كورونا تعمق الهشاشة الاجتماعية للمياومين بالمغرب

وجدت العديد من الأسر المغربية ضعيفة الوضع الاجتماعي نفسها في مواجهة كورونا بذخيرة احتياط مالي منعدم جدا أو على الأقل لا يتعدى الأسبوع الواحد، حيث اضطر الكثيرون إلى الخروج نحو الشارع بحثا عن لقمة عيش عائلاتهم، لاسيما وأن فترة الحجر الصحي طال أمدها بالمغرب، بعد التمديد الأخير.
كثيرة هي أسهم الانتقادات التي وجهت لفئة المياومين في القطاع غير المهيكل، بشأن خرق حالة الطوارئ الصحية، بيد أنها دفعت مضطرة إلى الخروج لمواجهة كورونا وتكاليف الحياة معا، خصوصا وأن أزيد من مليوني أسرة لم تستفد من دعم صندوق مواجهة جائحة كورونا، بحسب الإحصائيات الرسمية التي قدمتها الحكومة بشأن الشكايات المقدمة في الموضوع.
وعلى الرغم من إعطاء الضوء الأخضر لاشتغال بعض القطاعات، بهدف الرجوع التدريجي إلى تحريك عجلة الاقتصاد المغربي، وإقدام القطاعات غير المهيكلة لاسيما اليد العاملة في الحرف والصناعات التقليدية إلى العودة للشارع بحثا عن فرص عمل، إلا أن هذه الأنشطة الأخيرة لا زالت شبه متوقفة، لأن فترة الحجر الصحي لن تنتهي إلا بعد 10 يونيو الجاري.
ويرى العديد من العمال والحرفيين الذين تحدثت جريدة بيان اليوم معهم، أن الرجوع إلى العمل بشكل طبيعي كما هو الحال قبل فترة جائحة كورونا- كوفيد 19 يعتبر صعبا، نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي بدت أنها متأثرة بهذه الأزمة التي سترخي بظلالها في المستقبل على الوضع الاجتماعي بالبلاد.
وقال الصانع التقليدي علي إنه منذ بداية الحجر الصحي الذي أعلنت عنه الحكومة لم يربح سنتيما واحدا، لأنه ظل طيلة هذه الفترة في منزله يترقب الأوضاع الصحية عن طريق شاشة التلفاز والهاتف، مع خروج قليل إلى الشارع من أجل التبضع.

وأشار علي الذي يشتغل إسكافيا في درب بوشنتوف بدرب السلطان الدار البيضاء، إلى أنه يكتري محلين حيث يمارس نشاطه التقليدي في صناعة الأحذية، حيث لم يؤدي فاتورة كرائهما طيلة هذه الفترة، إلى جانب واجبات كراء المنزل أيضا، لكنه مع ذلك يأمل أن تعلن الحكومة عن عودة النشاط الاقتصادي غير المهيكل، حتى يستطيع تسديد كل هذه الالتزامات المالية.
وبخصوص تأمينه لمصاريف الطعام طيلة هذه الفترة، ذكر علي لجريدة بيان اليوم أنه اقترض بعض الدراهم من قبل بعض أصدقائه وأفراد عائلته، قبل أن يستفيد مؤخرا من دعم الصندوق المذكور أعلاه، الذي ساعده في تدبير المرحلة خصوصا وأنه لا يدخر مالا لمثل هذه الأزمات التي اضطرته إلى التوقف بشكل كلي، وعدم مزاولة نشاطه المهني.
من جانبه، كشف أحمد الذي يشتغل مياوما في البناء، أن كورونا كانت ضربة قوية للفقراء الذين لم يستطيعوا أن يواجهوها ماديا، على اعتبار الحجر الصحي تطلب التوقف الكلي للقطاع الذي يعمل به، لكن تفاقم وضعه الاقتصادي وحاجة أبنائه للطعام دفعاه إلى الخروج من أجل الجلوس في “الموقف” وانتظار طلب أحد المواطنين للاشتغال في ورش محدد المدة (بريكول).
واعتبر أحمد الإجراءات التي قامت بها الحكومة بخصوص الحجر الصحي، وما أقدمت عليه من دعم مادي لفائدة الأسر الضعيفة أمرا مهما، من أجل الأمن الصحي بالبلاد، غير أن تداعياته وكلفته الاقتصادية كانت قاسية على الفئات الهشة من المياومين الذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل، والمهيكل معا.
وطالب أحمد في حديثه مع جريدة بيان اليوم، بضرورة إقدام الحكومة في القادم من الأيام على وضع قانون، أو قيام وزارة الداخلية بتوجيه مذكرة لفائدة السلطات المحلية، من أجل حل العديد من المشاكل المرتبطة بكراء الشقق المنزلية، خصوصا وأنه يواجه حاليا تهديدات بالإفراغ إذا عجز عن أداء واجبات ثلاثة أشهر من الكراء في القريب العاجل.

Related posts

Top