قطاع الدواجن.. بين طمأنة الدولة وشكايات المهنيين

يعد قطاع الدواجن من بين القطاعات المهمة داخل المجال الفلاحي حيث يؤمن استهلاك المغاربة من اللحوم البيضاء، كما يعد مجالا خصبا للتشغيل وإنشاء المقاولات.
في هذا الملف الذي أنجزته «بيان اليوم» تحاول اكتشاف القطاع والوقوف بالأرقام على أسسه والسوق التي يوفرها للمغاربة، حيث تعد لحوم الدجاج من المواد الأكثر استهلاكا طيلة السنة، مما يجعل منه قطاعا يذر الملايير، وبالمقابل يحتاج إلى استثمارات ضخمة من أجل تقويته وجعله من القطاعات الكبرى ضمن الاقتصاد الوطني.
وحسب أرقام توفرها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية فإن قطاع الدواجن يوفر سنويا 446 ألف منصب شغل، بالإضافة إلى استثمار سنوي بقيمة 8.7 مليار درهم.
فيما القطاع ينتج سنويا 500 ألف طن من اللحم الأبيض، بالإضافة إلى إنتاج 100 ألف طن من الديك الرومي (لاداند)، فضلا عن إنتاج 5 مليارات بيضة وإنتاج 320 مليون كتكوت و 7.8 مليون كتكوت ديك رومي سنويا.
ورغم أن هذه الأرقام تعد مهمة في القطاع وتوحي باستقراره، إلا أن الفاعلين فيه وفي عديد من الإطارات ينبهون إلى مجموعة من الخروقات التي تشوبه وتهدد استقراره، خصوصا مربو الدجاج الذين يؤكدون أن القطاع غير مستقر، كما تروج الجهات الرسمية لذلك، مشيرين إلى أن هناك عددا من الإشكالات التي تهدد الاستهلاك العام للحوم البيضاء، من قبيل عدم استقرار السوق وبالتالي عدم استقرار الأسعار، بالإضافة إلى خروقات تهم الجودة وترويج اللحوم عبر السوق السوداء.
في هذا الإطار، يقول فاعلون في القطاع إن أزيد من 40 بالمائة من ضيعات تربية الدجاج والدواجن عشوائية وغير مراقبة، في حين كان وزير الفلاحة قد صرح في البرلمان أن هناك 9000 ضيعة خاصة بتربية الدواجن والدجاج وكلها مراقبة من قبل مصالح الوزارة.
هذا التضارب في الأرقام بين الفاعلين والجهات الرسمية، يكشف عن شد وجذب بين الطرفين واختلاف في رؤية تسيير القطاع، حيث تراهن الحكومة على الشركات الكبرى وتقوية القطاع من أجل المنافسة الخارجية، وبين الفاعلين، الذين ينادون بتقوية السوق الداخلية أولا، ثم العمل على تطوير القطاع في اتجاه المنافسة الخارجية، مبرزين في هذا الإطار، أن مخطط المغرب الأخضر فشل في تحقيق الأرقام التي كان على القطاع تحقيقها خلال السنوات الماضية، كما فشل في الحفاظ على رقم المعاملات الذي انخفض منذ 2011 من 30 مليار درهم إلى أقل من 22 مليار درهم، مع استمرار هبوط رقم المعاملات بسبب بنية القطاع القائمة على جشع الشركات والتسيير العشوائي لهرم الإنتاج بدءا بالشركات التي تستورد الكتكوت سواء الخاص بالدجاج أو الديك الرومي، أو تلك التي تستورد الأعلاف، وصولا إلى منتجي البيض ومربي دجاج اللحم، إلى حدود الباعة الصغار والباعة بالتقسيط.
ويستورد المغرب سنويا، حسب إحصائيات وزارة الفلاحة والصيد البحري 5.5 مليون كتكوت الدجاج و3.8 مليون كتكوت الديك الرومي، واستيراد 4.1 مليون بيضة دجاج و1.1 بيضة الديك الرومي، حيث يعلق الفاعلين على هذه الأرقام بالقول إننا اليوم «في حاجة للتواصل وإعادة الحسابات وتطبيق القانون وضمان التنافسية ومحاربة الاحتكار من أجل حماية المنتج من جهة، وحماية المستهلك من جهة أخرى، وبهذا تحمي كذلك الإنتاج الوطني والسوق الوطنية، فقطاع الدواجن تهدر فيه أموال كثيرة بالعملة الصعبة لأن 90 في المائة من الأعلاف مستوردة وإنتاج الكتكوت هو الآخر مستورد بمعنى أننا نبذر العملة الصعبة دون أن نحقق هدفا واضحا وهو استقرار السوق الوطنية وجعل القطاع قوي من خلال الاعتماد على الإنتاج الوطني وتجاوز الاستيراد بهذا الحجم».
ويصف المهنيون الصغار مغامرة الاستثمار في تربية الدواجن بالمغرب بـ «البقاء للأقوى» في إشارة منهم إلى الاحتكار الذي تقوم به الشركات الكبرى التي تمد السوق بالإنتاج، حيث يشتكون بشكل مستمر من الممارسات الاحتكارية التي يشهدها القطاع، من قبيل، لهيب أسعار الأعلاف، وكذا الارتفاعات الصاروخية بين الفينة والأخرى لثمن الكتاكيت، ثم تهاوي أسعار الدواجن أو ارتفاعها بالضيعات.
وإذا كان المهنيون الصغار يشتكون من هذا «الاختلالات» التي يعرفها المجال، فإن الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن بالمغرب، تتبرأ من هذه الشكايات، وتعتبر السوق حرا ولا حرج في أن يفلس المربي أو ينجح في مشروعه، مؤكدة على لسان مديرها شوقي الجيراري، بأن دور الفيدرالية يقتصر على التنظيم فقط.
وبين هذا الجدل الدائر بين الفيدرالية وصغار المربين، يستمر مسلسل الشد والجذب حول من له المصلحة في التحكم بـ»الريموت كنترول» في السوق، خصوصا فيما يتعلق بجودة الأعلاف وأثمانها، ثم أسعار الكتاكيت والدواجن على الخصوص.
إلى ذلك، للمستهلك المغربي، أيضا، دور أساسي في عجلة الإنتاج، فكلما ارتفع الاستهلاك الوطني إلا ودارت معه عجلة الإنتاج، وعج السوق بصراعات أخرى بين الشركات والمهنيين مما يجعل سعر لحم الدجاج يقفز في فترات من السنة من 10 دراهم إلى ما يفوق 20 درهما.
عدم الاستقرار في الأسعار يؤدي إلى تراجع الاستهلاك، إذ أن المهنيين وفي بداية العقد الجديد، كانوا يطمحون إلى أن يبلغ الاستهلاك الداخلي أكثر من 40 كيلوغرام للفرد الواحد خلال السنة، لكن هذا الرقم لم يتحقق بسبب عدم استقرار السوق، حيث أن أعلى رقم سجل كان في سنة 2011، إذ بلغ معدل الاستهلاك 18 كيلوغرام للفرد/السنة لكنه سرعان ما تراجع من جديد.
وبالإضافة إلى ذلك، تدق جمعية حماية المستهلك وعدد من المهنيين ناقوس الخطر حول المواد التي يتم ترويجها في السوق، كلحم الدجاج البياض الذي قالوا إنه يشكل خطرا على صحة المغاربة، ويطالبون من المصالح المختصة بمراقبة الأسواق ومنع ترويجه، لكن الجهات الرسمية، تصر على أن لحم هذا النوع من الدجاج يدخل ضمن الاستهلاك العادي ولا يشكل أي خطر، كما أنه يلائم جيوب شرائح واسعة من المستهلكين المغاربة.
في صفحات هذا الملف، تقربكم «بيان اليوم» أكثر من واقع القطاع بين رؤية الدولة ممثلة في وزارة الفلاحة ومصالحها القائمة على القطاع، ورؤية المهنيين الذين يعرون واقع الحال ويكشفون الخروقات الكبرى بالقطاع، فهل قطاع الدجاج والدواجن قطاع مستقر؟ أم أنه ذو بنية هشة وغير مستقر؟

***

                الجيراري: الدجاج الأميركي لن يدخل إلى المغرب رغم التوقيع على “الوثيقة الصحية”

يتحدث شوقي الجيراري مدير الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن بالمغرب، في هذا الحوار على مجموعة من المواضيع التي تخص القطاع، مقدما أجوبته على أسئلة جريدة بيان اليوم.
ومن بين المواضيع التي تم التطرق لها، أثناء هذا الحوار، نذكر زيارة خبراء المفوضية الأوروبية للمغرب واطلاعهم على مختلف مرافق سلسلة إنتاج اللحوم البيضاء، ثم الحديث عن موضوع استيراد المغرب للدجاج الأمريكي، وإعدام الكتاكيت الصغار..
وقدم شوقي الجيراري أجوبته عن هذه المواضيع التي انحاز فيها إلى تثمين المنتوج المحلي، والثقة في السلع التي يتم تداولها في السوق، بالإضافة إلى حديثه عن دور الفيدرالية في تأطير المهنيين والاشتغال إلى جانبهم من أجل تطوير القطاع.
وفي السياق ذاته، تحدث الجيراري عن سلامة استهلاك الدجاج البياض، ورفضه فكرة حذفه من السوق الوطنية، بحجة دوره الكبير في خلق توازن الأسعار. وأشار المتحدث إلى أن الفيدرالية تشتغل مع الأونسا، على أساس وضع “تيكطاج” خاص بالدجاج البيضاء فيما يخص المنتجات الخاصة بالكاشير (النقانق).

< ما هو تقييمكم لواقع قطاع الدواجن بالمغرب ؟
> بداية أود أن أحيلكم على عقد البرنامج الأول الذي تم توقيعه مع وزارة الفلاحة خلال سنة 2008، والذي قمنا على أساسه، بعدة أنشطة كان الهدف الأول منها، تطوير القطاع وعصرنته، وثانيا تطوير الإنتاج المحلي، سواء من الناحية الكمية أو الجودة، وهو ما استطعنا تحقيقه من خلال سلسلة من المبادرات والأنشطة التي قمنا بها.
والشاهد على ما أقول، هو أن قطاع الدواجن تغير بشكل كبير بين عشرين سنة والآن، بمعنى هناك فرق كبير، كالفرق بين الليل والنهار، حيث كان يكفي أن تخرج إلى المناطق القروية لترى تربية الدواجن تتم في براريك وأعشاش عشوائية، أي أن الاستثمار في الدواجن كان يتم بشكل عشوائي وبدون ضوابط مهنية.
بيد أنه اليوم أصبح قطاع الدواجن منظم في إطار قانون، ولمزاولة نشاط تربية الدواجن يجب أن تكون خاضعا لجميع شروط هذا القانون، علاوة على المراسيم 13، حيث كل مرسوم ينظم جانب من القطاع، بمعنى؛ من التربية إلى البيع، من هنا، يمكن القول، إن التأطير القانوني، دفع بالقطاع إلى التطور، سواء تحدثنا، عن الجودة أو الاستثمار.
وإذا كنت ترغب اليوم بالاستثمار في قطاع الدواجن، يجب أن تكون متوفرا على رخصة من وزارة الفلاحة، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وتتعلق هذه الرخصة بالتوفر على ضيعة تستجيب للمعايير القانونية، ثم الشروط الأخرى التي لها علاقة بالمعدات، فضلا عن طريقة تسييرها وتدبيرها.
فإذا ما تحدثنا عن الضيعة، فالأمر يتعلق بتمركزها أولا، ثم تحديد النشاط الذي سيمارس فيها ثانيا، بمعنى هل يتعلق الأمر؛ بإنتاج البيض، أو التوالد، أو تربية دجاج اللحم، من هنا، فإن الضيعة يجب أن تكون بعيدة عن الضيعة الأخرى، الخاصة هي الأخرى بقطاع الدواجن، والتي يتم تحديدها (المسافة) فيما بين 2 و3 كلم، استنادا إلى حساسية كل نشاط.
وبالنسبة للأوصاف التي يجب أن تتوفر في الضيعة، فهناك الأوصاف الصحية وكذا التقنية، على اعتبار التأمين من الأمراض ضروري في تربية الدجاج، بمعنى يجب اتخاذ الاحتياطات الخاصة بالمرض من خلال المسافة بين ضيعة وأخرى.
وعلى مستوى التسيير، هناك إلزامية أن يكون لديك عقد مع طبيب بيطري، بالإضافة إلى إلزامية أن يكون لديك سجلا خاصا بتدوين أي مستجد يهم فوج الدجاج الذي تقوم بتربيته، على أساس أن يكون البيطري موقعا عليه في الأخير.
إذن هذه المرتكزات والشروط المهمة، جعلت من القطاع أكثر مهنية وحدت من فوضويته، وشجعت على مزيد من الاستثمار، وذلك، جاء نتيجة تحسين ظروف العمل، وهو ما جعلنا نحصل على إنتاج مهم، وكذا جودة حسنة، وهذا الأمر كان مفيدا بشكل جيد للقطاع.

< ما الذي تم إنجازه في عقد البرنامج الذي ذكرت ؟
> في عقد البرنامج الخاص بـ 2008/2013 حددنا أهداف الإنتاج الخاصة بهذه الفترة، غير أنه خلال سنة 2010 تجاوزنا الأهداف التي سطرناها، نتيجة الظروف المواتية للاشتغال، كدخول القانون حيز التنفيذ، واستثمار أصحاب رؤوس الأموال في القطاع.. إلى غيرها من الإمكانيات التي ساهمت في خلق مناخ جيد للعمل.
إذن في ظرف 3 سنوات حققنا ما كان يمكن أن نحققه في مدة 5 سنوات، ومن تم وقفنا الاشتغال بالاتفاقية، وعملنا على توقيع اتفاقية أخرى تمتد بين سنة 2011 و2020، بهدف العمل على أهداف وطموحات أخرى جديدة، من تم، فإننا حددنا سلسلة من الأهداف لا زلنا نشتغل عليها قبل متم سنة 2020، والفدرالية تتوفر على أرقام ومعطيات، يمكن الاطلاع عليها من خلال موقعنا الإلكتروني، فليس لدينا ما نستره.
والفيدرالية حققت نتائج إيجابية في القطاع، ونحن نشتغل الآن على المستقبل، وإذا أرادت الدولة أن تجدد عقد برنامج آخر، ما بعد سنة 2020 فنحن ليس لدينا مشكل، سنعاود الاشتغال معها، وإذا أرادت وزارة الفلاحة أن توقع معنا عقد من أجل تطوير القطاع، فليس لدينا مشكل أيضا، وفي حال ما لم يتم توقيع عقد مع المؤسسات الرسمية للدولة فنحن سنشتغل بشكل عادي في إطار الإستراتيجية الخاصة بالفيدرالية والمهنيين.

< ألا ترون بأن ظاهرة تربية الدواجن في البراريك والأعشاش لا زالت مستمرة في البوادي وهوامش المدن بالرغم من كل هذا ؟
> هناك حوالي أزيد من تسعة آلاف ضيعة تشتغل بشكل قانوني، وبطبيعة الحال، ليس لنا علم بباقي الضيعات العشوائية الأخرى التي تنشط في القطاع، وإلا لأخبرنا مصالح وزارة الفلاحة والأونسا بذلك، من أجل القيام بدورها في الموضوع، وهذا الأمر يتعلق بأقلية لأنه ليست لديه المصلحة بأن يشتغل خارج الإطار.

< طلبتم من الاتحاد الأوروبي تصدير دجاج اللحم المغربي، هل المهنيون قادرون على ذلك ؟
> حتى نكون واضحين، أولا نحن من طلبنا من الاتحاد الأوروبي تصدير دجاج اللحم، فلماذا هم يصدرونا لنا ونحن لا نصدر لهم ؟ من تم نحن طلبنا كفيدرالية من وزارة الفلاحة أن تتدخل مع الجانب الأوروبي، من أجل فتح المجال أمام المهنيين المغاربة لتصدير دجاج اللحم.
ولو كنا خائفين من هذه الخطوة، لما طلبا ذلك، إذن فالفيدرالية بمهنييها، هم من طلبوا بتصدير اللحم، والاتحاد الأوروبي استجاب لهذا الطلب، وقام بثلاثة افتحاصات، حيث اطلع مجموعة من الخبراء على جميع سلسلة قطاع الدواجن بالمغرب، ودراستهم مدى قدرته على التصدير نحو الاتحاد الأوروبي.
وخصصت الزيارات الثلاث التي قام بها خبراء الاتحاد الأوروبي، أولا، لزيارة مصالح الأونسا، والاطلاع على مختبراتها، وخدماتها الخاصة بالمراقبة. والمرة الثانية، زاروا فيها الضيعات الخاصة بتربية الدواجن، والوقوف على احترامها لشروط السلامة الصحية.
أما المرة الثالثة فقاموا من خلالها بفحص الأعلاف والأدوية وباقي المنتجات التي يتم استعمالها في تربية الدواجن.. وأود أن أشير هنا، إلى أن هذه الزيارات مرتبطة ببعضها البعض، بحيث لا يمكن الانتقال نحو الشوط الآخر دون الحسم في نتائج الأول.

< بالنسبة للزيارات التي كان يقوم بها خبراء الاتحاد الأوروبي لمرافق السلسة كانت تتم بتوجيه من الفيدرالية أم بشكل عشوائي ؟
> أكيد أن الزيارات كانت تتم بشكل عشوائي وبدون تحديد منا للأماكن التي يمكن زيارتها، بحيث يطالبوننا بزيارة هذه الضيعة أو تلك، استنادا إلى لائحة الضيعات التي تتوفر عليها مصالح الأونسا على اعتبارها المرخص القانوني في الجانب الخاص بالسلامة الصحية.
وخبراء الاتحاد الأوروبي، على دراية بالذي تحدثت عنه، أي أنهم كانوا ينتقلون بشكل غير انتقائي نحو الضيعات، والمجازر، بمعنى افتحصوا جميع المرافق الخاصة بالسلسة، ووجدوها جيدة، كما قاموا بتحليلات للمنتجات المعروضة في السوق، بيد أنهم لم يزوروا الرياشات.
وعموما، التقارير كانت جيدة ولم تقل بوجود إكراه أو شيء من هذا القبيل، ولكن القرار يبقى بيد المفوضية الأوروبية، التي تقرر على ضوء التقرير، إمكانية التصدير أم لا، من هنا، فإن الملف جاهز، ونحن مستعدين للتعامل مع الاتحاد الأوروبي وغير متخوفين من التصدير.

< المغرب يريد أن يصدر دجاج اللحم نحو الاتحاد الأوروبي وفي نفس الوقت يرغب في استيراد دجاج اللحم الأمريكي ما هي ملاحظاتكم حول هذه الخطوة ؟
> سأعطيك سنتين بل عشر سنوات أخرى، وسننتظر هل ستأتي لحوم الدجاج من الولايات المتحدة الأمريكية. إن فكرة استيراد اللحم الأمريكي جاءت في إطار المفاوضات التي قام بها المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية، حول اتفاقية التبادل الحر خلال سنة 2004، وبطبيعة الحال أثناء التفاوض يجب على المغرب أن يتنازل في بعض القطاعات، بالرغم من درايته من أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست لديها الرغبة في التصدير، ونفس التعامل تم مع الاتحاد الأوروبي.
ومنذ دخول اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة حيز التنفيذ خلال سنة 2006، وإلى الآن (سنة 2019)، لم يتم الحديث بين البلدين إلا عن توقيع “الوثيقة الصحية” التي تتضمن الشروط الخاصة بدخول دجاج اللحم الأمريكي إلى المغرب، بمعنى يحق لدجاج اللحم الأمريكي أن يدخل إلى السوق المغربية، غير أنني أستبعد حصول ذلك، لأنه يصعب تحقيق هذا الأمر بشكل عملي.
ومن وجهة نظري، إذا أراد المغرب أن يستورد البيض والدجاج، فمن الأفضل أن يتوجه نحو السوق الأوروبية عوض الولايات المتحدة الأمريكية، هذا دون الحديث عن الطريقة التي سيتم بها استيراد الدجاج الأمريكي؟ كما أن السؤال يطرح أيضا، حول قبول المستهلك المغربي لهذا اللحم ؟ إذن هناك مجموعة من الاعتبارات يجب أن تأخذ بعين الاعتبار في هذا الصدد.

< ولكن هذه الخطوة أثارت حنق مجموعة من المهنيين في القطاع ؟
> أولا، الفيدرالية هي الممثل القانوني لمهنيي قطاع الدواجن بالمغرب، وتصريحات باقي الأطراف الأخرى لا يمكن الاعتداد بها، فمن أي منطلق يمكن الأخذ بمصداقية هذه التصريحات، فعند الرغبة في الحديث عن القطاع، يجب التوجه مباشرة، نحو المؤسسات والأشخاص المتخصصين في المجال، علاوة عن الكشف على صفته وتموقعه في القطاع.
إن السياسة العامة للمغرب، لا يمكن تدبيرها، من خلال الرأي الأحادي، فالاتفاقيات التي تربط البلاد مع باقي الدول على مستوى التبادل الحر، تضم أشياء إيجابية وأخرى سلبية، ومن بين ما ربحناه من اتفاقيات التبادل الحر، نذكر، الذرة التي أصبحنا نؤدي عنها 2.5 من رسوم الجمارك عوض 35 في المائة.
واليوم قطاع الدواجن يتوفر على ظروف مواتية للاشتغال، وهو ما جعلنا، نصدر منتجاتنا نحو مجموعة من الدول الإفريقية، حيث وصل معدل إنتاجنا استنادا إلى إحصائيات سنة 2018، إلى 570 ألف طن من دجاج اللحم، و100 ألف طن من لحم بيبي (الديك الرومي).
وبالنسبة للبيض فإننا وصلنا إلى إنتاج 8 ملايير بيضة، وبخصوص لحم الدجاج البلدي، أنتجنا 50 ألف طن، علاوة على 800 مليون بيضة، وإذا ما أردنا أن نقسم هذه الأرقام على عدد السكان، فستعطينا في الأخير معدل الاستهلاك الفردي للمغاربة في السنة.

< ولكن هؤلاء المهنيون الذين تنتقدونهم يقولون بأن أسعار الدجاج وتكلفة إنتاجه مرتفعة في المغرب بالمقارنة مع دول أخرى ؟
> ثمن الدجاج سائر نحو الانخفاض في المغرب، بالمقارنة مع سنة 2011، حيث انتقلنا من بيع الكلغ الواحد بـ 14 و15 درهم، إلى 10.5 و11 درهم للكيلوغرام خلال الوقت الحالي، مع الإشارة هنا، إلى أن أثمنة الدجاج تخضع إلى قانون السوق؛ العرض والطلب.
وللشرح أكثر، عندما يكون ثمن الدجاج رخيصا يستهلك المواطن المغربي أكثر، وعندما يرتفع ثمنه فالاستهلاك ينخفض، فهذا هو قانون السوق الحر، بمعنى يجب تجاوز تلك الخطابات الشعبوية، التي تنتشر بين الفينة والأخرى، حول ارتفاع وانخفاض ثمن الدجاج، فالأثمنة تحدد بناء على المتغيرات التي تحدث في السوق.
وثمن الدجاج يتراوح اليوم بين 9.50 درهم، و10 دراهم، فالمربي يراهن على سنتيمات قليلة، بمعنى إما الربح أو الخسارة، وهناك العديد من المستثمرين من أعلنوا إفلاس مشاريعهم وانسحبوا من القطاع، وهذا يرجع إلى انكماش السوق بطبيعة الحال، أما في حالة ارتفاع الطلب، فإن المربي ينجح ويحقق أرباحا مهمة.
وفي حال ما انهارت الأسعار في السوق، فإن الذي يؤدي الثمن هو المستثمر، حيث يصبح في وضع آخر خصوصا إذا كان متبوعا بقروض بنكية.. وفي الأخير، فإن طبيعة القطاع هكذا، ولا حديث هنا عن دعم الدولة.
وعودة إلى موضوع الأسعار، ولنكن واضحين في هذا الأمر، أؤكد بأن الأسعار لها علاقة مباشرة، بالعرض والطلب، بحيث في كل يوم نجد أثمانا جديدة، واختلافا في الأسعار بين مدينة وأخرى.
وثمن البيع يخضع لمجموعة من الاعتبارات، كتكلفة الإنتاج، من حيث الأعلاف، والأدوية وكذا التجهيزات، فضلا عن العامل البشري.. بحيث قليلة هي المرات التي يربح فيها المربي 100 في 100، وذلك، نتيجة نفوق الدجاج بسبب الأمراض المعدية وسوء أحوال الطقس.
وأحيلكم مرة أخرى، على عقد البرنامج الأول لسنة 2008/2013، الذي كانت تكلفة الإنتاج فيه أقل بالمقارنة مع الآن، وذلك، بسبب حذف 35 في المائة من الضريبة على الذرة، ثم 40 في المائة على الصوجا، بالإضافة إلى الأعلاف.. وهي العوامل التي ساهمت في تحسين ظروف الإنتاج في المغرب، وأدى ذلك إلى انخفاض في ثمن البيع بالضيعة إلى 8.50 درهم.
بيد أن هذه الحسابات داخلية وخاصة بالقطاع، وإذا ما قارناها بالذي هو عليه نحن اليوم، فسنلاحظ أن المعطيات قد تغيرت، حيث ارتفع ثمن إنتاج الدجاج، ومن تم أصبح المربون يراهنون على سنتيمات قليلة، ليس إلا، فالأدوية، والفيتامينات، والذرة، والأعلاف ارتفعت أسعارها بثلاثة أضعاف، وإذا ما قمنا بعملية حسابية، فسنجد أن إنتاج ثمن الكلغ الواحد يتراوح بين 11 و11.50 درهم.
وحتى نحسم في هذا الأمر، فإن دور الفيدرالية هو تنظيم القطاع، والمسائل التجارية لا نتدخل فيها ولا علاقة لنا بها، فمثلا من بين الأدوار التي تقوم بها الفيدرالية، مطالبة مربي الكتاكيت باحترام الشروط الواردة في القانون، على مستوى الجودة، وذلك بتنسيق مع مصالح الأونسا (المكتب الوطني للسلامة الصحية) التي على اتصال مستمر بنا، أما فيما يخص المسائل التجارية الخاصة ببيع الدجاج أو العلف، فلا علاقة لنا بها، وهناك محاكم هي المخول لها الحسم في الموضوع.

< ذكرت قبل قليل الدعم، هل قطاع الدواجن يتلقى الدعم خصوصا في الشق المتعلق بنفوق الدجاج بسبب الأمراض العدائية ؟
> قطاع الدواجن لم يسبق له أن تلقى أي دعم من طرف الدولة، فقط خلال الأربع أو الخمس سنوات الأخيرة، ارتفع حجم نفوق الدواجن بسبب حالة الطقس، كالحرارة، ورياح الشركي، من تم بادرت الدولة إلى دعم المربين لاقتناء بعض المكيفات الهوائية المخصصة أساسا للضيعات (الكوري) الخاصة بتربية الدواجن، حيث تحتوي هذه المكيفات على رشاشات صغيرة، تساعد الدجاج على التكيف مع الهواء الحار بالخارج، فباستثناء هذه الآليات لم يسبق لقطاع الدواجن، أن توصل بأي درهم من الدعم.
وبخصوص الأمراض العدائية، هناك مرسوم خاص بذلك، صدر خلال سنة 1977، والذي يقول بأن السلطات يجب أن تحمي الدولة من الأمراض المعدية، على اعتبارها تنتقل وتنتشر بشكل سريع وكبير، خصوصا في قطاع تربية الماشية؛ الأبقار، الأغنام والماعز، بحيث توجد برامج تلقيح سنوية بتمويل من الدولة، وهو العكس غير الحاصل في قطاع الدواجن، الذي يتحمل المربون فيه، كافة الإجراءات الخاصة بالسلامة الصحية، من خلال اقتنائهم ووضعهم بشكل شخصي الأدوية الخاصة بالأمراض العدائية، ومرة واحدة استفدنا فيها من الأدوية، وهي أثناء حملة السلامة الصحية الخاصة بالإنفلوانزا خلال سنة 2016.
وكما تابعتم، كان قد انتقل مرض الإنفلونزا إلى المغرب خلال سنة 2016، وهو مرض قليل الخطورة بحسب المنظمة العالمية للصحة الحيوانية التي لا تعترف به كمرض معدي، وعندما لا يكون المرض معديا فالدولة لا تتدخل، ولكن بما أن وقع الإنفلونزا كان كبيرا، طالبت الفيدرالية من وزارة الفلاحة التدخل، من أجل أن يتم على الأقل إدخال أدوية التلقيح بسرعة إلى المغرب، على اعتبار الشركات لا تدخل هذه الأدوية إلا بعد 3 أو 4 سنوات، من تم عملت الدولة على إدخال هذه الأدوية في ظرف تراوح بين شهرين وشهرين ونصف.
واليوم الفيدرالية وقعت اتفاقية مع التعاضدية الفلاحية للتأمين (مامدا)، خاصة بتأمين قطاع الدواجن خلال المعرض الدولي للفلاحة بمدينة مكناس (2019)، وذلك عقب عقد عدة اجتماعات ثنائية بهدف الوصول في الأخير إلى اتفاق نهائي يرضي الطرفين.
والفيدرالية اشتغلت مع الدولة أيضا، حيث تم إصدار ثلاثة مراسيم تخص الأمراض المعدية الموجودة في العالم، وفي هذه المراسيم هناك الإجراءات التي يجب اتخاذها مباشرة بعض إصابة دواجن المربي بالأمراض العدائية، حيث يتوجب على صاحب الضيعة أن يستدعي طبيبه من أجل القيام بفحوصاته.
وإذا ثبت إصابة الدواجن بالمرض، بعد عملية الفحص، يجب أن يخبر الدولة بذلك، عندها تتدخل هذه الأخيرة، من أجل محاصرة المرض من خلال مباشرة عملية الدواء أو قتل الدجاج المصاب أو بعثه للمجاز بطريقة صحية ومضبوطة، فالدجاج بالرغم من أنه مريض لا يعني أن لحمه غير جيد، فلحمه صحيح، لأن عنقه فقط هو الذي يصاب، على اعتبار “القيح” يخنقه لا غير، لكن شرط أن لا يموت.
وإذا تخلصت الدولة من هذه الدواجن، فإنها تعمل على تقديم تعويض للمربي استنادا إلى المراسيم المذكورة، إذن، الفيدرالية طالبت بمنح تعويض لفائدة المربين في هذه الحالة، كما أنها بادرت إلى توقيع اتفاقية لتأمين الدواجن مع التعاضدية، والفيدرالية تقوم بكل هذه الخطوات بتنسيق مع وزارة الفلاحة والمتدخلين في القطاع.

< لماذا الفيدرالية توجهت نحو السوق الإفريقية ؟
> الدجاج في الدول الإفريقية، يشبه الدجاج المغربي خلال سنة 1970، على اعتبارهم حديث العهد في هذا المجال، من تم فهم في حاجة إلى تطوير هذا النشاط، من خلال استيراد الدجاج الرومي، لأن هذه الدول يوجد بها الدجاج البلدي فقط، إذن المغرب بدأ يصدر لهم الكتاكيت، والأعلاف، وآلات التفقيص، ومشتقات دجاج اللحم (الكاشير)، وذلك، منذ سنة 2010، غير أنه خلال سنة 2016 أصبحوا هم الآخرين يستثمرون في القطاع بتعاون مع المغرب، لأنهم قليلي الخبرة في تربية الدواجن، ويدخل هذا بطبيعة الحال في إطار السياسة العامة للدولة التي تتجه نحو تعاون جنوب-جنوب.
والمهنيون المغاربة قاموا بدراسات لهذه الأسواق الإفريقية قبل التوجه نحوها، لاسيما وأن هذه الدول أبدت رغبتها أيضا في تطوير تربية الدواجن، إذن ما علينا إلا مواكبتهم، من خلال التأطير ثم التكوين الميداني في ضيعات الدواجن، بهدف اكتساب مهارات في هذا التخصص، على أساس أن يقوموا بمشاريع خاصة في المجال مباشرة بعد عودتهم إلى دولهم.
وفي هذا السياق أود أن أشير إلى أن هناك أربع شركات مغربية ذهبت إلى السوق الإفريقية من أجل الاستثمار في تربية الدواجن محليا.

< الدجاج البياض يثير بشكل مستمر سؤال الجودة وسلامته الصحية ما هو تعليقكم على الموضوع مرة أخرى ؟
> نستهلك الدجاج البياض منذ زمن بعيد، وفي العالم بأسره الدجاج البياض يأكل، لا يمكن أن نقول إنه غير صالح للاستهلاك، وفي أنشطتنا الرسمية نأكل الدجاج البياض، وعندما يكون مطبوخا بشكل جيد فأكيد أن مذاقه مثله مثل البلدي، من هنا لا يمكن أن نحذف هذا الدجاج من السوق، على اعتبار فئات من المغاربة تستهلكه، فإذا حذفناه فالعرض سيقل والأسعار سترتفع.

< وهل ستصدرون الدجاج البياض إلى الاتحاد الأوروبي ؟
> الاتحاد الأوروبي إذا أراد اللحم الكروازي سيدخلها في شروط الاتفاقية بشكل مضبوط، وسنحدد له الثمن وسنصدره له، وفي زيارتنا لمجموعة من الدول الإفريقية وقفنا على استهلاكها للدجاج الكروازي، الذي يستوردونه من مصر وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية، على اعتبار استهلاك هذا الصنف من الدجاج تحكمه القدرة الشرائية، وهو الأمر الحاصل في المغرب أيضا.
لهذا أؤكد بأن الدجاج البيضاء، دجاج سليم، لأن كافة التلقيحات والأدوية التي يتلقاها، تكون خلال المرحلة الأولى قبل أن يكون جاهزا للتبييض، بمعنى 18 أسبوعا، بيد أنه مباشرة بعد دخوله في التبييض لا يمكن أن تمسه، لأن ذلك سيفسد نشاطه الطبيعي (لن يصبح بياضا)، إذن فكل ما يروج حول تقديمنا لهذا الدجاج أدوية كيمياوية مجرد إشاعات، فهذا الدجاج سليم وصحي مثله مثل الدجاج البلدي، فقط عندما تطبخه في (الطنجرة) يجب أن تنتظر كثيرا بعض الشيء، هذا هو الفرق لا غير.
وفيما يخص “الكاشير” (النقانق)، كان هناك مشكل متعلق فقط “بالتيكطاج” (الورقة التقنية الخاصة بالمعلومات)، بمعنى ما الذي سنكتبه في هذه “التيكيت”، لأنه لا يمكن أن نخدع المستهلك، ونقول له إن هذا المنتوج من دجاج اللحم الرومي، وهو من الدجاج البياض، وناقشنا هذا الموضوع مع المكتب الوطني للسلامة الصحية، حيث سيتم إدخال هذا النظام إلى المجازر، التي سيفرض عليها ذكر هذه المعلومة على المنتوج المصبر الذي تقدمه في السوق.

< تحدثت وسائل الإعلام خلال الفترة الأخيرة على إعدام أزيد من 13 مليون كتكت ما هو تعليق الفيدرالية على الموضوع ؟
> نحن أجبنا في الموضوع ولا زال الناس لديهم الاعتقاد بأننا أعدمنا الكتاكيت، نحن لم نعدم أي كتكوت، ومن يتوفر على الحجة بأننا قتلنا الكتاكيت فليقدم لنا الدليل على ذلك، الذي حدث هو حصول التضخم في السوق حيث كانت الوفرة في الإنتاج، غير أن الطلب ضعف وانخفض، وإنتاج الكتاكيت لا يمكن أن توقفه، بحكم المنافسة الشرسة في القطاع، حيث هناك صراع قوي بين المنتجين حول من سيرفع حصته في السوق، ونفس الأمر كان قد حصل منذ ثلاث سنوات، ويتكرر هذا دائما، وسعر الكلغ الواحد بالرغم من كل هذه الظواهر سيبقى ما بين 9.50 و10 دراهم، سواء كان المربي رابحا أو خاسرا.
إذن الحل الذي كان أمامنا، هو المطالبة بعدم وضع البيض في آلات التفقيص، من أجل تخفيض الإنتاج، وأود أن أسجل هنا، بأن الإنتاج الوطني ككل في الأسبوع يتراوح بين 9 و9.50 مليون كتكت، بمعنى أن الرقم الذي تم ترويجه حول إعدام 13 مليون كتكت غير صحيح، مع الإشارة هنا، إلى أن السوق يتحمل فقط ما بين 8 و8.50 في أحسن الأحوال نظرا لظروف التربية وغيرها من العوامل.
ونتيجة لهذا الوضع، أدى تضخم الإنتاج ونقص الطلب إلى إفلاس عدد كبير من المستثمرين، حيث أصبح الكتكت لا يباع في السوق، وأصحاب المحاضن لجؤوا إلى بيع الفلوس بـ 0.50 سنتيم، و1 درهم، بالرغم من أن الفلوس يجب أن يباع بين 3 و4.50 درهم.. بمعنى لا وجود لشيء اسمه قتل الكتاكيت.
وفي الأخير، تعب المهنيون بسبب هذه الخسائر، من تم عملوا على تقليص إنتاجهم، غير أن هذا التقليص أدى مرة أخرى إلى ارتفاع سعر الكتكت، حيث أصبح يباع بـ 6 و7 دراهم فأكثر، غير أننا ضد هذا التصرف، فالمربي المهني الذي سيشتري الفلوس بـ 7 أو 8 دراهم، لا نعتبره مهني، لأن ذلك انعكس على سعر الكلغ في الضيعة الذي وصل ثمنه إلى 14 و15 درهما.
إذن، خلال الأسبوع الذي لم يبع فيه الكتكت ارتفع ثمن الدجاج في السوق إلى 18 و19 درهما، ولكن الأسبوع الذي من بعده، عاد السعر إلى 12 و13 درهما لأن الإنتاج رجع إلى مستواه العادي، وأقولها صراحة الفيدرالية لا علاقة لها بكل هذا، فالسوق حر وكل مستثمر يجب أن يتحمل مسؤوليته في القطاع.
فدورنا يقتصر في هذا الإطار، على إصدار دوريات وترقبات للسوق خلال الأشهر القادمة، وقراءة هذه المعلومات والأرقام تبقى شخصية، فالمعلومة منا والتقدير فردي، وفي الأول والأخير، القطاع اقتصادي، مؤسس على الربح والخسارة.

< خلال الفترة الأخير لجأت جمعيات مهنية إلى مجلس المنافسة للاحتكام بشأن الأعلاف لماذا الفيدرالية لم تتحرك في الموضوع وهل يمكن زراعة المواد العلفية بالمغرب ؟
> الفيدرالية لم يتم الاعتراف بها من طرف الدولة في الإطار القانون 03.12، إلا بعد وصولها إلى التمثيلية القانونية التي يجب أن تتجاوز 60 في المائة، على أساس تقديم الدليل على ذلك، وهؤلاء الأشخاص كانوا معنا هنا، ولكن لهم رؤية أخرى في القطاع، من قبيل حذف الكروازي من السوق، ثم التخفيض من إنتاج الكتاكيت، والكتاكيت أسعارها مرتفعة، أي أنه ليست لديهم رؤية واضحة في المجال، كما يفتقدون لإستراتيجية بعيدة المدى.
وبالعودة إلى موضوع جودة الأعلاف وما إلى ذلك، فهذا الأمر يجب أن يكون موثقا، بحيث لا يمكن أن نقول ذلك بشكل شفوي “وبس”، بل يجب أن تكون هناك تحليلات وضوابط، من قبيل؛ فتح كيس وأخذ عينة وتحليلها، علاوة على ترك كيس آخر مغلقا، وإذا كانت النتيجة إيجابية فيجب على صاحب الشركة أن يعوضك، كما أنه بإمكانه، أن يقول لك إن علف المنتج بشركتي جيد والجأ إلى المحكمة، ومرة ثانية أشدد بأن الفيدرالية لا تتدخل في مثل هذه المسائل التجارية، فالسوق مفتوح، وليس لدينا إشكالية بأن يلجأ المهنيون إلى المحاكم أو مجلس المنافسة.
بيد أن هؤلاء المهنيين يجب أن يثبتوا بأن المشكل من العلف، لأن الدجاج إذا كان لا يكبر فالإشكال ليس بالضروري من العلف، بل قد يكون من باقي التجهيزات التي قد تكون غير صالحة للتربية، أو هناك مشاكل تقنية، أو من العامل البشري الذي يشتغل معك، من هنا يجب أن لا تثقوا بمثل هذه الخرجات الصحافية.
والأعلاف لا يمكن أن نزرعها وننتجها في المغرب، لأن ذلك، مكلف جدا والمناخ الطبيعي غير ملائم لهذه الزراعة، من تم نلجأ إلى الاستيراد من الأسواق الخارجية، وكنا قد جربنا هذا فيما سبق، غير أن التكلفة كانت كبيرة بالمقارنة مع الاستيراد.

< مع كل عيد أضحى يثار الجدل حول تقديم فضلات الدواجن كأعلاف للماشية ما الذي قامت به الفيدرالية بخصوص هذا الشأن؟
> الفضلات طبيعية، وفي العالم بأسره يتم استخدامها في الأنشطة الفلاحية، غير أن هناك بعض الأشخاص يوظفونها في تعليف أكباش عيد الأضحى، فصاحب الضيعة تنتهي مهمته مباشرة بعد بيع الفضلات، لأنه لا يمكن أن يذهب مع المشتري ويراقبه حول مكان استعمالها. ولكن في إطار تعاملنا مع وزارة الفلاحة، بالرغم من عدم وجود مسؤوليتنا في هذا الصدد، عملنا خلال السنة الماضية مع اقتراب موعد عيد الأضحى، على التواصل مع المهنيين من أجل تحسيسهم بالأمر، من خلال الاتفاق على تحديد مسار هذه الفضلات، حيث تكلفت الدولة بهذه العملية بتعاون مع المهنيين الذين يملؤون ورقة خاصة بالبيع تتوفر على مجموعة من المعلومات، وهنا تم تجاوز هذه الإشكالية، وبهذه المناسبة، أشير إلى أن الفيدرالية تتواصل مع الوزارة حول الموضوع ذاته.

***

أعبود: يجب على وزارة الفلاحة أن تعيد النظر في حساباتها وأن تطلق حوارا وطنيا حول القطاع

  في حوار أجرته جريدة “بيان اليوم” مع محمد أعبود رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم (ANPC)، كشف هذا الأخير عن مجموعة من الاختلالات التي يعرفها القطاع والمشاكل المرتبطة بين مجموعة من الإطارات التي ينضوي تحت لوائها الفاعلين في الميدان، بدءا بمربي دجاج اللحم وصولا إلى منتجي البيض وشركات الأعلاف والمفاقس.  في حوار أجرته جريدة “بيان اليوم” مع محمد أعبود رئيس الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم (ANPC)، كشف هذا الأخير عن مجموعة من الاختلالات التي يعرفها القطاع والمشاكل المرتبطة بين مجموعة من الإطارات التي ينضوي تحت لوائها الفاعلين في الميدان، بدءا بمربي دجاج اللحم وصولا إلى منتجي البيض وشركات الأعلاف والمفاقس.أعبود، أكد في هذا الحوار أن إصلاح القطاع يحتاج إلى تدخل وزارة الفلاحة بقوة وتفعيل القوانين التي ظلت دون تفعيل طيلة سنوات، مشددا على أن التواصل ضروري لحل الإشكالات التي يعرفها القطاع والتي تمس باستقراره، خصوصا مربيي دجاج اللحم الذين يواجهون الخسائر بشكل متكرر.
< أولا تحدث لنا عن جمعية مربي دجاج اللحم؟ > الجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم (ANPC)، هي أول جمعية لمربي الدجاج في المغرب، والتي تأسست بهذا الاسم في سنة 1995، هذه الجمعية، رافق تأسيسها، ظهور إطارات أخرى من قبيل جمعية مربي الكتاكيت بالإضافة إلى إطارات كانت موجودة كجمعية مركبي الأعلاف وهي الأقدم والتي تأسست قبل 1991، وكان القرار هو أن يتم تأسيس فدرالية للدفاع عن المنتسبين لهذه القطاعات، وفعلا في 1995 اجتمعنا وأسسنا الفدرالية، لكن بعد ذلك كثرت أطماع شركات الأعلاف ومنتجي الكتاكيت وأرادوا امتصاص مربي دجاج اللحم، مما أدى إلى خروجنا في عام 2003، لأن مصالحنا هضمت ولم يكن لنا الحق في كثير من الأمور كمراسلة وزير الفلاحة وغيرها، ولم نستطع حل مشاكلنا، ومنذ ذلك الحين ونحن ندافع من داخل جمعيتنا على مربي دجاج اللحم.
< ما هي أبرز المشاكل التي اعترضتكم والاختلالات التي تعيشونها في القطاع والتي كنتم على إثرها قد راسلتم مجلس المنافسة؟> بالفعل وجهنا الرسالة لمجلس المنافسة، فالمشكل الذي كان ولا يزال يعترضنا هو غلاء الأعلاف، فرغم تدخل الدولة وتخفيض التعريفة الجمركية لإعداد القطاع من أجل تشجيعه على المنافسة في السوق العالمية، خصوصا مع توقيع المغرب على اتفاقية التبادل الحر، كانت الدولة تعدُّنا لذلك، لكن لم يتم دعمنا مباشرة.
< كيف كنتم تستعدون لمنافسة السوق الخارجية وهل استطعتم الوصول إلى ذلك؟> انتظمنا في تكلفة الإنتاج والتي بالمناسبة تعتبر من أغلى التكلفات على الصعيد العالمي، وهي التي لا يمكنها أن تجعلنا نصدر خارجيا أو حتى إرضاء المستهلك داخليا، أو حتى تشجيعه على رفع الاستهلاك، فطموحنا في البداية كان هو جعل الاستهلاك يفوق 40 كيلوغرام من الدجاج للفرد خلال العام، وفي سنة 2010 وصلنا إلى حدود 18 الكيلوغرام، لكن اليوم تراجعنا ولم نصل إلى مستوى التطور حتى على مستوى السوق الداخلي.
< ما سبب هذا التراجع ولماذا لم تحققوا أهدافكم المسطرة؟> التراجع مرده إلى أن المستهلك لا يستطيع مسايرة الغلاء الذي يعرفه القطاع ولم يستطع المواكبة كما كنا نأمل، وذلك رغم أن الثمن بصفة عامة هو ثمن معقول، وهذا جانب من المشكل، أما الجانب الثاني فيكمن في الأعلاف، فزيادة على ثمنها المرتفع كما ذكرنا، لا يمكن ضبط جودتها، وآلية الضبط هي “الكتكوت” والذي يعطي معامل تحويل يشير إلى الجودة، مثلا معدل تحويل الأعلاف الموجه للكتاكيت إلى اللحم على الصعيد الوطني كبير، بحيث يصل إلى 2.2 إلى حدود 2.5، بمعنى أن فوق 4 كيلوغرامات من الأعلاف تعطي كيلوغرامين من اللحم، ومعامل التحويل هذا سببه ضعف تركيبة الأعلاف. ثم أضف إلى ذلك، مشكل التسممات في العلف، وهذا كله يؤطره قانون، لكنه لا يطبق، فهذا القانون يسمح بمعرفة المواد المركبة للعلف، وكما أشرت فالقانون لا يطبق بحيث لا يسمح لنا معرفة تركيب الأعلاف كما لا يسمح لنا باستيرادها، خصوصا وأن التعريفة الجمركية تبقى مرتفعة، ولهذا نجد أنفسنا ملزمين بالتوجه للشركات الموجودة على الصعيد الوطني والتي كما ذكرت تقدم أعلافا لا ترقى للنهوض بالجودة ومضاعفة الاستهلاك.
< كجمعية ما الذي قمتم به من أجل مواجهة هذه الاختلالات؟> تشبثنا بالتوجه لمجلس المنافسة منذ سنوات لأنه ليس لنا باب آخر، وملزمين بالتعامل مع الشركات الموجودة، والإشكال أيضا، أن هذه الشركات تستفيد من دعم الدولة، لكنها لم تعمل في اتجاه تحسين الجودة والنهوض بالاستهلاك الوطني الداخلي. فالمستهلك يعيش في فترات معينة فائضا في الإنتاج، وفي فترات أخرى يعيش أزمة، أي أنه ليس هناك استقرار. وحين نلاحظ سوق الدواجن بالبلدان المجاورة كإسبانيا وفرنسا فإننا نجد الدجاج لا يتجاوز ثمنه أورو واحد، بغض النظر عن التكلفة المرتفعة لتربية هذه الدواجن بهذه البلدان، وبالمقارنة مع التكلفة المحلية ومعدل الاستهلاك والثمن الموجه للمستهلكين داخل المغرب فإننا نجد أن هناك أشياء غير مفهومة.
< تعتمدون على الأعلاف لتربية دجاج اللحم، كم يبلغ ثمن هذه الأخيرة بالنسبة لكم وهل هي مدعومة ؟> ثمن الأعلاف يتراوح بين 3 و3.50 درهما للكيلوغرام من المعمل، والبروتينات التي تحتويه أقل من 19 والمفروض أن تكون تحتوي على 21.5 وفق المعايير العالمية والمعمول به بالنسبة لسن الدواجن ومرحلة التربية، بالإضافة إلى السعرات الحرارية التي يجب أن تتراوح بين 2050 و2900، لكن هذا كله غير موجود، وليس لنا طريقة أو مختبر لقياس احترام الشركات لهذه المعدلات، ولا يمكنني كمربي أن أقوم بهذه التحليلات لأنها مكلفة بالنسبة لي ولجميع المربين الذين يعتمدون على هامش ربح ضعيف.
< من المسؤول عن مراقبة جودة هذه الأعلاف وضمان الجودة التنافسية بين الفاعلين في القطاع؟> المسؤول عن المراقبة هو المكتب الوطني للسلامة الصحية (الأونسا)، والذي سبق وأن راسلناه حول مراقبة الأعلاف وحول تطبيق القانون 49.99 الخاص بتسويق “الكتكوت” لكن بدون أجوبة.المادة 11 من النصوص التنظيمية للقانون 49.99، تقول إنه يمنع على مفاقس الكتكوت بيع الكتكوت إلا للضيعات المرخصة، وهناك مرسوم في سنة 2017 الذي يضيف أن بيع الكتكوت يجب أن يرافقه فراغ صحي، أي أن يتم بيع الكتكوت بشهادة صحية مسلمة من طرف بيطري مؤطر الذي يلتزم بتقديم تقرير حول الضيعة ومدى احترامها للشروط الأساسية، في حين نجد أن 40 في المائة من الكتاكيت تباع في السوق السوداء من قبل السماسرة، إذن هنا نجد أن المكتب الوطني للسلامة الصحية لم يتعاون معنا لإيجاد حل لهذه الإشكالية ويحمي الإنتاج الوطني وكذلك المستهلك المغربي.
< انطلاقا من هذا هل تقرون بوجود اختلالات في تسويق الكتكوت في المغرب ومن يتحمل المسؤولية؟> بالطبع هناك اختلالات والمسؤول الأول عنها هو الشركات المنتجة للكتكوت أو كما نسميها بـ “المفاقس”، والتي من المفروض أنها تخضع لمراقبة المكتب الوطني للسلامة الصحية، سواء على مستوى استيراد الأمهات أو الإنتاج العام للكتاكيت، ونحن بصراحة نلوم المكتب على هذا الإهمال وغض الطرف عن عدد من المفاقس والشركات.
< كيف يتم تحديد ثمن الكتكوت؟> الشركات هي من تقوم بتحديد الثمن مع بعضها، والكتكوت كما هو معروف لا يجب أن يتجاوز ثمنه 1.7 من تكلفة الإنتاج، بمعنى أنه لا يجب أن يتجاوز ثمنه 3 دراهم، في حين أنه يفرض شراءه على المربيين بـ5 إلى 8 دراهم، وفي الوقت الذي كان من المفترض أن يهوي ثمن الكتكوت نتيجة وفرة الإنتاج تم حرقه وبالتالي حرمان المربي وحرمان المستهلك من انخفاض الأسعار.
< ما السبب الذي أدى إلى إعدام هذه الكتاكيت؟> ما دفع إلى إعدام الكتاكيت بحوالي أزيد من 13 مليون كتكوت، هو انخفاض أسعارها، وبسبب الخسائر التي تكبدها المربي، الذي لم يستطع شرائها، الأمر الذي أدى إلى وفرة الإنتاج لدى الشركات مما كان سيؤدي إلى انخفاض حاد في ثمن الكتكوت، والدليل هو أنه بعد عملية الإعدام ارتفعت أسعار الدجاج لما يفوق 20 إلى حدود 25 درهما للكيلوغرام عوض 12 و13 الذي كان بالسوق.  وكان بالإمكان أن لا تتم عملية الإعدام وأن يتم بالمقابل توجيه البيض إلى الأسواق والاستهلاك عوض توجيهها للمفاقس لتجنب هذه الإشكالات، والسبب في هذا بصفة عامة، كما قلت سابقا، هو الحماية التي يتمتعون بها، وعملهم على احتكار السوق ضدا في المربين والمستهلكين على السواء.ويوم تم إعدام الفلوس، تفاجئنا كمربين من ارتفاع ثمن الكتكوت من درهمين خلال تلك الفترة إلى أزيد من 6 دراهم بشكل تلقائي، كما وصلت إلى حدود 8 و9 دراهم، بينما نحن لا نملك ولا آلية لمواجهة الأمر، فحتى الاستيراد نصطدم بالرسوم الجمركية التي تصل بالنسبة للمربيين إلى حدود 10 في المائة، والضريبة على القيمة المضافة التي تصل إلى حدود 20 في المائة، في حين أن الشركات تستورد أمهات الكتاكيت بـ 2.50 في المائة كتعريفة جمركية، وهو ما يجعلهم يتقوون على المربين ويعملون على احتكار الأسواق والانفراد بها.
< كيف تتم عملية شراء الكتاكيت والدواجن وكيف تضمنون جودتها؟> نحن نصطدم بإشكال في هذا الجانب، فإذا لم يتم تربية أمهات الدواجن بطرق سليمة تظهر مجموعة من الاختلالات في الكتكوت، وهناك إشكال آخر في عملية الشراء فالمربي لا يستطيع أن يعرف نوع الكتكوت، قد يكون جيدا وقد يكون عكس ذلك، لاسيما وأن 40 في المائة من هذه الدواجن تمر للمربين عبر السوق السوداء والسماسرة، وهنا تهضم حقوق المربين رغم وجود قانون في 2007، والتي تتغاضى عليه الإدارة، ولا نعرف الأسباب.
< كنتم قد تحدثتم عن اختلالات أخرى ترافق عملية البيع وأن هناك منتوجات غير سلمية بالسوق، كيف ذلك؟> ما يضرنا هو نوع واحد من الدجاج لا يجب أن يوجه للأسواق، وهو “الدجاج البياض” المعروف بثمنه الرخيص، حيث يساوي في السوق درهمين للكيلوغرام، وهناك دراسات عالمية تحذر من لحم هذا الدجاج، حيث توصي بتوجيهه إلى المجازر فور الانتهاء من إباضته وذبحه وإعادة تدويره كعلف لبعض الحيوانات، لأنه لا يعقل أن يساوي ثمن اللحم درهمين، فالأمر من الوهلة الأولى غير منطقي.وحتى جمعية الرفق بالحيوانات كانت قد أشارت إلى هذا الموضوع، بخصوص الدجاج البياض الذي تتم تربيته لسنتين داخل الأقفاص فقط، ويبيض بدرجة كبيرة، وكانت أمريكا قد منعت الأمر بحيث منعت التربية داخل الأقفاص لتحسين البيض الذي ينتجه هذا النوع من الدجاج، بينما هنا في المغرب الأمر تجاوز تسويق البيض إلى ترويج لحوم هذا الدجاج بعد فترة إباضته وهذا أمر خطير، ويخلق مجموعة من المشاكل في السوق، فأغلب المستهلكين لا يميزون بين الدجاج البياض وباقي أنواع الدجاج الموجه للاستهلاك، كما أن هذا النوع يضرب عنصر الثقة في السوق المغربية ويخلق مجموعة من التخوفات لدى المستثمرين.
< فيما تؤثر هذه الاختلالات على المربين؟> تؤثر هذه الاختلالات بشكل كبير، فتكلفة لحم الدجاج داخل الضيعة هي مكلفة بالنسبة للمربين بينما الدجاج البياض تجده في مجموعة من الشوارع بمدينة البيضاء، مراكش، أكادير، يساوي 10 دراهم فقط للدجاجة الواحدة، وهذا يخلف منافسة غير شريفة بالنسبة للدجاج العادي الموجه للاستهلاك الذي تفوق تكلفته 10 دراهم للكيلوغرام الواحد فقط، خصوصا بالنظر للقدرة الشرائية الضعيفة للمستهلكين.نقوم بعملية البيع بالجملة لفائدة باعة التقسيط وأصحاب المحلات، وعملية المراقبة يقوم بها المواطن نفسه، فالدجاج الذي نوجهه للأسواق ومجازر القرب يتيح للمستهلكين تفحص الدجاج/المنتوج قبل ذبحه قبل الشراء، والجودة تكون واضحة. < بالحديث عن حالات المرض التي تصيب الدجاج، كيف تتعاملون معها؟> المرض أمر طبيعي من فترة لأخرى، والجودة تلعب دورا، فإذا كان للدجاج مناعة فلن يتضرر كثيرا، في حين إذا كان أصله مريض والأعلاف دون الجودة فهي تعطي خسائر كبيرة، وهذا هو المشكل، ففي 2005 شهدنا حملة لإنفلونزا الطيور لكن لم يتم الإعلام بها إلا بعد مدة، مما أدى إلى تدمير 50 بالمئة من الإنتاج الوطني حينها ولم نكن لنصل لهذه الخسائر لو كانت هناك مراقبة حقيقة ومراقبة للجودة، والدليل أننا في 2004 وصلنا إلى 30 مليار على مستوى رقم معاملات السوق وبلغنا أزيد من 11.5 مليار درهم في الاستثمارات، في حين بعد الإشكال وفي سنوات 2006 و2007، إلى حدود اليوم أصبحت الاستثمارات لا تتجاوز 8.6 مليار درهم، فيما انخفض رقم المعاملات بالقطاع من 30 مليار درهم إلى حدود 21.5 مليار درهم أي ما قبل دعم المخطط الأخضر، وهذا ما يكشف الخسارة التي عصفت بالقطاع.
<  بالحديث عن الخسائر، من يتحمل مسؤوليتها، وهل هناك تعويضات بالنسبة للمربين؟> الخسائر تحملها المربون وحدهم، ولم يتم تعويضهم، ولم يسبق وأن حصل المربي على أي دعم معين، وأزيد من 90 بالمئة من المربين لم يستفيدوا من دعم المخطط الأخضر وفي مرض إنفلونزا الطيور لم يتم تعويضهم عن الخسائر، وهذه المشاكل منذ 2011 وهي تتراكم، فحتى الأدوية والفحوصات واللقاحات لا يستفيد منها المربي، في حين أن منتجي البيض وفاعلين آخرين في القطاع استفادوا من كثير من الامتيازات لمحاربة الأمراض والأوبئة، لأن الحكومة لا تريد، بنظري، أن تمنح للمربي الحق في الدفاع عن نفسه، لاسيما وأنها تعطي الحق لإطار معين للحديث باسم جميع الإطارات والحقيقة أنه لا يمثلها.
< في هذا السياق، لكم مجموعة من النقاط الخلافية مع الفيدرالية البيمهنية للدواجن، ما السبب في ذلك؟> الخلاف عميق، وهو يشكل أغلب المشاكل التي تحدثنا عنها، فهم يحاولون فرض الأمر الواقع على المربين من خلال بيع المنتوجات التي يريدونها بالأثمنة التي يحددونها، واحتكار السوق، والأكثر من ذلك أنهم يقتحمون السوق وينافسون المربي، ونحن كمربيين نصنف كفلاحين ولا أحد يعتبرنا كمربين ولا أحد يريد الاعتراف بذلك، وهذا الأمر يجعلنا مباشرين أمام مشاكل السوق والمتغيرات التي قد تطرأ عليه.
< هل تتم عملية مراقبة منتوجاتكم ومراقبة الضيعات؟> هناك عملية مراقبة في البداية، من حيث الشروط الصحية والسلامة، لكن عدد الضيعات المراقبة قليلة بالنظر لما هو في السوق، فـ 40 بالمئة من الضيعات هي ضيعات عشوائية لا يعرفها حتى المكتب الوطني للسلامة الصحية، وكنا وجهنا في هذا الصدد مجموعة من المراسلات لوزارة الفلاحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للكشف عن مجموعة من الخروقات لكن بدون أجوبة، وحتى وزير الفلاحة كان قد صرح في البرلمان جوابا على سؤال وجهه برلماني عن حزب التقدم والاشتراكية حول مراقبة الضعيات، حيث أكد أن 9000 ضعية معترف بها ومراقبة، ونحن كمهنيين نؤكد أن هذا الرقم خاطئ، إذ أنه كما قلت أزيد من 40 بالمئة من الضيعات الفلاحية هي عشوائية وغير مراقبة، وهناك قانون ولا يتم تطبيقه.وبالحديث عن المراقبة، فالمربي هو من يستقدم البيطري ويدفع له، دون أي تدخل أو دعم من الدولة في هذا الإطار، حيث أن أكرر أن المربي وحده هو من يتحمل جميع الإشكالات والخسائر التي يعرفها القطاع، فمربي الدجاج تفرض عليه جميع الإجراءات.
< وبالنسبة للمفاقس وشركات الكتكوت التي تتعاملون معها، هل تراقب؟> أكاد أجزم أنها لا تراقب وذلك لسبب وهو أن المنتوج الذي نشتريه منهم، نجده في بعض الأحيان دون لجودة المطلوبة لا من حيث الأعلاف، كما أن المربي حين يطلب الوضعية الصحية للكتكوت أو التحاليل، فالشركات ترفض وهذا يعني أنه ليست هناك عملية مراقبة دقيقة، بالإضافة إلى غياب الحكامة التي يجب أن تفرضها وزارة الفلاحة على القطاع لفرض القانون على جميع الفاعلين.
< ألا تخلق هذه الاختلالات أزمة ثقة بينكم وبين التجار الصغار؟> بالنسبة للمنتوجات التي نقدمها، فهي تكون واضحة للتجار الصغار، فحين نبيع بالجملة الدجاج الحي، تكون الأمور واضحة بالنسبة له ولا يمكن التلاعب بالجودة حينها، لاسيما وأن المنتوج يظل أياما عديدة عند التاجر وبالتالي إن كان هناك أي مرض فسيلاحظ الأمر، خصوصا وأن الدجاج سريع التلف، والدجاج الذي لا يمكن معرفة جودته هو الذي يتم ترويجه مذبوحا في الأسواق، وهذا يتحمل مسؤوليته المكتب الوطني للسلامة الصحية.
< هل للسوق السوداء تأثيرات على المربين؟> السوق السوداء هي مصدر للخسائر، فنحن اليوم ومنذ 2011 نبيع الدجاج بأقل من تكلفته، فالإنتاج الوطني من لحوم الدجاج تتجاوز 600 ألف طن، ونعمل على ضمان الجودة خلال عملية التربية رغم أن الأمور مكلفة كما ذكرت، ولم نعد نحقق أرباح، وبالمقابل فالخسائر تزداد سنة بعد سنة، وتكلفة تربية لحم الدجاج تتراوح بين 12 و13 درهم، في حين يتم بيعه في السوق بأقل من ذلك في بعض الحالات، إذ يهوي الثمن إلى 10 دراهم، وهذا كله بسبب عشوائية تسيير القطاع  وضعف المراقبة والتسويق.
< ختاما، كفاعلين في القطاع، ما هي رؤيتكم لإصلاح القطاع؟> يجب على وزارة الفلاحة أن تعيد النظر في حساباتها وأن تطلق حوارا وطنيا مع جميع المربين على امتداد جهات المملكة، فضلا عن عمل الوزارة على إحياء تجربة المكاتب الجهوية التي كانت ترشد المربين وتتواصل معهم، لكنها اليوم غير موجودة. فاليوم نحن في حاجة للتواصل وإعادة الحسابات وتطبيق القانون وضمان التنافسية ومحاربة الاحتكار من أجل حماية المنتج من جهة، وحماية المستهلك من جهة أخرى، وبهذا تحمي كذلك الإنتاج الوطني والسوق الوطنية، فقطاع الدواجن تهدر فيه أموال كثيرة بالعملة الصعبة لأن 90 بالمئة من الأعلاف مستوردة وإنتاج الكتكوت هو الآخر مستورد بمعنى أننا نبذر العملة الصعبة دون أن نحقق هدفا واضحا وهو استقرار السوق الوطنية وجعل القطاع قويا.

***

المخطط الأخضر يفشل في القضاء على الذبيحة السرية

يعتبر استمرار “الرياشات” من بين المشاكل الكبرى التي يشهدها قطاع الدواجن بالمغرب، حيث لا يكاد يخلو حي سكني من عدد كبير من المحلات التجارية التي تتوفر فيها “الرياشات”، إذ يتم بها ذبح الدواجن وتقديمها لفائدة المستهلك المغربي.
ويعترف العديد من المهنيين وكذا الوزارة بهذا المشكل الذي يعد بحسبهم من بين المشاكل التي تقدم صورة سلبية عن القطاع، وهو الأمر الذي كانت قد ناقشته وزارة الفلاحة مع الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، خلال شهر أبريل من السنة الماضية.
وخلال الاجتماع السنوي المذكور، أصر مهنيو القطاع على استعجالية تنفيذ التدابير الصارمة لمحاربة طرق الذبح السرية في “الرياشات”، سواء تعلق الأمر بتأهيل الوضعية الحالية أو الحد من إصدار التراخيص لهذه المحلات على المستوى المحلي، باعتبارها لا تلتزم بالشروط الصحية أو المعيارية، لطبيعة نشاط الذبح المزاول.
وفي هذا الصدد، تم تقديم مقترحات تهم بالتحديد تحويل أماكن الذبح إلى نقط لبيع لحوم الدواجن من المجازر المعتمدة أو في وحدات الذبح المحلية المخصصة حصريا للاحتياجات العائلية.
وحول المشكل ذاته، قال بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك لبيان اليوم، إن استمرار “الرياشات” يعتبر أمرا غير مشروعا ويجب الحد منه، من خلال منع منح الرخص لهذه المحلات، وتحويلها إلى نقط بيع بعد تسلمها للدجاج من طرف المجازر، التي تتم بها مراقبة الدواجن من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
وخلال زيارة قامت بها جريدة بيان اليوم لمجموعة من الأحياء الشعبية بمدينة الدار البيضاء؛ درب السلطان، باب مراكش، اسباتة، الألفة، الحي الحسني.. وقفت عند مجموعة من المحلات التي معظمها مخصصة “للرياشات”، بيد أنه توجد بعض المحلات الخاصة التي تقدم فقط اللحوم التي تتسلمها من طرف المجازر وتقوم بتسويقها لفائدة المستهلك.
وتشتغل هذه الرياشات خارج المراقبة الصحية، حيث تذبح بها الدواجن بشكل عشوائي وفي ظروف يرثى لها، إذ يتم توظيف سكاكين غير معقمة، بالإضافة إلى مياه غير نظيفة تسخن فوق الحطب أو المطابخ العصرية، وهو المشهد الذي يوجد أيضا، بالأسواق الأسبوعية بالعالم القروي، حيث غياب المراقبة التامة من طرف “الأونسا”.
وفي سياق متصل، كانت قد كشفت دراسة صدرت خلال سنة 2018، أن “الرياشات” يصل عددها بالمغرب إلى أزيد من 13 ألف و900 رياشة، مؤكدة استمرار المذابح العشوائية، أو بالأحرى الذبيحة السرية، خصوصا أمام غياب المراقبة الصحية لهذه الدواجن التي يتم ذبحها وعرضها للمستهلك.
وأضافت الدراسة التي تم إنجازها بشكل مشترك بين مكتب الدراسات “مزار”، والجمعية الوطنية للمجازر الصناعية أن 92 في المائة من الدواجن المعروضة في السوق تمر عبر القطاع العشوائي غير المنظم، لتبقى اللحوم المراقبة صحيا بالمجازر الصناعية لا تتعدى نسبتها 8 في المائة.
وتحمل الجمعية الوطنية للمجازر الصناعية، انتشار الرياشات كالفطريات في مختلف أحياء المدن المغربية، إلى تسامح السلطات المحلية والمنتخبين مع هذه الفئة، التي تمنح لها رخص دون الالتزام بالشروط والضوابط القانونية الخاصة بالقطاع.
من هنا، فإن مخطط المغرب الأخضر الذي جاء في البداية للنهوض بهذا القطاع، والعمل على تقويته وعصرنته، مع الرفع من حجم العرض وتحسين جودة المنتوجات، فشل في تحقيق هذه الأهداف وغيرها، وهو ما أكده مجموعة من المهنيين تحدثوا لبيان اليوم ورفضوا ذكر اسمهم.
وبحسب المهنيين ذاتهم، فإن القطاع لا زال غير مهيكل، مستشهدين بسيادة الرياشات العشوائية، التي تنتج بها لحوم الدواجن غير المراقبة صحيا، بالإضافة إلى تلوثها وتعفنها نتيجة مراحل الإنتاج التي تتم بها.

***

المفوضية الأوروبية ترصد اختلالات إنتاج الدجاج بالمغرب

تفاعلا مع مطلب الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن بالمغرب حول تصدير دجاج اللحم إلى أسواق دول الاتحاد الأوروبي، بعثت المفوضية الأوروبية ببروكسيل لجنة مكونة من ثلاثة أشخاص، مفتشين وخبير، مختصين في مجال الصحة والتغذية، من أجل الاطلاع على مختلف أنشطة سلسلة الدواجن بالمغرب.
وقامت لجنة الاتحاد الأوروبي بثلاث زيارات متفرقة من أجل الإطلاع على مختلف مرافق السلسة، والتي همت الجانب الصحي والنظافة واللوجيستك، انطلاقا من زيارات ميدانية لمختلف المرافق منها مختبرات وضيعات وأسواق ومجازر ثم مكاتب الأونسا الجهوية في كل من أكادير والدار البيضاء والرباط.
ومباشرة بعد كل زيارة، كانت اللجنة تعد تقريرها وتضعه فوق طاولة مجلس الإدارة العامة للصحة والأمن الغذائي للاتحاد الأوروبي، وحصلت جريدة “بيان اليوم” على تقرير الزيارة الأولى التي قامت بها اللجنة بين 6 و14 مارس 2017، التي همت الجانب الصحي بالدرجة الأولى.
وسجلت اللجنة في تقريرها مجموعة من الملاحظات السلبية على مستوى الاحتياطات الخاصة بحماية قطاع الدواجن من الأمراض المعدية سريعة الانتقال، واصفة ردة الفعل والتفاعل مع هذه الأمراض بالـ”بطيئة”، خصوصا على مستوى توفير الأدوية واستيرادها من الخارج.
وانتقدت اللجنة طريقة تربية الدواجن بالمغرب، والتي تتم بطريقة تقليدية، من خلال ترك قطيع الدواجن طيلة مراحل التربية داخل ضيعات مغطاة، في الوقت الذي يجب أن تترك هذه الدواجن في الهواء الطلق أيضا، بحسب تقرير اللجنة.
ولاحظ خبراء الاتحاد الأوروبي الإقبال الكثيف على استعمال الأقفاص الخشبية في نقل الدواجن من الضيعات إلى المجازر التي قاموا بزيارتها، وهو ما وقفوا عليه كذلك، في أسواق الجملة التي يتم بها نقل الدواجن في الأقفاص ذاتها، داعين إلى استعمال الأقفاص البلاستيكية.
بيد أن التقرير أشار إلى أنه أثناء القيام بزيارة ميدانية إلى أحد المجازر بمدينة الدار البيضاء، تم معاينة استعمال أحد السيارات لأقفاص بلاستيكية لنقل الدواجن، والتي تم تنظيفها وغسلها بعين المكان، قصد توظيفها مرة أخرى في نقل الدواجن.
وهذه العملية لا يتم استخدامها أثناء نقل الدواجن في الأقفاص الخشبية، التي تعتبر من بين الأماكن الناقلة لعدوى المرض، لأنها لا تنظف بشكل دائم ولا يتم غسلها كالأقفاص البلاستيكية.
وبالعودة إلى سوق الجملة الخاص بالدواجن، سجلت اللجنة الأوروبية العشوائية في التعامل، وغياب المراقبة الصحية، وتوظيف بض التجهيزات والآليات المتهالكة، ثم عدم توثيق المعاملات التجارية، كغياب سجل خاص بأصحاب النقل والسيارات والشاحنات، حتى يتم من خلاله تسجيل المعلومات الخاصة بكل شحنة.
وأشار التقرير إلى أن وسائل النقل، يجب أن تكون مخصصة فقط لقطاع لدواجن، كما أنها يجب أن تخضع للمراقبة بشكل مستمر من طرف السلطات، على أساس تجديد رخصة سنوية لها، للنشاط في هذا القطاع الذي وصفه التقرير بـ”الحساس” لأنه يتأثر بشكل كبير بالأمراض المعدية.
وأكدت خلاصات التقرير الخاص بصحة قطاع الدواجن، أن المغرب يفتقد لخطة خاصة بمحاربة الأمراض العدائية الفجائية، وهو ما يشكل خطرا على صحة قطيع الدواجن بالمغرب، الذي من المفترض أن يصدر منه عدد مهم نحو الأسواق الأوروبية.
وهذه الملاحظات، عاد التقرير الأخير للإشارة إليها، والمتعلق بالفترة الممتدة بين 4 و14 دجنبر 2017، مشيرا إلى أنه يمكن تجاوز هذه الاختلالات في المرافق إذا ما تم تصحيحها، غير أنه لاحظ وجود تشريعات قانونية تتماشى مع النصوص الأوروبية فيما يخص مجال التنظيم.
وزار خبراء الاتحاد الأوروبي، أربع مجازر خاصة بالدواجن، عاينوا فيها بعض التجاوزات غير السليمة صحيا، لاسيما على مستوى مجزرتين، التي قالوا إنه تتم بهما أنشطة خطيرة، نظرا لغياب النظافة وتداخل الأنشطة كالذبح، والسلخ، والتقطيع. وهو ما يؤدي إلى انتقال الباكتيريا وتعفن وتلوث هذه اللحوم واتساخها نتيجة النفايات المتكاثرة التي لا يتم التخلص منها بشكل سلسل وسليم.
ووصف التقرير عملية ذبح الدواجن بـ”القتل البشع”، داعيا إلى التعامل بطريقة سليمة مع هذه الدواجن، من خلال استعمال وسائل ذبح نظيفة وحادة.. وهي نفس الملاحظات المسجلة على مستوى باقي المرافق الأخرى.
ولم يفت التقرير الإشارة إلى أن المهنيين الراغبين في تصدير دجاج اللحم، لا زالوا يفتقدون إلى المنشآت الخاصة بالتصدير، فيما يخص النقل والتغليف والتجميد إلى غيرها من الوسائل المتعلقة باللوجيستيك.
وقدمت في الأخير اللجنة الأوربية حزمة من الملاحظات لفائدة السلطات المغربية، قصد معالجة أوجه الخلل والنقص في القطاع، بهدف إصلاحها، من خلال وضع جدول زمني خاص بالإجراءات التي سيتم اتخاذها لمعالجة أوجه القصور.

***

     3 أسئلة إلى بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك

> ما الملاحظات التي تسجلها جمعيتكم على قطاع الدواجن ؟
< بالنسبة للجامعة المغربية لحقوق المستهلك يعتبر قطاع الدواجن من بين أهم القطاعات الفلاحية المتواجدة في التراب الوطني، لأنه يوفر أكثر من 60 في المائة من البروتينات، ولولاه لما كان للمستهلك المغربي النسبة المئوية للبروتينات التي توجد باللحوم البيضاء. وقطاع الدواجن كما هو معلوم يتضمن إنتاج اللحوم، ثم البيض.
هذا القطاع مهيكل منذ صدور القانون 49.99 حيث أصبح مؤطرا من طرف المصالح المعنية، وخاصة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، كما تم على ضوء القانون المذكور إجبار الضيعات الخاصة بتربية الدواجن على التعاقد مع بيطريين للتأطير الصحي، لأن إنتاج البيض والدجاج في السابق، كان غير مؤطر من طرف البياطرة، وهذه نقطة تحتسب لفائدة المهنيين، وكذلك لوزارة الفلاحة.
بيد أنه بالرغم من هذا التأطير، يشهد البيع فوضى عارمة لأنه إذا وقفنا على جودة لحوم هذه الدواجن، سنجد أن 80 في المائة من اللحوم التي يتم إنتاجها في المغرب لا تخضع للمراقبة الصحية، كما أن 10 في المائة فقط هي من تتم مراقبتها في المجازر العصرية من طرف “الأونسا”، من هنا فإن المغربي يستهلك 80 في المائة من الدجاج غير المراقب، وهذا في حد ذاته حيف في حق المستهلك المغربي.
وإذا أردنا الحديث عن البيض، فإننا نجده هو الآخر قطاع منظم ومهيكل، ولكن عندما نقف عند نقط البيع نلاحظ بأنه يباع في ظروف غير ملائمة وغير صحية، وبالتالي فالضحية هو المستهلك، والسبب في ذلك هو غياب المراقبة.

> تنتقدون بشكل دائم استمرار تسويق الدجاج البياض لماذا هذا الإلحاح ؟
< بخصوص الدجاج البياض، هو دجاج متقاعد ويباع باسم الكروازي، والحقيقة هو أنه ليس دجاج كروازي، بل هو دجاج بياض انتهت مهمته الخاصة بإنتاج البيض، ويبيعونه للمواطن ككروازي، وهذا تضليل في حق المستهلك المغربي، ففي دول أخرى هذا الدجاج لا يباع حيث يذبح في المجازر ويقدم غذاء للحيوانات ونحن نجده يباع في السوق، من هنا فإن القطاع كلما كان منظما على الورق فإنتاجه يعرف فوضى وعشوائية، ونحن ضد بيع هذا الدجاج في الأسواق المغربية، لأنه غير خاضع للمراقبة.
> يعرف قطاع الدواجن وجود أعداد كبيرة من الرياشات ما موقفكم من الموضوع ؟
< حقيقة الرياشات هي الأخرى تدخل في الفوضى العارمة للإنتاج والتسويق، فعندما قلت إن 80 في المائة من لحوم الدجاج المستهلكة غير صحية، فالأمر يتعلق كذلك بهذه الرياشات، التي بحسب القانون 49.99 ممنوعة. لأنه لا يمكن أن يسوق إلا الدجاج الخاضع للمراقبة من طرف المصالح البيطرية بمجازر الدواجن.
والرائج هو قول البعض بأن المشكل مرتبط بما هو اجتماعي بمعنى إلى ما مصير العاملين بهذه الرياشات؟
هذا خطأ كبير لأن الحل السهل والبديل أيضا موجود، وهو أن هذه الرياشات يجب أن تتحول إلى نقط بيع اللحوم التي من المفترض أن يتسلموها من المجازر التي توجد بها مصالح “الأونسا”.
فنحن ضد فتح محلات خاصة ببيع الدجاج وتتوفر على رياشات غير مراقبة صحيا وتعمل على تقديم اللحوم للمستهلك المغربي، من تم فإن هذه الرياشات يجب أن تتحول إلى نقط بيع.
كما أن هذه المحلات لا يجب أن تكون بها الرياشات، بل يجب أن تجهز فقط بمعدات خاصة بتسلم لحوم الدجاج للمحافظة على جودتها وكذا سلامتها الصحية، إذ لا يمكن تقبل انتشار هذه الأعداد الكبيرة من الرياشات التي تلوث الدجاج، ويتم بداخلها تدليس جثث الدواجن بهدف بعيها للمستهلك.
وأؤكد مرة أخرى، بأن هذا الدجاج غير مراقب وبالتالي هناك أمراض معدية تنتقل إلى المستهلك، ونحن دائما نعيب على كل من يستعمل الدرع “الاجتماعي” للدفاع عن هذه الفئة، كوسيلة للضغط من أجل استمرار وجودها.
ومشكل الرياشات أعمق من كل هذا، لأننا كما نعرف هناك طرف ثالث في الموضوع، وهو المنتج الذي يجب أن يتعامل مع المجازر المراقبة صحيا من طرف بياطرة المكتب الوطني للسلامة الصحية والمنتجات الغذائية.
والمستفيد الأكبر من فوضى الرياشات هي فئة المنتجين التي تتحايل على القانون من أجل إخضاع دواجنها إلى المراقبة قبل الذبح وتقديم لحومها للمستهلك المغربي، من هنا فإن أصحاب المجازر هم من يشجعون على استمرارها.
وكمقارنة بسيطة للوضع بالمغرب مع دول أخرى، فإن الأمر مختلف جدا، فهذه الضيعات يشترط فيها أن تضع برامج مع المجازر الخاصة بذبح الدواجن مباشرة بعد خضوعها للمراقبة من قبل المصالح الصحية.
وخلاصة القول، هو أن المنتجين هم السبب في استمرار تفشي ظاهرة الرياشات، علاوة على تفريخ الرخص من طرف السلطات المحلية التي تظهر ضعيفة في هذا الباب ولا تريد تحمل مسؤوليتها في حماية المستهلك المغربي. نحن لسنا ضد منعهم ولكن مع تقنين هذا النشاط من خلال الحد من ظاهرة الرياشات، وتعويضها بنقط لبيع اللحوم البيضاء.

***

تربية الدواجن.. البقاء للأقوى

“البقاء للأقوى”.. هكذا وصف المهنيون الصغار لـ”بيان اليوم”، مغامرة الاستثمار في تربية الدواجن بالمغرب، حيث يشتكون بشكل مستمر من الممارسات الاحتكارية التي يشهدها القطاع، من قبيل لهيب أسعار الأعلاف وكذا الارتفاعات الصاروخية بين الفينة والأخرى لثمن “الفلوس”، ثم تهاوي أسعار الدواجن أو ارتفاعها بالضيعات.
وإذا كان المهنيون الصغار يشكون من هذا الوضع الذي يعرفه المجال، فإن الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن بالمغرب، تتبرأ من هذه الشكايات، وتعتبر السوق حرا ولا حرج في أن يفلس المربي أو ينجح في مشروعه، مؤكدة على لسان مديرها شوقي الجيراري، بأن دور الفيدرالية يقتصر على التنظيم ليس إلا.
وبين هذا الجدل الدائر بين الفيدرالية وصغار المربين، يستمر مسلسل الشد والجذب حول من له المصلحة في التحكم ب”الريموت كنترول” في السوق، خصوصا فيما يتعلق بجودة الأعلاف وأثمنتها، ثم أسعار الكتاكيت والدواجن على الخصوص.
وفي هذا الصدد، سبق للجمعية الوطنية لمربي دجاج اللحم، والجمعية المغربية لمربي الدواجن أن راسلت رئاسة الحكومة المغربية حول “الممارسات الاحتكارية لأصحاب شركات الأعلاف وأصحاب المحاضن”، مؤكدتان أن الضحية في هذا المشهد هم مربو دجاج اللحم.
ونتيجة لهذه الأسعار المرتفعة، فإن تكلفة الكيلوغرام الواحد من الدجاج تفوق 11.50 درهم، في الوقت الذي يتراوح ثمن بيعه في الضيعة بين 9 و10 دراهم، لتبقى اللوبيات المستفيد الأكبر من هذه التلاعبات. وكشفت مصادر متعددة لجريدة “بيان اليوم” كيف أن بعض الأشخاص يتحكمون في السلسلة ككل، على اعتبارهم صانعي الأعلاف، والمتوفرين على محاضن الكتكوت، فضلا عن تربيتهم للدواجن.
ويحتج المهنيون على وزارة الفلاحة، باعتبارها الوصية على القطاع، من خلال تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقر الوزارة، مطالبين بإرغام كل المتدخلين في القطاع باحترام القانون 49/99، المتعلق بالوقاية الصحية لتربية الطيور الداجنة وبمراقبة إنتاج وتسويق منتوجاتها.
ومن بين الخروقات التي ذكرها المهنيون في رسالتهم التي وجهوها لرئيس الحكومة سعد الدين العثماني، تسويق أصحاب المحاضن لما يفوق 40 في المائة من الإنتاج الوطني من الكتكوت عن طريق السماسرة الذين يتوفرون على رخص ممارسة التربية، إذ يعيدون بيعها بأثمنة تصل إلى 6 دراهم، وهو ما أكد عليه أيضا شوقي الجيراري مدير الفيدرالية البيمهنية لقطاع الدواجن بالمغرب.
وأوضح المهنيون المنضوون تحت لواء الجمعيتين، أن تكلفة الدجاج ترتكز أساسا على ثمن الفلوس والأعلاف حيث لا يتعدى الفلوس 19 في المائة. بيد أن العلف يشكل 60 في المائة من التكلفة الإجمالية، من هنا، فإن “مشكلة الأعلاف تبقى أساسية في تربية الدجاج” وفقهم.
وتتضمن الرسالة التي حصلت “بيان اليوم” على نسخة منها، مقارنة دولية، لاسيما على مستوى البحر الأبيض المتوسط، في إشارة إلى دولة فرنسا التي لا يتعدى فيها سعر إنتاج الكيلوغرام الواحد من الدجاج 0.90 أورو أي 9.60 درهم، ونفس الشيء مع إسبانيا، لتبقى تكلفة الإنتاج بالمغرب أغلى التكاليف عالميا على حد تعبير الجمعيتين سالفتي الذكر.
والمتهم الرئيسي في هذا الارتفاع الحاصل، هم أصحاب شركات الأعلاف، التي تستورد المواد الأولية من الولايات المتحدة الأمريكية والأرجنتين، إذ بالرغم من الأثمنة التي تعرف انخفاضات في بعض الأحيان على مستوى السوق الدولية، فإن ذلك لا ينعكس على السوق المحلية بالمغرب.
ولهذه الاعتبارات، يلجأ ثلة من المهنيين الصغار إلى تقديم بعض الأعلاف غير المعتمدة والمراقبة من طرف مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، كغذاء للدواجن التي يربونها بضيعاتهم، حيث يقتنونها من عند شركات سرية، تعمل على تجميع منتوجات فلاحية وسمكية يتم تدوريها وتقديمها غذاء للدواجن.

> إعداد: يوسف الخيدر – محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top