كرة القدم والأدب

تهيمن خلال هذه الأيام منافسات كأس أفريقيا لكرة القدم، الرياضة التي تحظى بمتابعة كثيفة من طرف مختلف شرائح المجتمع، يتابعها الرياضيون والموظفون والأساتذة والحرفيون والمهندسون والنساء والرجال والأطفال والشيوخ.. مختلف طبقات المجتمع تركز اهتمامها على مجريات هذه المنافسة الرياضية، سيما وأنها تشهد مشاركة منتخبنا الوطني الذي يعلق عليه أمل كبير للظفر بالكأس الثانية في تاريخه الكروي القاري.

لكن ما مدى حضور رياضة كرة القدم وغيرها من الأنشطة الرياضية في الأدب المغربي؟
هل يمكن الحديث عن رواية أو قصة أو مسرحية.. في إنتاجنا الأدبي، تطرقت إلى هذا الموضوع وجعلته محورا رئيسيا لعالمها الواقعي أو حتى الخيالي؟
هناك غياب شبه تام لنصوص أدبية مغربية حول كرة القدم؛ باعتبارها رياضة ومنافسة وصراعا ووو.. وكذلك سياسة واقتصاد.
لقد تشابكت المنافسات الرياضية مع السياسة، خصوصا عندما يتعلق الأمر برياضة شعبية، من قبيل كرة القدم.

العديد من الأدباء المغاربة، يتحاشون الإعلان عن حبهم وتعلقهم بكرة القدم تحديدا، ربما اعتقادا منهم أن ذلك سيعمل على التنقيص من وضعهم الاعتباري، سيما وأن كرة القدم تعد رياضة شعبية.
إن نصوصهم الإبداعية، عادة ما تكون موجهة إلى النخبة المثقفة، ونظرا لهذا الاعتبار؛ فإنهم يحرصون على الابتعاد عن كل ما يمكن أن يبعدهم عن دائرة النخبة.
ولذلك فإن إنتاجهم ظل دائما محدود الانتشار، باستثناء قلة قليلة منهم، استطاعت بالفعل أن تحصل على صيت شعبي، لكن ليس في تطرقها لكرة القدم أو لأي رياضة أخرى شعبية، بل الأمر يتعلق بموضوع آخر لا يخلو من جاذبية وهو الجنس، كما هو الحال بالنسبة لرواية الخبز الحافي التي حققت شهرة واسعة وتعرضت للمصادرة خلال سنوات الثمانينات من القرن الماضي، ويبدو أنه تم رفع الحظر عنها في السنوات القليلة الماضية.
أتصور لو أن أحد أدبائنا جعل منتخبنا في كرة القدم أو فريقا كبيرا من فرقنا في البطولة الوطنية؛ موضوعا محوريا لروايته مثلا، وقام بالدعاية لها؛ لأمكنه أن يحقق نسبة من المبيعات لم يكن يحلم بها، بالنظر إلى الاهتمام الجماهيري الواسع بهذا النوع من الأنشطة الرياضية. إن الكتابة في هذا الموضوع، موضوع كرة القدم، من الناحية الأدبية والإبداعية، يضع في متناول الكاتب عدة خيارات للخلق والإبداع، سواء تخييليا أو واقعيا.

هناك العديد من الأحداث والذكريات المرتبطة بمنافسات كرة القدم وغيرها من الرياضات، الجديرة بتناولها في قالب قصصي أو روائي أو حتى مسرحي..
ما يوجد في سوق الإصدارات المغربية، هو بعض العناوين القليلة جدا التي تطرقت لموضوع الرياضة، لكن من زاوية توثيقية. أغلب المؤلفين في هذا الفرع من الكتابة هم بالأساس إعلاميون، كان لهم تواصل مع لاعب معين أو فريق رياضي معين، وقاموا بتسجيل مذكراتهم ومحطات من حياتهم الرياضية والاجتماعية.
إن كرة القدم ليست مجرد رياضة، إنها فن وإبداع ومهارة وتخطيط وسياسة واقتصاد.. وهي تستحق أن يكتب عنها الأدباء وأن لا يخجلوا من الإعلان عن اهتمامهم بها.

عبد العالي بركات

[email protected]

الوسوم , ,

Related posts

Top