قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي وآليات التنفيذ: حتى نكون

هل جاءت دورة المجلس المركزي “دورة الخان الأحمر والدفاع عن الثوابت الوطنية” مختلفة عن الدورات السابقة؟ هل كان هناك أثر ملموس لقرارات المجالس المركزية السابقة وقرار المجلس الوطني، في دورته الأخيرة بتفعيل وتطوير م.ت.ف؟
وإذا كان الأعضاء قد استلموا، منذ الدورة السابقة، تقارير مكتوبة عن عمل دوائر المنظمة، فهل ساعد هذا التقليد الإيجابي على التقدم خطوة أخرى على طريق التفعيل والتطوير للأداء؟ اختصار مداخلات أعضاء اللجنة التنفيذية مثلاً لصالح النقاش المعمّق؟ طريقة النقاش؟ مدة المداخلات؟ إشراك أكبر عدد من الأعضاء في النقاش؟ طريقة اتخاذ القرار؟ 
وحول تنفيذ قرارات المجلس الوطني، نيسان 2018، والمجلس المركزي، آذار 2015، وكانون الثاني 2018؟ ما الذي نُفّذ؟ وما الذي أعاق تنفيذ ما لم يُنفّذ؟ 
*****
حين بدأ نقاش جدول الأعمال، أتيح الحديث لـ 10 من أعضاء المجلس، بعد أن استمع المجلس إلى 9 أعضاء كانت لهم الأولوية (سبعة من أعضاء اللجنة التنفيذية، بمن فيهم رئيسها، ورئيس المجلس الوطني، ورئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان)، من أصل 112 عضواً حضروا الاجتماع. وتمّ الاعتذار لـ 29 عضواً طلبوا المشاركة بالنقاش لضيق الوقت.
كان مفاجئاً وغير مفهوم بالنسبة لي مغادرة لجنة الصياغة قاعة الاجتماع قبل الاستماع إلى أي من ملاحظات ونقاش أعضاء المجلس لجدول الأعمال.. اللهم سوى الاستماع إلى كلمة رئيس “هيئة مقاومة الجدار والاستيطان”.
قد تبدو هذه التفاصيل غير ذات أهمية، لكني أجدها دالة على انعدام أي تطوير في آليات عمل مؤسسات المنظمة، كما أنها دالة على طريقة صنع القرار داخل مؤسساتها.
كان يمكن الاستفادة من الوقت بشكل أكبر، وكان يمكن الاكتفاء بالتقارير المكتوبة عن عمل دوائر المنظمة، وحتى تكون الاستفادة أكبر، كان من الممكن وصول التقارير إلى أيدي أعضاء المجلس قبل انعقاده، وكان من الأهمية بمكان أن تحدد ساعة لقاء لجنة الصياغة بعد انتهاء فترة نقاش جدول الأعمال. وكان من الضروري أن يطلب من المتحدثين جميعاً تكثيف نقاط النقاش ضمن دقائق يتفق عليها، وألاّ يسمح بتجاوزها.
*****
سوف أقف عند بندين من بنود الاجتماع؛ لأهميتهما البالغة التي تتعلق بمصداقية مؤسسات المنظمة أمام الجماهير الفلسطينية، ولأولويتهما في استنهاض الهمم استعداداً لمجابهة التحديات الجسيمة أمامنا، والتي لن نستطيع مواجهتها سوى موحّدين ضمن إستراتيجية وطنية تحررية (لم تتح لي فرصة مناقشتها داخل المجلس).
البند الأول: مناقشة إزالة أسباب الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية، والثاني: استعراض ما تمّ تنفيذه من قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي، ووضع آليات تنفيذ باقي القرارات.
بالنسبة لإزالة أسباب الانقسام، من الضروري التوقف عن كل ما يعمّق الانقسام، مثل التراشق الإعلامي، والعمل على:
أولاً: تنفيذ ما لم ينفّذ من قرارات المجلس الوطني في دورته الأخيرة، وإلغاء الإجراءات العقابية كافة ضد قطاع غزة، وتبني خطة إنقاذ وطنية شاملة.
جاء في التقرير الذي استلمناه حول تنفيذ قرارات المجلس الوطني: “أكّدت لجنة غزة بالإجماع على ضرورة الطلب من الأخ الرئيس التدخل شخصياً لإنهاء الإجراءات المتعلقة بصرف رواتب موظفي السلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة”.
وإذا كنا في دولة فلسطين نحتكم إلى العمل المؤسسي والقانون، فمسألة تنفيذ قرار المجلس الوطني لا تحتاج إلى تدخل شخصي من الرئيس، بل تحتاج إلى تنفيذ القرار.
ثانياً: تحديد ملامح المشروع التحرري الوطني الجامع لمكوّنات الشعب الفلسطيني كافة. هذا التحديد هو الذي يجعلنا نتفق على المحاور التي يرتكز عليها كفاح الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه الوطنية. كيف يمكن الجمع بين النضال ضد إسرائيل الاستعمارية والاستيطانية والعنصرية، وبناء المجتمع الفلسطيني وتعزيز صمود أبنائه في آن؟
ثالثاً: تبني المنهج الديمقراطي جوهراً وآليات عمل، الجوهر هو تطبيق مبدأ الشراكة السياسية. وهذا يشمل القرار الصادر عن المجلس الوطني الأخير، والذي صادق فيه على قرار المجالس المركزية السابقة بشأن تمثيل المرأة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية بنسبة لا تقل عن 30%، والذي ما زال ينتظر التنفيذ. 
أما الآليات فهي الانتخابات التي تعتمد على الشفافية والنزاهة، للفلسطينيين في أماكن وجودهم كافة (مجلس وطني، ومجلس تشريعي، ورئاسة). أعتقد أن هذا العامل (الشراكة السياسية) هو أحد أهم العوامل التي يمكن أن تساهم في إزالة أسباب الانقسام.
*****
البند الثاني: ما نُفِّذ من قرارات المجلس الوطني حتى الآن، هي القرارات التي اتخذها المجلس على الصعيد الدولي، والعربي والإسلامي (الذهاب إلى مجلس الأمن، ثم التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتقديم إحالة رسمية للمحكمة الجنائية الدولية، وتقديم شكوى رسمية إلى لجنة القضاء على التمييز العنصري، وتشكيل لجنة تحقيق دولية بخصوص جرائم الحرب الإسرائيلية المرتكبة ضد مسيرات العودة في قطاع غزة، والانضمام لعدد من الوكالات المتخصصة وعدد من المواثيق الدولي).
وما لم ينفذ: القرارات على الصعيد الداخلي، والعلاقة مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي (إنهاء الانقسام، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، والتحرر من علاقة التبعية الاقتصادية لمنتجات الاحتلال، وتبني حركة المقاطعة: BDS).
*****
وإذا كانت قرارات المجلس المركزي في دورته الأخيرة، في معظمها تكرار للقرارات السابقة، فالجديد يكمن في اقتراح آلية تنفيذ القرارات التي تمّ اتخاذها.
تضمن البيان الذي صدر عن المجلس أن “يتولى الرئيس تشكيل لجنة وطنية عليا لتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي كافة، واتخاذ الخطوات العملية وفق الأولويات المناسبة”. 
وأتساءل هنا: إذا كانت اللجنة التنفيذية هي المخوّلة بالضرورة لتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمجلس المركزي كافة (بناء على النظام الأساسي للمنظمة).. لماذا يتمّ تشكيل لجنة وطنية عليا لتنفيذ القرارات؟ 
وإذا كان رئيس اللجنة التنفيذية هو الرئيس محمود عباس؛ فلماذا يخوّله المجلس المركزي بالتنفيذ مرتين؟
*****
أومن أن تكريس عمل المؤسسات ودولة القانون هو ما يجب الحرص عليه، ضمن مبدأ الشراكة.
هذا المبدأ هو الذي يمكن أن يعيد الثقة بالمنظمة، ويعيد اللحمة لأبناء الشعب الواحد، استعداداً لمواجهة التحديات الخطيرة التي نعيشها جميعاً، وحتى نكون. 

> فيحاء عبد الهادي

Related posts

Top