قانونيون يناقشون دور القضاء في ضمان الحقوق والحريات

قال حسن فتوخ، مستشار بمحكمة النقض، رئيس قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي، يوم الأربعاء الماضي بالدار البيضاء، إن اجتهادات محكمة النقض في صيانة الحقوق والحريات، تؤكدها قراراتها الصادرة، التي تعمل على تكريس عدالة إيجابية متطورة ومتجددة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن محكمة النقض، اعتبرت، مثلا، أن خلو المادة 265 من قانون المسطرة الجنائية من تعيين جهة قضائية للنظر في أوامر وإجراءات التحقيق التي تجري، حسب الفقرة الثانية منها، بنفس الكيفيات العادية للتحقيق، يحتم على الغرفة الجنائية سد هذا الفراغ القانوني، ومد مراقبتها إلى ما ذكر بغاية تقويم أي مس محتمل بالحريات أو بالقانون بما ينسجم مع مهامها الرقابية على المقررات القضائية.
وأضاف القاضي حسن فتوخ في مداخلته، خلال الندوة العلمية المنظمة من طرف محكمة النقض تحت عنوان “القضاء ضمانة للحقوق والحريات” بقاعة خوان غويتصولو، بالمعرض الدولي للنشر، أنه في إطار اجتهادات محكمة النقض دائما، فقد اعتبرت هذه الأخيرة، في مجال الطبع والنشر، أن الأصل هو حرية طبع ونشر الكتب والجرائد والنشرات بعد القيام بالإجراءات القانونية، وأن المنع هو الاستثناء، وكل استثناء على الأصل يجب أن يكون مدعما بما يبرره، موضحا في هذا الصدد، أنه إذا كانت الإدارة غير ملزمة بتعليل قرارتها عند صدورها، فإنها تكون بالمقابل ملزمة بعد الطعن فيها أمام القضاء ببيان الأسباب والدواعي التي حدت بها إلى اتخاذ قرار إيقاف صحيفة أو حجزها أو منعها من الصدور لتمكين القضاء من بسط رقابته.
وفي نفس السياق، وارتباطا بحرية التعبير، أشار حسن فتوخ، أن محكمة النقض اعتبرت أن القذف لا يتحقق إلا بنسبة أمر واقعة معينة إلى الشخص المقذوف على سبيل التأكيد، أما مجرد انتقاد شخص دون توجيه اتهام له بما يشينه فلا يعتبر قذفا، إذ هو مجرد ممارسة لحرية التعبير.
وعلاقة بالحق في الإضراب، أكد القاضي فتوخ، أن محكمة النقض قررت أن مشروعيته تتقررمتى كانت الغاية منه الدفاع عن حقوق مكتسبة ومشروعة للعمال، أما الإضراب التضامني فإنه يهدف إلى الدفاع عن حقوق غير مشروعة للعمال، ويشكل بالتالي عملا غير مشروع، وخطئا جسيما يستوجب الطرد من العمل.
وبخصوص حماية الحق في الملكية العقارية – يضيف المتحدث- اعتبرت محكمة النقض أن الاعتداء المادي على عقارات الخواص من طرف الدولة وغيرها من الأشخاص المعنوية العامة يشكل واقعة مستمرة لفعل غصب ووضع اليد على حق مضمون دستوريا، بالنظر إلى افتقارها للشرعية التي يجب أن تسهر الأشخاص المذكورة على احترامها، وبالتالي فلا يمكنها في نظره، الاحتماء بالتقادم لحرمان أصحابها من الحصول على التعويض عن الضرر اللاحق بهم من جراء اعتدائها المذكور، ورتبت على ذلك دعوى المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج عنه لا تسقط بالتقادم.
ومن جهته، قال حسن بيرواين، نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء، إن المحامين، كانوا في طليعة من ناضلوا من أجل استقلال السلطة القضائية، في وقت لم تكن هناك أي هيئة في المجتمع المغربي تجرأ على رفع هذا المطلب.
وأضاف النقيب، في مداخلته، خلال هذه الندوة العلمية، أن المؤتمرات الوطنية لهيئة المحامين منذ 1962 كانت دائما تضع استقلال القضاء عن السلطتين التنفيذية والتشريعية إحدى مطالبها الأساسية، داعيا الجميع إلى ضرورة استحضار هذا المعطى، المتمثل في الأدوار الطلائعية للمحامين في تكريس مبدأ استقلال السلطة القضائية وتخويل القضاة حق استقلالهم.
وأكد نقيب المحامين، أن القانون أقر باستقلالية القضاء، لكن هذه الاستقلالية تبقى في نظره ناقصة، إذا لم يشمل مبدأ الاستقلالية أيضا، الموارد البشرية والمالية، موضحا في هذا الصدد، أن وزارة المالية باعتبارها تمثل السلطة التنفيذية تتحكم في عدد المناصب المالية المخصصة لقطاع العدل، الذي يشكو من خصاص واضح في عدد الموظفين سيما عدد القضاة الذي يبدو غير كاف لتمكين القاضي من التطبيق العادل للقانون وتجويد أحكامه.
وفي إطار التفاعل مع بعض ماورد في مداخلة نقيب المحامين بالدار البيضاء، أكد القاضي مولاي هاشم العلوي الذي أشرف على تسيير هذه الندوة العلمية، أن المحامين فعلا ناضلوا من أجل استقلال السلطة القضائية وكرسوا ذلك، في بيان مؤتمراتهم الوطنية، في الوقت الذي كان فيه موقف القضاة، لعوامل متعددة، لا يدلون بآرائهم بصفة مباشرة ، إلا أنه شدد على أن استقلال النيابة العامة عن السلطة القضائية يبقى اختيار محض للقضاة.
من جهتها، قالت لطيفة توفيق رئيسة قطب الشؤون القضائية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، إنه لم يعد ممكنا لأي قاض الاحتجاج بعدم استقلال القضاء وأن تكريس الاستقلالية الآن بين أيدي القضاة، سيما بعد التنصيص على الاستقلالية في دستور 2011 وإعلان ميلاد المجلس الأعلى للسلطة القضائية ومؤسسة رئيس النيابة العامة.
وعبرت لطيفة توفيق عن موقفها المؤيد للمحكمة الدستورية الصادر الأسبوع الماضي التي اعتبرت التعديلات التي أدخلها مجلس النواب على مشروع قانون التنظيم القضائي غير دستورية، معتبرة أن هذه التعديلات لا تواكب أن القضاء أصبح سلطة مستقلة.
وخلال المداخلة الثالثة تطرق محمد منير تابت، وهو أستاذ جامعي بكلية الحقوق بالدار البيضاء، إلى القوانين التي يطبقها القاضي، معتبرا أن بعض المواد والقوانين تكون غير مفهومة بالشكل الكافي الأمر الذي من شأنه هضم حقوق العديد من المتقاضين، موضحا أن القاضي حيال هذه القضايا من المفروض أن يستعمل السلطة التقديرية التي تعد الفاصل في ضمان الحقوق والحريات من عدمها.
علاقة بذلك، أكد منير تابت أن القاضي يكون مضطرا إلى تطبيق قوانين صاغتها السلطة التشريعية، تكون في بعض الحالات غير ضامنة للحقوق، لذلك وجب على القاضي، في نظره، أن يطبق القانون تطبيقا عادلا وألا يقتصر على تطبيق القانون فقط.

> حسن عربي

Related posts

Top