قراءة في القانون 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين -الجزء الثالث والأخير-

ثالثا: مدة العمل الراحة الأسبوعية والعطلة السنوية أيام العطل

مدة العمل: 48 ساعة في الأسبوع.
بالنسبة للأجراء المتراوحة أعمارهم بين 16 و 18 تحدد مدة العمل في 40 ساعة في الأسبوع (المادة 13).
الراحة الأسبوعية لا تقل عن 24 ساعة متصلة مع إمكانية الاتفاق على تأجيلها في أجل لا يتعدى 3 أشهر ( المادة 14)
تخصيص أحكام خاصة بالأم العاملة.. استفادتها من أوقات للرضاعة ( المادة 15)
العطلة السنوية بعد قضاء ستة أشهر متصلة تساوي يوم ونصف يوم عن كل شهر
الاستفادة من العطل الدينية والوطنية ( المادة 17)
الاستفادة من رخص التغيب ( المادة 18 )

رابـعـا : الأجر

الأجر لا يقل عن 60 في المئة من الحد القانوني للأجور المعتمد في القطاع الصناعي والتجاري والمهن الحرة (المادة 19)
لم يقم القانون 19.12 بتعريف الأجر شأنه شأن مدونة الشغل التي لم تقم بتعريف الأجر عكس بعض التشريعات (16) والاتفاقيات الدولية (17) .يلاحظ من خلال المادة 19 التي خصصها المشرع للأجر أنها اشترطت أن يكون الأجر عبارة عن مبلغ نقدي ولا يمكن أن يكون في جميع الحالات اعتبار المزايا التي يستفيد من منها العامل المنزلي كالطعام والسكن ضمن مكونات الأجر النقديK لكن المشرع لما حدد مبلغ الأجر في حد أدنى لايقل عن نسبة 60 في المئة من الحد الأدنى للأجور المعتمدة في الميدان التجاري والصناعي والمهن الحرة يكون في حقيقة الأمر وبشكل ضمني اعتبر المزايا التي قد يستفيد منها العامل المنزلي كالمسكن والأكل من عناصر الأجر وإلا فما الذي يبرر جعل الأجر في حدود نسبة 60 في المئة من الحد الأدنى للأجور( 18) ، مادام أن ما يقوم به العامل المنزلي قد لا يكون أقل أهمية ومشقة من باقي الأعمال الأخرى الذي قد يقوم بها باقي الأجراء في الميادين الأخير خصوصا الفئات الخاضعة لأحكام مدونة الشغل.
وبخصوص زمان الوفاء بالأجر، فالمادة 19 من القانون 19.12 جعلته محددا عند انتهاء كل شهر مالم يتفق الطرفان على خلاف عكس المادة 363 من مدونة الشغل التي اشترطت أن يتم الأجر بالنسبة للعمال على الأقل مرتين في الشهر تفصل بينهما مدة أقصاها ستة عشر يوما وبالنسبة للمستخدمين أجرهم مرة في الشهر على الأقل.
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن، أن أالمشرع النمساوي يفرض على المشغل أن يقوم بتوفير وضمان الغداء للعامل المنزلي من نفس الطعام الذي يتناوله صاحب المنزل؛ كما يفرض كذلك على صاحب البيت أن يقوم بتهيئة غرفة خاصة بالعامل المنزلي، وهو أمر لم ينظمه المشرع المغربي من خلال القانون 12.19 ؛
المادة 20 خصم الأجر عن كل يوم تغيب (المادة 20)
تعويض عن الفصل بشرط الاشتغال سنة من الشغل الفعلي لدى نفس المشغل ( المادة 21 ) وفق نسب المحددة في المادة ويحتسب مدة الشغل الفعلي من تاريخ دخول هذا القانون حيز التنفيذ.
لكن ما يلاحظ في هذا الصدد، أن المشرع ترك فراغا تشريعيا من شأنه أن يثير العديد من الإشكالات في المستقبل بحيث أنه لئن كان قد أقر حق العامل المنزلي في التعويض عن الفصل، فإنه لم يتناول أسباب انتهاء عقد الشغل ومتى يكون الفصل مبررا لا يستحق عنه الأجير أي تعويض ومتى يكون الفصل تعسفيا وما هي الأخطاء التي تعتبر جسيمة ؟ وهل يمكن القياس عل الأخطاء الجسيمة التي نصت عليها مدونة الشغل ؟ وما هي مسطرة الفصل ؟ .
كما يتضح أن المشرع من خلال المادة أعلاه أنه اشترط سنة من الشغل الفعلي لكي يكون العامل المنزلي مستحقا للتعويض عن الفصل وهي مدة نواها طويلة ولا تحقق نوع من الحماية بالمقارنة مع ما كرسته مدونة الشغل في هذا الصدد بحيث نصت على مدة 6 أشهر( 19) .

خامسا: المراقبة والعقوبات

منح جهاز مفتش الشغل صلاحية المراقبة والصلح ( المادة 22 )
يتضح من خلال المادة 23 أن المشرع خول لجهاز مفتش الشغل (20) دور الرقابة على حسن تطبيق مقتضيات هذا القانون، كما خول له دور القيام بالصلح بين العامل المنزلي ومشغله بحيث يتضح أنه نحى نفس التوجه الذي سارت عليه مدونة الشغل بخصوص جهاز مفتش الشغل، إلا أن ما يعاب على المشرع بخصوص منحه لجهاز مفتشي الشغل هذه المهام الجدية وهو كأن المشرع لا يعلم بواقع هذا الجهاز وما يعانيه في ظل الاختصاصات المناطة به بمقتضى مدونة الشغل التي لا يختلف أحد حولها والمتمثلة أساسا في قلة عدد مفتشي الشغل مقارنة بالمقاولات والاختصاصات المسندة لهم بموجب المدونة، بحيث أن ذلك يجعل هذا الجهاز في حقيقة الأمر لا يقوم بالدور الرقابي الذي يستوجب الانتقال إلى المقاولات ومراقبة مدى توفر شروط اشتغال الأجراء خصوصا ما يتعلق بقواعد حفظ الصحة والسلامة .
بحيث يتضح على مستوى الواقع أن دور هذا الجهاز يبقى حبيس تلقي الشكايات من الأجراء غالبا و العمل على محاولة الصلح دون المهام الأخرى.
هذا في ظل الأوضاع القائمة التي يعانيها هذا الجهاز في ظل أحكام مدونة الشغل والتي يعتبر الطرف الضعيف الأجير هو المتضرر الأول منها، فما بالك أن يقوم المشرع بإضافة مهام جديدة بمقتضى هذا القانون وما يميزه من خصوصية مادام أنه يتعلق بعمل منزلي؛
العقوبات نوعان غرامة تتراوح بين 500 درهم و 30.000 درهم
العقوبات الحبسية من شهر إلى ثلاثة أشهر ( المواد 23 و 24 و 25 )
يتضح من خلال المواد التي خصصها المشرع للعقوبات، أن المشرع فرض الغرامة كعقوبة أصلية وأن العقوبات الحبسية لم يجعلها إلا في حالة العود أو حالة تكرار المخالفات المفروضة عليها الغرامات كعقوبة.
دخول هذا القانون بعد سنة تاريخ نشر النصوص القانونية اللازمة لتطبيقه ( المادة 27).
هذا وتتعين الإشارة أن مشرع هذا القانون أغفل بقصد أوعن غير قصد حق العمال المنزليين في الحرية النقابية والحق في التنظيم النقابي
في حين أن ذلك مخول بموجب الدستور المغربي، الذي نص في الفصل 8 منه على أنه “تساهم المنظمات النقابية للأجراء والغرف المهنية والمنظمات المهنية للمشغلين في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها وفي النهوض بها ويتم تأسيسها وممارسة أنشطتها بحرية وفي نطاق احترام الدستور والقانون …..” كما أنه مقرر بموجب الاتفاقية رقم 189 المتعلقة بالعمل اللائق للعمال المنزليين. (21)
عدم التنصيص على حماية الأطفال والعاملات المنزليات من العنف والتحرش الجنسي.
وأنه بذلك ومن خلال كل ما سبق نلاحظ أن المشرع المغربي من خلال القانون موضوع الدراسة وعلى الرغم من جميع المؤاخذات لتي سجلناها على هذا القانون فإنه وبشكل عام تبقى خطوة محمودة خطاها المشرع المغربي في مجال التشريع وفي مجال حقوق الإنسان.
* دكتور في الحقوق
محام بهيئة الدار البيضاء
الكاتب العام لجمعية المحامين الشباب بالدارالبيضاء

الهوامش:

16 – عرف قانون العمل المصري بأن” كل ما يتقاضاه العامل لقاء عمله نقدا مضافا إليه جميع العلاوات أيا كان نوعها .
17 – عرفت المادة الأولى من اتفاقية الشغل العربية رقم 15 لسنة 1983 بأنه” يقصد بالأجر كل ما يتقاضاه العامل مقابل عمله بما فيه العلاوات والمكافآت والمنح والمزايا وغير ذلك من متممات الأجر”
18 – عرفت المادة 358 من مدونة الشغل الحد الأدنى القانوني للأجر بأنه “يقصد بالحد الأدنى القانوني للأجر القيمة الدنيا المستحقة للأجير والذي يضمن للأجراء ذوي الدخل الضعيف قدرة شرائية مناسبة لمسايرة تطور مستوى الأسعار والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير المقاولة”
19 – تنص المادة 52 من مدونة الشغل على أنه “يستحق الأجير المرتبط بعقد شغل غير محدد المدة تعويضا عن فصله بعد قضائه ستة أشهر من الشغل داخل نفس المقاولة بصرف النظر عن الطريقة التي يتقاضى بها أجره وعن دورية أدائه”
20 – قبل صدور المدونة كان ظهير 2 يوليوز 1947 وظهير 24 أبريل 1973 المصدران الرئيسيان المحددان لاختصاصات ولمهام أعوان مفتشية الشغل فإنه وبعد الغائها بموجب مدونة الشغل صارت مقتضيات المدونة هي المصدر الأساسي لاختصاصات ولمهام مفتشي الشغل وعموما يمكن القول بأن هذا الجهاز تسند له تطبيق السياسة المسطرة من قبل السلطة الحكومية في مجال الشغل والاستخدام ومراقبة مدى تطبيق قواعد قانون الشغل واحترامها من قبل الأطراف المعنية والعمل على تحسين ظروف وشروط العمل داخل المؤسسات الخاضعة لقانون الشغل وتنشيط ومراقبة وتنسيق أعمال الوزارة الوصية للتوسع أنظر عبد اللطيق خالفي مرجع سابق الصفحة 135.
21 – تنص المادة 396 من مدونة الشغل على أنه تهدف النقابات المهنية بالإضافة إلى ما تنص عليه مقتضيات الفصل الثالث من الدستور (الذي يقابله الفصل 8 من الدستور الحالي) إلى الدفاع عن المصالح الاقتصادية والاجتماعية والمعنوية والمهنية الفردية منها والجماعية للفئات التي تؤطرها وإلى دراسة وتنمية هذه المصالح وتطوير المستوى الثقافي للمنخرطين بها كما تساهم في التحضير للسياسة الوطنية في الميدانين الاقتصادي والاجتماعي وتستشارفي جميع الخلافات والقضايا التي لها ارتباط بمجال تخصصها.

< بقلم: د.يـوســف حــنـان *

Related posts

Top