في ذكرى رحيل ندير يعته

الفقيد ندير يعته يعد من ضمن الصحفيين المتميزين في سجل هذه المهنة ببلادنا، وامتلك مكانة خاصة في قلوب من عاشره أو عرفه أو قرأ له وتابع مسيرته، وذلك من خلال منجزه المهني ونضاله السياسي، وأيضا من خلال شخصيته الإنسانية وعلاقاته المتشعبة…
لهذا بقي الكثيرون يذكرونه إلى اليوم…
تحل اليوم الذكرى الخامسة والعشرون لوفاة رئيس تحرير:(ALBAYANE)، وعضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ونستعيد ذكراه وشخصيته ومسيرته، لنستحضر  ما تميز به الرجل، ولنسجل كم نفتقد أمثال ندير في مهنتنا اليوم، وكم نحن في حاجة إلى مقومات السلوك المهني والإنساني الذي التزم به ندير دوما.
الراحل عمل دائما بجدية وإخلاص، تميز بالاجتهاد المستمر، وببعد النظر، وبالكثير من الاستباقية.
وبقدر ما كان ندير صحفيا ملتزما، وكاتب عمود مبدع ومجتهد، وأستاذ حقيقي، فهو كان كذلك متواضعا، ويحرص على الألفة والمودة في كل علاقاته الشخصية والمهنية والسياسية والاجتماعية…
العديد من الصحفيين، الذين عملوا معه أو عرفوه، يروون حكايات وذكريات تبرز أن الجلوس معه كان متعة حقيقية، وأنه كان يحرص على إتقان ما يقوم به، وضحى براحته من أجل الصحافة، ومن أجل الصحيفة التي كان يرأس تحريرها.
في بناية هذه الصحيفة وحواليها، كل ركن يحفظ لندير ذكرى، والعديد من الزملاء، صحفيين وتقنيين وعمال، يشهدون على طيبة الرجل وتواضعه ومهنيته…
الرفاق يذكرون ندير في مختلف الحكايات الحزبية، وفي السير الشخصية والإنسانية…
بقدر ما كان الراحل ندير يعته يطرح آراء وأفكارا منفتحة وشجاعة تتعلق بالمهنة، وتروم تطوير الصحيفة الحزبية، وكان في ذلك سابقا لزمانه المهني والسياسي والحزبي، فهو، في نفس الوقت، كان مصرا على أن تكون الصحافة جادة وملتزمة، وتمتلك المصداقية والجودة، وأساسا وضوح القناعات التحريرية والوطنية…
وبالذات في الإعمال اليومي لفعلية هذه الجدلية الدقيقة على أرض الواقع، كان ندير رائدا بالفعل، ومبدعا.
لم يمارس ندير يعته الصحافة من أجل الشهرة، أو من أجل جمع المال، ولكنه كان عبرها يمارس قناعات مبدئية في الحياة…
كان حقا يمتلك شغف وحب الصحافة، وكان يتقن عمله المهني، ويمارسه بصدق، ولهذا أحبه الكثيرون وأعجبوا به.
التجربة المهنية لندير يعته تمثل اليوم درسا للأجيال الحالية من الصحافيات والصحفيين ببلادنا، وعنوانها هو: الشغف، الإتقان، الاجتهاد المستمر، التواضع، الالتزام والمصداقية.
الراحل، فضلا عن تكوينه الأكاديمي القوي، كان مقبلا على القراءة والمعرفة، ولهذا عرف عنه اتساع الأفق المعرفي والسياسي والمهني، والتشدد في الإحاطة بالمواضيع التي يكتب فيها أو يعمل عليها، ولهذا لم يكن غريبا أن يكتسب عموده اليومي «MAIS DIT L’AUTRE»: قوة لافتة وحضورا مميزا لدى القراء من مختلف المستويات.
في هذا العمود الصحفي كانت تحضر شخصية ندير، ويتأسس تميز الكاتب في الأسلوب واللغة والمفردات، وأيضا في المواضيع وزوايا المعالجة والنظر، وفي الآراء والأفكار المعبر عنها…
في الأزمنة الصعبة التي تحياها اليوم الصحافة ببلادنا، وفِي ظرفيات القلق والسؤال، نحتاج إلى العديد من أمثال ندير يعته.
ندير، الراحل مبكرا عن دنيانا، لروحه السلام.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top