في الأمسية الثقافية ” نظرة على اليهودية المغربية”

قال وزير الثقافة محمد الأمين الصبيحي إن المغرب يعتمد سياسة وطنية للحفاظ على الموروث الثقافي بشتى أشكاله، مضيفا، في معرض كلمته خلال تقديم كتاب “إعادة تأهيل مقابر اليهود – منازل الحياة” ليلة أول أمس الأربعاء بالمكتبة الوطنية بالرباط، أن التراث اليهودي يعد جزءا لا يتجزأ من التراث الوطني الشعبي، ومؤكدا على حرص وزارة الثقافة على العمل على حمايته وحماية كل أشكال الثقافة بالمغرب في إطار السياسة الملكية والتصور الملكي الذي يعنى بالثقافة في المغرب ويهدف إلى صيانة التراث الوطني المادي واللامادي.
وعبر محمد الأمين الصبيحي في مداخلته عن أهمية الثقافة اليهودية في إغناء المنظومة الثقافية للمغرب، مشيرا إلى أنها تشكل إضافة وأساسا وتؤكد على قيم التسامح والتآخي بين معظم الشعب المغربي كانوا يهودا أو مسلمين، كما أشار إلى أنها تشكل جزءا من الذاكرة الثقافية المغربية بحيث تعكس وتحكي تاريخا فريدا للمغرب.
وعن الكتاب قال محمد الأمين الصبيحي إنه يشكل إضافة نوعية للخزينة الثقافية للمملكة كما يشكل مرجعا أساسيا للباحثين في الميدان الثقافي على اعتبار ما يحمله في طياته من تأريخ للإنجازات التي همت إعادة ترميم مقابر اليهود بالمغرب، كما أنه كتاب يؤرخ لتاريخ المغرب ويعبر عن سياسته الثقافية الغنية.
ومن جهة أخرى استعرض سيرج بيرديغو الأمين العام لمجلس الطوائف اليهودية بالمغرب وصاحب كتاب “إعادة ترميم مقابر اليهود-منازل الحياة” أهم ما تضمنه الكتاب، من خلال عرضٍ لمجهودات الملك محمد السادس لصيانة وحفظ التراث اليهودي في المغرب، ويوثق الكتاب للتعليمات السامية التي أعطاها الملك محمد السادس منذ سنة 2010، والتي أسست لصيانة الذاكرة اليهودية في التراث المغربي.
كما تضمن الكتاب الإنجازات والترميمات التي همت إعادة تأهيل تراث المقابر اليهودية في العديد من المواقع بمختلف جهات المملكة، معتبرا أن هذه الجهود، جهود، مضنية، كما يقدم تحليلا حول منازل الحياة وخصوصياتها استنادا إلى وثائق تلك المرحلة، وتضمن الكتاب كذلك في مقدمته شهادات مجموعة من الحاخامات من مجموعة من الدول، الذي أكدوا في شهاداتهم أنه ترميم في العمق تم القيام به من أجل حماية وإصلاح ما أفسدته عوائد الزمن، بهدف استعادة كرامة وحرمة “منازل الحياة”، والأموات الذين يرقدون داخلها في سلام ، بما يدخل الطمأنينة على أسرهم أينما وجدوا في العالم.
وأكد بيرديغو على أن إرادة إعادة تأهيل هذه الذاكرة يتيح إدراج الماضي في المستقبل، وتجسيد عمق التجذر الجغرافي والتاريخي والروحي والثقافي لليهود المغاربة على أرض المغرب..
وفي سياق متصل تم بث شريط “يا حسراه دوك ليام” والذي قدمه أيضا سيرج بيرديغو بإنجاز مشترك مع مارك بيرديغو، الشريط الذي عرض لأول مرة، والذي تتجاوز مدته نصف ساعة، يستعرض حياة اليهود في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، بحيث يستعرض الأوجه المختلفة للثقافة اليهودية، موسيقى، رقص، طرق العيش..، وذلك في مختلف مناطق المملكة التي كان يعيش فيها اليهود. جميع هذه المناطق تتميز بوجود “الملاح” الذي ما زالت المدن تحتفظ به كجزء من التراث المادي، بكل من فاس ومكناس، دبدو، تطوان والدارالبيضاء، سلا، والعديد من مناطق المملكة التي كانت شاهدة على تاريخ حافل بالغنى الثقافي بين المكون المغربي اليهودي والمكون المغربي المسلم في جو من التعايش والتآخي.
وبدوره ألقى أحمد التوفيق وزير الشؤون الإسلامية كلمة بالمناسبة استعرض فيها التقارب الثقافي بين اليهود والمسلمين خصوصا في المغرب الذي كان شاهدا على التعايش الذي كان بين اليهود والمسلمين كشعب واحد ولحمة واحدة. وأكد الوزير على أن أنه ورغم اختلاف العقيدة إلى أن هناك انسجاما واحتراما متبادلا بين مكونات الشعب المغربي يهودا ومسلمين، كما تطرق بدوره للإرادة الملكية السامية في وضع تصور ناجع لحماية دور العبادة أي كانت سواء للمسلمين أو اليهود، وذلك في إطار سياسة وطنية تراعي حرمة أماكن التعبد.
يشار إلى أن هذا اللقاء الذي نظم في إطار الأمسية الثقافية “نظرات على اليهودية المغربية”، تميز بحضور العديد من الشخصيات السياسية والثقافية الوازنة على الصعيد الوطني، إضافة إلى ممثلي العديد من البلدان الأجنبية وممثلي البعثات والهيئات الديبلوماسية المقيمين في المغرب.

 محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top