الجريمة الإلكترونية..الأضرار النفسية وجوانب الردع القضائية

هاكرز يستهدفون رواد مواقع التواصل الاجتماعي جنسيا

“يلا شافو دارنا الفيديو غايجريو عليا، كنفكر نتاحر خويا عبد الصمد، عاوني”، بهذه الجملة اختتم الشاب العشريني مكالمته الهاتفية، التي حكى فيها تفاصيل الإيقاع به.
بقلب يعتصره الألم، يحكي الشاب كيف وقع ضحية “الأرناك”، وأضحى يعيش على وقعه كابوس الخوف من وصول الشريط الذي تم تسجيله له وهو يقوم بإيحاءات جنسية عاري الجسد إلى أسرته، خاصة بعد نشر الفيديو من طرف المبتزين على قناة اليوتيوب.
هذا الشاب الضحية الذي سنعود لتفاصيل قصته، ضمن هذا التحقيق، ليس إلا واحدا من بين العديد من الحالات التي تعرضت للابتزاز الإلكتروني، خلال فترة انتشار وباء كورونا، وإجراءات الحجر الصحي، من بينها شخصيات معروفة، والتي بدأت قصتها بقبول دعوة حسابات مزيفة “Faux comptes” على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتختلف الحسابات المزيفة حسب اختلاف جنس الضحية المفترضة، وعمرها، والفئة التي تنتمي إليها، حتى يتمكن الجناة من استدراجها للحصول على ما يسعون إليه -شيء يرفض الضحية مشاركته مع العامة-، ويبتزونها للحصول إما على المال أو خدمة أو شيء يرغبون به لدى الضحية…
كيف يتم اختيار الضحايا والإيقاع بهم؟ وما الذي يطالبونهم به؟ وهل يعمل المبتزون بشكل فردي أم ضمن عصابات منظمة؟ وما هو جنس المبتزين والضحايا وجنسيتهم؟ ثم ما الذي يجب أن يفعله الضحايا؟ وكيف يمكن تجنب الوقوع في شباك المبتزين؟ وأية حماية قانونية للضحايا وأي عقوبات تنتظر المبتزين؟ أسئلة وأخرى سنحاول الوصول إلى الإجابة عنها، من خلال التواصل مع المديرية العامة للأمن الوطني، ومختصين في مجالات التكنولوجيا والقانون ثم علم الاجتماع.
وفي سياق متصل، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني، في لقاء خاص مع جريدة بيان اليوم، الإثنين الماضي، عن عدد من المعطيات الرسمية، تهم عدد قضايا الابتزاز الجنسي على الإنترنت المسجلة لدى مصالحها، وعدد ضحايا الابتزاز الجنسي، ومجموعة من الأرقام والمعطيات الأخرى التي تنشر لأول مرة.
وقبل الخوض في غوار الأسئلة المثارة، لا بد من الإشارة إلى أن الابتزاز هو المساومة والتهديد، أما الابتزاز الإلكتروني فيعني لغويا “عملية مساومة تتم عبر وسيلة إلكترونية أو عبر الإنترنت”. وتعد جريمة الابتزاز الإلكتروني جريمة كباقي الجرائم الالكترونية المنتشرة عبر الفضاء الافتراضي، لكن يفترض أن تتحقق النتيجة الجرمية حتى نسلم أن هناك واقعة ابتزاز صحيحة، و تتحقق النتيجة في جريمة الابتزاز، بمجرد أن يتم زرع الخوف والهلع في الضحية والتي تجبره على الرضوخ.
كما أن ممارسة سلوكيات المجرم هي من تؤثر بشكل سلبي على نفسية الضحية، لهذا تلك الواقعة تحتاج أن يكون هناك تهديد بإفشاء أسرار أو نشر معلومات وأمور شائنة تمس الضحية.
ويعد الابتزاز الإلكتروني الشكل الأكثر تطرفا لـ”التنمر الإلكتروني – Cyberbullying” أو “التحرش الإلكتروني – Electronic Harassment”، حيث ينطوي على تهديد نفسي ومادي يحول حياة الضحية لجحيم.

****

شرارة الأرنك تنطلق من واد زم.. من باحثين عن متعة جنسية او الزواج الى ضحايا ابتزاز

قبل سبر أغوار الأرناك وخباياه وحقيقته، كان لا بد، من البحث عن حالات وقعت ضحية هذه اللعنة الإلكترونية، لمعرفة كيفية وقوعها في شباكها وكيف تم التعامل مع الوضع، وتأثير هذا النوع من الجرائم على حياة الضحايا.

الأرناك

بداية لا بد من الإشارة إلى أن الأرناك “ARNAQUE” كلمة فرنسية تعني الاحتيال. هذا المصطلح أضحى يطلق، بالمغرب، على أشخاص يلجؤون للنصب والاحتيال عبر وسائل الاتصال الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، من خلال استدراج أشخاص “ضحايا محتملين” لدردشات حميمية تتطور لممارسة أفعال جنسية شاذة يتم تسجيلها من طرف أشخاص محترفين يتقمصون أدوارا تختلف حسب طبيعة الضحية المفترضة (ذكر أو أنثى) عبر برامج معلوماتية متطورة.
وبعد ذلك تتم عملية الابتزاز بتهديد طالب المتعة بتخييره بين إرسال المال أو نشر الفيديو البورنغرافي على قناة اليوتوب وفضحه أمام أهله وأصدقائه خصوصا أن هذه الشريحة غالبا ما تكون من الشخصيات المهمة.
ورغم أن أغلب عمليات الابتزاز يكون هدفها الحصول على المال، ويديرها أشخاص مجهولون يتقمصون شخصيات غير حقيقية لا تربطهم أي صلة مع الضحية المفترضة، إلا أنه أحيانا يكون وراءها أهداف أخرى (الانتقام، الحصول على مصلحة، الاغتصاب…)، كما أن الضحية والجاني قد تربطهما علاقة معينة (زواج، خطبة، صداقة…).

وادي زم.. المنبع

ونحن في صدد البحث عن ضحايا مفترضين، كان من الصدفة لقاء ممتهن سابق للأرنكة، وافق بعد إلحاح كبير وطمأنتنا له بعدم التسبب له في أي متاعب، مشاركتنا بعض الحقائق، خاصة أنه ابتعد عن المجال عقب حصوله على وظيفة محترمة بالعاصمة العلمية فاس.
أكد الأربعيني ابن مدينة وادي زم، أن بداية الأرناك كانت خلال سنة 2006، أي قبل 14 سنة، مشددا على أنه كان موجها نحو أوروبا فقط حينها.
وأوضح المتحدث ذاته، أن الفقر بدرجة أولى، إلى جانب الأمية وقلة الوعي، دفع عددا من أبناء مدينة وادي زم إلى احتراف الأرناك، مؤكدا أنه وجد فيه ضالته لسنوات حيث كان يعاني من عدم إيجاد شغل ومصدر لكسب قوته اليومي.
وأوضح أنه من سنة 2006 إلى غاية 2009، كان العديد من الشباب، وغالبيتهم أبناء مدينته، يلجؤون لموقع مختص، يتواصلون من خلاله وينصبون على الأوروبيين من خلال إيهامهم أنهم فتيات، ويقومون ببث مقاطع جنسية على أساس أنها مباشرة مقابل حصولهم على مقابل مادي يتم تحويله عبر الموقع المختص الذي يأخذ نصيبه من العملية.

من الأوروبيين إلى الخليجيين

وأبرز المتحدث عينه، أنه خلال سنة 2009 توقف الموقع عن العمل، وتوقف معه نشاط الأرناك، قبل أن يعود الأخير إلى الواجهة خلال سنة 2011، ووجه العديد من الشباب نشاطهم نحو الخليج، واستمر الحال كما هو عليه إلى غاية 2014، حيث شملت عمليات النصب والابتزاز عدد من الأمراء الكويتيين، والسعودون والإماراتيين، الذين لم يترددوا في تقديم شكايات للمصالح الأمنية، شن عقبها الأمن المغربي حملات واسعة للقبض على المتورطين، مشيرا إلى أنهم في هذه العمليات كانوا يحصلون من بعض الأمراء مبالغ مالية تتجاوز 100.000 درهما (10 ملايين سنتيم)، مستطردا “بالنسبة لي كان نشاطي قد توقف خلال سنة 2009 مع توقف الموقع، وصراحة ندمت كثيرا على ما كنت أفعله”.

الإيقاع بضحايا داخل أرض الوطن

بعد شن الحملات الأمنية لإيقاف المتورطين، في النصب على الخليجيين وابتزازهم، توجه ممتهنو الأرناك للبحث عن ضحايا مفترضين داخل أرض الوطن، وكانت سنة 2015 بداية بروز الظاهر إعلاميا، حيث تم الإيقاع بالعديد من الضحايا، وظل اسم مدينة وادي زم مرتبطا بجريمة الابتزاز الجنسي عبر الانترنيت، حيث أن نسبة كبيرة من قضايا “الارناك” التي تصل إلى العدالة، يكون مقترفها إما مقيما بهاته المدينة الهامشية، وإما منحدرا منها.
هذا واستمر الحال كما هو عليه إلى غاية 2016، حيث اندثرت الظاهرة بشكل كبير، ولم يعد يسمع عنها إلا حالات قليلة ومنعزلة، يرتبط الكثير منها بعلاقات شخصية بين الضحية والجاني، قبل أن تطفو الظاهرة من جديد وبشكل شرس خلال سنة 2020، خاصة مع انتشار وباء كورونا وما واكبه من إجراءات الحجر الصحي، الذي وجد معهما الكثيرين أنفسهم إما بدون عمل أو محصورين داخل بيوتهم وحواسيبهم، الأمرين الذين يفترض أن يكونا قد ساهما في عودة الظاهرة بشكل أقوى.

الوصول لعتبة الانتحار

“يلا شافو دارنا الفيديو غايجريو عليا، كنفكر نتاحر خويا عبد الصمد، عاوني”، بهذه الجملة اختتم الشاب العشريني مكالمته الهاتفية، التي حكى فيها تفاصيل الإيقاع به.
بقلب يعتصره الألم، يحكي الشاب من مدينة الجديدة، كيف وقع ضحية “الأرناك”، الذي أضحى يعيش على وقعه كابوس الخوف من وصول الشريط الذي تم تسجيله له وهو يقوم بإيحاءات جنسية عاري الجسد إلى أسرته، خاصة بعد نشر الفيديو من طرف المبتزين على قناة اليوتيوب…
وفي التفاصيل، يحكي الشاب أنه توصل بدعوة من حساب فيسبوكي باسم فتاة، فقبلها دون تردد، نظرا للصور المثيرة المنشورة في الحساب، قبل أن يدخلا في محادثات طويلة دامت لما يقارب أسبوع، وبدأت تتطور بشكل متسارع للتحول إلى دردشات حميمية.
وتابع الشاب، أن الفتاة المفترضة، طلبت منه تغيير ملابسه أمام الكاميرا والقيام بحركات جنسية، مقنعة إياه بإعجابها الشديد بشخصه، وإثارتها الكبيرة لها، مؤكدا أنه لم يتردد في تلبية طلبها، خاصة أن الفتاة المفترضة ظهرت له أيضا بشكل شبه عاري على الكاميرا.
وأضاف الشاب، الذي غادر أسوار المدرسة مبكرا، أنه بمجرد إنهاء المكالمة بالفيديو، تفاجأ برسالة على تطبيق التواصل الفوري “واتساب”، الذي سبق وشاركه مع الفتاة المفترضة، في فحواها تسجيل لما كان يقوم به أمام الكاميرا، قبل أن يفاجأ برسالة صوتية بصوت رجل تخيره بين إرسال مبلغ 3000 درهم أو نشر الفيديو البورنغرافي على اليوتوب وفضحه أمام أهله وأصدقائه.
الشاب الذي بالكاد يجد قوت يومه، من الأعمال التي يمارسها بشكل غير ثابت، لم يستطع تدبير المبلغ، ولم يعرف ما يقوم به غير حظر الحساب الفيسبوكي الوهمي ورقم الواتساب، إلا أنه تفاجأ برسالة من رقم آخر على “واتساب”، فحواها رابط الفيديو الخاص به على اليوتوب.
الضحية، حسب تصريحه لم يستطع الذهاب للمصالح الأمنية مخافة الفضيحة، ولم يعد يستطيع النوم، أضحى الخوف من وصول الفيديو إلى معارفه يتملكه، إلى درجة التفكير في وضع حد إلى حياته.

فقدان للعمل ومغادرة بيت الأسرة نحو المجهول

أما السيدة الثلاثينية -ضحية الأرناك-، تنحدر من إحدى مدن الجنوب، وتشتغل بالدار البيضاء، فقد تعرفت على شخص وعدها بالزواج، قبل أن يتحول هذا الوعد إلى لقاءات حميمية في أماكن مختلفة وداخل السيارة الخاصة بالمعني تم توثيقها من طرفه والاحتفاظ بها بذاكرة الهاتف.
وتحكي الثلاثينية المكلومة، أنها بالصدفة اكتشفت أن الشخص الذي وعدها بالزواج متزوج وأب لطفلين وعلاقته متينة بزوجته وأنها كانت ضحية كذبة كبيرة ابتدعها الشخص من أجل استغلالها جنسيا.
وتابعت الضحية، أنها قررت الابتعاد عن المتزوج وبدء حياة جديدة، إلا أنه استغل الصور والفيديوهات التي كانت توثق لعلاقاتهما الحميمية وصورها الخاصة من أجل تهديدها وتشويه صورتها إن هي تركته، متوعدا إياها بإرسال الصور والفيديوهات إلى عائلتها إن هي حاولت الابتعاد عنه أو الاستغناء عليه.
وقالت السيدة إنها في البداية ظنت أنها مجرد محاولات لن يستطيع القيام بها، قبل أن ينفذ الشخص المعني تهديده ويرسل بعض الصور ومقاطع الفيديو إلى أقاربها، وقام بإنشاء حساب على الفايسبوك باسمها ووضع صورها وكل ما يمكن أن يشوه صورتها.
وأكدت السيدة أنها بسبب هذا السلوك الجرمي فقدت عملها وعائلتها وقررت الرحيل من مدينة الدار البيضاء في اتجاه مدينة أخرى، مشيرة إلى أنها طلبت مؤازرة المركز المغربي للحماية من الابتزاز الإلكتروني الذي تواصل بناء على طلب المؤازرة مع الشخص المبتز، إلا أن الأخير كان مصرا على الاستمرار في سلوكه الذي يحرمه و يجرمه القانون.

سيناريو محكم.. اكتئاب حاد

مبلغ نقدي قدره 5000 درهم يجب إرساله على شكل عشر تعبئات هاتفية كل واحدة بقيمة 500 درهم، هو المطلوب من ضحيتنا الموالي، الذي بدأت قصته وقوعه في شباك الأرناك، بتوصله من اتصال مفاجئ لمحادثة بالفيديو عبر تطبيق مسنجر، من حساب لم يسبق له التواصل معه.
وقال الضحية الثلاثيني، أنه تردد قليلا قبل الإجابة، إلا أنه قام بذلك في الأخير، وبمجرد الإجابة ظهر له طفل صغير يضحك في المكالمة ويقوم بحركات فانسجم معه خصوصا أنه طفل بريء، حسب المتحدث الضحية.
وتابع الضحية أنه بدأ في محاكاة حركات الطفل ومجاراته في طريقته قبل أن يجد نفسه أمام سيدة بلباس داخلي تظهر بين الفينة والأخرى وتقترب من كاميرا ليظهر جزء من مفاتنها ومؤخرتها وهي غير مبالية لما يجري، ثم انتبهت فجأة واعتذرت منه، مؤكدة أن ابنها قد طلب محادثة بالكام عن طريق الخطأ وبدت تجدد اعتذارها وجزء من جسدها مازال يظهر بين الفينة والأخرى.
الضحية يحكي كيف تم استدراجه من طرف أم الطفل إلى لحظات حميمية تطورت بسرعة لممارسة الجنس الافتراضي خصوصا وأن السيدة التي تلبس لباسا منزليا تغري بمفاتنها كل ضحية مفترض في سيناريو محكم ومسبوق التخطيط.
لحظات جنس افتراضي وطلب رقم الواتساب والانتقال للحديث عبره والانسجام التام بين الضحية والسيدة التي استدرجته إلى التعري والقيام بممارسة العادة السرية ومجاراتها في حركاتها وأصواتها.
وأضاف الضحية، أنه بعد ساعات اتصل به شخص ليخبره أن من التي تحدث معها عبر الكاميرا هي زوجته وأنه راقب كل شيء وأنه سيتابع الضحية بما يتوفر عليه من صور وتسجيل سمعي بصري.
هذا السيناريو المحكم بعناية هدفه ابتزاز الضحية وتهديده بنشر أمور شائنة وإرساله إلى أصدقائه وعائلته وتشويه سمعته ليدخل الضحية في حالة نفسية وارتباك خصوصا حينما يقوم الشخص المبتز بتصوير شاشة الحاسوب التي تبين صورة الضحية منشورة في موقع اليوتيوب، يضيف الضحية.
وبدأت عملية الابتزاز والتهديد بنشر أمور شائنة والمطالبة بإرسال وتحويل مبالغ مالية مهمة من أجل العدول عن النشر، حسب الضحية، الذي أضاف أن الشخص المبتز صاحب الحساب الوهمي حاول إقناعه بأنه بمجرد إرسال مبلغ 5000 درهم سيقوم بمسح كل شيء.
هذا الضحية الذي لجأ بدوره، إلى المركز المغربي للحماية من الابتزاز الإلكتروني، أن حياته أضحت معرضة للخطر بعد دخوله في حالة اكتئاب حاد.

حين ينقلب السحر على الساحر

هذه القصة، رغم أن محورها الابتزاز، إلا أن تفاصيلها مختلفة، بلكنة يطغى عليها الحزن، يحكي شاب من شمال المغرب -المجرم الضحية-، كيف حاول ابتزاز فتاة تبادل وإياها الحب لما يزيد عن سنتين ونيف، محاولا الاحتفاظ بها لنفسه، بعد أن قررت تركه للزواج بشخص آخر تقدم لدى أسرتها، وهي المحاولة التي انقلبت عليه، وانتهت أطوارها بتقديمه لمبلغ 37.000 درهما لأسرة الفتاة، حتى لا تتم متابعته قضائيا.
وفي التفاصيل، يحكي الثلاثيني، في اتصال ببيان اليوم، أن قصة حب كبيرة كانت تجمعه بفتاة أحلامه، مؤكدا على أنه في الوقت الذي تقدم لخطبتها من أسرتها بشكل رسمي، تفاجأ بعد أسابيع قليلة من طلب فتاة أحلامه إنهاء العلاقة بدون أي مبررات.
وتابع الشاب، أنه لما بحث في الأمر، اكتشف أن شخصا آخر تقدم للفتاة عن طريق أسرتها، رأت فيه الزوج المناسب الذي يمكن أن تبني معه حياة زوجية مريحة ماديا، وهو السبب وراء التخلي عنه.
بعد أن تنهد الشاب وتوقف للحظات، عاد للحديث قائلا “لم أفكر كثيرا قبل أن أشرع في تهديدها بنشر صورها الحميمة التي كانت تجمعنا وفضحها”، مؤكدا على أنه كان مجرد محاولة لثنيها عن التخلي عنه، إلا أنها جمعت الدلائل لتهديداته وتقدمت بشكاية لدى المصالح الأمنية.
وأضاف الشاب، أنه خوفا من فقدان شغله، خاصة أنه المعيل الوحيد لوالديه، حاول التواصل مع أسرة الفتاة لإنهاء الموضوع بشكل ودي، متعهدا بالابتعاد عنها، قبل أن يفاجأ بمطالبته بمبلغ مادي مقابل التنازل عن الشكاية.
وقال الشاب، إنه لم يجد حلا، سوى الانصياع لمطالب الأسرة، مؤكدا أنه لجأ فقط إلى عائلته وأصدقائه للاقتراض للحصول على المبلغ، مستطردا “عطيتها نيت باش غادير العرس هي وياه، الله يسهل عليهم عمري باقي نفكر نتزوج”.

شخصيات عمومية ومشاهير في فوهة مدفع الأرناك
قصص الابتزاز الجنسي لم تتوقف عند هذا الحد، بل هم الموضوع شخصيات عمومية ومشاهير، كما أشار إليه، أمين رغيب، المستشار في التكنولوجيات الحديثة، في تصريح خص به جريدة بيان اليوم، والذي سنعود إلى تفاصيله في الفقرات الموالية من هذا التحقيق، أن عددا من الضحايا الذين يلجئون له، بحثا عن حلول لإنهاء مشاكلهم مع المبتزين، هم شخصيات معروفة.
وفي هذا الصدد، يعمد كثير من ممتهني الأرناك، خاصة المحترفين منهم، إلى اختيار ضحاياهم بعناية، وفي كثير من الأحيان تهم عملياتهم شريحة غالبا ما تكون من الشخصيات المهمة، التي تخاف عن سمعتها ويسهل ابتزازها في حال وقوعها في شباكهم.
وفي سياق متصل، وقع قبل أشهر مستشار جماعي بجماعة مولاي عبد الله، إقليم الجديدة، في شباك الأرنكة، من تدبير شاب في عقده الثالث ينحدر من مدينة وادي زم.
وجاء إيقافه من قبل فرقة محاربة الجريمة المعلوماتية بالمصلحة الإقليمية للشرطة القضائية بالجديدة، بناء على شكاية تقدم بها مستشار جماعي بجماعة مولاي عبد الله، يتهمه فيها بابتزازه.
وأوضح المستشار الجماعي في شكاية تقدم بها للمصالح الأمنية، حسب ما أوردته جريدة الصباح خلال شهر غشت الماضي، أنه تعرف على الموقوف على أساس أنه فتاة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعدما قبل دعوته، وبعدها انتقلا إلى الدردشة بالفيديو، إذ كانت الفتاة الظاهرة تقوم بإيحاءات جنسية، فتفاعل معها، وقام بدوره بسلوكات “مخلة بالحياء”، إلى أن فوجئ أن صاحب الحساب المذكور يشعره بأنه ذكر وليس أنثى، وأرسل له بعد ذلك شريط فيديو يظهره في وضعية “مخلة بالحياء”.
وشرع المشتكى به في تهديد المستشار الجماعي، حسب المصدر نفسه، بنشر شريط الفيديو الإباحي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ طلب منه إرسال مبالغ مالية مقابل عدم نشر الفيديو الفاضح، قبل أن يواجه المتهم برفض المستشار الجماعي لعرضه، ليتقدم بعد ذلك الضحية بشكاية لدى المصالح الأمنية.
هذا ومكنت الأبحاث التي أجرتها فرقة محاربة الجريمة المعلوماتية بتنسيق مع مصلحة مكافحة الجرائم بمديرية الشرطة، من تحديد هوية المتورط في تلك الأفعال الإجرامية، وبعد جمع المعطيات حوله، توجهت فرقة أمنية إلى وادي زم، وتمكنت من إيقافه.
هذا وبعد مواجهته بالمنسوب إليه اعترف المتهم بكل تلقائية بتعريض الضحايا للتهديد والابتزاز عبر الأنترنت، وبعد إشعار وكيل الملك أمر بوضعه تحت تدابير الحراسة النظرية وتعميق البحث معه.
وقد اعترف الموقوف أنه قام بأفعال مماثلة ضد ضحايا مغاربة وخليجيين وتسلم منهم مبالغ مالية توصل بها عن طريق وكالات تحويل الأموال، وأنه قرابة أربع سنوات وهو يتعاطى للفعل الجرمي نفسه، مع العديد من الضحايا، بنهجه طريقة النصب عن طريق شبكة الأنترنت أو ما يصطلح عليه بـ”أرناك”، من أجل تحسين وضعيته المادية، بعدما انخرط في خدمات الإنترنت، وأنشأ حسابات مستعارة بغرض النصب على الضحايا، إذ كان يوهمهم ويستدرجهم إلى خطته مستعملا العديد من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء وصور لفتيات حسناوات.
ووفق يومية “الصباح” فبعد إتمام البحث أحيل المتهم على الغرفة الجنحية التلبسية، وخلال أطوار محاكمته عن بعد من داخل السجن اعترف بالتهم المنسوبة إليه، مؤكدا أنه لجأ إلى هذه الأفعال الإجرامية من أجل تحسين وضعيته المادية، نظرا لأنه عاطل عن العمل.
وفي سياق متصل، سلطت الجريدة ذاتها، الضوء خلال الأسبوع الأول من أكتوبر الجائي، على خبر ابتزاز مشاهير مغاربة عن طريق استخدام حسابات وهمية باسم لبنانيات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت “الصباح” أن شبكات الابتزاز الجنسي أسقطت، في الآونة الأخيرة، مشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال تصوير بعضهم في “أوضاع جنسية مثيرة”، ثم تهديدهم بنشر فيديوهات عنهم في الإنترنت، في حال رفضهم الخضوع لمطالبها المالية.
وأشارت “الصباح” إلى أن بعض المؤثرين في انستغرام، فضلوا التكتم على محاولات ابتزازهم، إلا أن ارتفاع عدد الضحايا، دفع بعضهم إلى الاعتراف بوقوعهم في مصيدة الاستغلال الجنسي.
وكشفت “الصباح” أن أفراد شبكات الابتزاز الجنسي يعمدون إلى إنشاء حسابات وهمية على الموقع نفسه باسم لبنانيات، ثم يحددون لائحة أولية بأسماء ضحاياهم المرتقبين، اعتمادا على معايير دقيقة، ومنها شعبيتهم وتوفرهم على عدد كبير من المتابعين، ومن ثم الشروع في ابتزاز ضحاياهم في مبالغ قدرت بالملايين مقابل عدم نشر محتویات الأشرطة المصورة على شبكة الأنترنت.
وتحدثت “الصباح” عن أحد ضحايا شبكات الابتزاز وهو أحد المؤثرين ويدعی (ت. ت)، الذي اعترف بأنه استدرج من قبل فتاة ادعت أنها لبنانية، ثم طلبت منه إجراء محادثة بالفيديو عبر أحد التطبيقات، ودعته إلى ممارسة الجنس افتراضيا، بدعوى أنها من متابعي ومعجبة به، دون أن يكتشف أن الأمر يتعلق بعصابة تستدرجه لالتقاط مقاطع فيديو له في وضعية مخلة بالحياء.
وفي السياق نفسه، تضيف “الصباح”، أن أحد الضحايا، ويدعي (ر. ف)، صرح بمحاولة ابتزازه بالطريقة نفسها، إذ يطالب أعضاء الشبكة المؤثرين بمبالغ مالية تقدر بالملايين، مع تهديدهم بنشر الفيديوهات في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، في حال رفضهم أو الاتصال بالشرطة.

خيبة أمل الأرناك

إذا تمكن ممتهني الأرناك من إسقاط عدد مهم من الضحايا في شبكهم، بمختلف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية، فهناك العديد من مستعملي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين انتبهوا للخطر وتجنبوه في الوقت المناسب.
عدنان الحدادي، شاب ثلاثيني من تاونات، تعرض بدوره لمحاولتين للإيقاع به، حسب ما أكده في تصريح لجريدة بيان اليوم، مشيرا إلى أنه كشفهما وقام بحظرهما دون الوقوع في شباكهم.
وكشف الحدادي أنه توصل بطلب الانضمام على الفايسبوك كصديق على حساب المسمى “جليلة الحريري” والتي تحكي من خلاله أنها من أصول لبنانية وسنها لا يتجاوز 24 سنة وتعمل موظفة، مبرزا أنه بعد قبول الدعوة، شرعت في تقديم نفسها له دون طلب منه.
وأضاف أنها بعد ذلك سألته “هل سبق لك أن مارست الجنس على الفيديو؟”، مؤكدة له حسب تصريحه أنها محرجة من سؤالها إلا أنها مستعدة لفعل أي شيء جميل لأجلي، مطالبة إياه بالانفراد في غرفة من أجل مكالمة فيديو واعدة إياه بإسعاده.
وقال الحدادي، إن إصرارها على هذا الفعل دفعه إلى التساؤل، والتأكد من صحة المعلومات على صفحتها وتاريخ إنشاء الحساب الذي لا يتعدى خمس ساعات من بدء الحوار، مما جعله بتأكد أنه أمام حساب فيسبوكي مزيف ينشط من خلاله محترفي النصب الالكتروني ويطالبون بمبالغ مالية تصل إلى عشرات آلاف الدراهم مقابل حذف محتوى فيديوهات يعمدن إلى تسجيلها للضحايا.

******

أمين رغيب: بعض الحالات وصلت للانتحار وأخرى تعرضت للاغتصاب

كشف أمين رغيب، المستشار في التكنولوجيات الحديثة، أنه يستقبل بمكتبه الخاص بمراكش، حالة أو حالتين على الأقل أسبوعيا، ضحايا ابتزاز إلكتروني، مؤكدا أنه يحل قرابة 75 في المائة من الحالات التي تعرض عليه.

انتحار واغتصاب

وشدد المحترف والمستشار في التكنولوجيا أمين رغيب، في تصريح خص به جريدة بيان اليوم، أنه في المكتب الذي يديره، تم انقاذ العديد من الحالات من الانتحار، مشيرا إلى أن كثير من الحالات أصبحت تفكر في وضع حد لحياتها أو حاولت القيام بذلك نتيجة للابتزاز الإلكتروني.
وأبرز المتحدث نفسه، أن الضحايا الذين يلجئون له، من بينهم شخصيات معروفة، تتراوح المبالغ التي تم مطالبتهم بها من طرف المبتزين بين 3000 درهم و100.000 درهم، ويختلف المبلغ حسب طبيعة ومجال نشاط الضحية. وأوضح رغيب، أن المبتز لا يكتفي بالمبلغ الذي يطلب من الضحية في البداية، بل كلما قدم له ما يريد كلما زادت طلباته «مثلا 5000 درهم في البداية، لن يكتفي بها وسيطالبك بعد مدة من جديد، إلى أن تفلس الضحية، ثم سينشر الفيديو في الأخير…».
وأضاف رغيب، أن هناك حالات تعرضت للاغتصاب، موضحا أنه بعد أن يطالب المبتز بداية الضحية بالمال يطالب بلقاء الضحية، و يستغلها جنسيا، ثم في مرحلة أخرى يتاجر باستغلالها جنسيا.

الوقاية هي الحل

وشدد رغيب، على أن من تعرض لهذه الوضعية يجب أن يدرك أن الابتزاز لا ينتهي، لدى يجب أن يلجأ للشرطة، لأنه في حال «إن تعرضت للابتزاز فلا فائدة من إعطاء المال لأنك مهما قدمت فلن ينتهي هذا الابتزاز.
ودعا رغيب مستعملي الشبكة العنكبوتية، إلى الوقاية باعتبارها خير من العلاج، مشيرا إلى أنه يجب دائما الانطلاق من منطلق أن الإنرنيت لا تنسى، «أن يمسك بك بجريمة متلبسا في العالم الواقعي، يمكن أن ينسى الموضوع مع الوقت داخل الحي والمحيط الذي تعيش فيه أو قد تغير حيك ومحيطك حتى، لكن الشبكة العنكبوتية لا تنسى، فمثلا إن تمت مشاركة فيديو جنسي لك يصعب محوه ويظل لصيقا باسمك، وأحيانا هذه الحماقات تدمر حياة الإنسان، فقد يتعذر عليه وجود عمل أو يتسبب بطرده منه وغير ذلك من القصص التي تمثل هذه التجارب».
وتابع المتحدث، أن «الإنسان ضعيف بطبيعته ويمكن أن يخطئ لكن عليه أن يتذكر دائما أن ذاك الشخص الذي يحادثه يمكن أن يكون وهميا، وإن أراد القيام بممارسات فليقم بها على أرض الواقع و ليس أمام الكاميرا، لأنه إن تم تسجيله لا يمكن حذفه، فحتى إن تم حذفه فهو كالفيروس، تحذفه هنا ويظهر هناك».
«أما فيما يخص من يقعون ضحايا لهذا النصب، يجدر بهم التبليغ لدى الشرطة، فأنا وإن كنت أساعد الناس إلا أنني لا أملك الصلاحية القانونية للتدخل، فيجب تقديم شكاية لدى الشرطة، أعلم أن هناك العديد من الأشخاص لا يستطعون وضع هذه الشكاية مخافة الفضيحة، لكن يجب أن يعلموا أن هذه الشكايات تحظى بالسرية».

وهم وابتزاز

من جهة أخرى، ونظرا لارتفاع عدد ضحايا الابتزاز الإلكتروني خلال الفترة الأخيرة، أوضح أمين رغيب، أنه «خلال ظرفية كورونا، مجموعة من الناس أضحوا دون عمل، وبالتالي منهم من التجأ إلى النصب عن طريق الإنترنيت من خلال إيهام الضحايا من الذكور أنهم يتواصلون مع فتيات أو بالمقابل إيهام فتيات بأنهم فتيان الأحلام ويستدرجونهم لبعض الممارسات الجنسية، عبر مكالمات بالفيديو، قبل أن يتم تسجيلهم، وتهديدهم بالنشر إن لم يتوصلوا بمبالغ مالية».
وفي هذا الصدد أشار رغيب إلى أن الابتزاز والتهديد الإلكتروني ليس وليد هذه الظرفية، إلا أنها تنامت خلالها، مستطردا: «فمنذ سنوات أستقبل حالات في هذا الشأن، قبل حتى أن يكون لدي مكتب، كنت أتوصل بكثير من الرسائل عبر بريدي الإلكتروني، من ضحايا إما أنهم عرب تعرضوا للابتزاز من طرف مغاربة أو مغاربة يتم ابتزازهم عن طريق الشبكة العنكبوتية من طرف مغاربة أو أشخاص خارج المغرب».

حقيقة الهاكرز

وقال رغيب إن الملاحظ هو أنه سابقا أغلب الضحايا الذين كان يتم تصويرهم وابتزازهم كانوا شابات، إلا أنه منذ سنة 2017 تقريبا أصبح عدد الضحايا الذكور أكثر بكثير من الإناث.
وأبرز المحترف أمين رغيب، أن الابتزاز الالكتروني، ليس دائما لصيقا بالهاكرز الالكتروني، بل يتم في كثير من الأحيان بين الأزواج وبين أشخاص كانت تجمعهم علاقات رسمية كخطبة أو علاقات زواج، حيث يتم ابتزاز الزوجات بنشر فيديوهاتهن على الفراش.
وتوجه رغيب إلى المبتزين برسالة مفادها «ما تفرحوش يزاف»، مؤكدا أنهم يظنون أنفسهم فوق سلطة القانون، مشددا على أنه بإمكانه كشفهم لو تم منحه الصلاحية لذلك، مؤكدا على أنه يضع نفسه رهن إشارة المصالح الأمنية للخدمة إن هي احتاجت إليه.
جرائم منظمة
وقال أمين رغيب: «أثق بأن مؤسسة الأمن تضم خبراء في هذا المجال، فقط يجب الالتفات لهؤلاء الضحايا وعدم الاستخفاف بقضاياهم ومعالجتها بشكل سريع، فلا يعقل أن يتعرض شخص للابتزاز وينتظر بعد رفع الشكاية لأشهر عدة، لأن هذه الجرائم تدفع الكثيرين للانتحار، للاستغلال الجنسي…».
واعتبر أمين رغيب، أن هذه الجرائم تتعلق بالشرف ولها آثار كبيرة قد تؤدي للانتحار والاستغلال الجنسي، مشيرا إلى أنها أصبحت جرائم منظمة يتم الاشتغال عليها داخل عصابات وبمعدات متطورة، يمسون سمعة الضحايا ويشهرون بهم، مشددا على أن «الوضع يستدعي حملة على هؤلاء المجرمين لجبر الضرر، لأن عدد الضحايا في ازدياد خاصة مع ظرفية كورونا»، متابعا «عندما يبلغ أحد الضحايا يجب ألا ينظر للقضية على أنها «تبرهيش»، ويجب أن تؤخذ على محمل الجد».
هذا وأوضح المحترف أمين رغيب، أن الأنترنيت يمنح الكثير من فرص الربح المشروع، إلا أن بعض الناس يسعون للربح السريع، وبدون أي مجهود، موضحا أن من يريد الدخول لهذا المجال يجب أن يبدأ بداية صحيحة، فهو مجال يحتاج دراسة ومهارات كي يستطيع الربح منه، أما أن يتقدم شخص بفكرة دخول مجموعة عمل بمبلغ 10 آلاف درهم بدعوى تطبيق فكرة مشروع مستوحاة من امريكا وسيطبقها في المغرب مع وعود بأرباح خيالية فهي غير مقبولة، وهي نسب واحتيال تعددت أوجهه وطرقه ولا يختلف كثيرا عن جرائم الابتزاز.

******

الأمن الوطني يتجند لمواجهة الأرناك وبيان اليوم تنفرد بحصيلة2020

تتطور الجرائم الإلكترونية، وتتزايد بتطور وسائل التكنولوجيا الحديثة، وارتفاع نسبة الولوج للإنترنت، وشهدت السنوات الأخيرة مع بروز مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التواصل الفوري، انتشار جرائم الابتزاز الجنسي «الأرناك» بكثرة حول العالم نتيجة لعدد من العوامل من بينها الفراغ الاجتماعي، والتفكك الأسري، وضعف الرقابة الأسرية على الأبناء، والفقر، والعقد النفسية، والاضطرابات لدى البعض، خاصة مع سهولة إخفاء هوية أي معتد عبر الإنترنت، وصعوبة ملاحقته قانونيا أو توقيفه، إضافة إلى خوف الضحايا بعدد من المجتمعات من الفضيحة وتفضيلهم الصمت والانصياع للمجرم.
ويتعرض شخص بين كل 100 كنسبة تقديرية، يستخدم الإنترنت للابتزاز الإلكتروني بعدة طرق، سواء عبر تسجيل صوتي أو فيديو أو صور أو حتى رسائل مكتوبة، حسب ما كشفت عنه جريدة البيان الإماراتية سنة 2017 نقلا عن صحيفة «نيويورك تايمز» ضخما جدا.
وخوفا من الفضيحة في مجتمعاتنا المحافظة، لا يلجأ أغلب من يتعرضون للابتزاز والتهديد لطلب المساعدة، بل يفضلون محاولة التغلب على هذه المشكلة بمفردهم، ما يؤدي بدوره لحالات من الانتحار وأذية النفس أو الغير أحيانا أو المعاناة من الاضطرابات النفسية.
ويقدر الخبراء، نقلا عن المصدر ذاته، أن هناك 30 ألف جريمة ابتزاز إلكتروني على مستوى دول الخليج وحدها سنويا، و80% من الضحايا هن من الإناث، يتم استهدافهن بمحتوى جنسي، بينما لا يمكن تقديم إحصاء دقيق عن المعدلات الحقيقية للجرائم، لتفضيل الغالبية من الضحايا للصمت تجنبا للفضيحة، كما تمت الإشارة إليه.

الأمن المغربي في مواجهة المبتزين

وعلى المستوى الوطني، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني، في لقاء خاص مع جريدة بيان اليوم، الإثنين الماضي، أن عدد قضايا الابتزاز الجنسي على الإنترنيت المسجلة لدى مصالحها خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2020 إلى غاية 20 أكتوبر الجاري وصل إلى 377 قضية، فيما كانت قد سجلت 425 قضية خلال سنة 2019، فيما كانت قد سجلت 52 قضية فقط خلال سنة 2013، وهي السنة التي بدأت فيها المصالح الأمنية تستقبل فيها القضايا من هذا النوع.
وكشفت المديرية، خلال اللقاء ذاته الذي تم تحت إشراف ليلى الزوين، عميد شرطة ممتاز، رئيس مصلحة مركز الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة، المديرية المركزية للشرطة القضائية، بالمديرية العامة للأمن الوطني، وأطر من مصلحة المديرية المركزية للشرطة القضائية، أن عدد ضحايا الابتزاز الجنسي، وصل إلى 387 ضحية خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2020 إلى غاية 20 أكتوبر الجاري، فيما تم تسجيل 432 ضحية خلال سنة 2019، أما سنة 2013 فقد كان عدد الضحايا 57.
وأبرز المصدر عينه، أن عدد الأشخاص الذين تم توقيفهم للاشتباه في تورطهم في قضايا تتعلق بالابتزاز الجنسي على الإنترنيت من بداية سنة 2013 إلى غاية 20 أكتوبر 2020، وصل إلى 2045، من بينهم 222 شخصا تم توقيفهم خلال الفترة الممتدة من 1 يناير 2020 إلى 20 أكتوبر الجاري.

ارتفاع ملحوظ وتأهب أكبر

من جهة أخرى، وفيما يخص الجرائم الإلكترونية بشكل عام، أوضحت المديرية العامة للأمن الوطني، أنه مع مرور السنوات تعرف ارتفاعا ملحوظا جدا، كاشفة أنه منذ فاتح يناير 2020 إلى غاية 20 أكتوبر الجاري تم تسجيل 1491 شكاية تتعلق بالموضوع، فيما تم سنة 2019 تسجيل ما مجموعه 1485 قضية. وأشار المصدر نفسه إلى أن هذه الشكايات يتم تسجيلها إما لدى مصالح الشرطة القضائية أو النيابات العامة المختصة، أو تتوصل بها المديرية العامة للأمن الوطني في إطار التعاون الدولي، إما عن طريق الإنتربول أو مكتب اتصال العرب أو عن طريق ضباط الاتصال الأجانب المتواجدين هنا في المغرب أو غيرها من قنوات التعاون الدولي.
أما عدد ضحايا الجرائم الإلكترونية في جميع أصنافها، الذين تم تسجيلهم خلال سنة 2020، من فاتح يناير إلى غاية 20 أكتوبر الجاري فقد وصل حسب المصدر عينه إلى 1491 قضية كانت تخص ما مجموعه 1628 ضحية، 67 في المائة منهم ذكور.
وتمكنت المصالح التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، عقب القيام بالأبحاث الضرورية من تقديم 376 مشتبه به للعدالة سنة 2020، من بينهم 222 مرتبطة بقضايا الإبتزاز الجنسي.
وأشار المصدر نفسه، إلى أن المديرية المركزية للشرطة القضائية اعتمدت نظام الرصد واليقظة، والهدف منه رصد كل محتوى مخالف للقانون ومعاقب عليه بمقتضى القانون الجنائي المغربي، وفي هذا الإطار تم سنة 2019 رصد 3194 قضية، في حين تم من فاتح يناير 2020 إلى غاية 20 أكتوبر الجاري رصد ما مجموعة 3396 قضية.

التشهير والابتزاز على رأس القائمة

وبالنسبة لتحليل أصناف هذه الجرائم التي تم تسجيلها من فاتح يناير 2020 إلى غاية 20 أكتوبر الجاري، احتلت جرائم التشهير الصف الأول بـ566 قضية، متبوعة بجرائم الابتزاز الجنسي 377 قضية.
وشددت المديرية العامة للأمن الوطني، على أن فترة الحجر الصحي، عرفت ارتفاعا طفيفا فقط في تسجيل الجرائم الإلكترونية، حيث تم تسجيل 252 قضية تهم الابتزاز الجنسي، من 20 مارس إلى غاية 30 شتنبر مقارنة مع 224 من نفس الفترة سنة 2019.

أساليب احترافية

من جهة أخرى، أوضحت المديرية العامة للأمن الوطني في اللقاء عينه، أن معظم القضايا التي يتم تسجيلها ارتباطا بجرائم الابتزاز الجنسي يكون الهدف من ورائها الحصول على مبالغ مالية، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن هناك أربع أساليب إجرامية مرتبطة بالابتزاز الجنسي، ويوجد في الصنف الأول الذي يشكل 75 في المائة من الأصناف المسجلة، الصنف الذي يقوم فيه المبتز بتقديم نفسه للضحية المفترضة على أنه أنثى ويقوم باستدراجها إلى وضعية إباحية، التي يقوم بتصويرها ثم ابتزازها بعد ذلك.
يلي هذا الأسلوب، حسب المصدر ذاته، أسلوب آخر، يقدم خلاله المبتز نفسه لضحيته المفترضة على أساس أنه رجل أعمال يريد الزواج، ويلتقي مع الضحية التي تكون أنثى، ويقوم بتصويرها في وضعيات إباحية، قبل أن يبدأ في ابتزازها ومطالبتها بمبالغ مالية مقابل عدم نشر المحتويات التي سجلها.
أما الأسلوب الاجرامي الثالث، يهم أشخاص تجمعهم علاقة حقيقية وليست افتراضية، وعندما تنتهي هذه العلاقة يقوم أحدهما بابتزاز الطرف الثاني، ويهدده بنشر الصور التي كانت تجمعهما.
النوع الأخير هو قليل، لكن يجب التنبيه له، حسب المصدر ذاته، ويهم أشخاصا يحتفظون بصور حميمية على هواتفهم النقالة أو حواسيبهم، والتي تتعرض للضياع أو السرقة، وتسقط في يد مبتزين الذين يعملون على استغلال الصور لابتزاز أصحابها.

عمل فردي

وأكدت المديرية العامة للأمن الوطني، أن الأشخاص الذين تم تقديمهم للعدالة هذه السنة والذين يبلغ عددهم 22 شخص، تم إيقافهم بمدن مختلفة بالمملكة المغربية، وينحدرون من عدة مدن، أما بالنسبة لعمر الضحايا وجنسهم، فجرائم الابتزاز الجنسي، حسب المديرية، تمس الجنسين معا ومختلف الفئات العمرية، ومختلف الفئات السوسيواقتصادية.
كما أوضحت المديرية، أنه خلال السنة الجارية تم القبض على ما مجموعه 222 شخص من أجل الاشتباه في تورطهم بقضايا الاتبتزاز الجنسي، وبشكل عام أغلب هؤلاء الأشخاص يعملون بشكل فردي، وفي حالات نادرة يجدون شخصين حيث يكون هناك من يقوم بالابتزاز ومن يقوم باستلام الحوالات المالية.

******

عميد الشرطة الممتاز ليلى الزوين تكشف لبيان اليوم استراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني لمحاربة الجريمة الإلكترونية

كشفت ليلى الزوين، عميد شرطة ممتاز، رئيس مصلحة مركز الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة، المديرية المركزية للشرطة القضائية، بالمديرية العامة للأمن الوطني، الاستراتيجية التي نهجت المديرية العامة للأمن الوطني في محاربة الجريمة الإلكترونية، التي تتخذ أبعادا زجرية ووقائية ووطنية ودولية.
وأكدت الزوين في حوار خاص، أجرته مع بيان اليوم، أنه يتم التعامل مع جميع القضايا بالفورية والسرعة اللازمة، مشيرة أنه بمجرد تسجيل الشكاية يتم فتح بحث تحت إشراف النيابة العامة، ويتم القيام بجميع تقنيات البحث لتحديد هوية الشخص وجمع الأدلة ثم تقديم المشتبه به للعدالة.
وقدمت الزوين، أنا بالنسبة للتوجيهات، يجب اتخاذ مجموعة من الاحتياطات قبل ولوج شبكة الإنترنت، رئيس مصلحة مركز الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة، مجموعة من الاحتياطات التي يجب على كل مستعملي وسائل التكنولوجيا الحديثة اتخاذها لتجنب الوقوع في شباك مجرمي الشبكة العنكبوتية.
وهذا نص الحوار:

بداية، كيف يمكن تعريف “الجريمة الإلكترونية” داخل المديرية العامة للأمن الوطني؟ وهل من قاسم مشترك بين الجرائم الااكترونية والكلاسيكية المعروفة؟
< كما تعرفون مؤخرا هناك تزايد في استعمال وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصال على الصعيد العالمي، مما أدى إلى ظهور نوع من الجرائم تسمى “الجرائم الإلكترونية أو الجرائم المعلوماتية”، والتي تشكل مجموع الجرائم المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصال، وتنقسم هذه الجرائم إلى قسمين أساسين، الأول يهم الجرائم التي يكون المستهدف فيها هي تكنولوجيا المعلومات والاتصال والنوع الثاني هي جرائم كلاسيكية تسهلها هذه التكنولوجيا.
بالنسبة للقسم الأول نجد زراعة الفيروسات، وتدمير المعطيات وكل ما يمس بنظم المعالجة للمعطيات ويكون الهدف منها تخريب المعلومات المسجلة، وتدميرها وحذف المعطيات، وأيضا إحداث عطب أو تعطيل النظام.
أما القسم الثاني، فنجد جميع أنواع الجرائم الأخرى الكلاسيكية، والتي ساهمت تكنولوجيا المعلومات والاتصال في تسهيل عملية ارتكابها مثل جرائم التشهير عبر الإنترنت، والابتزاز الجنسي، وانحتال الهوية أو الصفة، والنصب عبر الإنترنيت…
> ما هي استراتيجية المديرية العامة للأمن الوطني في محاربة الجريمة الإلكترونية؟
< نهجت المديرية العامة للأمن الوطني استراتيجية ذات شقين في محاربة الجريمة الإلكترونية، الأول يتمثل في البعد الزجري طبعا أما البعد الثاني وقائي وتحسيسي.
ووعيا من المديرية العامة للأمن الوطني بضرورة مكافحة الجرائم بشكل عام والجرائم الإلكترونية بشكل خاص، قامت أيضا بوضع استراتيجية شمولية ومندمجة ومتعددة الأبعاد، أذكر منها إحداث وحدات متخصصة، منذ سنوات، منها ما هو متخصص في البحث والتحري ومنها ما هو متخصص في إجراء الخبرات الإلكترونية.
بالنسبة للوحدات المتخصصة في إجراء الأبحاث أو الجرائم الالكترونية، فالمديرية العامة للأمن الوطني تتوفر اليوم على المصلحة المركزية لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة هنا بالمديرية المركزية للشرطة القضائية، وأيضا على المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة على مستوى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ونتوفر على 29 فرقة جهوية توجد بمختلف مدن المملكة ودورهم استقبال الشكايات والوشايات، ثم القيام بالأبحاث الضرورية بشقيها التقني والميداني من أجل ضبط المشتبه بهم، وجمع الأدلة وتقديمهم للعدالة، تحت إشراف النيابات العامة المختصة.
أما النوع الثاني، وهي وحدات متخصصة في إجراء الخبرات، ونتوفر على سبع مختبرات، مختبر وطني على مستوى المديرية المركزية للشرطة القضائية وهو المختبر الوطني لتحليل الآثار الرقمية، ومختبر على مستوى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وخمس مختبرات جهوية بكل من مدن الدارالبيضاء، مراكش، العيون، فاس ومؤخرا بتطوان.
ويشار إلى أن الخبرات التقنية، تتم على مختلف الدعامات الإلكترونية، التي يتم حجزها من هواتف وحواسيب وبطاقات الذاكرة وغيرها.
أما بالنسبة للشق المتعلق بالتحسيس، قمنا على مستوى المديرية، منذ سنة 2015 بإنجاز العديد من المنشورات والمطويات، التي نحرص من خلالها على تحسيس المواطنين بمدى خطورة الجريمة الالكترونية، مع تقديم مجموعة من النصائح لتفادي الوقوع في هذا النوع من الجرائم. كما أن هناك مطويات موجهة للأطفال التي تحتوي على نصائح مبسطة تساعدهم ليكونوا أكثر حرصا أثناء استعمال وسائل تكنولوجيا الاتصال.
وفي هذا الصدد، تقوم المديرية العام للأمن الوطني في إطار استراتيجيتها التشاركية مع باقي الفاعلين في الميدان (وزارة التربية الوطنية، والوكالة الوطنية للسلامة الطرقية NARSA، (تقوم) بإطلاق حملات تحسيسية عند كل موسم دراسي، بالمؤسسات التعليمية، والتي تشرف عليها أطر أمنية متمرسة.
> كيف تتعاملون مع قضايا الجرائم الإلكترونية؟ وما هي توجيهاتكم للمواطنين لعدم الوقوع في شباك الهاكرز والمجرمين؟ وفي حالة الوقوع في شباك نشطاء أو ممتهني الابتزاز الجنسي، ما الذي يجب أن يفعله الضحية؟
< يتم التعامل مع جميع القضايا بالفورية والسرعة اللازمة، بمجرد تسجيل الشكاية يتم فتح بحث تحت إشراف النيابة العامة، ويتم القيام بجميع تقنيات البحث لتحديد هوية الشخص وجمع الأدلة ثم تقديم المشتبه به للعدالة.
أنا بالنسبة للتوجيهات، يجب اتخاذ مجموعة من الاحتياطات قبل ولوج شبكة الإنترنت، من بينها أن الجهاز الذي نستعمله لأجل الارتباط بالانترنت يجب حمايته، وهي أول مرحلة، باستعمال نظام مضاد للفيروسات، والذي يجب أن تتحقق فيه شرطين، أولهما أن يكون نسخة تجارية أصلية، ثم العمل على تحيين المضاد بشكل أوتوماتيكي، كما يجب أيضا التأكد عند فتح حساب سواء للتواصل الاجتماعي أو بريد إلكتروني من أن كلمة المرور أو كلمة السر تحتوي على مجموعة من الأرقام والرموز والحروف، ثم الحرص على عدم إطلاع الغير عليها وتغييرها بشكل فوري عند الحاجة، ويجب التنبيه أيضا إلى الحرص على فحص المرفقات التي نتوصل بها مع الرسائل الالكترونية، بمضاد الفيروسات.
هذا، وإذا كنا مرتبطين بشبكة الويفي، فيجب أن تكون محمية بكلمة مرور قوية جدا، وكل هذا فيما يخص الجهاز والحساب الذين نعتمدهما لأجل التواصل، أما فيما يخص جرائم الابتزاز الجنسي، فما يجب التأكيد عليه، هو أن أي شخص يجب أن يرفض أي طلب صداقة صادر عن شخص مجهول، ثم الحرص على عدم قبول أي محادثة فيديو مع أشخاص غير معروفين يختبئون وراء الشاشات تحت أسماء مستعارة إما لفتيات أو ذكور، والذين لا تكون لدينا عنهم أي فكرة عن هويتهم الحقيقية.
وفي حالة الوقوع كضحية لابتزاز جنسي، فأول شيء يجب ألا يرسل أي صور إضافية، لأن بعض الحالات يستمر المبتزون في طلب الضحية إرسال صور وفيديوهات إضافية، ويجب في هذه الاحالة عدم الاستجابة لهذه الطلبات ومماطلة المجرم إلى غاية إبلاغ الجهات الرسمية، وأذكر في هذا الصدد أن المديرية العام للأمن الوطني تتوفر على وحدات متخصصة في البحث والتحري في جرائم الابتزاز الجنسي، وتشتغل على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع.
> تكنولوجيا المعلومات والاتصال باتت تسمح بارتكاب جرائم خارج أرض الوطن، أو الوقوع في شباك مجرمين خارج أرض الوطن، كيف تتعاملون في المديرية العامة للأمن الوطني مع هذا الوضع؟
< هذا سؤال مهم جدا، فالبعد الدولي هو مهم جدا في محاربة الجريمة الإلكترونية، لأنها جريمة عابرة للحدود بامتياز، ولهذا كما أشرت سالفا إن الإستراتيجية التي تبنتها المديرية العامة للأمن الوطني فيها مجموعة من الأبعاد، فإلى جانب ما هو زجري ووقائي هناك أبعاد وطنية وأيضا دولية، وفي هذا الصدد أشير إلى أن المملكة المغربية صادقت سنة 2018 على المعاهدة الدولية لمكافحة الجرائم الالكترونية أو ما يسمى بمعاهدة بودابيست، وفي هذا الإطار تم تعيين المصلحة المركزية لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، وقطب القضايا الجنائية وحماية الفئات الخاصة لدى رئاسة النيابة العامة، كنقطة اتصال تشتغل 24 ساعة على 24 وسبعة أيام في الأسبوع، مع مجموع الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية من أجل التعاون الدولي ومكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة.
كما يشار إلى أنه إلى جانب الشكايات التي يتم تسجيلها إما لدى مصالح الشرطة القضائية أو النيابات العامة المختصة، فإن المديرية العامة للأمن الوطني تتوصل أيضا بشكايات في إطار التعاون الدولي، إما عن طريق الإنتربول أو مكتب اتصال العرب أو عن طريق ضباط الاتصال الأجانب المتواجدين هنا في المغرب أو غيرها من قنوات التعاون الدولي.

******

الأرناك .. دوافع نفسية وعقبوبات زجرية

من خلال ما تطرقنا له في تفاصيل هذا التحقيق، أصبح واضحا أن أنواع الابتزاز الإلكتروني متعددة، وتهدد جميع مستعملي الإنترنيت دون استثناء.
وإذا كان الابتزاز مادي المتمثل بطلب مبالغ مالية من الضحية مقابل عدم فضحه وإفشاء أسراره، الأكثر شيوعا، إلى جانب الابتزاز جنسي حيث يتم إجبار الضحية على تقديم خدمات جنسية أو ارتكاب أفعال جنسية، فإن هناك أيضا ابتزاز منفعة بإرغام الضحية على القيام بخدمات أخرى غير مشروعة أو مشروعة مقابل عدم بث صور أو بيانات خاصة، وخاصة الأشخاص ذوي المناصب الحساسة وصانعي القرار.
لكن يبقى الانتقام الإباحي أبشع صوره المتعارف عليها عالميا، ويعني مشاركة المحتوى الإباحي الذي يتضمن شخصا ما دون موافقته في محاولة للتشهير به وإحراجه علنا ولدى أصدقائه وأفراد أسرته المقربين.
وكما أكدته تفاصيل هذا التحقيق، فقد لا تكون هناك علاقة سابقة بين الشخص المبتز والضحية وقد يكون أحد المقربين، كاستغلال زوج أو خطيب سابق لصور حميمة مع شريكته في خلاف ما، وقد يكون التهديد حقيقي، بحصول الجاني على بيانات وصور شديدة الخصوصية للضحية.
ويؤدي الابتزاز الإلكتروني إلى العديد من الأضرار الجسيمة على حياة الأفراد، من بينها تمير علاقاتهم الأسرية، إضافة إلى الميل إلى العزلة، وعدم الرغبة في التعامل مع الآخرين، وتقويض الثقة بالنفس، وعدم الشعور بالأمان، والإصابة بالاضطرابات النفسية، كالقلق والتوتر والخوف، وجنون الشك والاضطهاد.
وبعد هذه الخلاصة المركزة، يختتم ملف هذا التحقيق بمحاولة لرصد الجانب النفسي والاجتماعي الذين يهمان هذا النوع من الجرائم من خلال أستاذ علم النفس الاجتماعي الدكتور محسن بنزاكور، إلى جانب تسليط الضوء على بعض الجوانب القانونية التي تهمها من خلال الدكتور يوسف حنان المحامي بهيئة الدارالبيضاء.

******

د.محسن بنزاكور: المبتزون يدرسون ضحاياهم جيدا وتغني الذكور بفحولتهم يسهل الإيقاع بهم

قال الدكتور محسن بنزاكور أستاذ التعليم العالي المختص في علم النفس الاجتماعي، إن هناك قاعدة منذ زمن تقول أن كل ما يتعلق بالممارسات الإنسانية في الحياة الواقعية له مقابل في الحياة الافتراضية، “لأن القاسم المشترك هو الإنسان وهذا الاخير بأبعاده المتعددة سواء الخيرة أو الشريرة”.
وتابع الدكتور بنزاكور، في تصريح خص به جريدة بيان اليوم، أن الإنسان كما يقال في السوق الاقتصادي “هناك العرض والطلب، وهناك الحاجة وتلبية الحاجة”، موضحا أن حاجة الإنسان في العالم الافتراضي في غالبية الأحيان هي الحاجيات التي لا يمكن أن يقضيها في العالم الواقعي.
وأضاف الأستاذ الجامعي، أنه “لهذا عندما يربط العلاقة سواء أكان ذكرا أو أنثى يبنيها على أساس الغايات والأهداف، مستطردا “نأخد مثال الأنثى التي قد تدخل في علاقة حميمة تقع على إثرها في فخ الابتزاز”.

استدراج وجداني وبناء الثقة

وأوضح الدكتور بنزاكور، أن هذه المبتز يوقع ضحيته عبر مراحل، مبرزا أن المرحلة الأولى هي الاستدراج الوجداني لأنه يعرف بأن الإنسان يحتاج للكلمة الطيبة وأن يعترف به في المجتمع، أي أنه مرغوب فيه وغيرها من الكلمات… وقال الدكتور بنزاكور، إن الإيقاع بالضحية عن طريق الإنترنت لا يمكن أن يكون مثل ما هو في الواقع حيث يمكن للإنسان تقديم الهدايا، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة يكون المجرم أكثر تركيزا على الجانب الحميمي والوجداني والكلام المعسول…
أما المرحلة الثانية، حسب الدكتور بنزاكور، فتهم بناء الثقة “يقول لها هل تثقين بي، وأنا أحبك وغيرها من هذا الكلام”، مردفا “لكن السؤال لماذا تستجيب؟! لأن لها رغبة في الإستجابة وتأمن بها لأنها في بحث مستمر عن علاقة وعمن يعترف بها، فتكون بذلك سهلة للمرور للمرحلة الثانية والتي هي الثقة”.

غاية إجرامية وغياب للمجتمع

واعتبارا لأن بناء العلاقة وراءها غاية إجرامية، فبمجرد بدء هذه الثقة، حسب الدكتور بنزاكور، تليها مرحلة التدريج لكي يدخل معها في الثقة المبنية على الحميمية والذي يسهل العملية في هذا الوضع فهو مختلف عن “الواقع والحياة العادية حيث يطلب منها الذهاب برفقته للمنزل وأن تتق به حتى يقع الاغتصاب”، ففي العالم الافتراضي حسب الأستاذ الجامعي يعتمد المجرم على الكلام الحميمي لكي يكسب ثقتها ويشعرها بالأمان أيضا كونها منعزلة بدون حضرة الطرف الآخر.
وأشار الدكتور بنزاكور، أنه في لحظة يغيب فيها المجتمع وقيمه وتحضر فقط تلك العلاقات يستغلها المبتز ويوهمها بالثقة والأمان، مؤكدا أنه حتى لو وقع شك لدى الضحية المفترضة، يلجأ المجرم إلى محسنات من قبيل الموسيقى والإيموجي وصور، ويبدأ أيضا بتقديم مقابل بارسال صورة وإن كانت مزورة لكنه بهذه الطريقة يبني تقة.
أما المرحلة الأخيرة، حسب أستاذ علم النفس الاجتماعي فهي الاستسلام، “وهنا يكون بدافع جنسي أكثر من أي دافع آخر، وفي هذه اللحظة تصل العلاقة ذروتها وتصل للعلاقة الجنسية كما نسيمها في العالم كله ففي هذه المرحلة تسلم نفسها للمبتز لينجح في مهمته…”.

تغني بالفحولة

من جهة أخرى، أكد الدكتور بنزاكور، على أن الذكور الذكور أقل صعوبة من النساء في السقوط بفخاخ المبتزين، مشددا على أن “استدراجهم سهل لأنهم يتغنوا على الفحولة وذلك بكل بساطة لا يحتاج المبتز للوصول معه لمراحل مثل الأنثى أي هدم توابث الحشمة، فهو فقط يدخله في جانب فحولته، ويغريه جنسيا لكي يجد نفسه بسرعة يستجيب، وبالتالي المراحل التي يقطعها المبتز مع الذكر هي أقل مقارنة مع الأنثى”.

البحث عن اعتراف

وعزا بنزاكور أسباب وقوع الفرد في شباك المجرمين، إلى بحثه عن اعتراف وعلاقة إنسانية لأنه يستحيل أن يعيش بمفرده -هذه قاعدة-، مستطردا “لكن العوامل المساهمة والمساعدة على ذلك عامل الحاسوب وعامل السن أي أن فتاة مثلا تبلغ 20 سنة أو غير متزوجة وشابة تحاول أن تشبه الآخر، فكلنا في هذا السياق من الناحية النفسية والسوسيولوجية نحتاج أن نشبه الآخر وهذا ما يجعلنا أمام تكرار المهن والسلوك”.
وأوضح بنزاكور أن الامتثال للمجتمع من خلال ما سبق، له أشكال وأنواع من ضمنها الحب، والعلاقة مع الآخر، مبرزا أن الكل يردد في المستوى الشعبي والعامي أن الذي أراد الزواج يجب أن يبحث في الإنترنت وأصبح أيضا قاعدة اجتماعية، واعتبر المتحدث أن الإشكال هو أن بعض الأسر تؤمن بهذه القاعدة وتقولها بصريح العبارة لأفراد أسرتها “دبر على راسك، دارت فلانة أو فلان”.

رغبة ونقص

وشدد بنزاكور على أن الإنسان لو كان يستحضر عقله أمام الشاشة لن يسقط في الفخ، موضحا أنه أمامها لا يصبح يرى إلا رغباته والنقص الذي لديه ويرى الأشياء التي يريد، والآخر (المجرم) يستغل هذه الغاية، ويبيع للضحية المفترضة ما تريد بسهولة.
وأضاف بنزاكور أنه يكفي فقط أن يقدم المجرم لضحيته المفترضة تلك الكلمات التي يريد لكي يستجيب له، “بمعنى آخر أننا وهذا معروف في البرمجة اللغوية العصبية يقول لك أننا لا نرى العالم على حقيقته ولكن نراه كما نتصوره، هذا الذي يسمع مايريد أن يسمع وفي السياق وبطريقة التي أراد هو، وعندما تكون المسألة بهذه الطريقة تأتي مراحل موالية والتي هي اللذة الجنسية، والإنسان في حاجة لها وتلعب دور كبير لأننا نعرف بأن الإنسان يكون أمام غياب العلاقات الجنسية في سن معين أو تأخرها وبالتالي تكون عامل ضغط ويكون بسهولة أن يستجيب لأن هناك حاجة يستغلها المجرم”.

مستوى متوسط

وفيما يخص المبتزين، قال الدكتور بنزاكور إنهم عادة أناس ذوو مستوى علمي متوسط جدا، ولكن لهم مهارات على المستوى الابتزاز والتكنولوجيا وحتى على المستوى “manipulation” أي لهم القدرة على استغلال عقلية الآخر ورغباته والاستجابة له عن طريق الكلام بدون مقابل، يعني “بالدرجة كيبيع ليه الهدرة”.
وأردف بنزاكور أن المبتز يكون قد مارسها بالأساس ولم يدرسها من خلال تجارب راكمها ونجحت له مع بعض الناس ما يجعله يطورها يوما عن يوم ويكتسب مهارة بالإضافة إلى أنه إنسان يفهم حاجة الآخر.
وأكد بنزاكور أن المبتز لا لا يأتي لممارسات هذه اللعبة الإجرامية مع من كان فهو يدرس الضحية أي أنه بالدرجة “كيلوح صنارة ديالو هي وواش كتعطيه”، مبرزا أنه يستخدم كلمات بسيطة ووعود أيضا من قبيل “بغيت نشوفك، بغيت نشوف الجمال ديالك” وغيرها التي تغري الإنسان البسيط، مشددا على أن الإنسان الذي له مناعة لا يمكنه السقوط في هذا الفخ.

******

يوسف حنان: القضاء المغربي أصدر العديد من الأحكام القضائية تدين هذه الأفعال الاجرامية

قال الدكتور يوسف حنان المحامي بهيئة الدار البيضاء والكاتب العام لجمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء إن التطور الذي يعرفه العالم الرقمي والتكنولوجي كان من المتوقع أن هذا سيقابله تطور في الجريمة وفي الأساليب المتبعة.
وأوضح الدكتور حنان، في حوار اتصال مع جريدة بيان اليوم، أن المغرب قام بإصدار العديد من النصوص القانونية التي تعالج بعض صور الجريمة الالكترونية، مشيرا إلى عدد من العقوبات التي تنتظر المبتزين وكيفية لجوء الضحايا إلى القانون.

< نظرا للتطور التكنولوجي الذي عرفه العالم والإقبال الكبير على استعمال وسائل التواصل الاجتماعي أصبحنا نسمع كثيرا عن الجريمة الالكترونية لذلك هل يمكنكم اعطاءنا تعريف مختصر يوضح معنى الجريمة الالكترونية من الناحية القانونية ؟
> بداية لابد من الإشارة إلى أن التطور الذي يعرفه العالم الرقمي والتكنولوجي كان من المتوقع أن هذا سيقابله تطور في الجريمة وفي الأساليب المتبعة، لذلك كان لزاما على العديد من الدول ومنها المغرب إلى المسارعة إلى تنظيم النصوص القانونية التي تهم المجال الالكتروني أو الرقمي بصفة عامة وبصفة خاصة الجريمة الالكترونية أو المعلوماتية هذا من جهة.
من جهة أخرى وبخصوص تعريف الجريمة الإلكترونية من الناحية القانونية لكي نقوم بتبسيطها للقارئ يمكننا القول بأنها تعتبر جريمة مثل باقي الجرائم الأخرى العادية وينطبق عليها ما ورد بالفصل 111 من مجموعة القانون الجنائي الذي ورد فيه بأن الجريمة هي “فعل أو امتناع مخالف للقانون ومعاقب عليه بمقتضاه” لكن ما يميزها أنها ترتكب أو تتم بطريقة أو بوسائل الكترونية رقمية، وفي هذا الصدد يمكنني أن أشير إلى التعريف الذي أعطاه مؤتمر الأمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاقبة المجرمين عن الجريمة الالكترونية بأنها “كل جريمة يمكن ارتكابها بواسطة نظام حاسوبي أو شبكة حاسوبية أو داخل نظام حاسوب”.
والجريمة الإلكترونية يمكن أن تنصب على الأموال كالسطو على رموز أو أرقام بطائق الائتمان أو البطائق البنكية مثلا كما أن هناك جرائم الكترونية تمس أمن الدولة كجرائم الإرهاب كما أنها تنصب على الأشخاص كجريمة انتحال الصفة وجرائم القدف وكذلك التشهير والابتزاز عن طريق استغلال التسجيلات، هذه الظاهرة الأخيرة التي تعرف انتشارا واسعا ليس فقط في المغرب ولكن في العديد من الدول والتي تعرف بظاهرة “ARNAQUE” كبعض الدول الأفريقية ودول أمريكا اللاتينية.

< ما هي العقوبات التي تم النص عليها في القانون لمواجهة مثل هذه الأعمال الاجرامية ؟
> المغرب قام بإصدار العديد من النصوص القانونية التي تعالج بعض صور الجريمة الالكترونية بعضها تم تضمينه بنصوص قانونية خاصة والبعض تمت إضافته إلى مجموعة القانون الجنائي.
ونظرا لأنه لا يمكنني أن أسرد عليك كل النصوص القانونية فإنه يمكنني الإشارة إلى البعض منها والتي لها علاقة مباشرة بالتسجيل والتصوير ونشر الصور والتسجيلات وكذلك الابتزاز والتهديد بنشر هذه الصور.
وتتعين الإشارة إلى أن هناك العديد من الملفات تكتسي في أغلب الاحيان صبغة جنائية ونادرا صبغة مدنية (التعويض) تم عرضها على القضاء كانت من أجل استدراج بعض الضحايا من داخل المغرب، وكذلك ضحايا خارج المغرب، خصوصا من بعض الدول العربية، إلى القيام بممارسات وإيحاءات جنسية عبر مكالمات الفيديو ويتم تسجليهم، ثم يتم بعد ذلك تهديدهم وابتزازهم بنشر هذه الصور والتسجيلات إن لم يتم دفع بعض المبالغ المالية. ويتم إرسال المبالغ في شكل حوالات مالية، وظهور هذه الأفعال الاجرامية خلال العشر سنوات الماضية جعل نصوص القانون الجنائي في صيغتها القديمة عاجزة أحيانا بأن تحيط بهذه الأفعال وتشملها لتكون مجرمة بنصوص صريحة وواضحة عوض نصوص عامة مما دفع المشرع المغربي إلى تعديل وتتميم هذه النصوص بحيث أضيفت مثلا لمجموعة القانون الجنائي الفصول من 447-1 إلى 447-3.
بحيث أن هذه النصوص تعاقب كل شخص قام عمدا بأي وسيلة بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية بالقيام بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات صادرة بشكل خاص أو سري دون موافقة أصحابها كما تعاقب كذلك من قام بتثبيت أو تسجيل أو بث أو توزيع صورة شخص أثناء تواجده في مكان خاص دون موافقته وكل من قام باستعمال الأنظمة المعلوماتية ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته دون موافقته قصد التشهير به أو المس بحياته الخاصة.
وتتراوح العقوبة بين شهر حبسا وخمس سنوات وغرامة من 2000 إلى 50.000 درهم.
أما بخصوص الابتزاز الذي يتم عن طريق تسجيل فيديوهات وصور اباحية والتهديد بنشرها فإنه مجرم بموجب الفصل 538 من مجموعة القانون الجنائي الذي يعاقب بعقوبة حبسية من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 200 إلى 2000 درهم كل من حصل على مبلغ من المال أو الأوراق المالية عن طريق التهديد بإفشاء نسبة أمور شائنة سواء كان التهديد شفويا أو كتابيا.
مع الإشارة إلى أن مجرد المحاولة في هذه الجرائم تتم المعاقبة عليها بنفس عقوبة الجريمة الكاملة الأركان حسب ما تم النص عليه في الفصل 539 من القانون الجنائي ويقصد بالمحاولة الحالة التي يقوم المجرم فيها ببدل كل ما في وسعه من أجل الوصول إلى تحقيق نتيجة معينة دون استطاعته الوصول إلى ذلك لسبب خارج عن إرادته.
لكن في المقابل فإن الشخص الضحية الذي تم تسجيله وهو يقوم بحركات أو ايحاءات جنسية أو أرسل صور عارية أو جنسية وعلى الرغم من أنه كان ضحية ابتزاز أو تشهير كما أسلفنا القول فإنه يمكن أن تتم متابعته عن الإخلال بالحياء طبقا للفصل 483 من القانون الجنائي الذي يجرم العري المتعمد أو البداءة في الإشارات أو الأفعال ويعاقب عن ذلك بالحبس من شهر إلى سنتين وبغرامة من 200 إلى 500 درهم.
كما يمكن متابعته عن التحريض على الدعارة والاستغلال الجنسي وإفساد الشباب وكذلك بالتحرش الجنسي وعلى سبيل المثال نذكر مثلا الفصل 503-1-1 من القانون الجنائي الذي يعتبر تحرشا جنسيا ويعاقب عليه بعقوبة حبسية من شهر إلى سنة وغرامة من 2000 إلى 10.000 درهم كل من أمعن في مضايقة الغير بواسطة رسائل مكتوبة أو هاتفية أو الكترونية أو تسجيلات أو صور ذات طبيعة جنسية أو لأغراض جنسية، وكملاحظة في هذا الصدد أن مصطلح “أمعن” المستعمل في الفصل أعلاه يثير إشكالا على مستوى الواقع نظرا لأنه يبقى غامضا وغير دقيق.
وكإشارة عامة أن العقوبة قد تصل أحيانا إلى الضعف أو ترتفع أكثر عندما يكون الطرف الضحية قاصرا أو امرأة أو كان المجرم زوجا أو طليقا أو خاطبا.
كما لا بد للإشارة، أنه بسبب المتابعة التي قد تلحق حتى الضحية نفسه لأنه بدوره قام بفعل يمنعه القانون ويجرمه، يمتنع البعض عن التقدم بشكاية أو التبليغ وهذا إشكال في حقيقة الأمر خاصة أن المغرب قد نص في قانون المسطرة الجنائية على حماية الضحايا والشهود والمبلغين لكن في هذه الحالة التي نناقشها تبقى غير كافية.

< كيف يمكن للفرد أن يحمي نفسه من هذه الأفعال ؟
> الحماية بالدرجة الأساسية تكون بالابتعاد ما أمكن عن كل المحادثات والمراسلات المشبوهة مع تأمين الجهاز المستعمل وفي حالة التعرض لفعل من هذه الأفعال يمكن التقدم بشكاية في الموضوع لوكيل الملك أو الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف على حسب الحالة كما يمكن في الحالات التي يخشى فيها اندثار أو إخفاء أو حذف معالم الجريمة كالصور أو التسجيلات القيام بمعاينة لذلك عن طريق مفوض قضائي لطبع تلك المعلومات وإنجاز محضر قبل حدف ذلك مع الاستعانة بمحام متخصص لأنه لا يمكن في كل الحالات القيام بهذا النوع من المعاينات.
تكون هذه فقط إشارة لبعض المقتضيات القانونية حول بعض صور الجريمة الالكترونية علما أن القانون المغربي يعرف العديد من النصوص الخاصة بهذه الممارسات وإن كانت تعاني من التشتت بحيث يلاحظ على أنها موزعة في عدة نصوص خاصة ونتمنى أن يقوم المشرع باعتماد مدونة تشمل كل هذه النصوص.
بقي أن أشير إلى أن القضاء المغربي في عدة مناسبات أصدر العديد من الأحكام القضائية تدين هذه الأفعال الاجرامية ونذكر على سبيل المثال المحكمة الابتدائية بوادي زم التي أصدرت أحكام كثيرة حول هذا الموضوع وفي هذا الصدد ورد في قرار لمحكمة النقض صدر بتاريخ 17 نونبر 2018 في الملف الجنائي عدد 5980/6/5/2018 حصول المتهم على بريد الضحية الالكتروني ورمزه السري وسعيه لفتح حساب الضحية على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وتمكنه من الاطلاع على أصدقائها وجنسياتهم وعلاقتها بهم واستعمال هذه المعطيات للانتقام منها، حيث بهذه الأفعال يكون الضحية قد احتال على الضحية من أجل الولوج إلى لنظام المعالجة الآلية للمعطيات والبقاء فيه، مع الإشارة إلى أن الضابطة القضائية بالنظر إلى الكفاءات التي تتوفر عليها والتقنيات التي تستعملها تقوم بضبط العديد من المجرمين وتقديمهم إلى العدالة.

 إنجاز : عبدالصمد ادنيدن

Related posts

Top