في اليوم العالمي للشعر

حل أمس الخميس موعد الاحتفال باليوم العالمي للشعر، عشرون سنة والعالم يضرب موعدا مع هذا اليوم الذي كانت للمغرب المبادرة إلى المطالبة بإقراره، لكن ماذا وراء هذا الاحتفال المتجدد بالشعر؟
إن الحديث عن جدوى الشعر -لا بل عن جدوى الأدب عموما- في وقتنا الراهن، يمكن أن يصيب بالإحباط، بالنظر إلى ما بتنا نلمسه من تحولات سريعة رافضة ومقاومة لكل ما يحمل بعدا إنسانيا، بالنظر إلى المكانة التي باتت تحتلها التكنولوجيا في حياتنا اليومية، والتي باتت تتحكم في طبيعة التواصل بين البشر، إلى حد أنه صار بالإمكان الحديث عن تحول الإنسان إلى نصف آلي ونصف آخر بشري، في انتظار أن يتحول هذا الكائن بالكامل إلى مجرد آلة، لا قدر الله.
عندما يقول أحدنا إنه كلما ترك هاتفه الذكي في منزله وانصرف، انتابه الإحساس بأن عضوا من أعضائه ينقصه، فهذا دليل على أن الآلة قضمت جزءا من بدنه واحتلت مكانه.
حقا، لقد صارت الأجهزة الالكترونية جزءا لا يتجزأ من ذواتنا، وصرنا نعتمد على الصورة أكثر باعتبارها أقوى تعبير من أي لغة أخرى، وتوارت الكلمة.

***
من الملاحظ أن الإقبال على قراءة الشعر واقتناء الدواوين الشعرية عرف تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، وطبعا فإن المسؤولية في ذلك لا يمكن أن نحملها للشعراء فقط، وإن كان استسهال الكتابة الشعرية له إسهام في نفور القراء من هذا الفن الأدبي، لكن بالتأكيد هناك عوامل أخرى، منها على الخصوص المكانة التي باتت تحتلها الصورة الرقمية نتيجة الطفرة التي حققتها تكنولوجيا الاتصال، وتوجيه الاهتمام أكثر نحو التأليف الروائي، سيما وأنه تم رصد جوائز رفيعة لأجله، وتهميش الإبداع الشعري.
وكما كان متوقعا، فقد استغل بعض المتطفلين هذا الفراغ وأغرقوا سوق الكتاب بدواوين شعرية، لا تمت للشعر بصلة في واقع الأمر، وغالبا ما يكون نشر هذا المنتوج على نفقة أصحابه، وهو ما يجعله لا يمر من غربلة لجنة القراءة التي من المفروض أن تتوفر عليها كل دار نشر، حتى لا يتم تمرير الرداءة ودفع القراء بالتالي إلى العزوف عن قراءة ما هو مصنف اعتباطا في خانة الشعر.

***
لفت انتباهي وأنا ألج بيت الشعر في المغرب، أقصد موقعه الالكتروني، أنه لم يتم تحيينه إلى حدود مساء أمس، على الأقل بمناسبة اليوم العالمي للشعر، علما بأن هذه الهيئة هي من كانت لها المبادرة لإقرار اليوم العالمي المشار إليه آنفا، يحدث ذلك مع أن بيت الشعر يسجل حضوره في الساحة الثقافية، سواء من خلال إصداراته الورقية أو الجائزة الرفيعة التي يخصصها للشعر أو القراءات الشعرية التي ينظمها.. إلى غير ذلك من الأنشطة، كما أن الوضع الداخلي للبيت مستقر على ما يبدو، وبالتالي نأمل أن يكون ذلك مجرد هفوة من لدن القيمين على هذه الهيئة الثقافية، علما بأن المواقع الالكترونية لها أهميتها في تيسير التواصل وتحقيق الإشعاع.

عبد العالي بركات

[email protected]

Related posts

Top