كوفيد 19 يؤدي إلى انتشار التجارة العشوائية

العديد من المهن المهيكلة تضررت بسبب الظروف الاستثنائية التي نعيشها نتيجة تفشي الوباء.
هناك من تم تقليص أجورهم إلى مستوى جد أدنى، وهناك من فقدوا عملهم بالمرة، وبالنظر إلى أن صندوق الدعم الذي خصصته الدولة لفائدة المتضررين من جائحة كورونا تم استنفاده، لم يجد هؤلاء أمامهم من خيار آخر سوى ممارسة التجارة حتى وإن كانت عشوائية.
وكانت النتيجة أن تضاعف عددهم بشكل غير مسبوق، علما بأن بلدنا كان يشكو قبل أزمة كورونا من الانتشار الكثيف للباعة العشوائيين: المتجولون والذين يعرضون سلعهم على الأرصفة والممرات وو.. وما يترتب عن ذلك من فوضى وتلوث ومضايقة.. فضلا عن تأزيم القطاع المهيكل نفسه، وما لبثت الدولة تجتهد في الحد من هذه الظاهرة عن طريق إنشاء أسواق نموذجية، لكن خلال الفترة الحالية المرتبطة بأزمة الوباء، يظهر أن الوضع يفوق طاقتها.

لم يعد ممكنا المرور من أي مكان بهذه المدينة أو تلك، بهذا الحي أو ذاك.. دون أن تصادف من يبسط سلعه حيثما اتفق، أو يحملها على ظهره ويتجول بها هنا وهناك.
سلع على الرصيف، سلع عند عتبات المساجد والبيوت والمؤسسات، سلع أمام إشارات المرور، سلع وسط الطرقات، وما ينجم عن ذلك من حوادث وعرقلة للسير، سلع .. سلع..

“الله يحسن العون، حتى واحد ما كره” يرد كل من تسأله عن هذا الوضع المتأزم، بالتأكيد نحن لا نطالب بقطع أرزاق هؤلاء المساكين المتضررين من حالة الطوارئ الصحية والذين يبحثون عن حلول لتأمين عيشهم، لكننا نروم بالأساس أن نلفت الانتباه إلى التحولات السلبية التي بات يشهدها بلادنا، نتيجة الوباء الذي طال أمده والذي ينذر بعواقب وخيمة إذا ما امتد زمنه أكثر.
لا ينبغي الإنكار أن تدبير أزمة كورونا لم يتم بشكل سليم، خاصة في الشهور الأخيرة، حيث كان قد تقرر رفع الحجر الصحي في ظروف كان ينبغي عدم القيام بذلك، على سبيل المثال: النشاط المرتبط بعيد الأضحى، حيث ترتب عن ذلك ارتفاع ملحوظ في عدد الإصابات بالوباء وكذا الوفيات الناجمة عنه.
لقد أصيبت العديد من القطاعات المهيكلة بالإفلاس ووجد العاملون بها أنفسهم بدون مدخول قار، يؤمن لهم أدنى الشروط المعيشية، وبالتالي كانوا أمام خيار، أحلاهما مر: إما التعاطي للتسول وإما ممارسة التجارة العشوائية.
هناك العديد من المفلسين الذين لا تسمح لهم كرامتهم بطلب الصدقات، وبالتالي لم يكن أمامهم من حل آخر سوى ممارسة التجارة العشوائية، بانتظار أن يتم القضاء نهائيا على هذا الوباء اللعين وعودة الحياة إلى مجاريها الطبيعية، لكن متى وكيف؟ ذلك هو السؤال المحير.

< عبد العالي بركات
< تصوير: أحمد عقيل مكاو

Related posts

Top