قصيدة جديدة للشاعر المغربي إدريس الملياني

عقرب البحر

1
شمهروش

“إنّا أرسلنا الشياطينَ
على الكافرينَ تؤُزُّهم أزّاً”
قرآن

الخنازيرُ الكلابُ الوحوشُ المجرمونَ المظلمونَ القتلة
الخنازيرُ الكلابُ الوحوشُ المجرمونَ المظلمونَ …
الخنازيرُ الكلابُ الوحوشُ المجرمونَ…
الخنازيرُ الكلابُ الوحوشُ…
الخنازيرُ الكلابُ…
الخنا زْزْزْ…
ألَا تبّاً وتبّتْ أيادي الشياطينِ جميعاً
ألَا تبّاً لَها ولمنْ أرسلَها
الّلهُمَّ تبّاً سريعاً مُريعاً
يَجُزُّونَ الرُّؤوسَ
وَيَؤُزُّونَ رُعاةً ورُعَاعاً
تِبَاعاً تِبَاعاً!..

2
عَقْرَبُ الْبَحْرِ

دَوَاؤُكَ* فِيكَ وَمَا تُبْصِرُ
وَدَاؤُكَ* مِنْكَ وَمَا تَشْعُرُ
الِإمَامُ عَلِيّ

كُنْ صَرِيحاً مَعَكْ
كُلُّ مَا تَشْتَكِي مِنْهُ
كَيْفَ أَتَى وَنَمَا
سَاكِناً أَضْلُعَكْ!
****
كُلُّ مَا تَنْتَحِي عَنْهُ
فِيكَ وَمِنْكَ اغْتَذَى
وَتَعَشَّى، كَعَقْرَبِ بَحْرٍ،
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَبْتَلِعْ مَرَارَتَهُ ابْتَلَعَكْ!
****
أَنْتَ دَاءٌ عُضَالٌ، وَلَا
بُرْءَ مِنْكَ، سِوَى
أَنْ تَمُوتَ وَتُبْعَثَ آخَرَ،
سَرَّكَ سُمُّكَ أَوْ أَوْجَعَكَ!..
__________________________
* يقال: الداء والدواء في هذه السمكة القاتلة، بقطع شوكاتها السامة، وفتح بطنها، والبحث في أحشائها عن مرارتها وبلعها بسرعة، لشفاء الألم والرجفة والدوخة والنجاة من الوفاة… وثمة وصفات أخرى… لعلاج السام من الأنام…

3
الأمانة
(فابولا)

خرج ملكُ الغابةِ يوماً ليتفقدَ أحوالَ رعيتهِ فلقيَ في طريقه حماراً نحيلًا هزيلًا يُجرجرُ قائمتيهِ الأماميتين ويدفعهما بقائمتيه الخلفيتين. كان متضوراً جوعاً وعطشاً ومرتعشاً برداً ورَوعاً ولا يقوى على الحَراكِ والشهيقِ والزفيرِ والنهيقِ.
احمرَّ وجهُهُ وافترَّ ثغرُهُ عنِ ابتسامةٍ شاحبةٍ صفراء َ لمّا رأى سيدَ الغابة قادماَ نحوهُ. سألهُ هذا الأخير عن اسْمهِ ولكنْ قبلَ أن يقولَ لهُ :”أبو صابر” كان “أبو الأشبالِ” قد استدارَ فوراً إلى مستشاره آمراً إيّاهُ بتدوينِ أقوالِ هذا المواطنِ البائسِ واليائسِ لكنْ دونَ أنْ يتسلَّمَ منهُ أيَّ رِسَالة.
ثُمُّ واصلَ طريقَهُ… نحو إحدى ضواحي عَرينِهِ.
ولم يَخْلُ بالُهُ من الهمِّ ولم يحْلُ لهُ نومُهُ في ذلك اليوم حتى أعطى وزيرَهُ مِئَةَ مِثْقالٍ وخُرْجاً مليئاً بالعوازلِ والواقياتِ وحبوبِ النومِ ومنْعِ الحمْلِ وأمَرَهُ بإيصالِ الأمانةِ حالًا للحمارِ حسبَ التَّسَلْسُلِ الإداري.
****
وعلى الفورِ أحْضَرَ الوزيرُ العاملَ أعطاهُ نصفَ الأمانةِ واحتفظَ بالنِّصفِ الآخرِ طالباً منهُ إيصالَ الأمانةِ للحمارِ فأخذ العاملُ الربعَ وأعطى الربعَ الآخرَ للقائدِ طالباً منهُ إيصالَ الأمانةِ للحمارِ وأخذَ القائدُ نصفَ الربعِ وأعطى نصفَ الربعِ الآخر للباشا طالباً منهُ إرسالَ الأمانةِ للحمارِ وأخذَ الباشا نصفَ نصفِ الربعِ وأعطى نصفَ نصفِ الربعِ الآخر للخليفةِ طالباً منهُ إيصالَ الأمانةِ للحمارِ وأخذَ الخليفةُ ثُلثَ نصفِ الربعِ وأعطى الباقي للمقدّم طالباً منهُ إيصالَ الأمانةِ للحمارِ الذي جاءَ إليهِ المقدّم بعدَ أنْ وضعَ الباقي في جيبهِ وأعطاهُ الخُرْجَ المليءَ بالعوازلِ والواقياتِ وحبوبِ النومِ ومنعِ الحَمْلِ وأمَرَهُ بإخلاءِ الطريقِ التي سيمرُّ منها موكبُ سيدِ الغابةِ قاصداً إحدى النّواحي لتدشينِ مُركَّبٍ سياحي وهَلُمَّ جَرّا حتى وُصولِهِ إلى أخيهِ جَنْدَلِ بنِ أبيهِ قائلًا لهُ:
أجَندَلُ كمْ قطعْتُ إليكَ أرضاً، يموتُ بها أبو الأشبالِ ذُعْرا!
وإنْ جَاوزتُ مُقفِرةً رمتْ بي، إلى أخرى كتلك هَلُمَّ جَرّا!..

____________________________
* البيتان للشاعر عائذ بن يزيد اليشكري الذي كان أول من قال: “هلم جرا”.
* جَندَل: الصخرة العظيمة وهو كذلك الحمار أبو صابر. أبو الأشبال: ملك الغابة.
* فابولا: fable _ حكاية خرافية أو أمثولة.

Related posts

Top