قضايا الخطاب الروائي العربي الجديد

نظم ماستر «البلاغة والخطاب» ومختبر «البحث في علوم اللغة والخطاب والدراسات الثقافية» بالتعاون مع مركز «عيون ثقافية للدراسات والأبحاث والنشر» مؤخرا، ندوة علمية رقمية في موضوع «قضايا الخطاب الروائي المعاصر»، وأذيعت مباشرة على صفحة الجريدة الإلكترونية «Homnews24.ma» على فيسبوك.
وقد شارك في أعمال هذه الندوة العلمية ضيوف أغنوا النقاش كل من موقعه وتخصصه. وهم:
أ. دة. لطيفة الأزرق مديرة مختبر البحث في علوم اللغة والخطاب والدراسات الثقافية بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة – المغرب.
شريف الجيار أستاذ النقد والأدب المقارن بكلية الآداب جامعة بني سويف – مصر الشقيقة.
حسن المودن ناقد ومترجم وأستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي للتربية والتكوين بمراكش- المغرب.
محمد الأمين ولد سيدي إبراهيم مدير مدرسة الدكتوراه بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة نواكشوط العصرية- موريتانيا الشقيقة.
افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية لمسير اللقاء الأستاذ الدكتور عبد العزيز بنار. فبعد ترحيبه بالضيوف وشكرهم على قبول الدعوة بسط السياق الذي يأتي فيه موضوع الندوة، مؤكدا أن أسئلة الخطاب الروائي ضاربة في القدم بل إنها كانت قبل ظهور الخطاب نفسه. وهو الأمر الذي يجعل الخطاب النقدي الروائي موازيا للخطاب الروائي الإبداعي، مشيرا إلى أن الرواية مرت بحقب مفصلية كبرى استطاعت عبرها التعبير عن مختلف هموم الإنسان العربي اجتماعية كانت أم سياسية أم نفسية.
وبعد هذا، أعطى الكلمة للأستاذة الدكتورة لطيفة الأزرق التي قدمت كلمة باسم ماستر البلاغة والخطاب ومختبر البحث في علوم اللغة والخطاب والدراسات الثقافية. وبعد شكر الضيوف على قبول الدعوة في المشاركة في هذه الندوة الرقمية الأولى من نوعيها بالنسبة إلى مختبر البحث في علوم اللغة، أشارت الدكتورة إلى أن الخطاب الروائي ضلع أساس في برنامج ماستر البلاغة والخطاب، ونوهت باختيار موضوع الندوة. وهو عنوان يفرض البحث في ثنائيات تقابلية من مثل: الخطاب والنص، والخطاب والحكي…كما أشارت إلى ضرورة الحديث عن مسألة السياق الثقافي والزماني… الذي أنشئت فيه الرواية. وهي قضايا جوهرية في الخطاب عامة والخطاب الروائي على وجه الخصوص.
وكانت المداخلة الثانية للأستاذ الدكتور شريف الجيار الذي قدم كرونولوجية للكتابة الروائية العربية من خلال ما يسميه بالدوائر. فانطلاقا من رواية «زينب» دخلت الرواية العربية مراحل كبرى ابتداء من دائرة الرواية إلى دائرة ما بعد الرواية مرورا بدائرة اللارواية وصولا إلى دائرة الرواية التفاعلية أو الرقمية التي احتفت بالقارئ وإن كان افتراضيا، متأثرة تأثرا بينا بالسينما والصورة بشكل عام عبر التقطيع والمضارعة في بنية الأفعال وغيرهما. ومن أبرز النماذج التي تمثل هذا النوع الجديد: روايات عبد الواحد أستيتيو في المغرب ومحمد سناجلة في الأردن.
وكانت المداخلة الثالثة للأستاذ الدكتور حسن المودن الذي نوه بمختلف المجهودات المبذولة من طرف المؤسسات الجامعية التي تحضتن مثل هاته الندوات القيمة. وقد أبدى ملاحظات حول موضوع الندوة حيث أكد أن العنوان فيه قدر كبير من الشمولية. كما أثار مسألة الجِدَّة في الخطاب الروائي، وعن أية جِدَّة نتحدث؟ !. وأضاف، أن الجدة ظهرت بعد النكسة. كما أشار إلى أن عبارة «الخطاب الروائي المعاصر» هي الأخرى عامة؛ إذ هناك العديد من الخصوصيات داخل الجغرافيا العربية. ثم إن مصطلح «قضايا» يقود إلى المضامين غير أن الجِدَّة مرتبطة بالشكل والمضمون أي بسؤالي الكتابة والحكاية. وقد كان الدكتور حسن المودن موفقا في تتبع التجارب العربية الروائية مشيرا إلى أنها في الغالب «محكيات يتامى» وهو ما دفعه إلى التساؤل عن ماهية العلاقة بين الرواية وتيمة اليتم؟. إضافة إلى هذا، أشار إلى الاشتغال بالذاكرة التناصية الذي أفرز مَحْكِيَّيْن رئيسين: الأول يتعلق بمحكي التخييل الببليوغرافي عبر استحضار الشخصيات التاريخية مثل استحضار شخصية المتنبي وأبي هريرة أو حتى الشخصيات الأدبية الغربية…، وأما الثاني فمحكي الانتساب العائلي الأدبي، أي أن الروائي يعود إلى نصوص مماثلة ويتفاعل معها لينتج نصا جديدا من خلالها. كما أشار إلى أن الرواية الحديثة فيها حرص على اللغة بل واستعملت اللغة في مستوياتها العالية. وختم مداخلته بالإشارة إلى أن الخطاب الروائي النسائي العربي هو الآخر بدأ يبلور أسئلة جديدة وأشكالا جديدة، ثم إنه ارتبط – هو الآخر- بمحكي الانتساب العائلي ومثال هذا التيار رواية «الخالة أم هاني» لربيعة ريحان.
وشكلت مداخلة الأستاذ الدكتور محمد الأمين ختام عقد المداخلات. وبعد شكر القائمين على الندوة والمشاركين فيها، أكد أن تطويق مسألة قضايا الخطاب الروائي المعاصر تعتمد على زاويتين: زاوية الكتابة، وزاوية المقاربة. أما زاوية الكتابة فترتبط بالتحولات التي شهدها الخطاب الروائي من خلال مراحل ثلاث كبرى: المرحلة التقليدية التي امتدت إلى حدود السبعينيات من القرن الماضي، ومرحلة الروائيين الجدد بمساهمات جمال الغيطاني وغيره، ومرحلة شعرية الإمتاع والمؤانسة الروائية الحديثة التي تمثل بحق التجديد في الخطاب الروائي المعاصر. وأكد أن رواية الكتابة التفاعلية أو الإلكترونية تعد طريقا معبدا لملامسة الخطاب الروائي لآفاق التحديث. وأما فيما يتعلق بزاوية المقاربة فالخطاب الروائي الجديد –حسب محمد الأمين- يفرض على الناقد العربي البحث عن مقاربات جديدة، وهذا هو التحدي الجديد بالنسبة إلى النقاد الروائيين العرب. لذلك على الناقد الروائي مواكبة هذا التطور عبر التمكن من الآليات والتقنيات والمناهج الكفيلة بمقاربة هاته السرديات الجديدة التي تمور من تحت أرجلهم دون أن يعوها. وقد نوه محمد الأمين في متم مداخلته بالأرضية النقدية الصلبة التي أسسها نقاد عرب يستطيع الباحث من خلالها مقاربة هذه الكتابات الروائية الجديدة، وفي مقدمتهم الدكتور سعيد يقطين، موجها الدعوة للطلبة الباحثين إلى التركيز على السرديات الوصفية بمختلف أنواعها، سيميولوجية كانت أم تعبيرية كمنطلق لتحليل الرواية الجديدة ومقاربتها.

> عبد الرحيم الدباغ

Related posts

Top