوتر التي كانت وبالا على شعوبهما. علما بأن الواقع يبين بأن الشعب الجزائري غير مبالي باسترجاع الشعب المغربي لأقاليمه الجنوبية منذ المسيرة الخضراء. فقط بعض قيادات العسكر الجزائري ذات العقول المتكلسة، هي المجندة لمعاكسة السيادة المغربية على أراضيه، ولذلك تقوم بتبذير موارد الشعب الجزائري وعائدات النفط والغاز في دعم وتسليح حركة البوليساريو في محاولات يائسة، لاستمالة البلدان الإفريقية لأطروحتها، دون جدوى. وقرارات مجلس الأمن الذي أقبر حلم “تقرير المصير للشعب الصحراوي” المستحيل التطبيق، شاهد على ذلك. وآخره قرار مجلس الأمن، الذي كان واضحا، ويزكي القرارات السابقة التي تعتمد الاقتراح المغربي الواقعي، لكونه يرتكز على بديل سلمي واقعي وجدي وذي مصداقية هو “الحكم الذاتي لسكان هذه الأقاليم في إطار السيادة والوحدة الترابية المغربية”. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي تعترف بخريطة المغرب وسيادته على صحرائه.
وقد أكد ملك البلاد في خطابه بمناسبة تخليد ذكرى 46 سنة على استرجاع الأقاليم الجنوبية (6 نونبر 2021)، بأن مسألة مغربية الصحراء لا نقاش فيها، ولن تطرح أبدا للتفاوض. بل يسعى المغرب لحل سلمي يعتمد على الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية والوحدة الترابية. وهو الحل الوحيد الممكن القابل للتطبيق، كما أكد على ذلك الأمين العام للأمم المتحدة الذي نوه في تقريره على الجهود السلمية التي يقوم بها الطرف المغربي، والذي يدعو الجزائر كطرف في النزاع إلى تحمل مسؤوليتها. وقد شرع ممثله الأممي في مباشرة الاتصال مع الأطرف المعنية بالصراع وفي مقدمتها الجزائر (يناير 2022) وفق قرار مجلس الأمن، رغم محاولة تملص الجزائر من مسؤوليتها في التوتر الحاصل بالمنطقة.
هذه الأوضاع المتوترة في حد ذاتها تمثل خسارة كبيرة لبلدان المغرب الكبير وشعوبه ولاقتصادياته امتدت لقرابة نصف قرن. وقد أجريت عدة بحوث ميدانية في العلوم الاجتماعية، ومنها الجغرافية حول التخوم المغربية الجزائرية، أبرزت مدى التداخل والتكامل الاقتصادي والتصاهر والامتداد الجغرافي والبشري والإنساني بين نفس القبائل والعناصر البشرية المتواجدة على طول الحدود، وما تعانيه هذه المجموعات البشرية في غرب الجزائر وشرق المغرب من جراء إغلاق الحدود (زروقي الميلود، 2004، كرزازي موسى، 2008، 2019 2020). كما أن أبحاثا محينة ركزت على مدى الخسائر التي تكبدها سكان التخوم بين مدن بني درار- أحفير- السعيدية التي كانت تعيش على اقتصاد الحدود رغم إغلاقها، ومنها “صفقات” التبادل التجاري بين التجار الجزائريين والمغاربة الذي هو في الحقيقة مجرد “مقايضة” أي تبادل سلع بأخرى، نظرا لتكامل المجالات. فمن المغرب تصدر منتوجات فلاحية كالخضر “الطماطم..” وفواكه ك”الحمضيات”) مقابل استقبال براميل البنزين وعلب التمور وبعض المصنوعات البسيطة والآلات الفلاحية من غرب الجزائر. ونفس الخسائر تكبدها سكان غرب الجزائر ومنها مغنية وتلمسان… والقرى المحاذية للحدود من السعيدية إلى الحدود المغربية الموريطانية (معبر الكركرات..).
لكن هذه الحركة التجارية النشيطة على التخوم، والتي كانت بعض البضائع الجزائرية تصل إلى تازة والدارالبيضاء، قد تقلصت في السنوات الأخيرة إلى أدنى مستوى لها، بعد حفر السلطات الأمنية الجزائرية خندقا يصعب اختراقه على الحدود. ويقابله تثبيت شباك مغربي على طول الحدود، يصل ارتفاعه ثلاثة أمتار. وأدى ذلك إلى كساد اقتصادي خطير على طرفي التخوم المغربية الجزائرية. فكان لذلك انعكاسات على العقار الذي انخفض ثمنه. كما تم إغلاق عدة مقاهي ومطاعم وفنادق ومتاجر ومستودعات للسلع والبضائع بمجال الحدود في جهة الشرق بصفة عامة، وبمدن شمال شرق المغرب، كوجدة وبني درار وأحفير والسعيدية، نتيجة التضييق على صغار “المهربين” الذين اعتادوا العيش على اقتصاديات التخوم (زروق حكيم، 2018). وتفشت بين عشية وضحاها ظاهرة البطالة وخاصة عطالة الشباب في شرق المغرب وفي غرب الجزائر. بل أدى ذلك إلى احتجاجات اجتماعية على طرفي الحدود تطالب بوضع حد لهذه الحالة الشاذة، وتنادي بفتح الحدود وعودة العلاقات الطبيعية بين البلدين الجارين.
وتبين بعض الأحداث، بما فيها المباريات الكروية، مدى العلاقات الأخوية والوطيدة بين سكان التخوم المغربية الجزائرية، والتي برزت في الصور الرائعة لتآزر وتضامن واحتفالات سكان غرب الجزائر وسكان شرق المغرب في الموقع الحدودي “بين الاجراف” بمدخل مدينة السعيدية، عندما تأهل المنتخب الجزائري والتونسي كفرق مغاربية، إلى ثمن النهاية للبطولة الكروية الإفريقية يوليوز 2019؛ وكأس العرب 2021 الذي حصل عليه الفريق الجزائري في مبارة مع الفريق الوطني المغربي بقطر، حسمت فيه فقط ضربات الركلات لصالح الفريق الجزائري في نهاية المقابلة بعد تعادل الفريقين.
فرغم أن الأوضاع السياسية الرسمية الحالية لا تبشر بخير بل قد تهدد بحرب من جراء سياسة حمقاء لبعض قيادة عسكر الجزائر، فإن الرهان ممكن على تجاوز الوضع الجامد والمتوتر أحيانا، اعتمادا على القواسم المشتركة بين الشعوب والبلدان المغاربية، وخاصة بعد انطفاء الحرب الباردة التي كانت تغذي بؤر التوتر في العالم ومنها المغرب الكبير. لذا نفترض بأن المقاربة الرزينة والحكيمة السلمية التنموية تظل البديل العملي والاختيار الأنسب لحل إشكالية بناء مغرب كبير موحد وقوي. فهذه المقاربة المقترحة، بناءة، لكونها تعتمد على الثقة بين البلدان المغاربية على أساس مبدأ رابح-رابح. وفي نفس الوقت ستعفي الشعوب والبلدان المغاربية من تبعات حرب استنزاف مستمرة، والتي قد تؤدي إلى كوارث حرب حقيقية لا تبقي ولا تذر، خاصة بين المغرب والجزائر.
في حالة تنفيذ هذه المقاربة السلمية التنموية، التي تعتبر قرارا استراتيجيا وتاريخيا، سيتحقق بناء فضاء مغاربي متكامل يتعامل مع الفضاء المتوسطي (بما فيه الأوروبي) والعربي والإفريقي، لفائدة كل الأطراف المتجاورة المعنية، كما هو واضح في الخريطة (خريطة الهيكلة المستقبلية للمجال الجهوي)، التي تقارب موضوع التعاون بين شعوب هذه الفضاءات على مر الزمن، لضمان الاستقرار الذي يشجع على الاستثمار والتعاون والتضامن، بعيدا عن النزاعات والحروب التي تخرب أركان دول قائمة، وتزرع الضغائن بين الشعوب المتجاورة، بل حتى تلك التي تشترك مع أخرى في الحضارة والتاريخ والجغرافيا ونمط العيش والمصير المشترك.

2. الوضع معقد، يقتضي ظهور نخبة واعية وفعالة مؤمنة بالمشروع المغاربي

بناء على التحليل الجيوسياسي-استراتيجي والاقتصادي الجهوي الواقعي الحالي (2021-2022)، يتبين بأن الوضع جد معقد في البلدان المغاربية. ويقتضي الأمر، وباستعجال، حل العقدة الأولى في الصراع المصطنع بين الجارين المغرب والجزائر، بعيدا عن روح الهيمنة والنفخ في القوة الذاتية المدمرة للجار، لتخويفه بشراء الأسلحة الفتاكة. فبناء على الوضع الحالي بين البلدين الجارين، نفترض في هذا الصدد، بناء على تحليل الأوضاع في البلدين الجارين والتوترات المستمرة بينهما، بأن الوضع على التخوم المغربية-الجزائرية سيظل على ما هو عليه، على الأمد القصير والمتوسط، إلى حين تغيير بعض ذهنيات وعقليات الحكام الهيمنية في المنطقة، في تسابقها على موقع الريادة المغاربية، بإخضاع وإضعاف الشركاء الآخرين في الاتحاد. وهذا هو الغلط الكبير الذي يذكي الصراع والتسابق نحو التسلح الذي لا يفيد أي طرف منهما، بل يعيق عمليا تنميتهما.

تفاؤل كبير بانفراج الوضع لصالح الشعوب والبلدان، يقتضي توفير شروط جوهرية

رغم الصعوبات المطروحة، ونفسية الحاكمين في كل بلد، نظرا لاستمرار صراع طويل مفتعل، سمم الأجواء بين البلدين، فإننا نتفاءل على الأمد البعيد، لكون الشعوب المغاربية قادرة على تجاوز الوضع، بتهيئ نخبة مغاربية واعية بأهمية التكتل الإقليمي اقتصاديا وسياسيا وثقافيا، لمواجهة التكتلات الأخرى “الند للند”، مع “الاتحاد الأوروبي”، على سبيل المثال. ولكن الأمر يتطلب إرادة سياسية مغاربية، يسبقها تهيئ بيئة سليمة في مناخ الثقة بين البلدين الجارين، على أساس مقاربة رابح-رابح، بمساهمة فعالة للأحزاب والبرلمانيين والجامعيين والنقابيين والمجتمع المدني، بما فيها المنظمات الجماهيرية الشبابية في كلا البلدين؛ بل في كل البلدان المغاربية. وقد كان لافتا للانتباه في الشوارع الجزائرية المطالبة بتغيير رموز النظام (حراك صيف 2019-2020)، لافتة مميزة تحمل شعارا وحدويا للشعوب المغاربية يطالب بطرد الحركة الانفصالية من الجزائر: “نطالب بطرد جبهة البوليساريو من الجزائر”. . وقد تداولتها مختلف وسائط التداول الاجتماعي عبر الأنترنيت بشكل واسع. نتمنى من الحكام الجزائريين فهم الشعار وفك رموزه. وعليها أن تفهم هذا الشعار بارتباط مع البركان الساخن في “منطقة لقبايل” التي تنادي بحق تقرير مصيرها منذ عقود. هذه المنطقة التي تضم أزيد من 11 مليون نسمة. وإذا كان حكام العسكر في الجزائر منطقيين مع مقارباتهم الانفصالية، فعليهم أن يعطوا المثال لحل مشكل “حركة القبائل” التي تناضل منذ عقود للحصول على استقلالها، ولها مقرها وممثلها بباريس.
الوضع الإقليمي والدولي مساعد على تحقيق
انفراج مغاربي

من النقاط التي تصب في خلق حيوية جديدة ومقاربة بناءة لتشييد اتحاد مغاربي قوي، تسجيل شبه إجماع دولي بمجلس الأمن، على اقتراح المغرب السلمي الواقعي وذي المصداقية (حسب التعبير الذي يتردد في كل قرارات مجلس الأمن منذ 2007-2021) بكونه متوازن وقابل لتطبيق مبادرة الحكم الذاتي بأقاليمه الجنوبية في إطار السيادة المغربية والوحدة الترابية. إن القرار كان واضحا عندما تم وصفه بالجدي وذي المصداقية والوحيد القابل للتطبيق في قرارات مجلس الأمن الأممي. وهذا يعني دعم أهم الدول الكبرى لهذا الاقتراح (فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، روسيا) ودول الجوار كاسبانيا وفرنسا وألمانيا والدول العربية ومنها دول الخليج وأغلبية الدول الإفريقية التي بادرت بافتتاح قنصلياتها بالعيون والداخلية (2020-2021).
كما أن الوضع الشاذ في الجزائر، ابتدءا من إشكالية انتخاب رئيس جديد يتوفر على كل مقومات الرآسة، وفي مقدمتها القدرة الجسمية والعقيلة التي شكلت شللا وشبه عطالة في الرئاسة الجزائرية لمدة طويلة، لصعوبة حسم الخلافة للرئيس بوتفليقة والذي تمت إقالته تحت ضغط الشارع لطول حكمه للبلاد منذ 1999. وحتى بعد إقالة الرئيس السابق و”انتخاب” رئيس جديد خاضع عمليا لأوامر الجيش، لم يحسم الأمر لحد الساعة مع استمرار الحراك الشعبي (نونبر 2021 – يناير 2022). ومن نتائج هذا الوضع القاتم، يستمر تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي في غياب رئيس حقيقي قادر على مواجهة مشاكل الشعب الجزائري، ونظام يرضى عنه الشعب المتواجد في تظاهرات جماهيرية حاشدة كل جمعة في الشوارع. وهو ما يعني التنافس الشرس بين القوي المتصارعة المختلفة، التي لم تستطع حسم مسألة الخلافة بين أطراف الجيش الذي يشد كل خيوط اللعبة السياسية في البلاد.
فعالية ونجاعة الاقتراحات المغربية المتكررة يحرج حكام الجزائر

نجح المغرب في سياسة اليد الممدودة إلى الجارة الشرقية إلى درجة إحراج حكامها (آخرها خطاب العرش يوليوز 2021)، والتي قد تعطي أكلها في هذه الظروف الإقليمية والدولية المساعدة. وقد ترجمت سياسة السلم المتبعة بالمغرب في اقتراح ملك البلاد محمد السادس على الجارة الجزائر، خلق آلية للحوار المباشر بين البلدين، بدون وساطة وبدون شروط مسبقة، وفق ما ورد في الخطاب الملكي 6 نونبر 2018. ورغم أن الرد كان غامضا ومحتشما لحكام الجزائر، فقد نادوا مقابل ذلك، كهروب إلى الأمام، بضرورة تفعيل هياكل “اتحاد المغرب العربي”.
ومما يقوي المبادرة السلمية المغربية في المنطقة المغاربية، ما ورد في قرار مجلس الأمن في مطلع سنة 2019، التي هي في صالح المقاربة التي اقترحها المغرب، من تنظيم لقاء مباشر بين الأطراف المعنية. وتجسد هذا اللقاء فعليا في حضور وفد عن الجزائر لأول مرة، كطرف معني في المائدة المنعقدة بجنيف مطلع 2019، إلى جانب موريطانيا، وجبهة البوليساريو. ولكن، اليوم (نونبر 2021) يرفض حكام الجزائر استمرار اللقاءات حول موائد مستديرة للوصول إلى حل سلمي يرتكز على مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية.
وربما ستجد الجزائر نفسها معزولة عن المنتظم الدولي لرفضها حضور الموائد المستديرة التي جدد إقرارها مجلس الأمن بشبه إجماع أعضائه (2021). وقد شرع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد في تنقلاته واتصالاته الميدانية المباشرة مع الأطراف المعنية التي حددها قرار مجلس الأمن، ويشتغل في حدودها (يناير 2022). وستتضح الرؤية أكثر في اللقاءات اللاحقة التي ستنعقد لا محالة كحل وحيد، لاستئناف الحوار بين نفس الأطراف، قصد بلوغ حل متوافق عليه، ينهي النزاع المصطنع الذي استمر لعدة عقود.

1. فشل سياسة إخضاع الجار عبر التسابق نحو التسلح، تساعد على التقارب المغربي الجزائري

مما قد يبشر بنجاح تسوية سلمية بين المغرب والجزائر إذا انتصرت الحكمة والرزانة في وسط قيادة العسكر الجزائري، إضافة إلى الوضع الهش بالجزائر وتعطل آلية تدبير حل المشاكل الداخلية الاجتماعية والسياسية المرتبطة بالديموقراطية، تسجيل هبوط أسعار البترول على الصعيد الدولي (رغم صعودها بعد بداية تعافي العالم من وباء كوفيد 19؛ يناير 2022)، والذي كان قد ساهم كثيرا في تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالجزائر ردحا من الزمن. وبالتالي، قد حد ذلك عمليا، من جبروت الدول المعتمدة على هذه المادة فقط. فاقتصاد الجزائر معتمد في مجمله على البترول والغاز الطبيعي. ثم إن عدم تنويع الاقتصاد، والتهافت على التسلح أضعفها وتسبب في قلاقل اجتماعية بها (حراك ربيع وصيف 2019 -2020 بالجزائر).
وفي المقابل، وبفضل الاستقرار الذي ينعم به المغرب بشمال إفريقيا، فقد حقق في ظله مشاريع مهيكلة وبنية تحتية أعطت له مصداقية إقليميا ودوليا، انعكست إيجابيا على علاقات الجوار التي تتحسسن مع إسبانيا باستمرار، حتى في عهد الاشتراكيين، رغم بعض الأزمات الموسمية بين البلدين، لكونها تعتبر أكبر مستثمر ومورد بالمغرب؛ ونفس الأمر مع فرنسا التي تستثمر في صناعات السيارات طنجة المتوسط-القنيطرة، القطار فائق السرعة، إطلاق الأقمار الاصطناعية، وكذا مع ألمانيا. والعلاقات الاقتصادية والديبلوماسية المتميزة مع الصين وروسيا وعدد من الدول الإفريقية (نيجيريا ومشروع أنبوب الغاز الطبيعي مع المغرب) ومن أمريكا اللاتينية…
كما نجح المغرب كبلد مستقر في تنظيم تظاهرات دولية ناجحة “COP 22” 2016، ومؤتمرات دولية بمراكش والداخلة (مونتانا) مما شجع المستثمرين على توظيف أموالهم دون خوف بالمغرب. وقد نوع المغرب اقتصاده وربط علاقاته مع بلدان بازغة: الصين، الهند، روسيا، دون التفريط في العلاقات التقليدية مع الاتحاد الأوربي وأمريكا واليابان. ثم إن عودة المغرب إلى مقعده بالاتحاد الإفريقي )2017) وتفتحه على القارة الإفريقية الواعدة، يترجم بالملموس فشل مقاربة المواجهة التي تبناها طرف مؤثر في الحكم الجزائري، لإخضاع المغرب، عبر محاولة خلق جمهورية تحول بينه وبين بلدان إفريقيا، دون جدوى. ثم إن عودة أعضاء مؤسسين من قيادة “البوليساريو” إلى المغرب، والتي تتكون من شخصيات وازنة، ودفاعها المستميت عن اقتناع، عن مقترح الحكم الذاتي بأقاليمنا الجنوبية في ظل السيادة المغربية، أفشل مخطط خلق “جمهورية” صحراوية، غير قابلة للحياة، نظرا لانتفاء مقومات الدولة، والتي كانت ستكون تابعة عمليا للجزائر. كل ذلك، أربك النظام الجزائري الذي كان يراهن على استمرار تواجد هؤلاء القياديين من أصل صحراوي مغربي في مواجهة بلادهم. وهو ما فشل فيه. وهذا ما أظهرته الأحداث الديبلوماسية الأخيرة من سحب الاعتراف المتزايد بما كان يطلق عليه “جمهورية صحراوية” بما يزيد عن 40 دولة من دول إفريقيا وأمريكا الوسطى والجنوبية خلال سنة -2021-2020-2019 والتي فتحت قنصليات لها بالعيون والداخلة.
ومما يبرهن على فضل هذه المقاربة السلمية والتنموية بأقاليمنا الجنوبية ومصداقيتها على الصعيد الدولي، حصول الاتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي عبر اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري (فبراير 2019، وتجديدها 2021)، اللتين نصتا على اعتبار كل المجال المغربي معني بالتعاون والتبادل التجاري والصيد البحري، بحيث لا تمييز بين منتوجات فلاحية وبحرية قادمة من الأقاليم الجنوبية وباقي جهات البلاد للتسويق في الاتحاد الأوروبي. بل اعتبر الاتحاد الأوربي منتخبي الجهات في الأقاليم الجنوبية ممثلين لسكان هذه الأقاليم، مما قطع الطريق على جبهة البوليساريو التي ظلت تناور، ولا زالت كذلك إلى اليوم (2022) بحماية ودعم من الجزائر، لخلق مشاكل للمغرب في علاقاته مع الاتحاد الأوربي، بادعاءاتهم أن السكان الصحروايين لا يستفيدون من خيرات الصحراء.
ولم يكن قرار الاتحاد الأوروبي اعتباطيا، بل صدر بأغلبية مطلقة من خلال تصويت نواب برلمان الاتحاد الأوروبي على اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري في مطلع سنة 2019 وتجديدها سنة 2021. واتخذ هذا القرار بعد ما اطلعت وفود من هؤلاء النواب الأوربيين مباشرة على أوضاع سكان هذه الأقاليم خلال زيارات متكررة. وتحققوا فيها بتمتع السكان المحليين بخيراتهم بالأقاليم الجنوبية، كباقي المغاربة، وبدون ميز. وهذا ما يفسر التصويت بنسبة مريحة لنواب البرلمان الأوربي على الاتفاقيتين لصالح سيادة المغرب على كل ترابه، بما فيها الجهات الجنوبية. كما يفسر أيضا الموقف الأمريكي الإيجابي المريح للمغرب، والذي يزكي الطرح الأوروبي باعتباره الصحراء المغربية جزء لا يتجزأ من التراب الوطني المغربي (10 دجنبر 2020)، ويشمله الدعم الذي تخصصه الميزانية السنوية الأمريكية لسنة 2019 بكامله، بما فيه الأقاليم الجنوبية. كما اعترفت السلطتان التشريعية والتنفيذية الأمريكية بالواقع الجديد الذي سار عليه الاتحاد الأوربي، فيما يخص التوقيع على الاتفاقيتين الفلاحية والصيد البحري، الذي يشمل كل التراب المغربي، بدون استثناء.

2. تقوية الجبهة الداخلية للمغرب عبر الاعتماد على مؤسسات قوية، شرط أساسي لتحقيق الاستقرار والتنمية

رغم ما حققه المغرب من مكتسبات وتطور على مستوى النمو الاقتصادي والتجهيزات الأساسية وخاصة في الأقاليم الجنوبية، فلا بد له من سد عدة ثغرات تهم البعد الاجتماعي (عدالة اجتماعية) والمجالي (عدالة مجالية)، اعتمادا على احترام المنهجية الديمقراطية وتطبيق بنود الدستور وتفعيل بنود الجهوية المتقدمة التي في إطارها يطبق الحكم الذاتي. ويبقى على المغرب بناء صرح ديمقراطي يعتمد مؤسسات قوية في إطار تطبيق بنود دستور 2011 وتفعيل بنود الجهوية المتقدمة، في مناخ ديمقراطي يعتمد على برلمان قوي، وحكومة مسؤولة، وأحزاب مستقلة قوية ومبدعة مؤطرة للمواطنين، لها جذور في المجتمع، مكونة من أغلبية مسئولة عن قراراتها لا تنتظر التعليمات، ومعارضة غير مصطنعة، لا تتنافس للحصول على الريع وتحقيق المآرب وعلى سياسة نهب المال العام، ومجتمع مدني ونقابات ومنظمات جماهيرية واعية ومسؤولة ومناضلة، ومؤمنة بالمشروع المجتمعي في ظل نموذج تنموي قادر على تحقيق الرخاء للمجتمع المغربي، وضمان الاستقرار والتنمية البشرية المستدامة في البلاد.
ويمكن تسريع هذه الانطلاقة عبر تحقيق البرامج التنموية المسطرة في إطار النموذج التنموي الذي تم تقديمه لملك البلاد، وكذا الجهوية المتقدمة التي تم انطلاق العمل بها سنة 2015. وقد مرت الانتخابات الجماعية والتشريعية في موعدها، انبثقت عنها حكومة أغلبية مريحة مكونة من ثلاثة أحزاب، سيطرت عبر تحالفها على تقاسم رآسة الغرف المهنية والجماعات والجهات ومجلس النواب ومجلس المستشارين بعد اقتراع 8 غشت 2021. وبذلك يمكنها الاشتغال في راحة وتطبيق برامجها المتوافق عليها.

رهان الشعوب المغاربية: تحقيق مغرب كبير، قوي بمؤسساته الديمقراطية، ونموذجه التنموي الاقتصادي والاجتماعي

تطرح الضرورة على أنظمة البلدان المغاربية التنافس على احتلال رتب سامية في سلم الديمقراطية والتنمية البشرية والاستدامة والتقدم العلمي والتكنولوجي (على غرار البلدان المتقدمة ومنها الاسكندنافية). ويقتضي هذا، الابتعاد عن نهج سياسة الواجهة الموجهة للخارج، وسياسة الريع السياسي والاقتصادي للمقربين من مربع السلطة المركزية، ونهب المال العام بطرق مقننة أو غير مقننة، بدون مراقبة أو محاسبة. ذلك أن تحقيق نماذج تنموية ستجذب الاستثمار وتقرب المسافة مع الشعوب الإفريقية للاستفادة من هذه النماذج الديمقراطية والتنموية، لتحقيق التنمية والاستقرار لكل الفئات في مجتمعاتها. وكل هذا ممكن، إذا توفرت إرادة سياسية ونخبة مغاربية واعية بأدوارها، وبمشروعها المجتمعي المتلخص في التحاقها بركب الدول المتقدمة الراقية اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحضاريا. ولعل الانتفاضة السلمية والحراك فيه خير ويفتح الآفاق، وهو الذي اندلع بالجزائر منذ ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، ولم تخمد بعد رغم إقالته نهائيا، وإلقاء القبض على عدد من مسانديه ومن بطانته ومحاكمتهم وإيداع بعضهم السجن، فيما سمي بـ”العصابة”. ويطالب الحراك الشعبي الذي اجتاح كل مدن الجزائر ربيع وصيف 2019-2020، بإبعاد كل رموز النظام الجزائري الذي كان مساندا لبوتفليقة المقال. ولم يهدأ الشارع الجزائري رغم القبض على زمرة من الحكام النافذين في السلطة والنظام الجزائري، ومحاكمة بعضهم وإيداعهم السجن المؤقت. ولكن، يبدوا أن هذه المحاكمات تدخل في إطار تصفية الحسابات بين أقطاب النظام العسكري، حيث ينتقم الطرف الذي وصل إلى الحكم من الطرف الثاني، قد يصل إلى عمليات اغتيالات كما حدث مع الرئيس المناضل والمقاوم الوطني الوحدوي الجزائري بوضياف، وما ذكرت به بعض وسائل الإعلام الفرنسية عن “الاغتيال وحشي للجنرال الذي تولى السلطة بعد إقالة بوتفليقة، وحاول تطهير الجيش…”.
ولا شك أن البلدان المغاربية الأخرى ستستفيد من دروس بلدانها المستخرجة من تحركات شعوبها في الجزائر وليبيا وتونس والمغرب وموريطانيا، لبناء بلدانها على أسس مؤسساتية متينة، وليس الهروب إلى الأمام والانحناء مؤقتا لانتظار مرور العاصفة.

خــــلاصـــــة

على ضوء التحليل الجيوسياسي-اقتصادي واستراتيجي لأوضاع البلدان المغاربية، نسجل الفشل الذريع لسياسة المواجهة وحرب الاستنزاف بين المغرب والجزائر، خلال ما يقرب اليوم من نصف قرن (1975-2022). ولذا تدعو الحكمة والرزانة والتفكير في صيغة حفظ ماء وجه كل الأطراف المتصارعة في مربع الحكم، وخاصة في الجزائر، للاتفاق على آلية فعالية تعتمد مقاربة لا غالب فيها ولا مغلوب، مستندة على مبدأ رابح-رابح، للخروج من هذا الوضع المتوتر الذي لا يخدم الشعبين والبلدين. إنه الاختيار الاستراتيجي الوحيد للشعوب المغاربية التواقة للسلم والرخاء في ظل التفاهم والتعاون والسلم والأمن. وهو السبيل الأنجع لبعث وتحقيق حلم بناء اتحاد مغاربي قوي، عبر مقاربة التحاور والتعاون والتكامل، التي ستحل محل مقاربة المواجهة التي لا تجدي نفعا للبلدين الجارين وللشعوب المغاربية.
هذه المقاربة السلمية والتنموية ستعيد الوضع الطبيعي للعلاقات الأخوية بين البلدين الجارين، عبر تصفية الأجواء وإرجاع الثقة بين البلدين. ويعقب هذه المرحلة، فتح الحدود لاستئناف عمليات التبادل التجاري بين البلدين، ومرور السلع والأشخاص، وتسهيل الاستثمارات في البلدين، في أفق خلق المجموعة المغاربية الموحدة، للتفاوض مع الكتل الأخرى كالاتحاد الأوروبي وغيره بشكل جماعي. وهذا هو حلم الشعوب المغاربية منذ ستين سنة خلت (سنة 1959) ، ومرورا باتفاقية “اتحاد المغرب العربي” منذ ثلاثين سنة خلت (سنة 1989).
إننا كباحثين جامعيين مغاربيين متفائلون بلقاء الأطراف المعنية بقضية الصحراء المغربية الذي تم في سنة 2019 بجنيف، خاصة بعد موافقة الجزائر وحضورها اللقاء كطرف معني. ولكن تخوفنا حقيقي من اندلاع حرب بين البلدين لا تبقي ولا تذر، بعد قطع الجزائر لعلاقاتها الديبلوماسية مع المغرب (نونبر 2021)، أعقبه توقيف ضخ أنبوب الغاز الطبيعي الأورو- مغاربي الطبيعي المار من المغرب نحو إسبانيا والبرتغال، وإعلان طبول الحرب ضد المغرب، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي الرسمي بمغربية الصحراء. كما رفضت الجزائر قرار مجلس الأمن 2021، برمجة لقاءات أخرى على شكل موائد مستديرة للوصول إلى حل سلمي متفاهم عليه، يؤطره مقترح الحكم الذاتي لسكان الصحراء الغربية المغربية، في إطار السيادة المغربية، كاستمرار للقاء الأول بجنيف 2019 ، قصد تعميق النقاش لبلوغ تسوية متوافق عليها كحل سياسي يتجاوز العقبات الحالية باستشرافه لمستقبل علاقات أخوية ودية. هذا الحل السلمي سيؤدي حتما إلى رخاء الشعوب المغاربية عبر تعاونها وتبادل خبراتها والاستغلال المشترك لخيراتها. هذا هو الخيار الاستراتيجي الذي سيسجل في التاريخ في صحيفة النخبة التي استطاعت تحقيقه بكل مسئولية وثقة وعزيمة.

هامش:

1 – للتوسع أكثر في الموضوع الخاص بالوضع الجيوسياسي واقتصادي الجهوي (المغاربي)، راجع كتابنا: كرزازي موسى، دراسة في التهيئة والتنمية القروية بالمغرب؛ تريفة بركان بجهة الشرق نموذجا، دار حنظلة، مطبعة المناهل الرباط، 2019 (500 صفحة).
2 – كما حدث يوم استقبال رئيس البوليساريو سرا، من قبل اسبانيا بـ‘”دواعي إنسانية” للاستشفاء، رفضها المغرب جملة وتفصيلا، واستدعى سفيرته للتشاور.
3 – علما بأن ما يوضح مستوى العلاقات الجيدة بين البلدين، زيارة العاهل الإسباني رفقة زوجته ووفد إسباني هام من الوزراء والفاعلين الاقتصاديين للمغرب، والاستقبال الهام الذي حضي به من قبل ملك البلاد وحكومة وبرلمان المغرب بمجلسيه، والاتصالات مع الفاعلين الاقتصاديين بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، وما توجهت به الزيارة من توقيع اتفاقيات مبرمة بين البلدين لتعزيز التعاون الاقتصادي والعلمي والأمنى (فبراير 2019). ومساعي الحكومة الإسبانية وعاهلها تحسين العلاقات مع المغرب بعد التشويش الذي أحدثها استقبال رئيس البوليزاريو وذلك بتأكيد تبنيها لمبادرة الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب وصادق عليه مجلس الأمن كحل وحيد واقعي وذي مصداقية للمشكل المفتعل في الصحراء المغربية من قبل الجزائر.
4 – ليبيا التي تحاول استرجاع سيادتها وعافيتها كدولة مغاربية عاشت الفوضى ردحا من الزمن، وتسعى اليوم للخروج منها، بالتحضير لانتخابات دجنبر 2021، الرآسية والتشريعية. والسودان الذي يعيش اضطرابات وتظاهرات في الشوارع لعددة شهور، تنادي بإقامة حكم مدني وابتعاد الجيش عن السلطة، وتندد بانقلاب الجيش رغم إعادة الحكومة المدنية التي كان ينسق معها قائد الجيش إلى اليوم (يناير 2022).
5 – زيارة عاهل اسبانيا للمغرب فبراير2019، وقبلها رئيس حكومة اسبانيا الاشتراكي، واستقالة وزيرة الخارجية الإسبانية بعد حادث الاستقبال السري للزعيم الانفصالي 2020. وتصريحات الحكومة الاسبانية المدعمة لمبادرة المغرب حول الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية واعتبار المغرب شريك أساسي ومحوري لإسبانيا (2021-2022)، لإعادة الدفء للعلاقات التي تضررت سابقا.
6 – للتوسع في الموضوع أكثر، راجع كتابا صادرا بعنوان “القارة الإفريقية مستقبلا” ، 2018، إصدار مشترك (عن معهد الدراسات الإفريقية تنسيق أبوالفرح وعزيزي فاطمة الزهراء)؛ (وعن مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال، تنسيق موسى كرزازي، محمد شيكر).
7 – “موند أفريك، قالت أنه بعد الموت الوحشي لرئيس الاركان السابق قايد صالح في ديسمبر 2019 ، والذي أشرف، من خلال عمليات التطهير، على الانتقال السياسي الجزائري بعد الرحيل القسري للرئيس بوتفليقة، حاول خليفته، الجنرال سعيد شنقريحة، لعب ورقة الإجماع داخل مؤسسة عسكرية مهتزة، عبر استبعاد العديد من المسؤولين والزج بهم في السجن.” ..”وكانت الصحيفة الإلكترونية الفرنسية “موند أفريك”، قد نشرت في وقت سابق تقريرا مطولا بعنوان “المكتب الأسود لقائد الأركان سعيد شنقريحة”….” (راجع الموقع الكتروني https://rue20.com/549575.html تم الاطلاع عليه بتاريخ 20 يناير 2022).

 

المراجع المعتمدة

– كرزازي (موسى) ،2019، دراسة في التهيئة والتنمية القروية بالمغرب؛ تريفة بركان بجهة الشرق نموذجا، دار حنظلة، مطبعة المناهل الرباط، (500 صفحة).
– زروق (حكيم)، التنمية الترابية وآليات التدبير المجالي بالمدن الصغرى للشريط الحدودي بني درار- السعيدية (المجال الحدودي الشمالي الشرقي للمغرب)، شعبة الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الانسانية بوجدة، جامعة محمد الأول، 2018، (غير منشورة).
– الأسعد (محمد)، 1991، “إشكالية الاندماج المجالي والبشري لبلدان اتحاد المغرب العربي”، نشر ضمن أعمال ندوة :التكامل والاندماج بالمغرب العربي، منشورات جامعة القاضي عياض، مراكش، المغرب. ص. 167-179.
– الأسعد (محمد)، 2001، “الاندماج الاقليمي وبناء المغرب العربي”، نشر ضمن أعمال ندوة : دور المجتمع المدني في بناء الوحدة المغاربية، منشورات منتدى رحاب للثقافة والتضامن والتنمية، وجدة، المغرب، ص. 27-34.
– بحوث ملتقى الجغرافيين العرب، 1998 : المجلدات 1 و 2 و 3. جامعة صنعاء. اليمن. 1056 ص. وخاصة بحث: أحمد علي (إسماعيل)، “الوحدة العربية والوحدة الأوربية: دراسة مقارنة في الجغرافيا السياسية”، الجزء الأول، الصفحات 305-341.
– تروان فرونسوا (تحت إشراف) وآخرين، المغرب العربي: الإنسان والمجال، تعريب علي التومي وآخرون. دار الغرب الإسلامي. بيروت 1997 . 574 ص.
– كرزازي (موسى)، 2008، “الإندماج الجهوي المغاربي خطوة ضرورية من أجل الوحدة السياسية”، نشر ضمن أعمال الملتقى الرابع للجغرافيين العرب، منشورات الجمعية الوطنية للجغرافيين المغاربة ( تنسيق محمد الأسعد)، الجزء الثاني. وبالتزامن مع نشر اعمال الندوة، تم نشر محتوى المقال مع بعض التعديلات وتحيين المعطيات حول موضوع :”الإندماج الجهوي المغاربي واستراتيجية الوحدة السياسية”، بدفاتر مركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال، (من ص 24 إلى ص 24-35). 2008.
– كرزازي موسى، “الإندماج الجهوي المغاربي: مقاربة تنموية تشاركية بديلة لسياسة المواجهة”، دراسة نشرت في “بيان اليوم”، الدار البيضاء، المغرب، أعداد : 7093 (4-12-2013)؛ 7094 (5-12-2013)؛7095 (6-12-2013)؛ 7096 (7-8.دجنبر 2013).
– كرزازي (موسى)، 1998،” النزوح القروي وعواقبه على البيئة: جماعة لبصارة بالسفح الجنوبي لجبال بني يزناسن، إقليم وجدة، دوار أولاد البالي نموذجا”، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جامعة محمد الخامس، عدد مزدوج 21-22 (عدد خاص بمناسبة مرور 40 سنة على تأسيس الكلية) من ص. 223 إلى ص.237.
– زروقي ( الميلود)، 2004، الحدود وتنظيم المجال المحلي والجهوي بالمغرب الشرقي، دكتوراه دولة، شعبة الجغرافيا، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، جامعة محمد الأول. جزءان، (غير منشورة).
– عكاشة برحاب، 2002، المجال الحدودي بين المغرب والجزائر (في مطلع القرن العشرين 1900-1912)، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية، سلسلة : الرسائل والأطروحات رقم 2 .
– صعوبات وآفاق تفعيل اتحاد المغرب العربي، أشغال ندوة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول، وجدة، ومعهد الدراسات الافريقية، جامعة محمد الخامس السويسي، الرباط،، 2009، وجدة.
– وزارة إعداد التراب الوطني، والتعمير والسكنى والبيئة، خطة التنمية وإعداد المجال للجهة الشرقية (التقرير الاستشرافي، 2000؛ مجالات المشاريع والبرمجة 2002)، إيديسا. (تقارير بالعربية).

 

•Azzi, H. (2002), Oujda et la frontière algéro-marocaine, développement urbaine et développement régional, Thèse de Doctorat d’Etat, FLSH, Université Mohammed Premier, Oujda. (Non publiée, 289 p.).
•Hilmi, A. (2008), Le Nord de l’Oriental Marocain : Une région frontière, Thèse de Doctorat en géographie, Université François Rabelais de Touts, (Non publiée, 337p.)
– Ministère de l’Aménagement du Territoire, de l’Urbanisme, de l’Habitat et de l’Environnement (MATUHE), Schéma de développement et d’aménagement régional de l’Oriental, DAT, (Rapport de prospective, 2000 ; Espaces de projets et programmation, 2002), EDESA.
– Les ressources humaines dans l’édification de l’Union du Maghreb Arabe, Université Cadi Ayyad, Tome I et II, Marrakech, Arabian Al Hilal, Rabat, 1992
– Ftouhi, M., Jamal Eddine, M., Haidaoui, L. (Coordinateurs), 2000, L’interaction entre la croissance démographique, la dégradation des ressources naturelles et la pauvreté au Maghreb, Université Mohammed V-Souissi, FSE, Rabat (Non publié), 122 p.
– Banon, G., (2018), Clés de géopolitique. Comprendre et anticiper le jeu des pouvoirs. Ed. La croisée des chemins
– Troin et al (Sous direction), 2010, Le Grand Maghreb, Armand Colin, Paris, 384p.
– Troin (J.F.) et al., 1997, Maghreb Moyen-Orient mutation, Dossiers des Images Économiques du Monde, SEDES, 348 p.
– Prenant, A. et Semmoud, B., 1997, Maghreb et Moyen-Orient, Espaces et sociétés, ellipses, Paris, 256 p.
– Camille et Yves Lacoste (Sous la direction de), 1995, Maghreb : Peuples et civilisations, Ed. La Découverte, Paris, 192 p.
– Balta, P., 1990, Le grand Maghreb. Des indépendances à l’an 2000, Ed. La Découverte, Paris, 326 p.
– Jennan, L. et Maurer, G. (Coordinateurs), Les régions de piémonts au Maghreb : Ressources et aménagement, (Actes du Colloque de Sefrou), Études Méditerranéennes n° 18, Fasc de Recherche n° 26 d’URBAMA, 1994, (174 p.)
– Bethemont, J. (Coordinateur), 2001, Le monde méditerranéen, Thèmes et problèmes géographiques, (Ouvrage collectif), SEDES. 320 p.
– Elloumi, M. (Sous la direction de), 2002, Mondialisation et sociétés rurales en Méditerranée, IRMC-KHARTALA, 523 p.
– Bethemont, J. 2002, Géographie de la Méditerranée, Armand colin, Paris, 313 p.
Kerzazi, M., 2003, Migration rurale et développement au Maroc ; Publication de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines, Univ. Mohammed V-Agdal, Rabat ; Série Thèses et mémoires, N° 55 ; (500p.)

موسى كرزازي

[email protected]

أستاذ فخري لجامعة محمد الخامس-الرباط/
الكاتب العام لمركز الدراسات والأبحاث عزيز بلال

Related posts

Top