كيف نهزم كورونا ؟

كان من المثير للسخرية أن أرى مثلا من يزعمون أنهم سيتصدون لفيروس كورونا بمهرجان سينمائي. فالعالم كله ألغى وأوقف مهرجانات السينما حرصا على سلامة الناس. ويمكنني القول عن نفسي أنني من عشاق السينما منذ طفولتي وأنني وهبت حياتي لها وتخليت عن وظائف أخرى كان يمكن أن تجعلني أعيش حياة أكثر استقرارا وسعادة من أجل السينما. ورغم ذلك فأعتقد أن حياة البشر أهم مائة مرة من مهرجانات السينما، بل وحياة إنسان واحد أهم من مشاهدة أي فيلم مهما كانت أهميته. فالسينما وجدت لكي تجعل حياة الإنسان أفضل، لا من أجل أن نضحي بالبشر من أجل أن تبقى السينما، وهو نفس الفكر المتخلف العقيم الذي يروج لفكرة التضحية الجماعية بالبشر من أجل أن يحيا الوطن. فأي وطن هذا الذي يمكنه أن يحيا على جثث أبنائه!
أنت ياعزيزي لا يمكنك أن تتغلب على وباء كورونا بالغناء والرقص ومهرجانات السينما، بل بالعلم والحرص على حياة البشر واتخاذ إجراءات صارمة تحمي البشر وتجنبهم المرض وانتشار الفيروس اللعين، فما يواجهه العالم اليوم الذي نحن لسنا بمعزل عنه، هو وباء خطير لا يشبه ما سبق أن عرفناه في العقود الخمس الأخيرة على الأقل. وأنت لست أقل من دول كبرى متقدمة صناعيا وعلميا مثل إيطاليا أو حتى الصين، التي فرضت إجراءات عزل شملت مقاطعات كاملة بل وفي الحالة الإيطالية شملت إيطاليا كلها، بينما أنت سعيد بنفسك وبنجومك وباستعراضك الهزلي في مواجهة فيروس كورونا بالرقص والغناء والأفلام، دون أن تتخذ من الإجراءات ما يضمن السلامة لضيوفك.
وبعد أن انتشر الفيروس اللعين بين السياح لم يعد هناك مفر من وقف الأنشطة من هذا النوع لكنها في الحالة المصرية لم تشمل بعد كل الأنشطة الجماعية بما في ذلك إغلاق المدارس. وكأننا نعيش في جزيرة منعزلة عن الحضارة الإنسانية. فبينما تعلن رئيسة الحكومة الألمانية أن ما بين 60 و70 في المائة من الشعب الألماني سيصابون بالفيروس، لا نعرف بعد كم نسبة المعرضين للإصابة في مصر، وكيف ستواجه الحكومة الوباء في حالة انتشر بنسبة كبيرة بين السكان، وهل المستشفيات الموجودة بإمكانياتها الحالية، تستطيع التعامل مع الحالة؟ فإذا كانت إيطاليا وألمانيا وبريطانيا، وهي دول تمتلك أنظمة صحية متقدمة من جميع الجوانب، تشكو وتعلن للجميع من الآن أن مستشفياتها ومنظوماتها الطبية لن تتمكن من التعامل سوى مع الحالات الخطيرة فقط وستوقف الاهتمام بالإصابة بأمراض أخرى، دون أن نعرف كيف سيكون التعامل مع المصابين في حوادث الطرق أو الأزمات القلبية.. وغيرها.
ولكن كلها أمور مطروحة للمناقشة في المجتمعات المفتوحة، ولم نر ممثلا أو مطربا مشهورا يظهر لكي يعلن أنه سيتحدى الكورونا بالغناء والرقص والسينما سوى في بلاد “كله تمام ياريس”. وهي مهزلة حقيقية!

> أمين العمري  كاتب مصري

Related posts

Top