في عالمك الموازي..

هاجر

حيث هنالك دائما بقعة أمل قابلة للاتساع..
حيث تذوب سحب الكآبة التي تحلق في سمائنا بنظرة واحدة منا نحو الأعلى..
حيث هنالك دائما اتصال متين مع كل العالم حولنا، مع كل الأشخاص..
حيث يصبح لكل شيء معنى..
حيث نكون كما نريد.. نفعل ما نريد.. ونتصرف كما نريد..
حيث نجالس تلك النسخة الجذابة منا والتي لم نتمكن البتة من بلوغها..
وحيث عبارة: «أنا موجود، أنا أريد، أنا أستطيع» دائما ممكنة..
قدرتنا على تكوين الأوهام في عالم حقيقي امتلأ عن آخره بالإحباطات وبخيبات الأمل، يبدو للوهلة الأولى أمرا صحيا وضروريا وهو كذلك. المزج بين العوالم الإدراكية والتمثيلية غدا حاليا شكلا من أشكال الصمود والبقاء.. غدا ركيزة نفسية أساسية، شأنها شأن الخيال، التكيف، الاعتياد والمقاومة وغيرها..
يقول المؤلف الأيرلندي الشهير جورج برنارد شو: «الخيال هو بداية الإبداع، إنك تتخيل ما ترغب فيه، وترغب فيما تتخيله، وأخيرا تصنع ما ترغب فيه».
لا شك أن الخيال يعد أحد أهم دعائم الإبداع، كما أنه والوهم لا ينفصلان عن الواقع كما يعتقد الكثيرون. الخيال لا يأتي من فراغ، بل ينبع غالبا من مكنوناتنا الحسية، من الأنشطة التي تخلفها إدراكتنا اتجاه الأشياء، الأشخاص واتجاه طريقة رؤيتنا للحياة بصفة عامة.
إذا كنت تعتقد أن الخيال مجرد مفر خاص بكل من عجز عن مواجهة قسوة الواقع، فإنك مخطئ تماما..
الخيال قوة اعتبرها أينشتاين تفوق المعرفة من حيث الأهمية. بدون الخيال لم نكن لنحظى اليوم بكل هاته الاختراعات والابتكارات التي تيسر حياتنا، ولم تكن أعيننا لتتمتع بكل ما تجود به أيادي الفنانين الذين يطلقون العنان لخيالهم ليخرجوا عن المألوف ويلمسوا أرواحنا.
وفق العديد من الدراسات، كل ما نتخيله يصبح واقعًا، وكل ما نركز عليه ونؤمن به، نجد طريقنا إليه بطريقة لاشعورية. لكن أحيانا عندما نسقط الخيال على الواقع ويتحول هذا الأخير إلى شبه واقع قد يحدث ثمة خلط كبير.. وقد تتحول حياتنا إلى كابوس مخيف.. خاصة وأن الأوهام أحيانا تحدث نتيجة لتصورات غير واقعية أيضا.. وكأننا نمشي على حبل دقيق يفصل الحقيقة عن الوهم.. بمجرد ما أن يصبح الوهم هوسنا، ينقطع هذا الحبل، فنجد أنفسنا في مأزق كبير.. في صراع عنيف ضد المجهول.. وضد ذلك الجانب النفسي منا الذي يصعب ترويضه..
الوهم مصدر لراحة وجودية كبيرة ولا يمكن إنكار ذلك. إلا أن التحدي اليوم هو كيف لنا أن ننظر أحيانا إلى الحياة من منطق مختلف، جديد وتلقائي دون الاستناد إلى كل تلك الصور والرموز المخزنة في ذهننا التي ترتكز على دعائم الخيال الذي نحصر نفسنا فيه؟ كيف لنا التخلص من ذلك الجانب الذي يقيد فكرنا؟
غير هذا فالخيال هو ما يلون حياتنا، هو ما يمنعنا من الاصطدام بصخور القواعد المحاكة، هو ما يجعل واقعنا مميزا..

بقلم: هاجر أوحسين

Related posts

Top