في زمن كورونا.. فرحة العيد هي الأقوى!

يحل عيد الأضحى لهذه السنة في ظروف استثنائية، فقد أحكم داء كوفيد 19 قبضته على العالم وسيطرته على مجريات الحياة بكل تفاصيلها، وهو ما زال يأبى إلا أن يخيب انتظارات الناس في أن تعود أيامهم إلى ما كانت عليه قبل الجائحة.
ويأبى زمن كورونا إلا أن يخيم بظلاله مجددا على فرحتنا بـ”العيد الكبير” الذي يعتبره المغاربة أهم مناسبة دينية واجتماعية في السنة، بالتالي فهو أيضا أهم موسم للرواج الاقتصادي على طول العام. هذه الخصوصية والحظوة شكلت سببا رنيسيا في قرار السلطات بالسماح باحتفالات عيد الأضحى قبل أن تعود نفس الجهات لإرباك هذه الاحتفالات بقرار “آخر ساعة” بمنع التنقل بين المدن الكبرى وباقي ربوع الوطن، قرار متسرع وغير مدروس من شأنه أن يضاعف التداعيات الصحية السيئة المحتملة لما بعد العيد، ويحد من الآثار الإيجابية التي كانت معقودة عليه اقتصاديا واجتماعيا.

ولعل الوضع الكارثي الذي ترتب عن قرار منع التنقل والذي شهدته الطرقات ومحطات النقل العمومي ليلة الأحد-الاثنين الماضيين يشكل درسا آخر من دروس زمن كورونا في سياسات تدبير الشأن العام لمن يهمهم الأمر، إذ لم يمنع قرار المنع آلاف وربما ملايين المواطنين من التدفق على الطرقات خلال ساعات قليلة من أجل اللحاق بأهليهم وذويهم الذين كانوا يعتزمون قضاء العيد معهم، مخاطرين بذلك بحياتهم وحياة الآخرين وغير آبهين بإمكانية أن يعصف ذلك بكل الجهود المبذولة لاحتواء الجائحة والتحكم فيها لحد الآن، وهم يحملون المسؤولية لحكومة لم تأخذ بعين الاعتبار أن ملايين المغاربة تعودوا أن يتخذوا من عيد الأضحى عطلتهم السنوية التي يعودون فيها إلى مسقط رؤوسهم لينعموا بدفء اللقاء وفرحة العيد في حضن ذويهم الذين ربما لا يلتقونهم باقي أيام السنة، علما أن ظروف الجائحة زادت من صعوبة الأمر هذا العام مما جعل الكثيرين ينتظرون إلى عيد الأضحى من أجل تحقق اللقاء أخيرا.
من جهة أخرى فإن ما حدث يؤكد على عمق تمسك المغاربة بحبهم للحياة – حتى وإن كان في ذلك مخاطرة بها، ويال المفارقة! – وبقيم اجتماعية وروحية كثيرا ما كما نظن أن الانفلات عنها أصبح أكثر سهولة واستساغة، وكأن قرار ليلة الأحد كان اختبارا مريرا للمغاربة، اختلطت فيه الأسئلة وارتبكت الأجوبة لكن نتيجة الاختبار جاءت واضحة لتدفع واضعي القرارات غبر المحسوبة إلى إعادة حساباتهم من جديد.. فالمغاربة عموما شعب يحترم القوانين والقرارات، لكن احترام القانون ليلة الأحد كانت نتيجته عكسية وثمنه باهظا للأسف!
ورغم مرارة وصعوبة الاختبارات والاختيارات في زمن كورونا، يصر المغاربة على تغليب روحهم الايجابية المتفائلة، حيث نقلت مواقع الأخبار ومنصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضيةـ إقبال المواطنين على شراء الأضحية ومستلزمات الاحتفال بعيد الأضحى، رغم القيود والمكاره الموضوعية التي فرضها الوباء، ورغم الضائقة المالية التي تخيم بظلالها على واقع العديد من الأسر بسبب الجائحة.
ولئن كان اختيار الاحتفال قد يفرض التخفف من احتياطات التباعد الاجتماعي ويحتم المغامرة بالتواجد أكثر في الأسواق وبين تجمعات المواطنين، فإن هؤلاء مطالبون أيضا باستحضار الوعي والمسؤولية الفرديين في ضرورة تشديد الالتزام بالإجراءات الوقائية سواء خلال رحلات التسوق أو لحظات الاحتفال يوم العيد، وذلك للحد أكثر ما يمكن من التداعيات السلبية بالعيد الكبير الذي نأمل أن تكون فرحته هي الأقوى في مواجهة الشروط القاسية لزمن كورونا.

> سميرة الشناوي

Related posts

Top