في اليوم العالمي للبيئة.. المغرب يجدد التزامه بتعزيز التعاون لمواجهة تحديات التغيرات المناخية

اليوم تغير المناخ ليس قضية نظرية ولا موضوعا للنقاش العقيم، بل هو واقع مؤلم وقاس، ما فتئت آثاره الوخيمة تتزايد بفعل تعاقب موجات الجفاف بشكل أكثر حدة وتدميرا، فتعاقب فترات الجفاف، وما ينتج عنه من تدهور للتربة، أضحى يشكلان تحديا كبيرا وحقيقيا. فقد مست آثارهما، خلال العقدين الماضيين، أكثر من مليار ونصف المليار شخصا في العالم، وتسببا في خسائر اقتصادية تفوق 124 مليار دولار وفي هذا السياق احتفلت دول العالم يوم أمس تحت شعار لا نملك إلا أرضا واحدة باليوم العالمي للبيئة، مناسبة احتضنت احتفالاتها الرسمية دولة السويد، و هي فرصة للدولة المضيفة لإبراز مجهوداتها المبذولة في مواجهة التحديات المناخية، وهي احتفالية تشرف عليها هيئة الأمم المتحدة منذ  مؤتمر استوكهولم العالمي المنعقد عام 1972، مؤتمر  كانت من أهم مخرجاته إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، و هو حدث عالمي بامتياز تستعرض فيه المنظمات  البيئية الدولية حصيلتها وتقاريرها السنوية في مجالات التربية البيئية والتنمية المستدامة، وهو منصة لتتويج سفراء برامج التربية البيئية ورواد برامج الصحفيين الشباب من أجل البيئة بالمملكة المغربية، وفي هذا الإطار جدد المغرب التأكيد على التزام المملكة الراسخ بتعزيز التعاون لمواجهة التحديات المتعلقة بالتغيرات المناخية، المغرب الذي وقع على اتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن التغيرات المناخية سنة 1992، وصادق عليها سنة 1995، واستضافت مدينة مراكش سنة 2001 المؤتمر السابع للأطراف “كوب 7″، الذي فعل بروتوكول كيوطو التاريخي، وفي زخم هذه الدينامية، نظم المغرب في نونبر 2016 في مراكش، للمرة الثانية، مؤتمر الأطراف (كوب-22) الذي تميز باتخاذ سلسلة من الالتزامات لتنفيذ اتفاق باريس، بينما على المستوى الإقليمي فالمغرب اليوم هو ملتزم بجعل قضايا المناخ في إفريقيا أولوية، ويدعو إلى العدالة المناخية في هذه القارة التي تعاني من العواقب السلبية للتغيرات المناخية كونها القارة ذات الانبعاثات الأقل، وكان جلالة الملك محمد السادس قد بادر إلى تنظيم قمة العمل الإفريقية الأولى، على هامش الدورة الـ 22 لمؤتمر الأطراف في نونبر 2016، والتي كانت فرصة للقادة الأفارقة من أجل تنسيق تدخلاتهم في مجال مكافحة التغيرات المناخية، وأيضا للبحث عن أفضل الحلول للتحديات المناخية التي تواجه القارة، وكان قد تعهد خلال هذه القمة رؤساء الدول الإفريقية، بمبادرة من المغرب، بالإسراع في تنفيذ المبادرات الرامية إلى تعزيز قدرة إفريقيا على الصمود أمام التهديدات المناخية، لاسيما المبادرة الإفريقية للتكيف مع آثار تغير المناخ، ومبادرة تكيف الزراعة في إفريقيا مع التغيرات المناخية (3A)، ومبادرة “الأمن، الاستقرار، والاستدامة ((3S”، ويتجسد تعزيز التعاون لمكافحة التغيرات المناخية من خلال التنفيذ المستمر والمتسق لاتفاق باريس، الذي ينص على الإبلاغ عن مساهمة محددة وطنيا كل خمس سنوات ابتداء من سنة 2020، حيث كانت المملكة قد شرعت سنة 2020 في مراجعة المساهمة المحددة وطنيا، والتي تم تقديمها في البداية إلى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن التغيرات المناخية في 19 شتنبر 2016، بعد انضمامها إلى اتفاقية باريس، فمراجعة المساهمة المغربية صعودا تظهر طموح المملكة للمساهمة بشكل كامل وفي حدود قدراتها الاجتماعية والاقتصادية الحالية والمخطط لها، في الاستجابة لحالة الطوارئ المناخية التي تؤكدها تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، لاسيما الهدف العالمي المتمثل في الحياد المناخي”، وتجدر الإشارة الى أن المغرب سهر على تطوير “استراتيجية التنمية منخفضة الكربون لعام 2050” التي انطلقت مطلع سنة 2020، من أجل تحقيق رؤية متكاملة، جماعية ومشتركة، ترسي التوجهات الرئيسية للاقتصاد والمجتمع المغربي بين سنتي 2020 و2050، والتي تشمل تحولات اقتصادية واجتماعية عميقة في عالم خال من الكربون، ولكون تأثيرات التغيرات المناخية تتطلب، أكثر من أي وقت مضى، مضاعفة الجهود لتعزيز التعاون بين الشركاء المتوسطيين ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وجب على المغرب إحداث برنامج عمل لتحديد هدف مشترك بشأن التكيف وتعزيز صمود المنطقة المتوسطية، ​​وتحديد الاحتياجات الجماعية والحلول البراغماتية لتغير المناخ، بما في ذلك تأثيره على مستقبل البشرية.

  أرقام قياسية يسجلها غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي منذ أربعة ملايين سنة

بلغ معدل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في ماي الفائت مستوى أعلى بنسبة 50 بالمئة مما كان عليه خلال حقبة ما قبل الصناعة، ولم يسبق أن سجل له مثيل على كوكب الأرض منذ نحو أربعة ملايين سنة، وفق ما أفادت وكالة أميركية، وأوضحت إدارة المحيطات والغلاف الجوي الوطنية الأميركية أن سبب هذا الارتفاع الجديد هو الاحترار المناخي العالمي الناجم عن الأنشطة البشرية وأهمها وسائل النقل وإنتاج الأسمنت وإزالة الغابات وإنتاج الكهرباء باستخدام الوقود الأحفوري، وشهر ماي هو عادة الشهر الذي تُسجّل فيه كل سنة أعلى مستويات ثاني أكسيد الكربون، وتجاوز تركيز ثاني أكسيد الكربون في ماي 2022 عتبة الـ420 جزءا في المليون أما في ماي 2021، فكان هذا المعدل 419 جزءا في المليون، وفي 2020 كان 417 جزءا في المليون وتؤخذ هذه القياسات بواسطة مرصد ماونا لوا في هاواي المبني في موقع مرتفع مما يجنّبه التأثر بالتلوث المحلي، وشرحت إدارة المحيطات والغلاف الجوي أن مستوى ثاني أكسيد الكربون كان ثابتا قبل الثورة الصناعية على نحو 280 جزءا في المليون، وبقي الأمر على هذا المنوال خلال الفترة التي سبقتها والبالغة نحو ستة آلاف عام، وأشارت الإدارة في بيان إلى أن المستوى المسجل اليوم قريب من ذلك الذي كان قائما قبل 4.1 إلى 4.5 ملايين سنة، عندما كانت مستويات ثاني أكسيد الكربون نحو 400 جزء في المليون أو أكثر ففي ذلك الوقت، كان مستوى سطح البحر أعلى مما هو اليوم بما بين خمسة أمتار و25 مترا، وكانت غابات شاسعة موجودة في أجزاء من القطب الشمالي، بحسب الدراسات، ويعتبر ثاني أكسيد الكربون أحد غازات الدفيئة التي تساهم في حبس الحرارة، مما يتسبب تدريجياً في الاحترار العالمي، وهو يبقى في الغلاف الجوي والمحيطات آلاف السنين، وذكرت إدارة المحيطات والغلاف الجوي بأن هذا الاحترار بدأ يؤدي إلى عواقب وخيمة، منها تكاثر موجات الحرارة والجفاف والحرائق والفيضانات، ولاحظ بيتر تانس من من الإدارة في بيان أن “الجنس البشري لم يعرف من قبل مثل هذه المستويات الموجودة اليوم من ثاني أكسيد الكربون”.

حرص ملكي متجدد لتنزيل استراتيجيات التكيف والتخفيف

مافتئ جلالة الملك محمد السادس يؤكد في الخطابات التي يوجهها في مؤتمرات المناخ أو مؤتمرات المحاربة التصحر وحماية التنوع البيولوجي والتي يوجهها الى المشاركين في هذا المؤتمرات على الحرص على أن “يقترن دفاع المملكة المغربية عن استراتيجيات التكيف والتخفيف على الصعيد الدولي بالالتزام بها على المستوى الوطني، وذلك من أجل تزويد بلادنا بنموذج تدبيري شامل ومستدام، فمكافحة تغير المناخ لا تنحصر في مسألة التخفيف من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بل تشمل كذلك الإدارة المستدامة للأراضي، بينما تبقى معركتنا تقتضي التزاما على عدة جبهات، لاسيما منها المحافظة على النظم البيئية، وحماية التنوع البيولوجي، وتقليص مظاهر الهشاشة لدى الفئات الضعيفة من السكان،  فالأمر يتعلق بجهود تقوم بها المملكة المغربية وبكل إصرار، على المستويين الإقليمي والدولي، مع ما يقتضيه ذلك، دوما، من عمل مواز على المستوى الوطني، ومن هذا المنطلق، يذكر جلالة الملك بقيام المغرب، الذي استضاف الدورة 22 لمؤتمر الأطراف (COP22)، بالرفع من مساهمته المحددة وطنيا فيما يخص الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري إلى 45,5% بحلول عام 2030، بالإضافة إلى كون استراتيجية “غابات المغرب 2020-2030” واستراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” ترومان معا تحقيق الهدف المتعلق بعكس منحى تدهور الأراضي، وتقليص حدة التصحر والتخفيف من انعكاساته، من خلال التنمية البشرية والاجتماعية، بينما تبقى القضية الأكبر أهمية هي قضية الماء والحفاظ عليه، والذي يتقاطع مع التزام المغرب من أجل مكافحة الجفاف، والمحافظة على التنوع البيولوجي، وحماية النظم البيئية وفي هذا الصدد، يعتبر المخطط الوطني للماء الذي أطلقه المغرب، أحد أهم البرامج التي تهدف إلى ضمان الأمن المائي وتأمين الموارد المائية الضرورية، من حيث الكم والجودة، بينما يضع النموذج التنموي الجديد المحافظة على الموارد المائية وتعزيزها ضمن الرهانات ذات الأولوية لإرساء نموذج تنموي منبثق من الحاضر، ومتطلع إلى المستقبل، واعتبارا للأهمية التي يوليها المغرب لقطاع الماء فإن جائزة الحسن الثاني العالمية الكبرى للماء تعد في الآن ذاته، مجالا لبلورة وعي شامل بقضايا الماء، وفضاء مرموقا للمنافسة، تتبارى فيه الحلول المبتكرة والمستدامة والمندمجة، من أجل النهوض بقضية الماء. 

تثمين الماء بالمغرب في زمن الندرة المطلقة

            تدهورت جودة مياه الأنهار في عدة مناطق عبر العالم: في المغرب، كندا، والبرازيل وروسيا، وانخفض صبيب أنهار أخرى وهذا راجع بشكل رئيسي إلى تغير المناخ وما ترتب عنه من جفاف وعدم التوازن في العديد من المنطومات الايكولوجية، وإلى الأنشطة البشرية التي تقذف بالنفايات السائلة والمخلفات الصناعية ومياه الصرف الصحي في المجاري المائية  والأنهار والبحيرات أو في البحر مباشرة، وفي المغرب  ازدهرت مؤخرا الطحالب على ضفاف نهر أم الربيع على مستوى المصب بمدينة أزمور وأصبح للماء طعم سيء ولون غير طبيعي ورائحة معينة، مما سيكون له تأثيرا سلبيا على البيئة البحرية بالدرجة الأولى و على التنوع البيولوجي بدرجة أخرى، الشيء الذي يفرض على الفاعل الترابي الزيادة في الاستثمار في معالجة مياه الصرف الصحي وتصفية المياه العادمة قبل طرحها في الوسط الطبيعي مباشرة، وهذه العملية سوف توفر على الدولة ضياع أو فقدان أعداد كبيرة من التنوع البيولوجي خصوصا المصنف منه في اللائحة الحمراء.

قضية الماء قضية عالمية: حماية البحيرات و الأنهار بكندا

            يمتلك إقليم كيبيك  حوالي 3٪ من احتياطيات المياه العذبة المتجددة في العالم، ثروة مائية هائلة غير محمية بالشكل الجيد من قبل الدولة الكندية،  هذا ما جاء به تقرير مفوضية التنمية المستدامة في تقريرها الأخير: “قد تبدو هذه الموارد لا تنضب مما يجعل من الصعب زيادة الوعي بضرورة العناية بها”، ويتأسف مفوض التنمية المستدامة بول لانوي بشكل خاص على ضعف تعاون إقليم كيبيك مع وكالات الأحواض المائية المسؤولة عن حماية البحيرات والأنهار، وأبرز أن المسؤولين الكيبيكيين  يتغاضون عن المشاركة في الموائد المستديرة التي تنظمها الوزارة المعنية بالقطاع، حيث لم تشارك أطر وزارة البيئة ومكافحة تغير المناخ التابعة لإقليم كيبيك سوى في 14٪ من هذه الاجتماعات في عام 2019، في حين كانت حاضرة في 40٪ منها قبل أربع سنوات مضت، تراجع سجله بقوة التقرير المذكور.            و يشير التقرير: “تم تسجيل الحضور الباهت لـوزارة البيئة ومكافحة تغير المناخ في الاجتماعات و الموائد المستديرة  المنظمة من قبل وكالات الأحواض المائية في  إقليم كيبيك   منذ  شهر يناير 2016 خلال اجتماع للجنة المشتركة، و بعد مرور أربع سنوات ساء الوضع بكثير” وقال إن هذا الغياب “لا يظهر رغبة حقيقية في تطبيق إدارة متكاملة لموارد المياه”، وتأخرت الحكومة الكيبيكية في إصدار تقريرها عن وضعية الموارد المائية المتوقعة في عام 2019، حيث لا تتوفر لحد الآن على العديد من المؤشرات المهمة التي تخص الحالة الراهنة للبحيرات والأنهار: “يمكن أن يشوه الصورة العامة لوضعية المياه، على سبيل المثال يمكن أن تكون صحة البحيرات أسوأ مما كان متوقعًا” يضيف التقرير، وخلصت وزارة البيئة ومكافحة تغير المناخ بعد أخذ عينات من 665 بحيرة بإقليم كيبيك أن 76٪  منها أظهرت القليل من الأدلة على انتشار الطحالب المسببة لظاهرة التخثث، ومع ذلك فقد استندت هذه النتيجة إلى بيانات محدودة، و أشارت الوزارة إلى أنها استندت فقط إلى أعمق جزء من البحيرات في حين أن البيانات المتعلقة بحالة البحيرات يمكن أن تعطي نتيجة مختلفة عن حالة البحيرات، ويلاحظ المفوض أيضا في تقريره كيف أن الوزارات بطيئة في اعتماد مبادئ توجيهية بشأن الضرائب البيئية المتعلقة بتلويث الموارد المائية، وتضم كندا لوحدها حوالي ثلثي بحيرات العالم بما فيها 31752 بحيرة مساحتها أكبر من 3 كيلومترات مربعة و561 بحيرة تبلغ مساحتها أكبر من 100 كيلومتر مربع، وتغطي المياه العذبة حوالي عشر مساحة الأراضي الكندية. المخزون المائي العالمي في تراجع خطير            وحدد الباحثون في جامعة ميغيل الكندية الدول ذات البحيرات التي تفوق مساحتها 10 هكتارات في : كندا، روسيا، الولايات المتحدة، الصين، السويد، البرازيل، النرويج، الأرجنتين، كازاخستان و أستراليا بينما تبقى أكبر بحيرات العالم هي بحر قزوين و بحيرة بايكال و بحيرة تانجانيكا في إفريقيا و بحيرة الدب الكبير الكندية وأراد الجغرافيون من جامعة ماكجيل معرفة كل شيء عن بحيرات العالم، مسلحين ببيانات الأقمار الصناعية والخرائط ونماذج الكمبيوتر  لتحديد المخزون المائي لهذه البحيرات من المياه العذبة، وتختفي البحيرات وتتشكل باستمرار، ولكن بحسب البروفيسور لينر: “ليس من الواضح ما إذا كان هناك اتجاه بطريقة أو بأخرى” وقال: “لمعرفة ذلك نحن بحاجة إلى نقطة للمقارنة، وهذا ما أنشأناه للتو” حيث أصبح من الصعب تصور حسب باحثي جامعة ميغيل الكندية كيف سيكون مصير كوكب الأرض إذا انسكبت كل هذه المياه على سطح الكوكب بأكمله، حيث ستشكل طبقة مائية بعمق حوالي 1.3 متر مع العلم أن  900 181 كيلومتر مكعب هو إجمالي حجم المياه في البحيرات ذات المساحة 10 هكتار أو أكثر على هذا الكوكب.            إن معرفة حجم المياه في البحيرات يمثل تحديا لسبب بسيط: إذا كان من السهل حساب مساحة البحيرة من صور الأقمار الاصطناعية، فإن معرفة عمق كل منها أمر صعب جدا، ولتحقيق ذلك طور فريق العلماء لجامعة ميغيل الكندية نموذجا حاسوبيا قادرا على تقدير عمق البحيرة بالإضافة الى منحدرات التضاريس المحيطة بها  يقول البروفيسور لينر لتبرير كل هذا: “أنظر في كمية المياه الموجودة على الكوكب وكيف سيؤثر تغير المناخ على هذه الاحتياطيات والبحيرات جزء مهم جدا من المعادلة”.             لا تبقى المياه في البحيرة إلى أجل غير مسمى، فهي تصب فيه وتتركها في النهاية وعادة ما تتدفق إلى الأنهار و من تم إلى البحار والمحيطات، و حدد الباحثون أن متوسط​​”البقاء” للمياه في البحيرات حوالي خمس سنوات (1834 يوما)، لكنهم لاحظوا اختلافات كبيرة في ذلك:  فمياه بحيرة بايكال ما زالت هناك لمدة 375 عاما تقريبا بينما تبقى مياه البحيرات الأخرى هناك لبضع ساعات فقط، يقول البروفيسور لينر: “تجري العديد من العمليات الكيميائية والبيولوجية في البحيرات، وهي تعتمد على الوقت الذي تبقى فيه المياه هناك”، بعض هذه العمليات مهمة للغاية لكوكب الأرض بأكمله، و هذا هو الحال مع كمية الغازات الدفيئة المنبعثة من بحيرة ما عندما تنضب من المياه  أو على العكس فهي تمتصها، جامعة كونكورديا الكندية في دراسة حديثة لها أكدت أن تغير المناخ سيزيد من استهلاك المياه في المناطق الحضرية بكندا  ولو أنها دولة غنية بالمياه فإن الطلب سيضغط على المخططين الحضريين و على الموارد الطبيعية.            تكافح الحكومات في عصر العولمة بصفة مستمرة لتقديم الخدمات المائية لجميع سكانها، ويعيق تغير المناخ هذه الخدمات وخاصة أن العديد من المدن والمناطق تعاني بالفعل من نقص حاد في المياه وقام ثلاثة باحثين في جامعة كونكورديا الكندية بفحص استهلاك المياه في المجتمع الحضري في مدينة بروسارد – وهي ضاحية نائية في جزيرة مونتريال، كيبيك – وتقلباتها الموسمية، ويقول الباحثون إن نتائجهم يمكن أن توفر للمخططين وسلطات المياه فكرة عن أنماط استهلاك المياه في وقت يستمر فيه تغير المناخ في دفع درجات الحرارة العالمية، وربط الباحثون البيانات حول الاستهلاك اليومي للمياه في بلدية لونغوي – التي تدير بروسارد – مع قراءات درجة حرارة الهواء اليومية في مطار بيير إليوت ترودو الدولي، وباستخدام التقنيات الإحصائية أثبت الباحثون أن استهلاك المياه في الهواء الطلق كان أعلى عندما كانت درجات الحرارة مرتفعة، ومع ذلك لم يجد الباحثون أي صلة بين درجة الحرارة واستهلاك المياه داخل المنزل على الرغم من أنهم لاحظوا زيادة طفيفة في عطلات نهاية الأسبوع مقارنة بأيام الأسبوع، “حسب ملاحظاتنا، عندما ترتفع درجة حرارة الهواء فوق عتبة معينة يزداد استهلاك المياه”، يقول صمويل لي  رئيس قسم البناء والهندسة المدنية والبيئية بمدرسة جينا كودي للهندسة والمعلوميات، وصاحب التقرير  المتعلق بالدراسة الذي أعده بتعاون مع نيوشا رايسي فغيهي طالبة الماستر ووفاريبورز هاغيغات البروفيسور في علوم الطاقة والبيئة بجامعة كونكورديا، ولاحظ الباحثون أن متوسط ​​استهلاك المياه للفرد في مدينة بروسارد بلغ حوالي 300 لتر في اليوم: “لكن في أشهر الصيف عندما يسقي الناس حدائقهم ومروجهم وزهورهم يمكن أن يزيد الاستهلاك بنسبة 65 بالمائة”.            وبمجرد تحديد العلاقة بين درجة الحرارة واستهلاك المياه قام الباحثون بتقييم ما قد يبدو عليه استهلاك المياه في عام 2050، حيث يقول صموئيل لي: “عمر البنية التحتية للمياه يبلغ حوالي 30 عامًا وبعد ذلك يجب تحديثها، لذا ما الذي يمكن أن نتوقعه في هذا الصدد خلال الثلاثين عاما المقبلة”،  وكل هذا يتوقف على النماذج المناخية المعتمدة لتحديد التوقعات.             ونظر الباحثون في 21 نموذجا مناخيا مختلفا بالإضافة إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون: الأول دون تغيير كبير في الانبعاثات، والثاني طرح تدابير متواضعة إلى حد ما للحد من الانبعاثات، والثالث يدعو إلى وسائل أكثر قسوة، و”في جميع الحالات لاحظنا وجود اتجاه تصاعدي في درجات الحرارة واستهلاك المياه لكن حجم هذه الزيادة لوحده يمكن أن يختلف” يقول التقرير.            وتعتبر هذه الحسابات جد مهمة بشكل خاص للمدن التي ليس لديها وصول فوري إلى الإمدادات الكبيرة من المياه العذبة، حيث تشير نيشا راسي فغيهي: “نشهد حاليا نقصا في المياه في أماكن متعددة عبر العالم مثل سنغافورة ولوس أنجلوس وجنوب إفريقيا والشرق الأوسط”، ويؤكد الباحثان  “دلي” و “هاغيغات” أن هذه الدراسة التي تم تمويلها من قبل مجلس العلوم الطبيعية والبحوث الهندسية الكندي هي واحدة من أوائل الدراسات في العالم التي اعتبرت تغير المناخ عاملا مهما في تقدير استهلاك المياه في المستقبل في المراكز الحضرية بينما ركزت الدراسات السابقة على النمو السكاني ويؤكد “صامويل لي” إلى أنه: “من خلال إجراء هذا النوع من الأبحاث في جامعة كونكورديا، نأمل في تثقيف صانعي القرار والسياسيين وحتى الأطفال في سن التمدرس حتى لا يظلوا غير مبالين بالوضع الذي ينتظرهم خلال 30 عاما”.            ومما لا شك فيه سيرتفع استهلاك المياه في المناطق الحضرية مع تغير المناخ وسيهدد لا محالة الحياة الحضرية، حتى في كندا بلد البحيرات، وفقًا لباحثين من جامعة كونكورديا في مونتريال، ويضيف الباحثون أنه: “بغض النظر عن سيناريو المناخ الذي تم بحثه في دراستهم – زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أو الحفاظ عليها أو خفضها – فإن استهلاك المياه سيزيد حتما”، فكندا بلد غني بالمياه، ولكن ما مدى استعدادها للتخطيط الحضري، فالكنديون مدعوون ومطالبون بالزيادة في خلق المساحات الخضراء لمكافحة التغير المناخي، ويبقى  السؤال المطروح إلى أي حد ستسمح  شبكة الأنابيب الحالية بضخ المياه التي يحتاجها الكنديون بالمدن و المراكز الحضرية خلال الثلاثين عاما المقبلة.

نذرة الماء بأوروبا

            أما في فرنسا و بولونيا و جمهورية التشيك فتشهد هذه الدول بداية موجة جفاف حادة حيث تتعرض التربة لضغوط شديدة خاصة وأن نوبات الجفاف قد زادت في السنوات الأخيرة، تم الترحيب في شرق فرنسا بأمطار أواخر شهر أبريل الماضي، يقول دينيس بيرياو، مزارع في شمال غرب إقليم كوت دور: “لم نشهد تساقط للأمطار منذ بداية الحجر الصحي، نحن نشهد جفافا ربيعيا استثنائيا، لقد أصبح الوضع أكثر من حرج، وتؤكد ميشيل بلانشارد عالمة المناخ في وكالة الأرصاد الجوية الفرنسية أن: “عجز تساقط الأمطار مثير للإعجاب حيث بلغ العجز في بعض الأقاليم الفرنسية إلى أكثر من 90٪” وهذا يعني أنها أمطرت أقل من 10٪ مما يجب أن تسقط بشكل طبيعي، وفي أقاليم أخرى انحبس المطر لأكثر من 40 يومًا متتابعة.

            وتضيف بلانشارد: “إلى جانب نقص المياه كان شهر أبريل حارًا بشكل خاص”، حيث لوحظت زيادة 3 درجات مائوية خل 27 يومًا الأولى من شهر أبريل عن المعدل الموسمي، وهي درجة حرارية مرتفعة نسبيًا، وفي المناطق الشرقية ، كانت درجات الحرارة أعلى بنحو 4 درجات مئوية، وتخلص عالمة المناخ إلى أنه: “إذا كان المحرار قد وصل لأعلى مستوياته فإن الممطار قد وصل إلى أدنى درجة حيث لم تكن النتيجة طويلة”، و هاتان الظاهرتان مجتمعتان تسببان تجفيف التربة وبالتالي الجفاف الزراعي، ولاحظ خبير الأرصاد الجوية فرانسوا جوبارد أن الأراضي أصبحت جافة في بعض المناطق حيث وصل مؤشر رطوبة التربة يوم 22 أبريل الى 0.58 و هو معدل أقل بقليل من القيمة المتوسطة، ويضيف: “نحن نعلم أن الأراضي التي يميزها جفاف الربيع ستظل هشة هذا العام”

            في أماكن أخرى من فرنسا و الجزر التابعة لها يؤثر الجفاف بشكل خاص على جزر الأنتيل (غوادلوب ومارتينيك) حيث يؤثر نقص المياه على توزيع مياه الشرب ويؤدي إلى فرض قيود شديدة على توزيع و استهلاك المياه.

            الوضع وراء الحدود الشرقية لفرنسا ليس بالأفضل، ففي ألمانيا تم تسجيل انخفاض بنسبة 5٪ من الأمطار المتوقعة بشكل طبيعي في شهر أبريل الماضي، ووفقا لوكالة الأرصاد الجوية الفيدرالية الألمانية فإن شهر أبريل هو الأكثر جفافا منذ بدء التسجيلات الأولى في عام 1881، حيث تتأثر التربة  التي لا تزال تعاني من عواقب الجفاف الشديد الذي شهدته ألمانيا عام 2018، كما أدى نقص أمطار فصل الربيع إلى خفض مستويات المياه في نهر الراين، القناة الرئيسية للمراكب التي تنقل كل شيء من الفولاذ إلى البترول والفحم إلى المصانع، وتستعد بولونيا الجارة الألمانية، “لواحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ أكثر من مائة عام”، فقد أدى نقص المياه إلى حرائق كبيرة في منتزه بيبربزا الوطني منها 6000 هكتار من الغابات؛ وعادة ما تظهر الضفاف الرملية البيضاء المخفية مترين تحت الماء في وسط نهر فيستولا  أكبر نهر بولوني الذي انخفض عمقه رسميا إلى 60 سنتميتر، وتأثرت روسيا أيضًا بالحرائق: ففي سيبيريا في منطقة كيميروفو، وصلت حرائق المراعي إلى المنازل، بالإضافة إلى مشاكل الملاحة النهرية، يثير هذا الجفاف في وسط أوروبا مخاوف من انخفاض محاصيل الحبوب إلى ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية.

المخزون المائي بالمغرب

         تشهد العديد من البلدان حاليا واحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ عقود، وهو ما يفاقم الوضع، على العكس من ذلك  بالمغرب كانت نسبة ملأ السدود  قد بلغت السنة الماضية إلى %50.2 بينما لن تسجل سوى %32.9 ولأول مرة هذه السنة حيث مكنت التساقطات المطرية التي شهدتها المملكة خلال أشهر مارس وأبريل وماي 2022، من تحسين الحالة الهيدرولوجية على مستوى معظم التراب الوطني و نتجت عن هذه التساقطات المطرية واردات مائية مهمة بحقينات السدود، تقدر إجمالا بحوالي 5.4 مليار متر مكعب كمخزون إجمالي سيساهم في تأمين حاجيات الماء الصالح للشرب خاصة في زمن كورونا حيث الطلب المتزايد على الماء بسبب التدابير الصحية.

حماية المنظومات الايكولوجية الهشة شلالات إغوازو نموذجا

            تعرضت شلالات إغوازو  إحدى عجائب الدنيا السبع الطبيعية في العالم لموجة شديدة من الجفاف الاستثنائي، وأصبحت المناظر الطبيعية للشلالات بدون ماء، حيث كان على الشلالات في الأشهر الأخيرة مواجهة جفاف شديد للغاية حول المشهد بالكامل: “تتميز منطقة غابة بارانا المطيرة باختلافات طبيعية قوية في المناخ على نطاقات زمنية مختلفة ولكنها حساسة أيضًا لتغير المناخ” يوضح كلاوديو مينينديز الأستاذ في جامعة بوينس آيرس والباحث في مركز أبحاث البحار والغلاف الجوي، ويضيف: “لدينا حاليا جفاف قوي في إغوازو ولكن منذ بضع سنوات كانت لدينا فيضانات لكن الجفاف الحالي هو أحد أهم الجفاف مقارنة بالسجلات التاريخية  بينما في الستينيات والسبعينيات كان هناك بالفعل العديد من حالات الجفاف من نفس الحجم الذي نواجهه بالإضافة إلى ذلك في عام 1944 أدى الجفاف إلى انخفاض منسوب مياه النهر إلى أقل مما هو عليه اليوم”، وبالتالي لا يمكن اعتبار هذا الجفاف الذي تعرفه شلالات إغوازو  بالحدث “التاريخي، فوفقا لما قاله لويس تونيتي  مدير المرصد الإقليمي لتغير المناخ في جامعة فيلا ماريا الوطنية بالأرجنتين: “كان العامل الرئيسي هو الحرائق في منطقة الأمازون العام الماضي، أثار تساؤلات من جانب العديد من القطاعات فيما يتعلق بدور الدولة البرازيلية في هذه الأزمة، ولحرائق الغابات هذه تأثير على الدورة الهيدروجيولوجية للمياه،             والواقع أن ارتفاع مستويات إزالة الغابات في هذه المناطق هو المسؤول بشكل خاص عن الجفاف، و تشرح نانسي أريزبي الأستاذة في المجلس الوطني للعلوم والتكنولوجيا  المكلفة بـاللجنة الوطنية للاستخدام: “إن توسع الثقافات الأحادية ولا سيما فول الصويا والماشية هم الجناة الرئيسيون”، ومعرفة التنوع البيولوجي، و تضيف نانسي أن: “أحد العوامل التي تؤثر بشكل مباشر على منطقة ميسيونيس في الأرجنتين هي مزارع الغابات، وتتطلب هذه مدخلات مهمة من المواد الكيميائية، بالإضافة إلى التلوث الذي تحدثه هذه الزراعات حيث تفقد المنطقة الغطاء الحرجي الأصلي”، أضف إلى ذلك التمدن السريع الذي “يعني زيادة درجات الحرارة في المناطق الصغرى خاصة عن طريق الأسفلت”.

            ليس بالأمر الغريب أن نعود دائما إلى نفس الملاحظة فالأنشطة البشرية هي مصدر العديد من التغييرات ذات التأثيرات الطويلة الأمد المشددة، “إن الدورة الهيدرولوجية في أمريكا الجنوبية شديدة للغاية كما يمكن ملاحظتها في شلالات إغوازو بطريقة غزيرة حيث يعتمد تدفق نهر إغوازو على الأمطار والفيضانات في هذه المنطقة الكبيرة التي تشمل غابة بارانا المطيرة ويتم تغيير كل واحد من هذه المتغيرات بفعل الإنسان: “أولا يتم تعديل هطول الأمطار بسبب تغير المناخ  ثانيا يتم تعديل التبخر ونضح المياه المتدفقة عن طريق إزالة الغابات لتغيير استخدام الأراضي” قال كلاوديو مينينديز، و عندما تكون هناك أحداث مناخية شديدة بشكل عام نفكر على الفور في عواقب تغير المناخ، ومع ذلك فإن الوضع المناخي لشلالات إغوازو خاص ومعقد، إن الحدود بين عواقب الظاهرة الطبيعية وآثار الإحترار العالمي ضيقة، دون نسيان التأثير الضار للنباتات الكهرومائية، وفقًا لما ذكره لويس لوسيفورا: “من الصعب جدًا إنشاء صلة مباشرة بين حدث معين وظاهرة تغير المناخ، فقد شهدت المنطقة بين القرنين العشرين والحادي والعشرين فترات جافة و متعددة السنوات وبدلاً من ذلك رطب، وبدون شك سيكون لتغير المناخ تأثير على ا لمنطقة على الرغم من أن النماذج المناخية تتوقع زيادة في هطول الأمطار في العقود الأخيرة، بالإضافة إلى ذلك فإن هذا الجفاف الشديد هو نتيجة لعدة سنوات من الأمطار الغزيرة، في الواقع وفقا لما ذكره لويس تونيتي  “كان تيار النينو حتى الآن في مرحلة محايدة ولكنه يقترب بمهارة من مرحلة النينو يمكننا التحدث عن ظاهرة الجفاف الطبيعي بالتأكيد التي عززها التغير مناخي، ولكون هذه الظاهرة حديثة وفريدة في هذا المجال يوضح لويس تونينيتي أن هذا النهج نظري فقط لأنه “لا توجد دراسة محددة حول هذا الموضوع، ومع ذلك يمكن إعادة إنتاج هذه الظواهر في الظواهر المتطرفة الأخرى مثل دورات الإعصار في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، إنها طبيعية تمامًا لكنها معززة بتغير المناخ”، ونتيجة لذلك يلعب تغير المناخ دورًا هاما في التغيرات الشديدة لهذه المنطقة وله عواقب مباشرة على شلالات إغوازو ولكن: “ينعكس تغير المناخ على التغيرات في درجات الحرارة وهطول الأمطار على سبيل المثال الجفاف، وفي هذه الحالة يشير تغير المناخ الذي يمكننا ملاحظته كذلك إلى جفاف النهر الذي يغذي منطقة سقوط الشلالات ولكن أيضًا إلى المناطق المجاورة” وقالت نانسي أريزبي: “إن النهر ضرب بشدة في المناطق المستخدمة للمحاصيل” حيث “قامت مجموعتنا بفحص بعض هذه الأسئلة في بعض المقالات المنشورة مؤخرا وتحليل المحاكاة العددية التي تم إجراؤها باستخدام النماذج المناخية الإقليمية، وتشير التوقعات إلى أن المناخ في معظم أنحاء البرازيل سيكون أقل رطوبة مع تأثير سلبي على” ويضيف كلاوديو مينينديز موضحا سبب قضية حالة الجريان السطحي للمياه على العكس من ذلك في شمال شرق الأرجنتين وفي أجزاء من باراغواي وجنوب البرازيل فإن الاتجاه عكس ذلك تماما، و يضيف: “بما أن شلالات إغوازو تقع بين هاتين المنطقتين الرئيسيتين فإن الإسقاط المناخي للسقوط غير مؤكد، وهناك عامل آخر يزيد من عدم اليقين هو الجهل بتطور الغطاء النباتي واستخدام الأراضي خلال للعقود القليلة المقبلة”، فشلالات إغوازو كما يوحي اسمها تحظى بإعجاب العديد من السياح لمياهها التي تتدفق إلى قلب المناظر الطبيعية الخضراء، ومع ذلك إذا زادت فترات الجفاف بمرور الوقت فسوف تفقد جاذبيتها الرئيسية على الرغم من أن: “اكتشاف الشلالات في وضع استثنائي مثل هذا أمر مثير للاهتمام أيضًا بالنسبة للسياح لاكتشاف النظام البيئي لإغوازو” و يضيف لويس لوسيفورا: “هذه الثروة الفريدة لا ينبغي أن تؤثر على السياحة”. شلالات فكتوريا الشهيرة

وفي الوقت الذي تعاني فيه شلالات إغوازو  من ضربات الجفاف القوية، تتعرض منطقة شلالات فيكتوريا واحدة من أعظم الشلالات في العالم ومن بين أكثر مناطق الجذب السياحي في أفريقيا، لأسوأ موجة جفاف منذ قرن، الأمر الذي يزيد من مخاوف التغير المناخي، وتعليقا على هذا التغير في الشلالات، قال عالم الهيدرولوجيا في شركة الهندسة بويري وخبير في نهر زامبيزي هارالد كلينغ إن علوم المناخ تعاملت على مدار عقود، وليس لسنوات معينة، “لذلك يصعب أحيانا قول ذلك بسبب التغير المناخي لأن الجفاف دائما ما يحدث، إذا أصبحت هذه الحالة أكثر تواترا، فيمكن البدء في قول إن السبب يكون التغير المناخي،    ويعتقد ريتشارد بيلفوس، رئيس مؤسسة طيور الكركي الدولية، الذي درس زامبيزي على مدار العقود الثلاثة الماضية، أن تغير المناخ يؤخر الرياح الموسمية، الأمر الذي يؤدي إلى تساقط الأمطار بغزارة في أوقات معينة، بحيث يصعب تخزينها، وينجم عن ذلك بالتالي موسم جفاف أطول بكثير من المواسم الأخرى، وفي الأخير يعاني المغرب كبقية دول العالم من ظاهرة الاحتباس الحراري، إضافة إلى خصوصيات محلية من قبيل تلوث المياه، ومعضلة معالجة الكم الهائل من النفايات المنزلية والصناعية الصلبة، والنفايات البلاستيكية، لذلك عملت الحكومة على التخفيف من حدة النفايات الأخيرة عبر تشديد القوانين، في حين تظل النفايات الصلبة وتلوث المياه أهم هاجس في المملكة في إطار جهود حماية البيئة وتقدر تكلفة التدهور البيئي بالمغرب بحوالي 33 مليار درهم أي ما يعادل 3.52 في المائة من ناتجه الداخلي الخام.

محمد بن عبو

خبير في المناخ والتنمية المستدامة رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة

Related posts

Top