قانون لحماية المغاربة من الرسائل الإلكترونية الإشهارية

من منا لا يتوصل، بشكل يومي تقريبا، برسائل قصيرة عبر هاتفه النقال، أو عبر بريده الالكتروني، والتي تعرض منتوجا لإحدى الشركات الإشهارية أو إعلانا بخدمة من الخدمات؟ العديدون هم من يرون الأمر عاديا وطبيعيا. لكن القليلين من لم يعبروا يوما عن انزعاجهم لرسالة من هذا النوع، لا سيما وأن هذه الرسائل قد تأتيك في أي وقت من الأوقات سواء كنت تخلد للراحة أو غارقا في نومك، أو منهمكا في عملك أو قراءتك أوغير ذلك من الأوقات التي لا يمكن لرسالة إشهارية عبر الهاتف النقال إلا أن تكون مزعجة وغير مرغوب فيها.
ومع ذلك فالشركات التي تستغل هذه الآلية الجديدة في الإعلان والإشهار لا تختار الوقت المناسب. فغاياتها وأهدافها التجارية تدفعها لاستغلال هذه الوسائل التي تبقى أقل تكلفة بعشرات المرات من الوسائل التقليدية في الدعاية والإشهار، كالوصلات المبثوثة عبر التلفزيون، أو المذاعة عبر جهاز الراديو، أو المنشورة في الصحافة المكتوبة أو الإلكترونية. ومع الأزمة العالمية التي خلقت انكماشا في جل القطاعات، تضاعف استعمال هذه الوسائل تماشيا مع توجه الشركات والمؤسسات نحو تقليص ميزانياتها الفرعية وخاصة تلك المتعلقة بالدعاية والترويج. هذا الأمر أدى إلى ازدهار تجارة من نوع خاص ” التجارة الإلكترونية” التي بدأت تدر أرباحا طائلة على ممتهنيها والمتخصصين فيها.
ومع ذلك فالقليلون هم من يطرحون على أنفسهم السؤال المتعلق بالجهة التي زودت المرسل بالمعلومات الشخصية للمرسل إليه من رقم هاتف وبريد إلكتروني إلى غير ذلك… خاصة إذا كانت الجهة المرسلة لم تتلق المعلومات الشخصية للشخص المعني مباشرة من هذا الأخير، أو لم يسبق له أن تعامل معها مباشرة في إطار علاقة بيع أو شراء أو تقديم لخدمة من الخدمات.  وفي هذا الإطار لا بد من التذكير بأن المعطيات الشخصية، التي تكون مودعة عند جهات للشخص المعني علاقة تجارية أو خدماتية معها غالبا ما تخضع للقرصنة أو تكون موضوع تحويل لجهات أخرى لا علاقة للشخص المعني بها وهي تجارة ازدهرت عبر العالم.
لكن القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي يقنن معالجة واستعمال المعلومات الشخصية، ويقر عقوبات حبسية ومالية في حق المخالفين لمقتضياته. هذا القانون ينص على أن المعلوميات تبقى في خدمة المواطن ولا يجب أن تمس بالهوية والحقوق والحريات الجماعية والفردية للإنسان كما لا ينبغي أن تكون أداة لإفشاء أسرار الحياة الخاصة للمواطن. وتنص المادة 10 من هذا القانون على أنه “يمنع الاستقراء المباشر بواسطة آلية اتصال أو جهاز الاستنساخ البعدي أو بريد إلكتروني أو وسيلة تستخدم تكنلوجيا ذات طبيعة مماثلة باستعمال بيانات شخص ذاتي، في أي شكل من الأشكال، لم يعبر عن رضاه المسبق عن استقبال الاستقراءات المباشرة بهذه الوسيلة”.  ويعنى هنا بالاستقراء المباشر” إرسال أية رسالة موجهة للترويج المباشر أو غير المباشر لسلع أو خدمات أو بسمعة شخص يبيع سلعا او يقدم خدمات”. غير أن القانون يرخص بالاستقراء المباشر عن طريق البريد الالكتروني إذا ما طلبت البيانات مباشرة من المرسل إليه.
وتوسع المادة 4 من دائرة الأعمال التي يجرمها هذا القانون حيث تشمل أيضا “معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي إلا إذا كان الشخص المعني قد عبر، بما لا يترك مجالا للشك، عن رضاه من العملية أو مجموع العمليات المزمع إنجازها”. وتستثني المادة المذكورة من ضرورة توفر الرضى ” المعالجة الضرورية لتنفيذ عقد يكون الشخص المعني طرفا فيه، أو لتنفيذ إجراءات سابقة للعقد تتخذ بطلب من الشخص المذكور”. وينص القانون على عقوبة الحبس من 3 أشهر على سنة وغرامة من 20.000 درهم إلى 200.000 درهم أو بإحدى العقوبتين كل من خالف أحكام هذه المادة.
غير أنه يمكن للأشخاص المنزعجين من هذه الرسائل الإلكترونية أو عبر الهاتف النقال أو من المعالجة للمعطيات الشخصية أن يطلبوا من الجهة المرسلة توقيف هذه العملية والاعتراض عليها، بل و يمكنه متابعة تلك  الجهات في حال لم تكترث بطلب التوقف عن الإرسال. وفي هذا الإطار تمنع المادة 10 من القانون المذكور إرسال الرسائل الالكترونية هذه دون الإشارة إلى بيانات صحيحة يمكن أن تعين المرسل إليه على إرسال طلب توقيف هذه الإيصالات دون صوائر غير تلك المرتبطة بإرسالها. كما يقع تحت طائلة أحكام  المادة 59 التي تنص على عقوبة الحبس من 3 أشهر إلى سنة وغرامة من 20.000 درهم إلى 200.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من قام بمعالجة معطيات ذات طابع شخصي تهم شخصا ذاتيا رغم تعرضه على ذلك.  

عبد الحق ديلالي

Related posts

Top