في حوار شيق وممتع مع الشاعر المغربي الكبير إدريس الملياني: متى نخرج من مقدمة ابن خلدون؟

بمناسبة الذكرى المائوية لثورة أكتوبر الروسية، أجرت مجلة “التحرر” في عددها الأخير صيف – خريف 2018 حوارا مع رفيقنا الشاعر والكاتب والمترجم إدريس الملياني حول قضايا شتى ثقافية وسياسية كالثورات ولاسيما البلشفية وعلاقتها بالثقافة والإبداع ودور الثقافة السوفييتية في إثراء الثقافة الإنسانية… الملحق الثقافي لبيان اليوم ارتأى إطلاع قرائه على مضمون هذا الحوار الهام بإعادة نشره لما ينطوي عليه من إفادات ودلالات…. ونظرا لطول هذا الحوار وضيق هذا الحيز سنكون مضطرين لحذف الأسئلة مكتفين بأجوبة الشاعر إدريس الملياني معولين على فطنة القارئ الذي سيكتشف لا محالة أنه بصدد قراءة نص أدبي “مستقل” ومنسجم ومتناغم أبدعه صاحبه وهو يتحدث إلى مستجوبه بلغة جميلة وشاعرية وكأن الأمر لا يتعلق بحديث صحفي.. إليكم هذا النص الجميل “جمال النضال ونضال الجمال الإبداعي والاجتماعي” على حد قول الشاعر الأديب إدريس الملياني:

الثورات، على العموم، قد تأتي جمالا تارة، وثورة أخرى، وبالا على مختلف أنواع العمل الإبداعي والاجتماعي والأدبي والفكري والفني. الثورة، في كثير من الأحيان، كالهرة الشرسة، المفترسة، تأكل أولادها، وقد تدميهم على الأقل حين تنقلهم من مكان إلى آخر. وهي بالتالي رحم ولود، لحياة جديدة سعيدة، وعقيم، تأتي على الأخضر واليابس، ولا يبقى من نارها وآثارها غير الرماد والهشيم.
ومع ذلك، فالإبداع الإنساني، بشتى مظاهره وصوره، كعناصر الطبيعة والحياة، ماء يخترق الصخر، ونار تحترق لتبدد الظلام، وهواء ينعش الروح ويحيي العظام وهي رميم، وتراب يونع أزهارا وأشجارا ويتألق ألوانا وأضواء، ويتدفق موسيقى وألحانا. وبمعنى أوضح أن البنى الفوقية قد تفوق رفيقاتها، البنى التحتية، روعة وجمالا ونضالا، وتتفوق عليها وتضاهيها، وقد تتأخر عنها في أحايين أخرى… ولا أدل على ذلك من حضارات الشعوب القديمة المتجددة باستمرار الحياة والوجود الإنساني مما قبل التاريخ إلى اليوم.
لا يزال النشيد الأممي، صداحا وفواحا بعرق وألق العمال عبر العالم، في عيدهم الأممي، على الأقل، في فاتح أيار “مايو” مرة كل عام، ومن هاتفي المحمول في كل يوم. والنشيد الأممي، كما هو معلوم، من إبداع الشاعر الفرنسي أوجين بوتييه، وهو نشيد “الأممية” الذي كتبه تخليدا لذكرى كومونة باريس البروليتارية “1871” والمترجم إلى لغات العالم، مطلعه العربي: “هبوا، ضحايا الاضطهاد!”، تعجبني منه الترجمة الروسية، التي ظلت النشيد الوطني لعموم الاتحاد السوفييتي بين 1917 و1944 ثم استبدل بالنشيد السوفييتي. وهو أيضا النشيد الأممي الرسمي لعديد من الأحزاب الشيوعية. والكومونة أول ثورة عمالية اشتراكية في العالم وهي البروفة الأولى لثورة أكتوبر المجيدة. وفي جميع ربوع الحركات التحررية واليسارية، لا تزال الشيوعية، في أفئدة ثوارها الشرفاء وعلى ألسنة أنصارها الأوفياء، يتغنون بماضي أيامها الآتية ومستقبل أحلامها الماضية والآنية، مهما تكن حلما بعيد المنال، فإن “قيامتها الآن أمس وغدا” على حد عنوان إحدى قصائد ديواني “قيثارة القصب.. ” المكتوب في كوبا وعنها.
يحضر الشعر دائما حيثما وجد الصراع ويلتاع به دائما ويلتمع فيه شرارة وبشارة و”ثورة دائمة” على حد عنوان هذا السفر التروتسكي..
الشعر كان دائما ديوان الحماسة والسياسة والمؤانسة والإبداع والإمتاع والإشباع والإرواء الإنساني، سواء كان رحيقا أم حريقا… فهو لسان وديوان الإنسان فوق أية أرض وتحت كل سماء، ولو استجاب العالم كله لجمال أنواع الإبداع الإنساني لكانت الحياة العليا على هذه الأرض أجمل وأفضل حالا ومآلا من دنيا الحياة الحقيرة.
ليس الشعر ديوان العرب إلا لأنهم لم يكن لهم علم غيره على حد قول اللسان العروبي الجميل والطويل أيضا. العرب أقل شعوب الأرض حبا للشعر واحتفاء بالشعراء والشاعرات والإبداع عموما. في جميع ربوع الاتحاد السوفييتي على سبيل المثال والجمال: يصعب حصر ما كان يحظى به آل البيت الشعري والفني والجمالي والنضالي وأهل كل أنواع الإبداع رجالا ونساء وأطفالا من احتفاء يومي: فالموتى أحياء، في النصب التذكارية المقامة لهم في الحدائق والمتاحف والساحات، وذكراهم خالدة على خشبات المسارح وشاشات السينما واللوحات والأغاني وبكل مكان ولسان، وفي كل يوم توضع الأزهار والورود حية وندية، نابتة في الأصص والأواني، على قاعدة التماثيل ولا ترفع حتى توضع أخرى… بينما في “بلاد العرب أوطاني” يعيش آل البدعة الممتعة والمتعة المبدعة، أحياء أم موتى، شهداء في ذاكرة النسيان والفقد والضياع والحرمان وهلم شرا..
وهكذا، فالثورات، كما قلت، قد تكون جمالا وبردا وسلاما على الأعمال الإبداعية والاجتماعية وقد تأتي وبالا عليها. ولكن، إذا كان هناك من ذنب، فالثورات بريئة منه براءة الشعر أيضا من التبعات، سواء كان إمعة تابعا لها أم ثائرا متمردا عليها، أو واكبها وتغنى بها أو ناصبها العداء.
كان الشعراء والشاعرات، في روسيا، عشية ثورة أكتوبر، من مناصريها وعرافيها، المبشرين والمستبشرين بها، وغداة اندلاعها واندفاعها، انقسموا بين مستبشرين بها ومستطيرين منها. وفي طليعة المناصرين المبشرين والمستبشرين على سبيل المثال والجمال الشعراء ماياكوفسكي وألكسندر بلوك ويسينين وغيرهم شتى.. وحتى الشعراء والكتاب الذين لم يحملوا “البطاقة الحزبية” مثل ماياكوفسكي ظلوا أوفياء لروح الثورة البلشفية وحب الشعب السوفييتي قائلين بلسان الشاعر يفتوشينكو وعنوان قصيدته الشهيرة “اعتبروني شيوعيا”. وسرعان ما شع الشعر والفن والجمال على العالم من جميع ربوع “الإسيسير” – الاتحاد السوفييتي بألسنة كل شعوب الجمهوريات الخمس عشرة التي يحلو لي أن أسميها بخمس عشرة وردة في باقة واحدة.
ومن الجدير بالإشارة والإشادة أيضا ذلك الدور الخلاق والخالد المجيد الذي أدته ثورة أكتوبر الاشتراكية في إنماء ثقافة وفنون وآداب وعلوم وتراث ولغات الشعوب السوفييتية وفي تطورها وازدهارها وانتشارها عبر العالم كله.. لثورة أكتوبر البلشفية يرجع الفضل أيضا في إثراء الآداب والفنون والعلوم سواء في الاتحاد السوفييتي أم في جميع أنحاء العالم. وبفضل منجزات الثورة البلشفية أصبحت لشعوب الاتحاد السوفييتي آدابها وفنونها القومية والعالمية. ولعل أبرز مثال على جمال النضال السوفييتي الذي بفضله أصبح لكيرغيزيا مثلا أدبها الكيرغيزي المستحق وصف العالمية من خلال إبداع ابنها بلسانها الروائي العظيم جنكيز آيتماتوف الأديب السياسي الديبلوماسي سفير بلده الكيرغيزي الصغير والحائز على الكثير من جوائز اتحاده السوفييتي.
وفي المحيط الخارجي للاتحاد السوفييتي من الصعب حصر مختلف تجليات الثقافة السوفييتية في كل أنواع الإبداع الإنساني وقد تحدثت في كتاب لي قيد الطبع بعنوان “من دروس الأدب الروسي وطروس أخرى” عن بعض هذه التأثيرات الأدبية المتبادلة بين الأدب الروسي وغيره كالأدب الغربي بالأخص منها أنه لم يتأثر به فقط بل أثر فيه أيضا، ولم يكن الأدب الروسي مجرد صدى لصوت الأدب الغربي بل نظر إليه برؤية نقدية ندية وودية أيضا.
ومن الصعب كذلك حصر ما كتب عن ثقافة وتراث وآداب العربية والأمازيغية واللهجات، وبمناهج البحث العلمي، وما ترجم منها أيضا، ليس فقط في الجامعات الروسية أو معاهد الاستشراق بموسكو ولينينغراد وطشقند فحسب بل في جميع لغات الشعوب السوفييتية.
وعلى مستوى آخر آني: هذه “ثورات الربيع” التي أضاءت بالأمل المشع ثم سرعان ما باءت بالفشل الذريع، لم تزهر ولم تثمر بعد في الإبداع العروبي اللسان الجميل والطويل أيضا، كمثل الاستقلال لم يجئ بعد الاحتلال في كل “بلاد العرب أوطاني” إلا كشجرة الزيزفون المعروف عنها أنها تزهر دائما ولكنها لا تثمر أبدا، إلا بأضواء النيون، أو كمثل الأزهار والورود الاصطناعية التي لا روح فيها ولا رائحة.
وهنا لابد لي من الإشارة، بأسى، وأسف، وقرف أيضا، إلى الحرب الباردة والساخنة المعلنة على المعسكر الاشتراكي وفكره الشيوعي زمنا طويلا، وقد شاركت فيها الرجعيات العربية الإسلامية والقومية، وحتى جهات عديدة من أحزاب اليمين الوطني واليسار التقدمي أيضا، فضلا عن رجعيات أخرى كثيرة، ثقافية وصحافية، وفكرية وشعرية، وهلم شرا، وبصريخ العبارة: إن معاداة الماركسية اللينينية والشيوعية والاتحاد السوفييتي – كعداء العلمانية اليوم – لا يصب الماء إلا في طاحونة القطب والذئب الإمبريالي. لا أحب تسمية الاتحاد السوفيتي أو المعسكر الاشتراكي بالسابق والبائد، بل أصفه باللاحق وهو حقا على وشك أن ينبعث من الرماد كطائر السمندل والعنقاء بغض النظر عن اسم هذا “السيوز” – الاتحاد الوليد الجديد.
لم يصب “الإسيسير” – الاتحاد السوفييتي بداء داخلي أو خارجي فقط بل ذبحه أيضا من الوريد إلى الوريد كل أعداء الحرية والديموقراطية والاشتراكية والشيوعية والحياة والجمال والإبداع، ومن هؤلاء الأصدقاء الألداء للاتحاد السوفييتي والأعداء الأوداء للقطب والذئب الإمبريالي، أي الرجعيات العربية بسيفيها الإخوانجي والقومانجي، على الصعيد الحكومي الرسمي، والشعبي والحزبي، والثقافي والصحافي، طوال الحروب الباردة والساخنة المعلنة عليه، وما ذلك إلا لسبب بسيط هو أن الإخوان المظلمين والعربان الغربان العميان بين الصحراء والماء، لم يحسنوا التمييز، في أي عصر، بين العدو اللدود والصديق الودود؛ بل كانوا وما زالوا على مدى الآلام والأيام يعتبرون الصديق لدودا والعدو ودودا، بل إن اللسان العروبي الطويل يجعل الخل الوفي ثالث المستحيلات بعد الغول والعنقاء، كالوحش الظلامي يرى الكرة الأرضية كلها حجرة للتيمم أو قضاء الحاجة، والبشر كلهم بهائم أو غنائم أو حريما إلخ وهلم شرا. ولن تكشف أية غمة عن هذه الأمة – الأمة (بضم وفتح الهمزة) ما لم تعرف نفسها بنفسها وما لم تسارع إلى نقد ذاتها وإنقاذها من “جهلها” الذي جعلها أضحوكة وهزأة بين الأمم والشعوب، طوال جاهلياتها الأوليات والتاليات والحاليات، قبل قول الشاعر حسان بن ثابت الأنصاري عن أنسابها: مهاجنة، إذا نسبوا، عبيد! وبعد نداء أبي الطيب المتنبي: يا أمة ضحكت من جهلها الأمم! وفي ديوان ولسان العرب الجميل والطويل المزيد لمن يريد أن يقرأ عن أوهام هذا العقل العروبي الخرافي، الذي يستلذ “جور بلاده” ويستعذب “بخل أهلها” على حد هذا القول السادي والمازوشي الغريب والرهيب بلسان أمير الشعراء:
بلادي وإن جارت علي عزيزة،
وأهلي وإن ضنوا علي كرام!
فتبا لهذا “الظلم العزيز” وسحقا لهذا “الكرم البخيل” ومحقا لهذا “العقل” الظلامي المترحم حتى على أرواح المستبدين الطغاة والقتلة والمجرمين والحاكمين من الإخوان المظلمين، ولا “يذكر بخير” قتلاهم وضحاياهم الأبرياء من الأقارب والأجانب!
غريب أمر هذا اللسان العروبي الجميل والطويل أيضا: حين كان الاتحاد السوفييتي على قيد الحياة ناصبته الرجعيات العربية القومية والإسلامية والوطنية والتقدمية والحكومية الرسمية والحزبية والشعبية – العداء، رغم ما أغدقه عليها من نعم في مجالات شتى يضيق المجال عن الخوض فيها، كبناء السدود والمنح الدراسية والجوائز والوفود والانتصار في حرب رمضان، ثم سرعان ما قلبوا ظهر المجن للصديق اللدود “الشيوعي” ومدوا الأيدي للعدو الودود الإمبريالي والصهيوني، وما زال اللسان العروبي الطويل يكيل الثناء للعدو الودود والهجاء للصديق اللدود وهلم شرا.
وإلى عهد غير بعيد كانت “بلاد العُرب أوطاني” غاصة بالمراكز الثقافية السوفييتية والأسابيع السينمائية والمعارض والعروض الفنية وبروائع المطابع والكنوز الصادرة عن دور نشرها مثل “دار التقدم” خاصة بالأعمال الإبداعية الخالدة لعباقرة وعمالقة الآداب الروسية والسوفييتية والصحف والمجلات الثقافية مختلفة اللغات والمجالات الأدبية والفنية والعلمية التي كانت مراجع دراسية أساسية لأساتذة وتلامذة التعليم الثانوي وطلبة البحث العلمي الأكاديمي، ولم تمح بعد أسماؤها من ذاكرة القراءة والتلقي. كانت ثقافة الاتحاد السوفييتي تملأ العقول نورا وجمالا، ولم تكن تشحنها بثقافة الدمار الشامل الظلامية بالقنابل السامة والمتفجرات والعبوات والأحزمة الناسفة قبائل وشعوبا شتى.
والخلاصة من كل ذلك أن العربان الغربان والعميان والإخوان المظلمين لم يروا بعد – ولم يريدوا أن يروا – من الحياة العليا غير دنيا الحياة الحقيرة، لأنهم لا ينظرون حتى هنا والآن أبعد من أرنبة الأنف إلا قليلا أكثر جدا ولا يبصرون من النضال إلا كن قاتلا أو قتيلا. ورغم أن القدر استجاب مرارا وتكرارا لم يريدوا من الحياة العليا إلا دنيا الحياة. ولم يهتدوا بعد على سبيل المثال لا بنضال الشاعر إيليا أبي ماضي: “كن جميلا تر الوجود جميلا”، ولا بجمال كاتب “الجريمة والعقاب” دوستويفسكي القائل على لسان بطله  “الأبله” الأمير ميشكين: إن “الجمال وحده ينقذ العالم”! – طولكا كراساطا سباسيوت مير! –

لم تندلع بعد في كل “بلاد العرب أوطاني” أية ثورة، وإذا ما اندلعت يوما فهي ليست إلا فورة غضب، جياشة، ومجيشة، مبتورة الرأس، القيادي، وموتورة العقب، القاعدي، وبتعبير شعبي “مطايفة” و”مقاتلة” ومهما تتعدد أسبابها وألقابها فالموت فيها واحد، ولا تزال القدور تفور ولا يعرف ما يطبخ فيها حتى الطهاة الدهاة أنفسهم. وما هي بالتالي إلا محرقة وأتون وجحيم والناس فيها وقود و”حصب” وهشيم “وما الحرب إلا علمتم وذقتم” طوال الجاهليات الأوليات والتاليات والحاليات.
على المستوى الاجتماعي والإبداعي لم تثمر نضالا جميلا، ولم تزهر جمالا بديلا، ربما يحتاج الإبداع، كما يقال، إلى وقت، ولكن، متى أتى هذا الوقت لا يعود بحاجة إلى ذلك العمل الإبداعي والاجتماعي المؤجل باستمرار والمتأخر عن زمنه دائما، تماما كذلك الحمار “الروائي” الذي قيل عنه إنه لا يأكل إلا من عشب المرعى البعيد، وإذا ما وصل إليه لا يأكل إلا من مراعي أخرى بعيدة، ولو اقتدى به “حمار الإبداع” لنفق جوعا طبعا!
لا أدري لماذا لم تنضج الجلود بعد على أية نار؟ رغم أن الأزمة تنضح دائما ولا تنتج دائما إلا أزمة أخرى… في طبعة جديدة منقحة ومزيدة. وهكذا دواليك، كما كتبت على لسان شيخنا أحمد زروق عليه السلام:
.. ما الحقيقة إلا الكذب
هذه الحرب ليست لنا
بل علينا جميع الحروب التي
نشبت والتي لم تشب
حطب نحن ما نحن إلا حطب!..
وهكذا، لا يزال يرانا ساستنا، خيولا، وقادتنا، اصطبلا، وبعض الفرسان من مفكرينا غير ناضجين بعد لأي شيء، حداثي وديموقراطي وعلماني على سبيل الأسف، وليس إلا أن نظل أصواتا، للهتاف والتصفيق، وأوراقا ترمى في صناديق الاقتراع والالتياع بالخوازيق التي لا نزول ولا راحة منها أبدا على حد قوله تعالى: “سنرهقهم صعودا”.
ولكن، رغم غياب “ثورة ثقافية” – أو خرافية – وإلى حين قيامة الـ “إنتيلليغينتسيا” الطليعية، الفكرية، الثورية، من مواتها وسباتها الطويل، لا يزال المفرد قائما دائما بدور منتهى الجموع الغفيرة، في مجالات شتى، وبالتالي، فالمجلات الثقافية المذكورة في السؤال، يمكن اعتبارها تماما، جبلا “كرملا” و”نهجا” و”طريقا” و”أنفاسا” و”آفاقا” و”أقلاما”، وكثيرا ما أنارت وأثارت ميادين وساحات، وشفت غليلا وقروحا وجراحات، وعلى صفحات هذه المجلات اندلعت “ثورات ثقافية” حقيقية، كانت حافلة حقا بالمتعة المبدعة والبدعة الممتعة بجمال النضال ونضال الجمال الإبداعي والاجتماعي والإنساني.
عندما صدرت “أقلام” و”آفاق” و”أنفاس” كنا بعد شبابا وتلاميذ وطلابا، من الأدباء والكتاب والشعراء الشباب، ومن لم ينشر إنتاجاته المبكرة فيها، نهل من منبعها العذب، ومن إبداعها الجمالي والنضالي. وفي رحاب كلية الآداب كان انخراط جيلنا الستيني في اتحاد الكتاب، يوم كانت عضوية اتحاد الكتاب توهب أكثر مما تطلب، من أجل تغيير ميزان القوى داخله وترجيح كفة تيار اليسار التقدمي. في تلك الحقبة الستينية الخصبة بالعطاء والعناء والغناء، عرفت الإبداعات المبكرة، للكتاب الشباب، طريقها إلى الانتشار عبر الصحف الوطنية والتقدمية، قبل نشرها في “آفاق” اتحاد الكتاب، بل أصدر بعض الشباب الكتاب في ذلك العقد الستيني، مجلات ثقافية، وكتبا أدبية، ومجاميع شعرية وقصصية، يوم كانت الدواوين المطبوعة معدودة على رؤوس أصابع اليد الواحدة أو اليدين والقدمين على الأكثر. في مطلع الستينيات، كان تأسيس جمعية “رواد القلم” التي كنت أحد أعضائها، بُعيد تأسيس “اتحاد كتاب المغرب العربي”، وكانت أنشط منه وتستدعي الكثير من أعضائه البارزين إلى أمسياتها الشعرية والقصصية وندواتها الفكرية وأنشطتها المتنوعة. كانت الجمعيات الثقافية، إحدى البحيرات العميقة الصافية المياه، والنقية الهواء، التي سبحت فيها كل الطلائع المؤسسة والمكرسة والمدرسة للحداثة الأدبية والشعرية الرائدة والجديدة، المتصالحة الأجيال والمتلاقحة التجارب والأشكال واللغات والآمال.
ولا تزال مجلة “آفاق” اتحاد الكتاب منبرا منيرا، حافلة ورافلة في الحلى والحلل القشيبة. وكذلك كانت “أنفاس” وغيرها من المجلات المغربية سابقا ولاحقا نوافذ مشرعة ومشبعة ومشربة بالبدعة الممتعة والمتعة المبدعة الشائعة من جمال النضال ونضال الجمال الإبداعي والاجتماعي والإنساني.
ومن ذلك القبيل الجميل مجلة “التعاون الوطني” حين نشرت لي إحدى القصائد العمودية المبكرة، مزينة برسوم جميلة، في وصف “عودة الربيع” أغدقت علي ربما لأول مرة لقب “الشاعر الأستاذ..” لا لشيء أو شعر إلا لأن القصيدة العمودية الموزونة والمزدوجة القافية الهمزية كانت توحي بأن كاتبها لا يمكن أن يكون إلا “شاعرا أستاذا..” وليس شابا تلميذا في السلك الثاني من الثانوي. مطلعها:
عادت الطير في الفضا للغناء
بعد عزف الرياح والأنواء
وفي خاتمتها:
فإذا السلم حل في الغبراء
بعد حرب العناصر العمياء
وإذا الحسن ماثل للرائي
يتجلى في سائر الأشياء!
“يونيو 1964 والقصيدة مصورة في ديواني “قيثارة القصب ويليه أزهار أولى، دار الثقافة 2011”. وقد كان ذلك قبل سنة الشهادة “الباكالوريا” و”الثورة المارسية” المجيدة “23 مارس 1965”. وفي مطلع هذه السنة “يناير 1965” قبل شهرين من هذه الملحمة كُتبت إحدى تلك “الأزهار الأولى” بعنوان “من أجل سعادة الآخرين” جاء في بيتها المدور الأخير:
وكفانا مجدا وفخرا بأنا
اليوم نشقى ليسعد التعساء!..
وقد كانت منشورة في مجلة ثانوية “الأزهر” المضروبة بالآلة الكاتبة والمسحوبة بآلة “الستنسيل” وفي جريدة “الكفاح الوطني” – 14 مايو 1965 – والديوان المذكور. ولعل من دواعي فخر وسرور جيلي الستيني من الشعراء التلاميذ الشباب أنه لم يكن فقط ناشطا في “وداديات تلاميذ” واتحاد الطلاب “ا و ط م” و”رواد القلم” فحسب بل مناضلا “من أجل سعادة الآخرين” بجمال النضال ونضال الجمال الإبداعي والاجتماعي.
ومن المشرق العربي أشرقت على “المغرب الذهبي” مجلات ثقافية كثيرة ولاسيما من لبنان أهمها “شعر” و”حوار” و”الآداب” وغيرها من المنابر الثقافية التي كان لها فضل السبق والقدح المعلى في انتشار الفكر الثوري الأممي والقومي والإبداع الأدبي والفني، ومنها على سبيل الذكر الحسن والعرفان لها بالجميل والجمال النضالي والنضال الجمالي “النهج” لسان الأحزاب الأممية و”الطريق” لسان الحزب الشيوعي اللبناني و”الكرمل” التي تحمل اسم الجبل الفلسطيني وكانت حقا مجلة شامخة وباذخة جمالا ونضالا بإدارة الشاعر الإنساني العظيم الرفيق العزيز محمود درويش.
وهنا، يطرح السؤال الملح: لماذا كل حزب لما لديه فرح؟ ولماذا تتعدد المرايا والوجه واحد؟ هل من الضروري أن يرى الوجه الواحد في مرايا عديدة وليس في مرآة واحدة؟ وإذا أراد زائر أجنبي الاطلاع على أخبار البلاد والعباد هل عليه دائما أن يقتني جميع صحف أحزابها وليس من خلال صحيفة وطنية واحدة؟ لماذا لابد أن تتعدد المنابر لاسيما السياسية ليس تبعا لتعدد القضايا والرزايا وزوايا النظر إليها بل تبعا لتعداد سكان البلاد شيعا وسننا وفتنا وأحزابا وأنسابا وقبائل شتى؟ ولم تتعدد بالتالي منابر السياسة والثقافة إلا لأن أهلها وقبائلها لم يخرجوا بعد من “مقدمة ابن خلدون”. و”متى نخرج من مقدمة ابن خلدون؟” هو عنوان كتاب لي قيد الطبع عن بعض قضايا ورزايا ما يسمى “الربيع العربي”.

في بادئ الشعر ومنذ زهرة الشباب أحببت عاصمة الحلم والحب والنضال والجمال موسكو الروسية والسوفييتية. قبل أن أزورها رأيتها في جمال ونضال شعبها الروسي السوفييتي، من خلال أدبها الكلاسيكي القومي والأممي، وحبها لكل أنواع الإبداع الإنساني.
كانت الأدبيات الماركسية اللينينية البوصلة المرشدة والمنارة الهادية إلى النضال من أجل جمال الحياة العليا التي لم تر منها بعد كل “بلاد العرب أوطاني” إلا الحياة الدنيا الحقيرة.
وعن طريق الأدبيات الروسية، المترجمة إلى العربية، أحببت كذلك اللغة الروسية، التي حفظت منها كلمات قليلة وجميلة، سرعان ما دفعتني إلى دراستها في مركزها الثقافي السوفييتي، الذي تحول فيما بعد إلى مطعم “ماكدونالدز” الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، في العاصمة، حيث دأبت على الذهاب إليها مساء من “الدار البيداء” والإياب منها ليلا مرات عديدة، كل أسبوع، طوال ثلاث سنوات.
ومن ثم تجاسرت على ترجمة بعض النصوص عنها من الشعر الروسي والسوفييتي. كان حبي الأول في الترجمة قصيدة “انتظريني” تضاهي شهرتها رائعتي “إذا الشعب يوما أراد الحياة” للشابي و”سجل أنا عربي” لشاعر المقاومة الفلسطينية الرفيق العزيز محمود درويش، لأنها كانت أغنية لصمود جنود الجيش الأحمر والأمل بالنصر والعودة والحب. وهنا، أحيي بحرارة روح الشاعرة والأم المناضلة الراحلة في القلب ثريا السقاط التي طلبت مني يوما قراءة ترجمتي لهذه القصيدة “انتظريني” في لقاء شعري وقصصي بالمركز التربوي الجهوي “سيبير” الكائن بالحي الحسني، لم يكن طلبها من قبيل الصدف لأنها كانت تنتظر عودة ابنيها صلاح وعزيز من الاعتقال النضالي، وقد لبيت طلبها مغرورق العينين بدموع الفرح والحزن، وكنت أحفظ القصيدة المترجمة عن ظهر قلب وقرأتها مرارا وتكرارا هنا وهناك وحتي على أمواج إذاعة موسكو في رحلتي الأولى إليها برفقة الأستاذ الجامعي الصديق العزيز “ع. ش.” الذي رحل قبل شهور قليلة فلروحه السلام.
لم تكن قصيدة “انتظريني” حبي الأول في الترجمة فقط بل أول ما نشرت من ترجمات أيضا على صفحات جريدة “المحرر” في مطلع السبعينيات، وكانت كذلك ترجمان أشواقي ورسولي إلى الرفيقة العزيزة “ماسكفا” المخلصة الوفاء للصداقة والحب والسلام – “دروجبا، لوبوف، مير!”.
زرتها مرارا ولم يفتر حنيني إليها أبدا وما زلت أتبادل معها رسائل الصبابة والوجد والشوق والحنين والأنين ولم تبرح العين والقلب الذي لم أترك نصفه فيها فقط بل الروح كلها تسبح في مغانيها وتُسبّح بأياديها السابغة البيضاء التي “أعد منها ولا أعددها” على حد قول الرفيق العظيم أبي الطيب المتنبي.
ومهما كتب المرء، المنصف الشريف والنزيه، عنها، لا يمكن أن يرد لها فضلها وفيضها وحظها من آي الجمال وسور الإبداع الإلهي والطبيعي والإنساني، لما لها من شدة الإدهاش والإبهار نورا وضياء وسحرا وبهاء وحسنا وفنا وإبداعا وإمتاعا وإشباعا وإرواء، بما لم تر عين – إلا فيها – ولم يخطر على بال بشر لم يبصر بعد من الحياة العليا إلا دنيا الحياة الحقيرة.
صدقت نبوءة الرفيق المعلم والزعيم العظيم السي علي يعته، إذ قال لي باسما وهو يودعني ويوصيني بألا أنسى مراسلة “بيان اليوم” سائلا ومجيبا: “وهي غادي تجيب لينا شي ديوان جديد؟”..
كان هذا الديوان الجديد هو “زهرة الثلج” – “دار الثقافة 1998” المكتوب الهناك والهنا بين فضاءين وذاكرتين وثقافتين، برؤى “بارالاكسية” روسية وأخرى روحية ونفسية خفية التجلي وجلية الخفاء، تضيق وتتسع العبارة فيها باختلاف زوايا النظر إليها.
ليس من قبيل الصدفة أن يحتوي الديوان على “برولوغ” أو فاتحة واستهلال بعنوان “بروفيل” يدل على ثنائيات الهنا والهناك ثم خمس عشرة قصيدة كعدد الجمهوريات السوفييتية الخمس عشرة المتحدة، إذ كان الديوان سيحمل عنوان: خمس عشرة وردة في باقة واحدة. ولكنه ارتأى الوفاء لهذه الزهرة الثلجية البيضاء التي تخترق قشرة الجليد، كاسمها الفرنسي perce neige والروسي “بّودْسنيجنيك” وبإهداء باقة الديوان إلى “شعراء وقراء الدهشة الأليفة والألفة المدهشة” بوصلة مرشدة في حياة الكتابة وكتابة الحياة ودعوة إلى التحاب على نحو ما جاء في كتاب “سنديانة الشعراء” – ص 200 دار الثقافة 2003″.
وبالتالي، فثمة شيء ما، خفي التجلي وجلي الخفاء، يظل غائبا وحاضرا مؤثرا، وملهما دائما، وكامنا صاعدا من ذاكرة النسيان والوجدان والمخيال والعقل الباطني، ربما هو الحب الذي قال عنه قديما عمر بن أبي ربيعة سائلا ومجيبا:
ثم قالوا: تحبها؟ قلت: بهرا،
عدد النجم والحصى والتراب.
ولكن ماسكفاي هي التي همست ملء روحي، مداعبة ومعاتبة، منذ جئت إليها حزينا أنوء بأشجان شتى: “المستحيل نحققه، حالا، وأما المعجزة، فلا تحتاج إلا لوقت قليل وجميل جدا جدا!” – وببلسم هذه الكلمات الإكسيرية و”الإسيسيرية” كان تضميد جرحي، وشفاء روحي مما عناها، و”تصدير” حبي الروائي الموسكوفي الأول: “ماتريوشكات، عرائس روسية” – “دار دال بدمشق 2015”.
وقد أزهر الحب وأثمر حتى هنا والآن في أكثر من اثني عشر سفرا: شعرا ورواية ومحكيات وترجمات ومقدمات “من دروس الأدب الروسي وطروس أخرى”.
ومع توالي الزيارات والليالي والأيام والآلام والأحلام “تكاثرت الظباء على خراش، فما يدري خراش ما يصيد” من طرائد الخيال وشوارد الجمال!..

للترجمة دائما قيمة مضافة، متراكمة، لأنها عمل إبداعي، حضاري، وإنساني، ومثاقفة، تفك عقدة اللسان، وتشفي من «التقاف والسحور» والخصاء.
في روايتي: «ماتريوشكات، عرائس روسية» مشهد طريف حدث لنا أنا والرفيق محمد بنصديق، في محطة ميترو، حيث تعرفنا إلى «ماتريوشكا» روسية حسناء، ولكنها خرساء، في نهاية اللقاء، تبادلنا معها العناوين، وأضفت أنا رقم هاتفي في غرفة معهدي، فقال ساخرا:
– «خرساء حلت عقدة لسانك. ولماذا رقم الهاتف وهي خرساء؟»
فقلت له:
– «ثمة دائما من ينوب عنا، قراءة أم كتابة!»
وكذلك الترجمة، كتابية كانت أم شفاهية، هي تماما على نحو ما جاء في ديباجة هذا المشهد الروائي:
«ثمة دائما من ينوب عنا، وإلا لما قامت حياة، ولا كتابة، هي أيضا إنابة، عن الآخرين…»
وهناك طرائف أخرى، تحدث دائما، لترجمان أشواق المحبين والعشاق، من الرفاق والرفيقات أيضا، غالبا ما كانت تنتهي بما سميته في خاتمة إحدى مقدمات الترجمات بـ «خيانة الترجمة الأمينة أو أمانة الترجمة الخائنة».
وفي مجال الترجمة عن اللغة الروسية خاصة، أشرت في مقدمات تلك الترجمات إلى كثير من الأسئلة والأمثلة والأدلة عن بعض تلك الأخطاء الصريحة الواضحة الفاضحة والفادحة، التي تتعدى حدود خيانة الترجمة الأمينة أو أمانة الترجمة الخائنة، ناهيك عن أخطاء اللغة والنحو والإملاء، المستشرية في بعضها كالقمل والصئبان، وأخرى، تدعو حتى إلى وجوب عرضها على القضاء، إذا كانت هناك محكمة للبت في جريمة الترجمة والعقاب عليها.
لم أتجاسر على الترجمة في أول الأمر، عن الروسية والفرنسية أيضا، لا لغرض تجاري، ولا لأية أسباب أخرى، سوى الرغبة في تقاسم المتعة المبدعة والبدعة الممتعة النابعة من جمال الإبداع الروسي، والشائعة أيضا في جمال النضال الإبداعي والاجتماعي، على قدر من الحب سواء، لا يفسده تعدد الترجمات، والنظر إلى وجوهها العزيزة، في مرايا عديدة، ولا يفسدها بالتالي غير تشويهها لجمال الوجهين المترجم والأصلي.
ومع ذلك، كنت طالبا خائبا سيء الحظ، ضحية «بيريسترويكا» – إعادة بناء – الرفيق غورباتشوف أوووف! إذ أجهز «الرفيق غوربي» – وهذا عنوان إحدى قصائد ديواني «زهرة الثلج» – على «معهدي الماركسي» وهذا أيضا عنوان قصيدة من الديوان المذكور «فدشنه مع كسنجر وحوله إلى معهد للدراسات الاستراتيجية ولم يعد معهدا ماركسيا تابعا للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي» – بري تسي كا بي سي س – وحرمت بالتالي من مناقشة «أطروحة جامعية» في صيف ذلك العام نفسه الذي أصبح فيه الرفيق غوربي ذاته زعيما خائبا وهو أيضا ضحية بيريسترويكاااه! واحسرتاااه!
هذه «الأطروحة الجامعية» المجهضة هي الصادرة بعنوان «التراجيديات الصغيرة، لبوشكين» عن «دار التكوين بدمشق 2011» وهي دراسة شاملة لأعماله الدرامية الكاملة وترجمة لتراجيدياته الشعرية الصغيرة الست، التي ترجمت ونشرت بعضها في ملحق «البيان» الثقافي ومجلة «آفاق» اتحاد كتاب المغرب، ونشرت تراجيديتان منها في «بستان» صحيفة «أخبار الأدب» المصرية، بل قدمت إحداها في مهرجان المسرح الجامعي.
ولا منتهى لحب «ماسكفا»ي الروسية والسوفييتية التي ألهمتني حتى الآن أحد عشر كوكبا وكتابا صدرت تباعا عن دور نشر مغربية ومشرقية: شعرا ورواية ومحكيات وترجمات ودراسة قيد الطبع بعنوان «من دروس الأدب الروسي وطروس أخرى» وسوف يكون من ضمن محتوياته هذا «الحوار» مع مجلة «التحرر» الغراء والحمراء، التي لها ولجميع الرفاق والرفيقات فيها رقيق وعميق الشكر والتقدير بكل ألوان الامتنان والعرفان بالجميل والجمال النضالي ونضال الجمال الإبداعي والاجتماعي وهوووراه!!

Related posts

Top