كورونا: في البحث عن حكومتنا…

العديد من مؤشرات وضعنا الوبائي الوطني بات يبعث على القلق والانشغال، وهذه المؤشرات تؤكد أن بلادنا اليوم توجد فعلا في وضعية دقيقة، وربما هي مقبلة على مرحلة صعبة.
إن حالات الإصابة المؤكدة لم تعد، في الغالب، تنزل عن الألف يوميا، والكثير من هذه الحالات تصل إلى المستشفى في وضعية صعبة ما يعجل برحيلها، ومن ثم ارتفاع أعداد الوفيات بدورها، كما أن وتيرة انتشار الوباء لم يعد بالإمكان التنبؤ بمداها، وأيضا بانعكاساتها.
الناس صاروا خائفين من الآتي، كما أن أحاديث العائلات والجيران وما يتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام ينقل حكايات مؤلمة حول مدى جدية التتبع العلاجي للحالات أو تأخر التشخيص والكشف أو واقع بنياتنا ومنظومتنا الصحية، وكل هذا لا يكون دائما تخيلا أو مزايدات، بل لقد نقل بعض المدونين حالاتهم وتجاربهم الشخصية، وهذا يزيد من خوف المغاربة، ويفاقم لديهم الحيرة والقلق بشأن المستقبل.
هذا الوضع الذي بلغناه اليوم لا علاقة له نهائيا بأجواء المرحلة الأولى، والتعبئة الشعبية التي كانت سائدة آنذاك، والحماس الذي نجم عن توجيهات وقرارات جلالة الملك، عكس هذا، نحن نعاين اليوم تراجعا كبيرا للثقة المجتمعية، وبدأ القلق والإحباط يتسربان حتى إلى داخل الجسم المهني الصحي، كما يمكن لأي كان ملاحظة التراخي الكبير  في الشارع، وعدم التقيد بكل التدابير الاحترازية (ارتداء الكمامات الواقية، الالتزام بالتباعد الجسدي ومسافة الأمان…)، ووحدها حكومتنا لا تحرك ساكنا أمام كل هذه المخاطر ولا تنبس ببنت شفة، وذلك كما لو أنها لا ترى ولا تبصر.
لا شك أن هناك جهدا يبذل في الشوارع من طرف السلطات الإدارية الترابية، ولا يمكن كذلك إنكار جهود مهنيي الصحة، ولكن برغم ذلك لا يمكن إنكار حجم الاستهتار الواضح في شوارعنا وأحيائنا، ولا يمكن كذلك الاطمئنان إلى كون الإجراءات الزجرية والغرامات والتوقيفات تستطيع وحدها محاصرة الفيروس.
إن حكومتنا بشكل عام لم تعد تتكلم مع المغاربة ولا تبالي بأي تواصل أو تحسيس، ومسؤولوها يكتفون بالحد الأدنى عبر تدوينات باردة وعقيمة، والقائمون على وزارة الصحة لا زالوا يرددون علينا إرشادات حول أهمية النظافة المستمرة وغسل اليدين وارتداء الكمامات وكيفية العطس، ويرمون في وجوهنا إشهارات ووصلات تلفزيونية بليدة وعديمة الإبداع والذكاء.
الجميع بات يدرك أن حكومتنا نفسها (لا تصور لديها)، كما سبق أن قيل جهارا و… تلفزيونا، وأضيف إلى ذلك اليوم إصرارها على تدبير عشوائي مرتجل للمرحلة، وكل قطاع من قطاعاتها ووزاراتها صار يغني لوحده على ليلاه، ويعزف لحنه منفردا، ولا يبدو للناس وجود أي تنسيق أو التقائية في تحركات وتدخلات الحكومة.
وفي الوقت الذي يجب على الحكومة تمتين تنسيقها في مواجهة الجائحة وتداعياتها، وصياغة مخططات مستعجلة للتدخل في كل جهات المملكة وإنقاذ أرواح المغربيات والمغاربة، وتطوير القرار الحكومي ومستويات تطبيقه الميداني، لم تعد تصلنا سوى شكاوى الناس واحتجاجات الأطباء والممرضين ومهنيي الصحة، وحكايات أساليب التعامل في المستشفيات الميدانية، وأيضا صراعات مسؤولي وزارة الصحة فيما بينهم والحسابات الصغيرة…
وبدل التدخل لحل هذه المشكلات، واستعادة الاستنفار الوطني ضد الوباء، تجرنا حكومتنا كل مرة إلى مشاكل وفضائح جديدة، كما لو أن هذه البلاد لا تعنيها، ومصير ومستقبل هذا الشعب لا يهمها.
هل حكومتنا ووزارتها في الصحة تمتلكان بالفعل خطة محكمة للتصدي لكورونا حالا ومستقبلا؟
إنه السؤال الوجودي والخطير الذي يشغل الناس حاليا، ويتطلب جواب المسؤولين.
ولماذا هذه الحكومة لا تتكلم أصلا مع المغاربة ولا تتواصل معهم؟
وهذا سؤال ثان يتطلب جوابا وفعلا مقنعين وشموليين.
صدقا، لا نريد أن نواصل طرح مثل هذه الأسئلة، وأن نصل بها إلى التساؤل عما إذا كانت بلادنا تسير نحو فشل، لا قدر الله، في مواجهة كورونا، أو أن حكومتنا صارت عاجزة عن تطبيق توجيهات جلالة الملك لإنقاذ الأرواح وحماية الاقتصاد وحفظ حسن سير المجتمع واستقراره.
الكلمة للحكومة….
هل ستجيب وتتواصل مع المغاربة لتطمئنهم وتقنعهم؟

*محتات‭ ‬الرقاص

Related posts

Top